اكتوبر1982- رونالد د.لانج

رونالد د. لانج

Ronald D. Laing

د. مرقص عوض

” لايزال هذا المقال ناقصا. ولكن للضرورة أحكام، فموضوعه – الدكتور “لانج”- لا يزال  أطال الله عمره – حيا يسعى، يصوغ سيرة حياته ولم يضع بعد نقطة النهاية.

ولذلك سنقنع بعرض ما كشف لنا من حياته وفكره حتى الآن، لعلنا  ننتفع من تجربته”.

مرقص عوض

رونالد د. لانج

” هى تريده أن يريدها

وهو يريدها أن تريده

لتجهله يريدها .. تتظاهر بأنها تريده

ليجعلها تريده .. يتظاهر بأنه يريدها

جاك يريد رغبة جيل                جيل تريد رغبة جـاك

لذلك                               لذلك

يقول جـاك لجيـل                     تقول جيـل لجـاك

” جـاك يريد جيـل”                   ” جيـل تريد جـاك”

اتفاقية مثالية

” الكل فى الكل

كل انسان فى كل الناس

كل الناس فى كل انسان

كل الوجود فى كل الوجود

كل وجود فى كل الوجود

الكل فى واحد

الواحد فى كل

جميع الفروق عقل، بالعقل، فى العقل، من العقل

لا توجد فروق أى لا عقل يميز”

صاحب هذه الكلمات هو الطبيب النفسٍى الاسكتلندى “لانج”. وهى من كتابه “عقد”( بضم العين وفتح القاف)، الذى بيع منه فى الولايات المتحدة وحدها خلال أسابيع نحو 75 ألف نسخة، وقت صدوره سنة 1970. وهو يعتبر من أقرب الأطباء النفسيين المعاصرين الى وجدان الناس، وله شعبية كبيرة فى بريطانيا وأمريكا على الأخص، وجميع كتبه ظهرت فى طبعات شعبية عدة لشدة الطلب عليها .

من مواليد جلاجسو(7 أكتوبر 1927). نشأ فى أسرة متزمتة نوعا، و قضى طفولة يشكو من كونها غير سعيدة. فقد كان يلازمه ويلح عليه شعور بالحرمان. فكم تمنى أن يكون له مسكن أكبر من الشقة الصغيرة التى كان يسكنها مع أبويه فى جنوب جلاجسو، وكم تمنى أن يكون له أخوة وأخوات، فهو وحيدهما، وكم تمنى أن تكون  اسرته أكثر اختلاطا فلم يكن يزورها سوى عدد قليل من الأقارب، بينهم طفل واحد هو ابن خالته الذى كان يصغره بثلاثة أشهر فقط، والذى لم يكن يراه أكثر من مرتين فى السنة ولأيام قليلة، ورغم ذلك كان دائمى الشجار كلما التقيا.

وربما كان للوراثة أثر فى ذلك، فقد كان والد لانج حاد الطبع، سريع الانفعال، لا يعرف طريقا لتسوية خلافاته مع الآخرين الا ذراعيه. وكثيرا ما شاهد لا نج معاركه مع عمه جاك(وكان أصغر من والده) الذى كان وصوله الى البيت يجعل والدته ترفع درجة الاستعداد القصوى، فتخلى الصالة من الأثاث، وتبعد كل شئ قابل للكسر، وتخفى لانج الصغير خلف احدى الستائر أو فى أحد الأركان، ليكون فى مأمن من اللكمات والركلات وسرعان ما يتوسط الصالة والده وعمه، ويتشمران ثم يشتبكان فى مصارعة عنيفة، كانت تنتهى دائما بانتصار الوالد وهو جاثم على صدر جاك الذى يستنجد لاهثا: خلاص، كفاية.

وانطباع لانج عن هذا العم جاك طيب، فقد كان يمنحه قطع النقود كلما حضر. ويذكر لانج عنه اصابته بضربة شمس أثناء خدمته العسكرية التى قضاها فى الصين ضمن فرقة من فرق الجيش البريطانى أثناء الحرب العالمية الأولى، مما نتج عنها أثر خفيف على قواه العقلية. وقد بقى دون زواج حتى توفى.

وبلغت حدة الطبع بوالده أنه لم يكن  يتورع عن الاعتداء على أبيه(جد لانج). ويذكر لانج بأسى المرة الأخيرة التى حضر فيها جده الى البيت وخرج منه نازف الأنف، مبلل الثياب، مودعا بالصفعات والركلات الى الشارع وسط الأمطار والأوحال، بينما أسرع الأب باغلاق الباب، ثم فتح النافذة ليلقى اليه بقبعته ويراقبه، تداعب وجهه ابتسامة عريضة، وهو ينهض مجهدا، يستجمع بقايا كرامته ويهدج(يسر فى ارتعاش شأن كبار السن) مبتعدا عن بيت ابنه لآخر مرة. ويقول لانج أن والده كان يعتبر اباه السبب فى موت أمه، ويتصور أنه خطط لقتلها ببطء وبطريقة منتظمة على مدى  سنوات، وأنه لذلك كان قاسيا فى معاملته، ولا يتحمله.

وكانت والدة لانج على ما يبدو، مغلوبة على أمرها ازاء تصرفات زوجها، أو كانت تتجنب المشاكل والتدخل بسبب طبيعتها الهادئة. وقد جمعت الى جانب طيبة القلب حكمة العقل. وكانت محافظة للغاية ومفرطة الحياء. ويذكر لانج كيف أنها صعقت وكادت تتهاوى مغشيا عليها عندما تفوه – دون أن يقصد، وهو صغير – بكلمة لها معنى جنسى سمعها من الأطفال فى المدرسة، فقالها دون أن يعرف معناها، وكيف أن والده انتهره بعنف، وامره ألا يذكر مثل هذه الألفاظ فى البيت.

 أما أقسى ألوان الحرمان التى عانى منها أبان شبابه الباكر فكان نقص معلوماته الجنسية لأن الجنس كان من المحظورات الخطرة فى العاملة يقابله الجميع بالانكار والتجاهل، لدرجة أن والده كان يقول أنه لا يعرف كيف تم الحمل به؟ منكرا أنه كان يتصل بوالدته قبل وبعد الحمل به.

ويعترض لانج على هذا قائلا:” ولكن هناك على ركبتى علامة، وتوجد أخرى مثلها على ركبة والدى، تؤكد أن الحمل كان شرعيا” .

والمرة الوحيدة التى حاول فيها أبوه ان يطلعه على بعض المعلومات الجنسية الأولية(وكان عمره وقتنئذ 16 سنة) أخبرته بمنتهى الجدية والحذر “أنه سيتحدث معك فى أمور الحياة”. وانتظر فعلا ولكن والده تأخر جدا فى تلك الليلة على غير عادته، حتى خطر للانج أنه يتعمد ذلك. وعندما حضر أخيرا، تبادلا نظرتين عميقتين، دون أى كلام، ثم قال والده وهو يخلع معطفه ويتجه نحو أحدى الحجرات:” لقد آن الأوان لنتكلم معا.. اتركينا وحدنا من فضلك يا أميليا”. فتترك والدته الحجرة مسرعة ولكن ما أن يجلس أمام والده حتى يغمره شعور شديد بالخجل، والرغبة فى مغادرة المكان. ثم اندفع يقول – كذبا – أنه يعرف بعض” الأمور” معرفة هذه الأشياء من والده بالذات، رغم أنه ندم على ذلك فيما بعد. فأعطاه أبوه كتابا مبسطا وطلب منه أن يقرأه وان يسأله أذا استعصى على فهمه شئ منه.

وفى عدة مقاطع من كتابه” حقائق الحياة”(1976) يصور لنا لانج بمرارة الصراع العنيف الذى كان يمزقه بسبب تربيته المتزمتة فى البيت والمدرسة، ومعلوماته الجنسية الناقصة والمشوهة، خصوصا عندما أقدم على الرقص مع فتاة لأول مرة، وكيف أنه حاول اقناع نفسه وتهدئة اضطرابه بأن هذا ليس” عيبا” أو” حراما”، بل مجرد سلوك “اجتماعى مهذب” أو حتى” رياضة” أو ماشابه…

ويجتاز لانج هذه المراحل ويلتحق بكلية الطب بمدينة جلاسجو، ويتخرج منها سنة 1951، وتبدأ رحلته مع الطب النفسى أثناء خدمته العسكرية(1951 –1953) حينما عمل طبيبا بأحدى المستشفيات النفسية العسكرية.

ويلتحق بعد خروجه من الجيش بمستشفى جلاسجو الملكى للصحة النفسية كطبيب مقيم، ثم بقسم الطب النفسى بكلية الطب فى السنة التالية ليدرس دبلوم التخصص حتى سنة 1956. وكان يلتهم أثناء هذه الفترة مؤلفات فرويد وسارتر وبنزفاجنر، ويدون فى نفس الوقت ملاحظاته الخاصة على مرضى الفصام. وتكونت فى هذه الفترة المبكرة معظم أفكار كتابه الأول” النفس المنقسمة”.

والواقع أن لانج يدهشنا فى كتابه الأول هذا- الذى يقول أنه اتمه وعمره 28 سنة فقط – بسعة اطلاعه وعمق تفكيره، كما يتضح من استشهاداته العديدة من فلاسفة الوجودية سارتر وهايدجر وكيركجارد، وفلاسفة الفينومينولوجية برنتانو وهوسرل وبنزفاجنر ومنكوفسكى وبوس، بل ومن هيجل وتيلتش وبيكيت، الى جانب علماء النفس فرويد ويونج وكريبلين وسوليفان وعشرات غيرهم. ولم يتمكن لانج من نشر هذا الكتاب الا سنة 1959 عندما عمل فى تافستون.

وفى سنة 1961 يصدر كتابه الثانى “النفس والاخرين”، وايضا من تافستوك. وعبارة عن مجموعة من مقالات توضح اهتمامه بدراسة النسيج العائلى لمرضى الفصام، ودراسة عالم الشخص الفصامى كما يراه هو نفسه.

ثم يعمل لانج مديرا لعيادة لانجهام بلندن فى الفترة 1962 -65، وينشغل أثناء ذلك، وحتى 1967 بأبحاث حول أنماط التوصل داخل عائلات الفصاميين، ضمن برنامج أبحاث معهد تافستوك للعلاقات الانسانية. وكان ثمرة هذه الفترة كتابه مع استرسون:”سلامة العقل والجنون والعائلة” (1964). الا أن لانج عرض نفسه وزميله لنيران مدفعية النقد الثقيلة بسبب اهماله مقارنة نتائجه فى هذه الدراسة بمجموعة ضابطة من عائلات غير فصامية، رغم أن برنامج تافستوك كان يتضمن ذلك.

وفى 1964 – وهى سنة حاسمة فى حياة لانج – ظهر كتابه “المنطق والعدوان: 10 سنوات من فلسفة سارتر” بالاشتراك مع زميله د.كوبر. وقد حاولا فى هذا الكتاب اختصار وجودية سارتر كما جاءت فى كتابه “نقد العقل الجدلى ” بغية تقديم  وجودية سارتر فى احدث صورها وقتئذ للقارئ الانجليزى العادى. ولكن الكتاب جاء مع الأسف اختصارا مخلا فى أجزاء كثيرة، كما كان صعب الفهم فى أجزاء أخرى.

كما قام لانج فى هذه السنة بتأسيس “جمعية فيلادلفيا” من بعض الزملاء والموظفين والطلبة والمرضى. وهى جمعية خيرية هدفها خلق وتنمية استجابات انسانية مناسبة نحو اخواتنا فى الانسانية الذين تضطرب نفوسهم بسبب التعاسة المخيمة على حضارتنا المعاصرة، والذين لم ولن تجد معهم وسائل العلاج النفسى التقليدية المعروفة فى الطب النفسى، بل هى تزيد أحيانا كثيرة هذه التعاسة.

وبدا لانج يأخذ اتجاها رافضا، ثم معاديا للطب النفسى. وقام فى هذه الفترة بالقاء سلسلة من المحاضرات فى بريطانيا وأمريكا، وكان يهاجم فيها الطب النفسى و”النموذج الطبى” للأمراض النفسية، والأطباء النفسيين، واسلوب الحجز والعلاج فى المصحات النفسية.

وكان حريصا فى البداية على اختيار مستمعيه من غير الأطباء، النفسيين على الأخص ولكن دعوته بدات تلقى تأييدا وتشجيعا من كثيرين، ومن المرضى بالذات، فتمادى وبدا يقول أن الفصام خبرة “طبيعية” وغايتها “شفاء” الانسان من تعاسة الحياة، والفصامى انسان حر فى اختيار أسلوب حياته بالطريقة التى تريحه، وأن الخلل فى الآخرين: اسرته ومجتمعه ونظمه. وبدا لانج يتبنى اتجاهات اجتماعية وسياسية غير واضحة.

وفى عام 1965 أنشا مستعمرة علاجية فى كنجزلى هال، كان يعالج فيها مرضى الفصام حسب تصوره للفصام على أنه “رحلة شفائية الى الداخل” ينبغى احترامها ومساعدة صاحبها على اختبارها واجتيازها،ومساعدته على العودة من الداخل الى الخارج الى عالمنا مرة أخرى.

وتجنب لانج جميع أشكال العلاج المعروفة فى الطب النفسى من عقاقير وصدمات كهربية، ألا بعض العلاج النفسى التحليلى.

ثم ظهرت فى كتابات لانج نغمة صوفية، بدأت خافتة فى البداية ولكنها أخذت تقوى شيئا فشيئا. ويقول لانج فى كتابه “سياسات الخبرة “(1967)، الفصام رحلة “ضرورية” لكل انسان. ويوحى الفصل الأخير من هذا الكتاب “طائر الفردوس” باحتمال قيام لانج نفسه بهذه الرحلة الى الداخل “الى بداية البدايات.. حيث لاشئ سوى الالفا والاوميجا…” .

وينكر لانج حدوث هذه الرحلة الفصامية بتأثير عقاقير (مثل:ال. أس.دى) وبرغم أن وصفه لها كان مكثفا للغاية، بما لا يمكن معه الجزم بحدوث انهيار ذهانى صريح الا أن بعض الزملاء المتسرعين (والمغرضين) أشاعوا أنه مصاب بالفصام، وأنه تلقى عددا من الصدمات الكهربية كعلاج.

وكأنى بلانج يريد تأكيد ما قاله القدماء “أن العلم لا يعطيك بعضه أن لم تعطه كلك” . ولكنه يفاجئنا سنة 1971 بارتحاله الى سيلان(سريلانكا) ليتصوف، ويتدرب على التأمل البوذى. ويمكث هناك عدة شهور، كان خلالها يتقن ويجود الطريقة الثيرافادية فى التأمل، واستطاع أن يبلغ رقما قياسيا فيها، حوالى 17 ساعة يوميا، منافسا بذلك عمالقة هذا المضمار الذين أفنوا أعمارهم فى التدريب.

ويبدو أن هذه الرحلة كانت خاتمة المطاف. وهى خاتمة مثيرة لأنها اعلان واضح بالافلاس والانسحاب من عالم الالتزامات العلمية والاجتماعية الى عالم التأمل الهلامى. ويبدو أيضا أنه انسحاب بلاعودة، فكتاباته الأخيرة مجرد تكرار لنفس أفكاره السابقة أو سرد لبعض الذكريات والقراءات، كما فى “حقائق الحياة” (1976).

وهكذا بلغت مدرسة الطب النفسى الوجودى البريطانية نهاية الشوط على أيدى لانج وزملائه بدخولها هذه الـ” حارة السد”، ولا أقول الانتحار الفكرى يأسا أو هربا أو عجزا، أو حتى أنانية. ولعلنا نأمل أن تجود الأيام بفرسان جدد، أقوى على حمل الأمانة، واشد التزاما وصبرا وأصلب أيديولوجية وعلما.

الفينومينولوجية الوجودية:

اختار لانج الفينومينولوجية الوجودية مذهبا فلسفيا لا تكتفى بوصف وتصنيف الظواهر، بل تحاول رؤيتها وهى تتشكل لتصبح كيانا كليا هو سبيل الفرد الى الكينونة فى العالم.

ومراجع لانج فى الوجودية تجدها فى: سارتر(الوجود والعدم ونقد العقل الجدلى) وهايدجر (الوجود والزمان)، وكيركجارد(المرض حتى الموت ومفهوم الرعب). ويمكن أن نلخص الأفكار الرئيسية التى اخذها لانج عن هؤلاء المفكرين فيما يلى:

1- ان الانسان حر، وأنه لهذا مضطر الى الاختيار .

2- أن ادراك الانسان لحريته يصحبه شعور بالقلق الذى يزداد الى درجة من الرعب والهم والكرب العظيم .

3- أن فرط مرارة هذه المشاعر تهون على الانسان حريته، فينكرها ويتجاهلها بالاستغراق فى دوامة الروتين والمشاكل الحياتية اليومية التافهة، فيعيش الزيف .

أما الفينومينولوجية ففلسفة غايتها بلوغ معرفة قبل علمية دقيقة عن طريق:

1- وصف الظواهر كما تشعر بها بالضبط، لا كما نتصور أو نعتقد أو نرجو أن تكون.

2- تحليل هذه الظواهر على اساس فكرة “الاحالة”(قصديتها أو توجهها نحو الأشياء أو الموضوعات) فالعقيدة مثلا: عقيدة كذا، والرغبة مثلا: رغبة كذا … وهكذا.

هذا عن الخلفية النظرية للانج باختصار، أما منهجه العملى فتحليلى متأثر بفرويد.

الخبرة الفصامية:

وهى التيمة الرئيسية فى فكر لانج، ولو أننا نلاحظ اختلافنا فى فهمه وتفسيره لها فى كتاباته الأولى (النفس المنقسمة 1960) عنها فى كتاباته التالية( سياسات الخبرة 1967) .

ففى “النفس المنقسمة” نراه يعتمد فى تحليل هذه الخبرة على مفهوم “عدم الأمان الوجودى “

Existential insecurity – الذى أخذه عن بول تيلتش Tillich,P الفيلسوف اللاهوتى، صاحب كتاب “الشجاعة فى أن”تكون”The courage to Be – فيعتبر الشبفصامى انسانا يحترم وجوده شعور عميق وأساسى بعدم الأمان، ويعتبر الفصامى انسانا دمرته هذه الخبرة.

والمقصود بعدم الأمان الوجودى أى شعور بتهديد للكينونة التى تشمل:

1ـ الوجود المادىexistence  (الخوف من الالتهام والموت)

2- الماهية(الجوهر) essence (الخوف من الاحتلال والاستحواذ)

3- الهوية identity( الخوف من فقدها أو تغيرها أو تحجرها)

فيعيش الانسان المهدد وجوديا فى رعب مستمر بسبب هذه المخاوف:

1- الخوف  من الالتهام engulfment: أى أن يلتهمه الآخرون، وبالتالى يتلاشى وجوده المادى ويموت. وهو يحاول مغالبة هذا الخوف بتجنب مواجهة الآخرين، فضلا عن تكوين وأقامة علاقات معهم.

2-  الخوف من فقد الهوية أو تعبيرها depersonalization أو التحجرpetrifaction أى التحول الى جماد، أى الوجود بلا هوية وهو يواجه هذا الخطر بالاسراع بتحجير الآخرين وتشييئهم وتجريدهم من هويتهم قبل أن يفعلوا هو ذلك به.

هذا الانسان غيسر الآمن وجوديا يشعر أنه زائف وفارغ، وهو يضع هويته موضع بحث مستمر. وهو يتجنب الآخرين، والواقع الخارجى كله، لأنهما يشكلان تهديدا باقتحامه واحتلال خوائه. وهو مهموم دائما بحماية كيانه المهلهل هذا حتى فى ظروف الحياة العادية. ولكى يرتاح يلجأ الى حيلة عقلية(أولعبة) يقوم فيها بفصل نفسه عن جسمه متقمصا هو جانب النفس. ثم يقوم لفصل جزء زائف من نفسه يحتل الجسد، وبذلك يضمن الا يصل أحد الى نفسه الحقيقية غير المتجسدة، وأن كل ما يظهر للآخرين والواقع الخارجى مجرد نفس زائفة وبدن لا ينتمى اليه.

ولكن نفسه الحقيقية غير المتجمدة تزداد جفافا مع الأيام لانعدام صلتها بخبرات الواقع الخارجى، الذى تستبدل به عالما وهميا من نسج خيالها، تقيم فيه علاقات وهمية مع نفسها، فتزداد اغترابا حتى تذوى وتموت نهائيا.

استعار لانج مفاهيم الوجودية وربطها بفكرة دينامية نفسية هى انقسام النفس، وخرج بنظرية فى الفصام ترى الشبفصام هو نفسه الانسان غير الآمن وجوديا الذى وصفه فلاسفة الوجود، وأن الفصامى هو الانسان الذى دمره هذا الشعور وهذه المخاوف الملازمة له.

فكما يرى هايدجر أن الانسان غير الآمن وجوديا يشعر بالغربة فى العالم، ويشعر بالرعب من ذلك، ويرى أن هذه هى طبيعة الوجود الانسانى، يرى لانج أن هذا هو شعور الشبفصامى بالضبط.

وكما يرى هايدجر أن الانسان يصنع نفسه، وأنه مسئول تماما عن كينونته وكيفية وجوده، يرى لانج أن القلق الذى ينهش الشبفصامى هو أساسا قلق على كينونته، وخوفه أن تقضى أو تحتل أو تغير أو تحجر( بضم تاءات المضارعة).

وكما يرى سارتر أن الدفاع عن النفس بتحجير الآخرين أو تشييئهم واجهاض هويتهم هو الأسلوب الغالب والضرورى فى العلاقات البشرية العادية، يرى لانج أن هذا هو سلوك الشبفصامى عادة .

وكما يرى سارتر أن” النفس” – موضوع دراسة علم النفس – ماهى الا مجموعة خبرات وأفعال الوعى. وأن كينوتة شخص ما هى الا مجموع صفاته النفسية وأدواره الاجتماعية، أو ما يفعله ليحقق هذه الكينونة، وأنه لا كينونة بعيدا عن الوعى. يرى لانج أن الشبفصامى بنفسه المنقسمة،يؤدى ببدنه ونفسه الزائفة أدوارا زائفة يفرضها عليه الكبار، ويقوم بها مرضاة لهم، ولكن توجد بينه أفعاله هوة، فلا تعبر عن كينونته ويزداد بها اغترابا وخواء وعدما.

وكيركجارد – أعظم شبفصامى فى التاريخ – عاش ووصف بدقة خبرة النفس غير المتجسدة التى وصفها لانج ضمن الخبرات المرضية التى تحتاج الى التدخل والعلاج فى كتابه:” النفس المنقسمة”، على أساس أنها تؤدى الى مزيد من الانعزال والخواء، وتنتهى بالانهيار الفصامى.

ولكن لانج فى “سياسات الخبرة”(1967) عدل عن هذا، واعتبر “الخبرة الفصامية” خبرة طبيعية، ورحلة”شقاء”و”التئام” ينبغى أن يعيشها كل انسان.

فحضارتنا ترغمنا أن نعيش فى عالم من الجزئيات المصطعنة، التى هى فى أصلها واحدة. فهى تفرق بين الروح والمادة، والنفس والجسم، والحياة والموت، والداخل والخارج.. الى آخر هذه الثنائيات التى بلغت ذروتها فى فلسفة ديكارت. وانحرف بعضنا ببعض هذه الجزئيات، واخذ يضخمها ويعلى من شأنها على حساب غيرها، فألغى “الداخل” نهائيا، بما أدى الى أننا أصبحنا نجهل عالمنا الداخلى وعالمنا الخارجى أيضا.

ويرى لانج أن الفصام محاولة لراب هذا الصداع، وإعادة الوحدة بين الأشياء. فبالفصام والرحلة الى الداخل نعود الى بداية الأشياء، الى ما قبل الحياة، وحيث يتلاشى الزمن وتتحد الأجزاء فى كل واحد، فلا يوجد الا” الكل”.

ويعتقد لانج أن رحلة الداخل هذه التى تحدث فى الفصام تعقبها رحلة الى الخارج أو عودة الى عالم البشر. وبهذا يصبح الفصام رحلة مثرية، تجدد الانسان، وتبدد احساسه بعدم الأمان، وتعضد كينونته المزعزعة، وتعيد إليه سبق وحدته بالكون والأشياء والناس.

ولكننا بسبب جهلنا وفزعنا وتسرعنا، بمجرد أن يبدا الواحد منا هذه الرحلة الى الداخل، نسرع به الى الطبيب النفسى، الذى يتدخل بطرق واساليب ضارة(التشخيص والعلاج والحجز) تؤدى الى اضطراب هذه الخبرة. والنتيجة نماذج بشرية مشوهة لخبرات فصامية مجهضة، نصنعها بأيدينا وبغبائنا وخوفنا.

وعلاج هذا الوضع فى تصور لا نج لن يتم الا برفع أيدى الأطباء النفسيين عن الفصاميين بالذات، وعدم السماح لهم بالتدخل فى مسيرة رحلتهم الشفائية، لأنهم لا يحتاجون الا بعض الارشاد والتوجيه البسيط، خصوصا من اخوانهم الذين سبقوهم فى هذا الطريق.

والحقيقة أن لانج يبدو مغرقا فى الخيال والنوايا الطيبة، ولكن من الواضح أن دافعه الأساسى هو تعاطفه العميق مع المرضى. هذا التعاطف الذى كان يمنعه من رؤية الأعراض والعلامات المرضية فيهم، كما اعترف فى بداية كتابه “النفس المنقسمة” .

ويكفى أن تقول أن تجربة لانج فى كنجزلى هال، حيث كان يسمح لمرضاه هناك بالرحلة الفصامية كاملة كما يتصورها، باءت بالفشل، فقد كانوا يذهبون ولا يعودون.

(ولعله من المفيد أن نقارن هنا بين لانج والرخاوى الذى رأى بعمق القوة التدهورية فى الفصام. وربما عدت لهذا الموضوع فى مقال لاحق).

التواصل العائلى:

أدرك لانج أهمية الدور الذى تلعبه العائلة فى الفصام، وكتب فى ” النفس المنقسمة” عن مراحل اتجاهات العائلة نحو الفصامى، كيف يتحول فى نظر افرادها منgood الىbad الىmad. أما أفكاره بعد ذلك فتستقى من مصدرين: من باريس حيث سارتر و”نقد العقل الجدلى”، ومن كاليفورينا(بالوالتو) حيث باتسون و “نحو نظرية فى الفصام” .

يقول لانج – بعد سارتر – أن هناك نمطين من العلاقات العائلية:

1ـ السلسلة: حيث يفتقد أفراد العائلة الاهتمام الشخصى الحميم ببعضهم البعض، ورغم أنهم قد يبدون اشد الاهتمام اذا تسبب احدهم فى فضيحة مثلا، عندئذ يكون تدخلهم واهتمامهم لا لمشاركة العضو المنكوب، بل محاولة لاصلاح الواجهة الاجتماعية للعائلة. والعائلة الفصامية تسودها علاقات من هذا النوع.

2- الرابطة: وهى درجة ارقى من العلاقات، حيث الاعضاء مترابطون،و كل منهم ملتزم أمام الآخرين بالمشاركة بجهده سعيا لهدف مشترك. واساس الترابط هنا هو الشعور بالالتزام والخوف من العقاب(خصوصا المعنوى) الذى سيلقاه من الآخرين لو تقاعس ولم يقم بدوره. فالتماسك هنا يكمن تحته الخوف والقلق ونوع من الابتزاز الأخلاقى.

أما عالم الاجتماع الأمريكى جريجورى باتسون فقد لاحظ أثناء وجوده فى غنينا الجديدة سنة 1930 أن ذل المجتمع البدائى المغلق، أنشا لنفسه – كاى مجتمع آخر – أساليب وطقوسا خاصة للاحتفاظ بتوازنه الداخلى (مثل ارتداء ملابس الجنس الآخر للتغلب على المنافسة الشديدة).

ولكن عندما منعت الارساليات والحكومات المستعمرة ممارسة بالقوة، وقع هؤلاء القوم بين خطرين هائلين: خطر الابادة ثقافيا وخطر التمزق الداخلى، وباتوا فى موقف رهيب، وصفه باتسون بموقف الـ”بين نارين” أذ أن كلا الحلين مرير وعصيب، وهو مضطر لكليهما معا. هذا الوضع شديد الوطأة على من يعانونه، وقد يؤدى على المدى الطويل الى تمزق وأنهيار شخصياتهم تماما. وافترض باتسون أن الأنباء فى العائلات الفصامية يتعرضون لمثل هذه المواقف .

وبعدما عاد باتسون الى الولايات المتحدة، بدا فى التحقيق من صدق هذا الافتراض فى مشروع كبير اشترك فيه عدد ضخم من علماء النفس والاجتماع والأطباء النفسيين. ففحصت مئات العائلات الفصامية وغير الفصامية، وسجلت أنماط تواصلهم بالصوت والصورة على أشرطة الفيديو كاسيت، على مدى ساعات وايام، وفى مواقف مختلفة. ثم عكف هؤلاء العلماء على تحليل مادة هذه الأفلام، دراسة أنماط التواصل داخل هذه العائلات.

وفى 1956 أعلن باتسون وزملاؤه نظرية” الربط المزدوج” double bind كسبب محتمل من أسباب الفصام. تفترض هذه النظرية ان الطفل فى العائلات الفصامية يتلقى أثناء الموقف التواصلى أمرين متعارضين، كلاهما ملزم، وكلاهما مؤلم، أو على الأقل غير مريح، ويتلقى فى نفس الوقت امرا ثالثا – ضمنا فى الموقف ككل – يمعنه من مغادرة المكان، أو الهرب وتفادى الصراع. وبتكرار هذه المواقف يبدأ الطفل “الضحية” فى الانطواء والانزواء، متجنبا أى تواصل حقيقى مع أفراد العائلة، فاقدا الثقة فى سلامة ادراكه للآخرين، وهو ما يجعله يحول طاقة التواصل من  الخارج( الواقع الخارجى والآخرين) الى الداخل الى نفسه. وأطلق باتسون على هذه العائلات “أنظمة التواصل المرضية”.

والواقع أن الحياة زاخرة بالمواقف التى يمكن أن تكون مزدوجة الالزام لدرجة تجعلنا نتساءل عن أهمية هذه المواقف فى احداث الفصام بالذات. فالطفل الذى تطلب منه أمه أن يقترب منها ليقبلها وهو يعلم أنها سوف تضربه يعيش نفس لحظات التمزق التى عاشها الشاعر أبو فراس الحمدانى عندما قال

يقول أصيحابى الفرار أو الردى                        فقلت هما أمران أحلاهما مر

وكلاهما يعيش موقفا شبيها بموقف المقاومة الفلسطينية وهى ترغم بالقوة على الاعتراف باسرائيل مع ما يعنيه ذلك من الغاء للهوية والابادة الوجودية.

ولكن ربما كانت الخطورة الحقيقية لهذه المواقف المزدوجة الالزام هى فى حدوثها مع الأطفال فى سن مبكرة، حينما يكونون فى مواقف اعتمادية متلقية من الكبار، وبدلا من الوضوح والصراحة يتلقون نوعا من الغموض والاحباط. وربما كانت خطورتها أيضا متوقفة على لحظات حياتية معينة يتم أثناءها” طبع” العقل بأنماط السلوك المتداولة.

المهم أن لانج حاول اجراء بحث مماثل لبحث باتسون وزملائه، فجمع فى عيادة تافستوك أحدى عشرة فتاة فصامية وعائلاتهن، بهدف مقارنة أنماط التواصل داخل هذه العائلات” الفصامية” بأنماط تواصل عائلات” غير فصامية”، تكون بمثابة” مجموعة ضابطة” كما جاء فى مقدمة الطبعة الأولى من ” سلامة العقل والجنون والعائلة”(1964) .

وفعلا قام لانج بالاشتراك مع استرسون باجراء الجزء الأول من هذا المشروع، وهو الخاص بفحص العائلات الفصامية. ولكنه توقف عند هذا الحد ولم يجر البحث الخاص بالعائلات غير الفصامية. ثم أعلن فى مقدمة الطبعة التالية من هذا الكتاب أنه لا جدوى من بحث هذه المجموعة الضابطة بدعوى أنه لا يريد اثبات نوع معين من أنماط التواصل، بل يريد اثبات أن السلوك الذى يبدو غريبا وغير مفهوم( بقصد السلوك الفصامى) تزول غرابته ويصير مفهوما ومعقولا اذا أخذنا فى الاعتبار النسيج والموقف العائلى الذى حدث فيه .

والقارئ لكتاب لانج واسترسون “سلامة العقل ….” المذكور يلاحظ أنه بخلاف الصورة الاكلينيكية المختصرة التى يقدم بها المؤلفان كل حالة من حالات أولئك الفتيات والمأخوذة من واقع الملفات وتقارير الأطباء النفسيين الذين قاموا بفحصهن، أقول بخلاف هذا لا يجد فى كلامهن أية عبارة تدل على اضطراب التفكير أو الوجدان أو النزوع كما فى الفصام.

 بل وهن كثيرا ما يبدون أكثر ذكاء ولماحية وعقلا من أبائهن وأمهاتهن. وعبثا تحاول أن تفهم لماذا حجزت فتيات مثل مايا ولوسى وكلير وسارة وروبى وجون وروث وجين ومارى وهاديل واجنيس فى المستشفى، الا اذا افترضت – كما يريد لانج أن يوحى لنا – وجود اتفاق مسبق بين الأطباء النفسيين وأولياء أمور أولئك الفتيات على احتجازهن فى المستشفى.

الحركة المضادة للطب النفسى:

يعتبر لانج فى بريطانيا، وزاس فى أمريكا، من أشهر الأطباء النفسيين الذين انقلبوا يهدمون تخصصهم ويقوضون دعائمه، ولا أعرف أن كان من الممكن اعتبارهم مع ذلك أطباء نفسيين، أم ينبغى وضعهم ضمن زمرة الثائرين والمحتجين على كل شئ فى عالمنا المعاصر وماأكثرهم.

 وأعضاء هذه الحركة يرفضون ” النموذج الطبى” للاضطرابات النفسية، اى يرفضون اعتبار الاضطرابات النفسية أمراضا، ويرفضون بالتالى كل ما يتصل بذلك من أساليب التشخيص والعلاج الطبى والحجر فى مستشفيات. واستبدل كثير منهم بهذا النموذج الطبى” نموذجا اجتماعيا” يقول بأن الاضطراب النفسى تعبير عن تعقد الحياة المعاصرة. وربما كان لانج الوحيد الذى تبنى نموذجا “صوفيا”، أو ما عرف باسم” النموذج السيكدلكى” للذهان. اذ يرى – كما ذكرنا – الفصام مرادفا للخبرة الصوفية .

ومن المراجع الأثيرة عند كتاب هذه الحركة كتاب “البيمارستانات” لعالم الاجتماع الأمريكى ارفنج جوفمان، الذى أمضى سنة – متنكرا كمساعد ممرض – فى أحدى المستشفيات النفسية الضخمة(7000 سرير) بالقرب من واشنطن. واستطاع بفضل هذا المركز المتواضع أن يعايش أدق تفاصيل الحياة والمشاكل اليومية لنزلاء المستشفى. وكتب ينتقد هذه المؤسسات واشباهها كأنظمة اجتماعية ضارة، تلغى كيان نزلائها وتفقدهم احترام المجتمع لهم كأشخاص، وتفرض عليهم – ربما مدى الحيا – القيام بادوار المرضى والمجانين فاقدى الأهلية والمسئولية .ولاحظ جوفمان أن النزيل يتقمص بالتدريج الدور المطلوب منه، والمفروض عليه، وينحدر بالتدريج الى نوع من الوجود الهلامى فتفقده الجماعة الانسانية الى الأبد.

يؤكد لانج هذا، ويؤكد جوفمان فيما ذهب اليه من أن جانبا كبيرا مما نتصور أنه سلوك “مرضى” وغير مفهوم يصير طبيعيا ومفهوما لو أخذنا فى الاعتبار الموقف العائلى والاجتماعى الذى حدث فيه.” فعندما يجد الانسان نفسه فى زنزانة مغلقة، جائعا وعاريا ومحروما من صحبة الاخرين ومن وسائل التعبير المختلفة، ربما لجا الى التعبير عن احتجاجه بتمزيق ملابسه أو أغطية فراشه، أو الوسائد التى ينام عليها، أو حتى بالكتابة ببرازه على جدران الزنزانة…”.

 واثارت هذه الدراسات الراى العام، واعيد النظر فى نظام المستشفيات العقلية الكبيرة، واغلقت عدة دول بعضها، واستبدلت بها مستشفيات نهارية وعيادات ضغيرة، منتشرة فى المستشفيات العامة والأحياء المختلفة.

وحتى تلك المستشفيات الكبيرة التى بقيت تطورت الخدمات بها. وفتحت أبوابها وزنزاناتها، وأصبح المريض النفسى حرا  فى  الدخول والخروج وقتما أراد. ولوحظ بالفعل انخفاض عدد النزلاء بالتدريج – وربما كانت هناك عوامل أخرى عديدة لذلك – واخذت النظرة العامة للاضطراب النفسى كوصمة تتغير ببطء.

ولكن يبقى اكبر مآثر هذه الحركة فى اعتقادى وهو تأكيدها ضرورة استمرار هذا” النموذج الطبى”، وضرورة تطويره المستمر ومنع استغلاله.

المراجع

(1) Collier, A. (1977) R.D.Laing: The philosophy and politics of psychotherapy. Sussex, England, The Harvester press, Ltd.

(2) Friedenberg, E.Z (1975) Laing. Glasgow, Fontana: Collins.

(3) Goffman, E (1961) Asylums: Essays on the Social situation, mental patients& other inmates.U.K. Pelican Books.

(4) Laing, R.D. (1960) The Divided Self. London, Tavistock.

(5) (1964) Santiy, Madness and the Family. London, Tavistock.(And in Pelican books 1976).

(6) (1967) The politics of Experience. New York, Ball anatine books.

(7) (1970) Knots. U.K, penguin books.

(8) (1976) The Facts of Life. U.K, penguin books.

(9) Sedgwick. P. (1971) R.D.Laing: Self, symptom and society, in Laing and Anti-psychiatry, Eds: Boyers, R& Orrill, R.U.K, penguin books.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *