يناير 1982 – الافتتاحية

مجلة الإنسان والتطور

عدد يناير 1982

الافتتاحية

أ.د. يحيى الرخاوى

وهذه هى السنة الثالثة – تصور!!

وما زلنا نصدر، ولعلنا لم نتقدم كثيرا، ولكننا ايضا لم نتأخر أصلا، وإن كانت الفائدة الأكبر هى أننا نتعرف على أنفسنا وامكانيات عطائنا من خلال الممارسة، فهل ياترى تعرف القارئ علينا؟ نحن نأمل أحيانا – أوغالبا – فى أن نعرف أنفسنا من خلال معرفة القارئ لنــا، ولكننا نفتقر بشدة الى بريد يعرفنا ماذا نفعل، ومن نخاطب، حقيقة أن النادر الذى يصلنا يطمئننا ،لا بالمديح ولا بالتصفيق فهذه أمور لا تقدم وقد تؤخر، ولكن بالحديث على نفس الموجة التى نظن انها تحتاج لضبط المؤشر ضبطا معاينا دقيقا، ومن أهم الأمثلة لهذا الحوار المطمئن خطاب ضيف جديد على باب الحوار، أرسل لنا مسودة خطاب كتبه من الدقهلية بتلقائية مثيرة ومتحدية أحسسنا من خلاله أن المسالة كما نتصور وأكرم…… من أجل هذا أساسا…..سوف نستمر .

وقد تهدد صدور هذا العدد – كالعادة – لندرة المادة الصالحة لذا سمحنا بالاطالة فى الباب الخاص بالتفسير الأدبى للنفس مفضلين الا نجزئ الموضوع على أعداد متتالية، آملين ان تغطى هذه الدراسة ما نتميز به بوجه خاص .

وما زالت القضايا المطروحة تدور بأمانة شديدة حول قضية المعرفة وصعوبة المنهج، ويبدو أن هاتين القضيتين سوف تحددان رسالة المجلة جزئيا، كما يبدو أن ما تتناولانه من دلالات وما تؤثران فيه من مظاهر يتخطى بالضرورة مجرد كونهما قضيتين نظريتين لم تحلا، لأنه من خلال التناول الشجاع واعادة التناول، يمكن للقارئ الأمين – دون تخصص – أن يشاركنا الحيرة الجادة، وأن يخف تعصبه المسبق، فتستيقظ العقول، ويتحرك الوعى من جديد، وكأن هذه المجلة تسير فى طريقين متوازيين متكاملين فى آن، فهى اذ تقدم ببعض المعلومات العلمية(وشبه العلمية) تدعو الى الجهل السقراطى حفاظا على دفع المسيرة.

وها هو د.السماحى هذه المرة يفتح ملفا جديدا يكاد يزعج طمانينة الحس السليم مرتين: الأولى وهو مطمئن الى قدرته والثانية وهو راض بالتعميم الذى يوفر عليه تناول مفردات الظواهر واحدة واحدة، ومع مرارة الازعاج سواء كانت النتيجة رفضا أو قبولا فان الرسالة تصل الى وعى شريف أنه: فى الأمور أمور …. ولنتحرك والا …….

وتصلنا محاولة بكر من عقل مغامر سبق أن حل ضيفا على صفحات هذه المجلة بقصته القصيرة(الطوفان)، وهو يحاول هذه المرة أن يتأمل فى طبيعة المعرفة ربما داخل نفسه(ليس استبطانا بالضرورة) فاذا به يرعب من مخاطر النقلة ما بين المنظومة التى نولد بها….. وتلك التى نسعى اليها أو تسعى الينا، تلك النقلة المهددة بالجنون والواعدة بالنبوة معا، فيحاول بتلقائية شابة أن يرى من خلال رعبه وأمله معا حلا ممكنا، ونحن لا نستطيع – ولا نريد ولا نطلب – أن نحكم على مثل هذه المحاولات، ولكننا نطمئن الى حركة العقول الشابة أخطات أم أصابت، لأن الاستمرار هو الضمان الوحيد لمزيد من الصواب على الحساب الخطأ .

وتستجيب وفاء خليل للدعوة التى طرحناها فى العدد السابق لمن أسهم فى ندوة الجمعية الخاصة بالغائية أن يدلى بدلوه ردا على مقال د. السماحى حول هذا الموضوع، ولكنه لا يرد بل يقتحم الدار من باب آخر، وبايقاعه السريع المثير متعدد المستويات، يقلب فى وثبات واثقة صفحات الفن والدين والوعى والتواصل والاغتراب والمرض النفسى والتواصل مع الآخر، ولكننا نستطيع أن نتبين الخط الواصل بين كل هذه النقلات فى وضوح يطمئننا الى صدق المحاولة، ويدعونا الى الحذر من تجزئ عقلنا تحت دعوى التخصص أو النزعة العملية أو الانغلاق الطقوسى أو دعة الغيبوبة.

ورغم التأكيد الذى يصلنا بعد كل عدد على أهمية القسم الثانى فى مجلة فانه قد تضاءل هذه المرة بلا تقصير من جانبنا، فاذا كنا نستطيع أن نحدد مواضيع وصفحات القسم الأول الملتزم بالفكرة والعلم والتنظير، فاننا لا نملك فى الجزء الثانى الا( حسن التلقى)، فماذا نحسن اذا لم نتلق أصلا (1)؟ وقد حاولنا ان يأخذ الحوار – وهو من أكثر الأبواب تقبلا لدى القارئ كما يبلغنا – حقه وأكثر آملين دائما فى اتساع الدائرة .

يا قارئنا العزيز الذى لا نعرفك ….. خطوة أخرى حتى نستمر .

****

ملحوظة : اعتاد( التحرير) اذ يضطر لرفع سعر مجلة ما …….. أن يقدم مبرراته واعتذاره للقارئ، ولكنا لا نجد مكانا لذلك، اذ نتصور أن قارئنا بالذات يعرف مانحن فيه دون أن نقوله……

[1] – بعد كتابة هذه الافتتاحية – وأثناء إعداد التصحيح –  تلقينا ما غطى هذا النقص، فشكراً، وعذراً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *