الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد يناير 1986 / عدد يناير1986-الإيقاع فى القصيدة الحديثة دراسة تطبيقية على قصائد لأحمد زرزور

عدد يناير1986-الإيقاع فى القصيدة الحديثة دراسة تطبيقية على قصائد لأحمد زرزور

الإيقاع فى القصيدة الحديثة

دراسة تطبيقية على قصائد لأحمد زرزور

حازم شحاته                           

  • ” وقد يعرض لمستعمل الخطابة شعرية، كما يعرض لمستعمل الشعر خطابية وانما يعرض للشاعر أن يأتى بخطابية وهو لا يشعر اذا أخذ المعانى المعتادة والأقوال الصحيحة التى لا تخييل فيها ولا محاكاة ثم يركبها تركيبا موزونا، وانما يغتر بذلك البله، وأما أهل البصيرة فلا يعدون ذلك شعرا، فانه ليس يكفى للشعر أن يكون موزونا” .

(ابن سينا )

  • ” فقوام الشعر وجوهره عند القدماء هو أن يكون قولا مؤلفا مما يحاكى الأمر وأن يكون مقسوما بأجزاء ينطق بها فى أزمنة متساوية، ثم سائر ما فيه، فليس ضرورى فى قوام جوهره، وانما هى أشياء يصير بها الشعر أفضل وأعظم هذين فى قوام الشعر هو المحاكاة، وعلم الأشياء التى بها المحاكاة، وأصغرهما الوزن ” .

(الفــــــــارابى)

  • ” وها هنا نوع آخر من الشعر وهى الأشعار التى هى فى باب التصديق والاقناع ادخل منها فى باب التخييل وهى اقرب الى المقالات الخطابية منها الى المحاكاة الشعرية (……..) وهو كثير فى شعر ابى الطيب، مثل قوله:

ليس التكحل فى العينين كالكحل        فى طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل “

( ابن رشد )

  • عندما اتجه الخليل بن أحمد الى الشعر العربى ليحلل موسيقاه ويستنبط منه قواعد علمه( العروض) ، استحسن ما استحسن ورفض بذوقه ما رفض، واعتبر البعض أن ما فعله الخليل هو وضع قواعد للشعر العربى لا يخرج عنها الشاعر، وهؤلاء هم الذين سيطروا على مفهوم القصيدة العربية أزمانا طويلة ، تماما مثلما فعل شراح أرسطو واعتبروا كتابه” فن الشعر” قواعد صيغت لمؤلفى المسرح فى كل زمان ومكان. وقد ذهب هؤلاء البعض الى أن تفسير كلمة عروض هو أن الشعر يعرض عليه فيبين صحيحه من فاسده، وقد أثبت الفهم الصحيح للشعر، والموهبة الشعرية ــ

أن هذا الكلام يعد من الشائع على ألسنة العوام والجمهور ومن اتبعهم، ونجد صداه عند مفكرين وشعراء معاصرين ([1])، أما الفلاسفة العرب وبعض الشعراء مثل أبى العلاء المعرى فقد رأوا الأمر على غير ذلك، فأبو العلاء قال( أنا أكبر من العروض)، وأنا هنا لا تدل على أبى العلاء كذات محدودة بزمان ومكان، بل تعنى الذات المبدعة والفاعلية الشعرية التى عليها أن تصب تجربتها فى الوزن الموسيقى الملائم، وربما تخلقه ان لم يكن موجودا وتعنى أيضا أن الشاعر أكبر من القانون المسبق ومن القواعد السالفة وانه أكبر من المتعارف عليه بالنسبة للفن وأنه  – كشاعر – أكبر وأعلى من أن تعرض أعماله على ” جهاز” يبين أصحيح عمله أم فاسد ؟! فالعمل الفنى الجيد هو الذى يؤسس لقواعد جديدة لا أن يصبح تطبيقا لقواعد سابقة.

فالأساس اذن هو المخلوق الابداعى، فهو الذى يفرض شكله الملائم، سواء كان هذا الشكل مكانيا، باتخاذ أشكال جديدة لمعمارية القصيدة داخل الصفحة، أو زمنيا بالاستغناء عن ايقاعات سابقة او قوانين محدودة لعدد المقاطع  – أو التفعيلات  – فى كل سطر، أو انتهاء كل عدد معين منها بصوت معين طوال القصيدة .

وابن رشد يستبعد كثيرا من شعر المتنبى لأنه لا يعتمد الا على الوزن فقط وكذلك يمكننا استبعاد كثير من الشعر الذى لا يعتمد على التخييل ويظن أن “البحور والقوافى ” هى التى تميز الشعر عن غيره .

ـ – تصبح المحاكاة اذن او التخييل عند هؤلاء الفلاسفة هى السمة الخاصة التى تكسب القول صفة الشاعرية، فتضع الحد الفاصل بين الشعر والنثر بصفة عامة، وبينه وبين الخطابة بصفة خاصة “

 (1) وابن رشد وابن سينا والفارابى لا يعدون القول شعرا متى كان موزونا فقط دون المحاكاة والتخييل” فالشاعرية سمة لا تتوفر الا بوجود المحاكاة، ولهذا فان القول اذا توفر له عنصر المحاكاة( التخييل) وأفتقد الوزن سمى قولا شعريا” (2)  ,افتقاد الوزن على أسس الخليل بن أحمد لا يحيل القصيدة الى قول شعرى، ( لأن القول الشعرى هو الشعر نفسه) ولذلك لا نحب استعمال كلمة الوزن عند الحديث عن هذا العنصر من الشاعرية الذى نسميه ” بالايقاع ” .

-2-

أعترف أننى استدرجت  – من قبل قارئ ضمنى معين  – فى الجزء السابق فتحول كلامى الى رد على الذين لا يعدون القصيدة شعرا الا اذا كانت” موزونة” وزنا خليليا، ومقفاه  – على الأقل كما هو فى الشعر( الحر  – التفعيلى  – المرسل ـ الأحادى” ، بدلا من الدخول مباشرة فى توصيف الايقاع فى قصائد أحد شعراء هذه المجلة (أحمد زرزور)، ومناقشة مصطلح قصيدة النثر الذى يثير العديد من الاشكاليات .

ولسوف نختار لأحمد زرزور 3 قصائد (3) :

ـ بين المواعيد والجنون لا يصلح أحمد .

 – نظرية جـــديدة للشــجر .

ـ  أقانيـــــــم .

وسبب اختيار” زرزور” ليس فقط لأنه احد فرسان قصيدة النثر فى مصر الآن ولكن لأنه أيضا من الشعراء الذين يهتمون بالايقاع فى قصائدهم، وتطمح هذه الدراسة أن تكون نواة لدراسة أسس الايقاع عند شعراء الحداثة فى مصر أو ما اصطلح على تسميتهم بشعراء السبعينيات .

ـ  الايقاع فى القصيدة الشعرية  – الحداثية  – لا يعتمد على توالى المتحركات والسواكن فقط، ولكنه فى  رأينا يعتمد على أكثر من عامل :

1- التشكلات الايقاعية التى يمكنها أن تضم مجموعات صغيرة من المتحركات والسواكن( أقلها اثنين واكثرها ثمانية حتى الآن ) .

هذه المجموعات هى النوى الايقاعية التى يمكن عن طريقها وصف الايقاع بدلا من التفعيلة.

( /5، //5، ///5، ////5 ، //////5 ) /

2- طبيعة المتحركات, السواكن، فالحركة قد تكون فتحة أو ضمة أو كسرة، والساكن قد يكون صائتا أو صامتا .

3- الصوتيات التى تتكرر فى جملة أو أكثر وتجاوب صوتيات كلمة مع اخرى .

4- طريقة الالقاء ، أو ما يسمى ” بالنبر ” كأحد العوامل التى تحقق ايقاعات القصيدة .

العامل الأول :

يرى العروض التقليدى أن الايقاع ينشأ من تكرار تفعيلة واحدة عددا معينا فى البيت الواحد أو من تتابع تفعيلتين مختلفتين بطريقة معينة، وكما قلنا فهذه احصائية الخليل لعدد من قصائد الشعر العربى قبله ، وحتى يتم تفسير اختلاف بعض الأبيات عن غيرها فى القصيدة من ناحية عدد المتحركات والسواكن كان نظام الزحافات والعلل الذى يبيح تعدد صور التفعيلة الواحدة مثل :

مفاعلتن الى مفاعيلن فى الوافر //5///5 ــــــ – // 5/5/5

فاعلاتن الى فعلاتن فى الرمل والمديد/5//5/5 ـــــــــ – ///5/5

متفاعلن الى مستفعلن فى الكامل ///5//5  ـــــــ – /5/5// 5

وهنا نوافق على أن تكون التشكلات لمجموعة المتحركات والسواكن عاملا مهما فى وصف الايقاع ولكننا لا نوافق على أن يكون نظام التفعيلة وصورها هو الأساس فى وصف كل تشكل ايقاعى او بحر….. ويقترح العامل الأول أن تكون النوى الايقاعية

(4) هى الأساس فى وصف اى تشكل ايقاعى ليس فقط لأن ذلك يحقق سهولة كما يقول أبو ديب ولكن لأن هذه الطريقة قادرة على وصف أى تشكل لاحق ولا تصادر على تشكلات جديدة كهذا التشكل الذى وجدناه فى قصيدة أحمد زرزور .

” بين المواعيد والجنون لا يصلح أحمد ” :

أيصلح لى عنفوان التسرب بين رمال التحالم: قطرا /فقطرا/ وأغنية / فانتحابا .

// 5 ///5 /5//5/5 ………………..

مفاعلتن فاعلاتن ……………………

وهو تشكل لم ينص عليه الخليل، وبالتالى فان التمسك بتفعيلات الخليل يجعل هذا الشكل مرفوضا…. أما وصف الايقاع عن طريق النوى الايقاعية فهو يعنى شيئا واحدا أن هذا البيت له التشكل الآتى :

//5  – ///5  – /5  – //5  – /5 .

وبهذا الترتيب، وان هذا التشكل هو احد الايقاعات التى تعتمد عليها هذه القصيدة .

ويمكننا الاستعاضة عن النواة ( //5) بالرقم(2) والنواة( ///5) بالرقم(3) والنواة

( /5) بالرقم(1)، اشارة الى عدد المتحركات الموجودة بالنواة وعلى هذا يمكن وصف ايقاع البيت السابق كالتالى :

2 3  1 2 1 2 3  3  1  2    3  1 2 1

                               2     3 1 2 1

وهذا يعنى أن البيت له هذا الترتيب من النوى، أما ما معنى هذا؟

او ما هو اسمه؟ فنحن لا نبحث عن أسماء ولا نهدف الى وضع قوانين وقوالب للترتيب الذى تأخذه النوى فى كل بيت ، فالبيت الثانى مثلا له تشكل مختلف .

(أتصلح لى شهقات التشكل فى اللوحة الزئبقية حيث المواجد مضروبة بالسديم الملون) .

2 3 3 1 2 3 1 2  1 2 3 1 2 3

  1 2 1 2 1  2 1

رغم التشابه بين بعض أجزائه وبين البيت الأول، هذا التشابه الذى نرى أنه بسبب امتداد نفس الموجة الشعورية أو نفس الموقف الذى اتخذه الشاعر من التجربة

( التساؤل …. أيصلح لى  – أتصلح لى ) وأن الايقاع بدأ يتخذ خطا مغايرا أو ترتيبا جديدا للنوى الايقاعية بعد كلمة “حيث” حيث أن ما بعدها موقف جديد من الشاعر، فبدلا من الاكتفاء بوصف العالم المواجه ” برمال التحالم” فقط فى البيت الأول، اتخذ موقفا مغايرا حينما وصفه ثانية( باللوحة الزئبقية) حيث رأى أن [ شهقات التشكل ] فى مقابل [ اللوحة الزئبقية] تتخذ صراعا أعنف من فعل [التسرب] داخل

[ رمال التحالم] فبينما التسرب فعل مسلوب الارادة، فان[ شهقات التشكل] فعل ارادى أراد الشاعر أن يبرز قيمته فقام بوصف [ اللوحة الزئبقية] وهى الجملة التى جاءت بعد (حيث) ولم يكتف الشاعر بهذا، بل وصف[السديم الملون]، كأحد عناصر هذه اللوحة واعطى له أيضا صفة الارادة القاهرة والقدرية (يبالغ خضرته) ،

وفى هذا الجزء اتخذ الايقاع تشكلا مغايرا أيضا /

     (دوما يبالغ خضرته

          أو يهفهف زرقتـــــــــه

                  أو يعود الى دغل سيمائه أشـــعثا

                                              وصفيقا )

( 1 1 2 3 3

  1 2 3 3

 1 2 3 1 2  1 2 1 2

                       3 1 )

وعندما يعود الشاعر الى موقف التساؤل مرة أخرى يعود الايقاع، ولكن الشاعر يخرج دائما من هذا الموقف، وفى كل مرة يخرج فيها ، يتغير الايقاع فهو لا يلتزم ايقاعا واحدا طول القصيدة التى تتغير هذه المواقف فيها .

العــــامل الثـــانى :

لا يصلح العامل الأول بمفرده فى وصف حركة الايقاع فى القصيدة الشعرية، اذ أنه ينظر الى المتحرك بصفته مغايرا للسكون، ولا ينظر الى طبيعة المتحرك ونوع حركته( ضمة ، كسرة ، فتحة ) حيث أن تشكيلا ما لهذه الحركات على الكلمة يعطى ايقاعا مغايرا للايقاع الذى يحدثه تشكيل آخر على نفس الكلمة، فايقاع كلمة( ضرب) يختلف عن ايقاع نفس الكلمة / الفعل لو كان مبنيا للمجهول( ضرب )

كما أن الساكن عند العامل الأول قد يكون صامتا كالنون فى( من ) أو صائتا Vowel طويلا كالألف فى ( ما) ، أن امتداد الصائت مدة من الزمن ( أطول من المقدر له حينما يكون حركة لأحد الحروف ) من شأنه أن يعطى  ايقاعا جديدا

” فأنا” فى البيت التالى من قصيدة ( نظرية جديدة للشجر) :

[ أنا ممسوخ  – يا سيدى العارف بالتراجيديا  – حجرا ] .

تأخذ زمنا أطول من “أنا” فى البيت التالى من نفس القصيدة:

[ آه …… أنا البارد حد الدم ].

وبالتالى فان لهما ايقاعين  مختلفين ، كما أن موقفهما مختلفين ( فانا) الأولى صرخة، بينما الثانية فى موقف المونولوج الداخلى. فالنون فى (أنا) الأولى لها حركة الفتح ، هذا الصائت أخذ زمنا أطول منه فى الحالة الثانية .

فى قصيدة ” بين المواعيد والجنون لا يصلح أحمد” قلنا ان البيتين الأولين يشتركان فى الايقاع ( على اساس العامل الأول) فى كثير من اجزائهما، وقلنا أن الاختلاف ناشئ من اختلاف الموقف، ويمكن عن طريق العامل الثانى ان نصف التغير فى الايقاع وأن نقف على أبعاد الاختلاف بين البيتين بعد أن نميز الساكن الناشئ عن طريق الصائت بعلامة مميزة .

(1) //ه ///ة /ه //ة /ه //ه ///ة /ه //ة ///ه /ه //ه /ه

(2) //ه ///ة ///ة /ه //ه ///ه /ه //ه ///ه /ه

فى الجزء المشترك بينهما فى الايقاع يشترك الصائتين فى نفس المكان ولكن فى الجزء الباقى ينفرد البيت الأول بثلاثة صوائت، حيث أن حركة الصراع فى البيت الثانى أكثر عنفا منها فى البيت الأول الذى لا يقدم لنا سوى تقرير عن التسرب أما البيت الثانى فانه يقدم لنا صراعا بين شهقات التشكل واللوحة الزئبقية، ويلاحظ أننا وصفنا الايقاع فى البيت الثانى حتى كلمة (حيث) فقط  حيث ما بعدها تقرير عن طبيعة اللوحة الزئبقية حيث يختلف الايقاع فى هذا الجزء عن الجزء السابق لأن ذلك سوف يمكننا من دراسة السكون وأصل وجوده مع تثبيت ايقاع النوى الايقاعية .

العامل الثــــــــالث :

هذا العامل قديم فى الشعر العربى وقد اوردناه هنا حتى تكتمل العوامل التى نراها ومكونة للايقاع فى القصيدة الحديثة، وهذا العامل  يسميه النقـــاد” بالموسيقى الداخلية” ، حيث تتجاوب الصوتيات داخل الجملة الشعرية بطريقة تولد ايقاعا مصاحبا للايقاعات الأخرى ” أحكم الحكماء، وأشعر الشعراء”  – فى قصيدة نظرية جديدة للشجر و

[ أوموا الى لغط يخطب الود

   أوموا الى غلط يطبخ الود / لا أتذكر ]

من قصيدة ( بين المواعيد والجنون لا يصلح أحمد ) أو

[ فما الذى أنا فاعله الآن

  التسابيح التى أخر مجذوبا

  والتروايح التى أختتم بها قانون التوسل

  مصلوبا على ” يارا ” :

  لم تجهـــــــز :

  لا …. على الوباء

     ولا …. له ! ]

ما الذى انا فاعله .

العـــامل الرابع :

ان طريقة الالقاء لها اسهامها الهام فى توليد الايقاع . وهى ملاحظة قديمة حيث قال ابن سينا” للنبرات حكما فى القول يجعله قريبا من الموزون ” وابن رشد يرى أن هذا الوزن الذى تحققه النبرات يكاد يجعل القول  الخطابى يقترب فى  ايقاعه من القول الشعرى …. ولقد حاول د . كمال أبو ديب أن يفسر الايقاع فى الشعر العربى على أساس النبر وحده، وليس على أساس كم المقاطع وبصرف النظر عن فشل د . أبو ديب فى اثبات هذا فان دراسته جديرة بالاهتمام من حيث أنها أثبتت على الأقل أهمية دور النبر فى ايقاع الشعر .

وفى قصيدة” بين المواعيد والجنون لا يصلح أحمد ” يمكننا أن نلاحظ دور النبر فى قراءة المقطع الأخير منها خاصة فى هذا الجزء .

[ السؤال التسرب للوهم والزئبقات

   السؤال الجنـــــــون

   السؤال التهاليل للشفتين الكنودين

   للناهدين العصيين

  لصـــــــهد التلفت

  للقطــــع والوصـــل

   للورد والعوســــج الســـاحرى ….،

  لنـــار التساؤل / شـــهد الاجابات …..،

  آه الســــــــــؤال ـ – التســـــاؤل …..،

نار التســــــــاؤل …..، نار ………!

ان كتابة هذا الجزء بطريقة المقاطع لتحديد النبر على ذلك التى تبرز بروزا خاصا عند النطق[ وذلك باعطاء المقطع القصير( حرف متحرك ) هذا الشكل(ب) والمقطع الطويل ( متحرك +ساكن) هذا الشكل ( ــ) والمقطع الزائد الطول( متحرك  +ساكن + ساكن ) هذا الشكل ( =) ] تكون بالطريقة التالية بعد وضع النبرات :

ان انتهاء الأسطر الأربعة الأولى بمقطع زائد الطول، والنبر على هذا المقطع حقق نوعا من الايقاع ناشئ من تكرار النبر فى نهاية كل سطر .

  • ان النبر يقع على المقطع الأول من الأبيات الثلاثة الأولى وهو المقطع الذى تلفظ فيه (سين) السؤال، وفى البيت الثالث تفترض القراءة نبرا على المقطع الثالث أيضا لاعطاء السؤال جهدا أهمية اكبر فى هذا الموضع بعد تكرارها للمرة الثالثة .
  • بعد ملاحظة أرقام المقاطع المنبورة فى الجزء السابق يمكننا اكتشاف أسباب الايقاع .

1    6     12       15

1    6

1  3  6  12   16

1 4  8

   2  5

  2  5

2 1

2  6           16

2  4   8

        4

1

مع ملاحظة أن الأسطر الأربعة الأولى يتحقق النبر فيها على المقطع الأخير دائما .

ان التتابع ( 5،2)، (5،2) ،( 6،2)، (6،2)، (4،2) يسبب ايقاعا ينشئ من تكرار النبر بعد معين من المقاطع ( بعد زمن معين)، اذ يتوقع المستمع دائما ( أو القارئ)

تكرار نبر نفس المقطع، خاصة اذا كانت الجمل قصيرة مثل الأسطر 6،5،4

ــ – ان نبر المقطع هو بروز فى الصوت عند الملقى، هذا البروز يقابله تجاوب من المتلقى، وتكرار البروز بطريقة معينة يخلق تجاوبا  بنفس الطريقة عند المتلقى وهذا سبب ان للنبرات حكما فى القول تجعله موزونا .

-4-

ــ – ان تعدد أسباب الايقاع فى القصيدة الحديثة وعدم اعتمادها على تجاوز التفعيلات وتكرارها بطريقة معينة هو اهم الانجازات التى أضافتها هذه القصيدة للشعر العربى . ان توصيف هذه القصيدة يجب أن يبدأ بكلمة (شعر) وان تستبعد كلمة المنثور

( أو النثر) من المصطلح نهائيا حيث ان هذا المصطلح جعل بعضهم يطلق على الشعر الآخر( الشعر الخالص) ويقصد طبعا أنه غير مشوب بالنثر……. وحتى يكون مصطلح القصيدة، قصائد الخليلية مناسبا للنوع ألآخر أو شعر التفعيلة، فمثل هذه القصائد، قصائد لا خليلية أو لاتفعيلية، وأذا كانت القصائد الأخرى تعتمد على اساس واحد او اثنين من أسس الايقاع فى الجملة الواحدة ، فان هذه القصيدة تعتمد على أكثر من عامل فى وقت واحد ويجب أن يكون المصطلح واضعا فى اعتباره هذا.

الهوامش

  • د .ألفت كمال الروبى ـ – 1983 ” نظرية الشعر عند الفلاسفة المسلمين” بيروت – دار التنوير للطباعة والنشر . ص 84 .
  • المصدر السابق ـ – نفس الصفحة .
  • ـ – أحمد زرزور ” بين المواعيد والجنون لا يصلح أحمد” . مجلة “الانسان والتطور ” – السنة السادسة العدد الحادى والعشرون 1985 ص 74 .

– ” نظرية جديدة للشجر ” ـ – مجلة الانسان والتطور ـ – السنة السادسة العدد الثانى والعشرون 1985 ص100 .

– ” أقانيم ” ـ – مجلة حوار ـ – نشرة أدبية غير دورية تصدر عن نادى الأدب ببولاق الدكرور ــ – العدد الأول 1985 ص4 .

(4) مصطلح القوى الايقاعية من اقتراح د. أبو ديب ، انظر كتابه ” فى البنية الايقاعية للشعر العربى ” ـ – بيروت دار العلم للملايين . ديسمبر1981. ص48

[1] – جملة العقاد المشهورة “يحول إلى لجنة النثر” حينما عرضت عليه أعمال عبد الصبور جائزة الدولة. وقصيدة لمحمد التهامى فى ذكرى محمود سامى البارودى وقد قال فيها :

من لم تطعه قوافه وأبحره       . .     فما الخليل على هذا بمتهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *