الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / جذور وأصول الفكر الإيقاعحيوى (10) مقتطفات من “قراءات فى نجيب محفوظ” (4) نقلات التغير النوعى فى الوعى والإدراك

جذور وأصول الفكر الإيقاعحيوى (10) مقتطفات من “قراءات فى نجيب محفوظ” (4) نقلات التغير النوعى فى الوعى والإدراك

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 24-6-2017

السنة العاشرة17-6-2017

العدد:  3584    

جذور وأصول الفكر الإيقاعحيوى (10)

مقتطفات من نقد كتاب:

“قراءات فى نجيب محفوظ” (4)

نقلات التغير النوعى فى الوعى والإدراك

 مقدمة

نواصل اليوم الكشف الهادئ لمعرفة أعمق أعماق  النفس الإنسانية من المصادر الأهم لمثل ذلك، وهو مصدر الإبداع الأدبى والنقدى بكل تجلياته، وهو مصدر ينبغي ألا يغيب عن الطبيب النفسى، وألا يعتبره ثانويا، وخاصة لمن يرتبط بثقافتنا الخاصة المتميزة، وأيضا بوجه خاص لمن يحذق كيف يقرأ مريضه كيانا متفردا، ولا يكتفى باختزاله إلى لافتة تشخيصية عامة. لا أعلم إلى مدى ينبغى على أن أعيد أن مهنتنا هى مهنة فنية نقدية إبداعية تسعمل كل المعطيات المتاحة ، ومن أهمها العلم الحقيقي ، لمساعدة المرضى على تعديل مسارهم ، بل وقلبه إلى العكس وليس فقط الشفاء، أعنى تحويل المسيرة من التوجه نحو السلبية والتفسخ ، إلى احتمالات مواصلة النمو تطورا بإعادة تشكيل الوعى بافضل مما كان لو لحقنا الأزمة فى  وقت مبكر ، وتعاملنا مع مرضانا من خلال مستويات الوعى، أكثر من لصق لا فتة تشخصية تختزلهم إلى رقم أو ظاهرة عامة

 وبعد

عرضنا فى الأسبوع الماضى كيف يمكن أن نتعرف على “غريزة المعرفة” من خلال هذا الإبداع المتميز فى المجموعة الفصصية : “رأيت فيما يرى النائم”، ، ومن خلال نقد هذه المجموعة الذى قمت به منذ أكثر من ثلاثين عاما، بينا كيف أظهر هذا الإبداع أن هذه الغريزة، وبالنسبة للكائن البشرى بوجه خاص، هى ليست أقل أهمية، ولا أقل ضرورة و لزوما للبقاء والتطور من غريزتى الجنس والعدوان.

اليوم سوف نكمل مع نقد نفس المجموعة القصصية ” لنتناول  بعدا إكلنيكيا جاء فى النص، ثم تأكدت دلالته فى النقد بشكل مباشر، وهوالبعد الذى يُظهر كيف يمكن أن يصف الإبداع بدايات نقلات الوعى النوعية والمفاجئة، وصفا نتعلم منه كيف نرصد مثلها فى بداية امراضنا ، وهى البداية الموازية لبداية كل من أزمات النمو على مسار التطور الفردى، وأيضا خبرات الإبداع

المقتطفات (من نص ما جاء فى نقد المجموعة )

‏النقلات‏ ‏والتغير‏ ‏النوعى:‏

يتميز‏ ‏أدب‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ، ‏المتأخر‏ ‏نوعا، ‏ربما‏ ‏بدءا‏ ‏بالحرافيش‏: ‏بإيضاح‏ ‏ظاهرة‏ ‏هامة‏ ‏جديرة‏ ‏بالنظر‏ ‏ألا‏ ‏وهى “نقُلاَت الوعى  ‏النوعية‏ ‏المتغيرة‏ ‏الاتجاه‏ ‏والمفاجـِـئة” ‏وهى ‏من‏ ‏صفات‏ ‏مسيرة‏ ‏النمو‏ ‏النشطة، ‏وهو‏ ‏أمر‏ ‏نفتقده‏ ‏فى ‏كثير‏ ‏من‏ ‏الأعمال‏ ‏المبـررة‏ ‏بأسبابها‏ ‏فى ‏الماضى ‏المتأثرة‏ ‏بالحتمية‏ ‏السببية‏ ‏الفرويدية‏  (1) ‏فى ‏العادة، ‏وتلاحظ‏ ‏هذه‏ ‏النقلات‏ ‏عند‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏فى ‏ظاهرتين‏:‏

‏ ‏الأولى‏: ‏فى ‏تكراره‏ ‏لعرض‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يسمى “‏إعادة‏ ‏التعرف” ‏أو “‏تجديد‏ ‏الإدراك”.

الثانية‏: ‏فى ‏وصفه‏ ‏لتلك‏ ‏الطفرات‏ ‏المفاجئة‏ ‏إلى ‏أعلى ‏أو‏ ‏إلى ‏أدنى، ‏وما‏ ‏يعقبها‏ ‏من‏ ‏تغير،

 ‏وأورد‏ ‏هنا‏ ‏بضعة‏ ‏أمثلة‏ ‏لتوضيح‏ ‏ذلك‏ ‏دون‏ ‏تعليق  اليوم مؤجلا ذلك إلى نشرة الغد :

‏(‏أ‏) ‏ص‏23: ‏لكنه‏ ‏وجد‏ ‏نفسه‏ ‏راقدا‏ ‏فى ‏حضن‏ ‏الفتور‏ ‏الجليل‏ ‏ليرى ‏الأشياء‏ ‏لأول‏ ‏مرة‏.‏

‏(‏قصة: أهل‏ ‏الهوى)‏

‏(‏ب‏) ‏ص‏27: ‏بدا‏ ‏كل‏ ‏شئ ‏بالقياس‏ ‏اليه‏-‏ بخلاف‏ ‏المرأة‏-‏ كأنما‏ ‏يحدث‏ ‏هكذا‏ ‏لأول‏ ‏مرة‏ ‏فى ‏تاريخ‏ ‏البشر‏.‏

‏(‏ قصة: أهل‏ ‏الهوى)‏

تعقيب سريع لم أستطع تأجيله  2017:  (لاحظ الرجوع إلى أول مرة فى تاريخ البشرية )

(‏ج‏) ‏ص‏46: ‏ورغم‏ ‏ارهاقه‏ ‏كان‏ ‏يرى ‏ما‏ ‏تقع‏ ‏عليه‏ ‏عيناه‏ ‏بوضوح‏ ‏شديد‏ ‏فكأنه‏ ‏يراه‏ ‏لأول‏ ‏مرة، ‏فمازج‏ ‏نفوره‏ ‏حنين‏ ‏غامض‏.‏

‏(‏ قصة: أهل‏ ‏الهوى)‏         

‏(‏د‏) ‏ص‏59: ‏أليس‏ ‏مما‏ ‏يفزع‏ ‏أن‏ ‏ترتفع‏ ‏فجأة‏ ‏من‏ ‏كرة‏ ‏القدم‏ ‏الى ‏قلب‏ ‏الكون، ‏دفعة‏ ‏واحدة‏.

(‏قصة: من‏ ‏فضلك‏ ‏واحسانك‏)‏

‏(‏هـ‏) ‏ص‏65: ‏ومن‏ ‏خلال‏ ‏تجربة‏ ‏طارئة‏: ‏التحم‏ ‏بأثاث‏ ‏حجرته‏ ‏التحاما‏ ‏غريبا‏ ‏جنونيا‏.. ‏وكأنه‏ ‏يكتشف‏ ‏لأول‏ ‏مرة‏ ‏الفراش‏ ‏الخشبى ‏ذا‏ ‏اللون‏ ‏البني‏.‏

‏(‏من‏ ‏فضلك‏ ‏واحسانك‏)‏

‏(‏و‏) ‏ص‏109: ‏ولكن‏ ‏الحياة‏ ‏كلها‏ ‏تجمعت‏ ‏أمام‏ ‏عينى ‏فى ‏التماعة‏ ‏خاطفة‏ ‏مثل‏ ‏كرة‏ ‏من‏ ‏نور‏ ‏منطلقة‏ ‏بسرعة‏ ‏كونية‏.‏

‏(‏ قصة: العين‏ ‏والساعة‏)‏

‏(‏ز‏) ‏ص‏126: ‏وخيل‏ ‏إليه‏ ‏أن‏ ‏شبح‏ ‏البيت‏ ‏يتبدى ‏فى ‏صورة‏ ‏جديدة‏.‏

‏            ( قصة: ‏الليلة‏ ‏المباركة‏)‏   

ونكمل غدا

[1] – ضربنا‏ ‏قبل‏ ‏ذلك‏ ‏مثالا‏ ‏لمثل‏ ‏هذا‏ ‏بفتحى ‏غانم‏ ‏وأشرنا‏ ‏إلى ‏دراستنا‏ ‏للأفيال، ‏ونضيف‏ ‏هنا‏ ‏أن‏ ‏نفس‏ ‏البعد‏ ‏غالب‏ ‏فى ‏زينب‏ ‏والعرش، ‏وفى ‏الرجل‏ ‏الذى ‏فقد‏ ‏ظله‏ ‏على ‏حد‏ ‏سواء

النشرة التالية 1

النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *