الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد أكتوبر 1981 / أكتوبر1981-فيلهلم رايخ Wilhelm Reich د. مرقص عوض

أكتوبر1981-فيلهلم رايخ Wilhelm Reich د. مرقص عوض

فيلهلم رايخ

Wilhelm Reich

د. مرقص عوض

هو واحد من أشهر الأسماء المرتبطة بحركة التحليل النفسى، وهذا المقال عرض سريع لأهم الأحداث فى حياته المضطربة، والتى انتهت بموته فى السجن عن ستين عاما، يلى هذا موجز لأهم أفكاره التى أتهم بسببها بالجنون، والتى دفعت حكومة الولايات المتحدة الى حرق كتبه بعد وفاته(؟)………..

****

(لايعيش انسان عظيم عبثا، فما التاريخ الا قصص حياة هؤلاء العظماء…..)

توماس كارلايل

(الحب، والعمل، والمعرفة: هى ينابيع الحياة، وهى التى يجب أن تهيمن عليها)

فيلهلم رايخ

(هل يعرف احدكمو ما يحمل داخله من جنة……….؟

هل يقدر أى منكم أن يمضى وحده…… لايذهب عقله؟)

يحيى الرخاوى

يلف حياة الطبيب النفسى فلهلم رايخ (1) (1897 – 1957) جو غامض أشبه بالاساطير ،بين أشياع واتباع يرتفعون به الى درجات تقترب من التقديس والنبوة، وبين معارضين ومناهضين يهبطون به الى حد التشكيك فى عقله وسلامته. والعجيب هو أن نفس المواقف والاحداث ونفس الافكار والكلمات هى هى التى يستند اليها كل فريق من هؤلاء فى دعواه وليس المهم ان نكون معه أو عليه، ولكن المهم ان نتعلم منه ومن محاولاته، سواء التى اصابت أو التى خابت، فكلنا فى الحيرة سواء، وكلنا امام اسرار العقل والنفس الانسانية: اطفال نلهو كأنما نحاول ان نرى من خلال ثقب ابرة صغير(هو عقلنا) كونا شاسعا ممتدا، وأن نلم بجوانبه ونفهمه، بل ونتصوره ونضع النظريات والقوانين التى تفسره على اساس المعلومات الجزئية القليلة التى نحصل عليها ونظن أنها حقائق عظيمة، وتثبت لنا الايام دائما انها غير ذلك.

ولقد حاول رايخ ان يشعل لنا شمعة، وكانت له وجهة نظر حاول توضيحها بقدر استطاعته ودافع عنها بشجاعة. ولكنه كان كمعظم اصحاب الرؤى الجديدة: عنيدا ومبالغا، يكاد لايرى صوابا سواها، كما كان الناس حوله، كدأبهم فى كل زمان ومكان، يطاردون مشعلى الشموع ويمسكون بتلابيبهم، مؤثرين السلامة وراحة البال عن عناء البحث وحيرة السؤال.

فهذه الرؤى الجديدة اذا كانت على درجة من الاصالة والعمق فانها قد تزلزل اركان النظم الاجتماعية والسياسية القائمة، ومن هنا يتصدى لها ولأصحابها المجتمع كله، خصوصا اذا كان غير مستعد للتغيير أو الانتقال. فيرفضهم ويحاول التخلص منهم بشتى الطرق ومنها ان يتهمهم ويستعين بأهل العلم والخبرة ضدهم. وأصبح الأطباء النفسيون مع الأسف – على الأقل فى بعض اليلاد وبعض الظروف – اسلحة فى قبضة المجتمع أو النظام الاجتماعى والسياسى يوجهها ضد من يشاء، وياخذ(تشخيصاتهم) و( تقاريرهم) على أنها اتهامات وقرارات نهائية، ينهى بها خصوماته ضد هؤلاء(المقلقين)، مستأنفا راحته الآسنة، رغم ان معظم هؤلاء الأطباء يعترفون بقصور نظرياتهم، ونسبية أحكامهم (3)

****

ورايخ نمسوى الأصل، من عائلة يهودية غنية، ولكنه كان يهوديا بالاسم فقط. نشأ فى مزرعة شاسعة يملكها ابوه فى بكوينا بهنغاريا( التى كانت وقتئذ تتبع الامبراطورية النمسوية) ولكنه قضى طفولته – التى قلما حدثنا عنها – وحيدا، اذ لم تسمح له اسرته الغنية وثقافتها ولغتها الالمانية بالاختلاط باطفال الفلاحين الهنغاريين اواليهود الوطنيين الفقراء(العبيد) المتكلمين بالييدية والاوكرانية. بل وابعدته ايضا عن اخيه الوحيد الذى كان يصغره بثلاث سنوات، ربما لأسباب تتعلق بالتعليم.

وقد كان لهذه النشاة الريفية آثارها، فالى جانب تعلمه الزراعة والصيد وركوب الخيل وتربية الاغنام وادارته للمزرعة بنفسه فترة ما، نلمس لدى رايخ دائما احساسا عميقا بالطبيعة وانه قريب منها فى افكاره.

والحقيقة ان حياة رايخ سلسلة من المحن القاسية، تبدأ فى 1911 – وكان عمره14سنة – بانتحار امه، وكان شديد التعلق بها، ويبدو انه كان سببا فى ذلك: اذ اخبر ابيه بأنها على علاقة بمعلمه الخاص. وبعد ثلاث سنوات يموت الأب متأثرا بالسل الرئوى. فيتولى رايخ شئون المزرعة. ويقوم باعمالها حتى تتحول الى ساحة قتال سنة1916، فيتركها مضطرا ويلتحق بالجيش النمسوى، ويرقى فيه الى درجة ضابط.

وتتقلص الامبراطورية النمسوية بعد هزيمتها وتقسيمها فى نهاية الحرب الى دويلة صغيرة فى وسط أوربا، وتضيع خارجها حدودها الجديدة الضيقة بلاد كثيرة، من بينها جاليسيا: وهى البلدة التى ولد بها رايخ، وبكوينا: حيث المزرعة واملاك اسرته.

وهكذا نراه بعد الحرب وقد فقد كل شئ تقريبا: امه،ابيه،أملاكه، وطنه ومسقط رأسه الذى قدر له الا يعود اليه ثانية بعد ذلك.

ولكن رايخ لم يفقد شيئين هامين هما ارادته الصلبة، وطموحة الكبير ففى نفس السنة التى انهت الحرب(1918) نراه يلتحق بمدرسة الطب جامعة فيينا ويقرر التخصص فى الطب النفسى وفى 1920،وهو لايزال طالبا،يقبل كعضو فى جماعة التحليل النفسى تحت أشراف سيجموند فرويد.

كانت حركة التحليل الفنسى وقتئذ تحبو فى المهد وتحتاج لأيد عاملة لا يتوفر الوقت لاعدادها. فكان فرويد يستعين بكل من (هب ودب) ممن يعرفهم ليعاونوه وكان يرسل الحالات التى تحتاج إلى تحليل نفسىإلى أطباء مبتدئين مبتدئين. أوطيلة بكلية الطب (وكان هذا دائما مثار نقد لفرويد) ولكنه كان مضطرا الى ذلك (3)

وأثبت رايخ كفاءة عالية فيما وكل اليه، لا فى نتائج العلاج فحسب، بل وفى تمكنه من نشر ثلاثة أبحاث عن التحليل النفسى، وبحث عن الجنس، خلال السنوات الثلاث التالية.

ولمدة 6 سنوات (1924-1930) كان رايخ رئيسا لمؤتمر العلاج بالتحليل النفسى فى فيينا، وكان لمحاضراته التى القاها فى هذه الفترة اثر كبير فى بلورة تكنيكية التحليل. ولا زالت حتى الآن تعتبر من المراجع الاساسية فى هذا الباب.

وعندما اشترط فرويد ضروة اجتياز كل مشتغل بالتحليل النفسى بمرحلة(المريض) والخضوع شخصيا للتحليل(وقد قام فرويد تحليل نفسه كما هو معروف)، طلب رايخ من فرويد أن يحلله، ولكن فرويد رفض(1927، وهى نفس السنة التى اصدر فيها رايخ كتابة(وظيفة الاورجازم)مما اضطر رايخ الى الاستعانة بآخرين ولكنه لم يكمل تحليله فى المرة الاولى وكانت فى فيينا، ولا فى الثانية وكانت فى برلين سنة1930، لأن الطبيب الذى كان يحلله تركه فجأة وسافر الى أمريكا، حتى دون ان يكلف نفسه اخطار رايخ بذلك. وكان رفض فرويد خنجرا أصاب قلب رايخ، ولا نعلم سببا محددا لهذا الرفض، ولكن الأرجح أن يكون بسبب الخلاف العملى الذى كان بينهما حول مسألة الطاقة الجنسية Libido أوما يعرف بنظرية اللبيدو. وقد طلب فرويد من رايخ مرارا ترك البحث فى هذا الموضوع ولكن رايخ كان يرفض وربما كانت هناك اسباب أخرى كضيق وقت فرويد، أو كنتيجة للجهود الخبيثة التى كان يبذلها بعض المحيطين بفرويد للتقرب منه على حساب طعن وتشويه الآخرين المهم أن رايخ اعتبر هذا الرفض شخصيا له، مما سبب له ألما واكتئابا شديدين مما استدعى دخوله احدى المصحات النفسية فى سويسرا لبضعة أشهر.

كما بدات أعراض مرض السل الرئوى تعوده منذ ذلك الحين، وأخذت صحته العامة فى التدهور المستمر (4)

وتجذب السياسة رايخ،فينضم الى الحزب الشيوعى النمسوى سنة1928، ويكون مع أربعة أطباء نفسيين وثلاثة أطباء توليد(الجمعية الاشتراكية للابحاث والاستشارات الجنسية)،وفى1929 يزور روسيا، وينشر فى موسكو كتاب (الديالكتيك المادى والتحليل النفسى)، وفى السنة التالية ينتقل الى برلين ويؤسس ما يعرف بـــ German Association For proletarian Sexual politics الذى كان من أهدافه: اباحة الاجهاض والجنسية المثلية ونشر كافة المعلومات الخاصة بوسائل منع الحمل. كما ألقى عدة محاضرات فى عيادة التحليل النفسى وفى كلية العمال الماركسيين. ورغم كل هذا كان رايخ ينكر بشدة بعد ذلك أنه كان يوعا ولو ليوم واحد فى حياته.

وبمناسبة كتابه عن الديالكتيك المادى والتحليل النفسى، لم يكن رايخ الوحيد الذى حاول الربط بين الفكر الفرويدى والفكر الماركسى، ولكنه كان الوحيد الذى أدت أعماله وجهوده الى طرده من كل منهما: من الحزب الشيوعى سنة1932، ومن الاتحاد الدولى للتحليل النفسىI. P.A. سنة 1934.

ففى سنة 1933 تولى هتلر زمام الأمور فى ألمانيا بتكليف من الرئيس هايدنبرج وأخذ يطارد الشيوعين، فاضطر رايخ الى الهرب الى الدانمرك، وهناك نشر كتاب The Mass Psychology of Fascism ، فطرد على أثر ذلك من الحزب الشيوعى. وفى نفس السنة أصدر الطبعة الأولى من كتابه الشهيرCharacter Analysis أما طرده من الاتحاد الدولى للتحليل النفسى فكان سنة1934، عندما أرسلت له آنا فرويد وكانت سكرتيرة للاتحاد، رسالة تخبره فيها اضطرارها الى استبعاد اسمه من قائمة الاعضاء، وتطلب منه أن يقدر الموقف، وان هذا لن يؤثر على شهرته أواسمه لأنه معروف لدى الجميع، وانها تنتظر رده. فأرسل لها يقول أنه لم يفهم الكثير مما جاء فى رسالتها، وما أهمية رده؟ الكى يعلن موافقته على الطرد؟ أما ان هذا لن يؤثر عليه فخطأ لأن غياب اسمه من قائمة الأعضاء سيفهمه الناس اما على انه استقال، وهذا ما لاينويه، واما أنه طرد، وهذا سيضره حتما واخبرها أنه يعترض على هذا الاجراء فردت عليه فى رسالة مقتضبة ان قائمة الأعضاء قد صدرت بالفعل وان اسمه لم يرد بها، وانه يمكن مقابلة د.جونز اذا كان لديه أى اعتراض.

ويقول رايخ أن سبب استبعاده خلاف بينه وبين فرويد حول آثار ونتائج التحليل النفسى الاجتماعية وكان فرويد لايعجبه الخوض فى المسائل الاجتماعية، وأيضا لأسباب شخصية بينه وبين عدد من الأعضاء ممن كانوا يحقدون عليه شخصيا بسبب تقدمه وتفوقه عليهم، ولخوفهم على أنفسهم مما يقول، لآن تركيب شخصيتهم العصابى لايتحمل وطأة الحياة الطبيعية التى كان يدعو اليها، رغم علمهم بصواب ما يقول.

والظاهر ان رايخ كان شخصا غير مرغوب فيه من جانب زملائه الأطباء النفسيين – بالضبط كما كان فرويد فى فيينا فى بداية حياته – وقد لاقى بالفعل من جانبهم مضايقات فى كل مكان ذهب اليه.

فبعد خروجه من المانيا (1933) ظل حوالى 6 سنوات يعيش بلا استقرار، متنقلا من الدانمرك الى السويد الى النرويج، بسبب هذه المضايقات، التى ازدادت حدتها بالطبع بعد طرده من الاتحاد حتى ترك اوروبا نهائيا الى أمريكا سنة1939.

ونتيجة لكل هذا العنت والاضطهاد التى توالت عليه، نرى رايخ يتقمص شخصية السيد المسيح، ويشبه نفسه به، يدعو الى الحب والتسامح، ويبشر بالسلام. ويؤلف كتابا عن السيد المسيح(قتل المسيح) (1953)، يعتبره فيه الشخصية الوحيدة التى على اتصال طبيعى بطاقة الأرجون الكونية، وتلك هى الشخصية المثالية فى نظره. وقد طبع هذا الكتاب على نفقته الخاصة، وكان يمنحه للنابهين فقط من تلاميذه.

وقد بدأ رايخ نشاطه فى أمريكا فى فرست هيلز، حيث أنشا مركزا للابحاث كان يموله من من دخله من عيادته، ثم انتقل الى نيويورك، وأخيرا استقر فى مينMaine حيث أسس فى رانجلىRangeley مركزا للابحاث خاص باكتشافه وأسماه الأرجونون Orgonon

واستمر فى عمله وأبحاثه حتى سنة 1954، عندما بدأت مشاكله القانونية مع الحكومة الامريكية فمنذ 1947 بدأت ادارة الغذاء والدواء فى الحكومة الامريكية باجراء بعض التحريات عن نشاطه الخاص بما أطلق عليه (صناديق الأرجون Orgone boxes أو مراكمات طاقة الأرجون Orgone Energy Accumulators وهى صناديق كبيرة تشبه أكشاك بيع السجائر، ذات جدران سميكة تتكون من عدة طبقات متتالية من مواد غريبة: صوف الصلب(وهو السلك المستخدم فى التنظيف) والصوف الصخرى(وهو مادة عازلة تصنع من الصخر المنصهر وصوف الزجاج) ويغلف الصندوق من الخارج طبقة من السيلوتكس.

ويوضع المريض داخل احد هذه الصناديق ويغلق عليه، ويبقى بها لفترات تختلف من مريض لاخر. ويتم العلاج عن طريق طاقة الارجون التى يقول رايخ انها مختزنة داخل هذه الصناديق ويقول الذين جربوا هذا النوع من العلاج أن المرء يشعر بالفعل شعورا غريبا يصعب وصفه وهو داخلها. وربما كان ذلك بسبب سوء تهويتها.

وصادف رايخ بعض النجاح، مما شجعه على التوسع فى عمل هذه الصناديق، ثم بدأ ينقلها من ولاية لأخرى. وهنا تدخلت إدارة الغذاء والدواء،ووجهت اليه سنة 1954 انذارا قضائيا بوقف انتاج هذه الصناديق، على أساس خطرها على الصحة العامة، وعدم وجود ما يثبت ادعاءاته عنها وعن تأثيراتها، وبسبب عدة شكاوى تلقتها من مرضى وأطباء نفسيين فى أمريكا.

وفى اليوم المحدد للنظر فى القضية لم يذهب رايخ الى المحكمة للدفاع عن نفسه، بحجة أن عمله وبحوثه(مسائل علمية) لاتدخل فى اختصاص القضاء. فحكم عليه غيايبا بالسجن لمدة سنتين للاستهانة بالمحكمة وعدم الحضور.

وفعلا يقبض عليه ويسجن سنة1955، وعمره58عاما. ولكن حالته النفسية تسوء فى السجن، ويشتبه طبيبه أنه مصاب بالفصام البارانوى، ومن ثم يرى تحويله الى سجن لويسبرج حيث امكانيات العلاج النفسى متوفرة. ولكن أطباء لويسبرج يعلنون بعد فترة الملاحظة أنه يتمتع بكامل قواه العقلية فيستمر حبسه الى أن مات بنوبة قلبية فى نوفمبر 1957.

وقد تزوج رايخ ثلاث مرات، الأولى من أحدى مريضاته فى فيينا وكانت طبيبة تدعى آنى روينشتاين وقد شاركته فى نشاطه العلمى وأبحاثه فى بداية حياته ، ولكنه تركها بعد ذلك ويقول: (لقد كانت مريضة، وكان لابد أن أتركها، ولم أفعل مثلما فعل فرويد، عندما ضحى بحياته الخاصة).

وكانت الثانية الزا لينبرج وكانت جميلة جدا، لدرجة أن بعض زملائه سعوا للتقرب منها ممن كانوا يتظاهرون كما يقول، بالسعادة والتوفيق فى حياتهم الزوجية، ولكنها كانت تخبره بكل شئ.

أما الثالثة فكانت ايلسى أوليندروف،التى كتبت كتابا عن حياتها معه، ظهر سنة1969تقول فيه عنه:انه كان شعله نشاط، يتميز بالحيوية الزائدة، وكثرة الحركة، وانه كان يدخن ويشرب بشراهة(لاحظ أنها تتحدث عن الفترة الأخيرة من حياته)، كان متجهما دائما قلما يضحك،ويفتقد تماما روح المرح. يقدس عمله الى درجة تقترب من العبادة الحقيقية، وكان لايطيق أحيانا كثيرة أن يتحدث معه فى شئ غيره. وانه كان يعانى من مرضين هما: السل الرئوى، والاكزيما(قد يكونا من الأمراض النفسية أولا يكونا)

وتقول زوجته أنه لم يكن ليرفع الكلفة أبدا بينه وبين من كانوا يعملوون عنده. مهما طالت مدة عملهم معه، باستثناء واحدة أو اثنين. فكان يناديهم دائما باسمائهم مسبقة بألقابهم العلمية، وكانوا هم أيضا يعاملونه بالمثل. وانه كان أقرب الى السذاجة فى الأمور الاجتماعية يكاد لا يفرق بين الدرجات العلمية فى أمريكا وأوربا، فكان يبالغ أحيانا كثيرة فى تقدير الوضع العلمى لبعض العاملين معه.

وتقول ايلسى أنه كان يميل الى الشك وسوء الظن، وانه كان شديد الغيرة رغم ازدواج اخلاقه الجنسية – كرجال العصر الفيكتورى – فبينما كان يصر على الاخلاص الكامل من جانبها(حتى أنه كان يجعلها تقسم على طهارتها وعدم خيانتها له) كان يبيح لنفسه الارتباط بعلاقات عاطفية دون علمها(5).

كتاباته وأهم أفكاره:

كان رايخ غزير الانتاج، ومازالت أغلب كتاباته بالالمانية غير مترجمة حتى الآن. والقليل الذى ترجم منها اما لم ينشر،أو نشر فى مجلات الارجونون التى أحرقتها حكومة الولايات المتحدة بعد وفاته، حين قامت ضده حملة شديدة استمرت نحو عشر سنوات.

ويقول مترجموه أن أسلوبه فى اللغة الالمانية معقد للغاية، مما يجعل فهمه أحيانا شبه مستحيل، هذا الى جانب صعوبة قواعد هذه اللغة أصلا. كما أن كتابته تتميز بالتكرار وبعدم تمكنه من صياغة ما يريد قوله بدقة، كل هذا يجعل ترجمته عملا عسيرا لا يتصدى له الا مناضل.

وكان من عادته أذا أصدر طبعة جديدة لأحد كتبه، ان يضيف كثيرا الى متن الكتاب ويحذف منه فقرات كاملة، ويعدل فى عباراته، حتى يصبح كتابا جديدا يحمل العنوان القديم ويحتاج هو الآخر الى ترجمة جديدة.

وتشعر وأنت تقرأ رايخ أن عقلا واحدا هو الذى يخاطبك، اذ تفتقر كتاباته الى روح الحوار مع العقول الأخرى. وحتى فى استشهاداته التى يسوقها بين الحين والحين، لا يذكر الأ مايؤيد آراءه. كأنه ما كان يقرأ ليتعلم ويضيف آفاقا الى وعيه من أفكار الآخرين ومعاناتهم بقدر ما كان يقرأ ليؤكد أفكاره هو نفسه. وكان كثيرا ما يلجأ الى(لى) الحقائق لتتسق مع آرائه.

وتتردد أيضا فى كتبه نغمة تنبؤية تأكيدية شبه صارمة، ربما هى المسئولة عن ارتباطه فى الاذهان بالنبى أو الثائر، أكثر مما كان حقيقة.

طاقة الحياة:

هى الفكرة الرئيسية عند رايخ ومفتاح باقى أفكاره. وهو مدين بها لفرويد (وكان رايخ لاينكر دينه العلمى لفرويد، ويعترف دائما بفضله عليه، وكان يحتفظ له بصورة كبيرة فى الارجونون) يقول فرويد(1894) ان هناك طاقة عقليةMental Energy تنتشر فى الجهاز العقلى بجزئيه الشعورى واللاشعورى، وهى المسئولة عن بعث الأفكار والذكريات، ولها كل خواص المادة والكمية من حيث الزيادة والنقص، والتركيز والانتقال والشحن…….الخ. وأعترف فرويد بعد تمكنه من قياسها مرحليا.

وفى1921 قسم فرويد الجهاز النفسى والعقلى الى 3 أجزاء: الهو والأنا والأنا الأعلى وأضاف أن هذه الطاقة العقلية توجد على صورتين:

صورة متحركة تميز العمليات العقلية اللاشعورية العشوائية غير المنظمة، وصورة مقيدة تميز العمليات العقلية الشعورية المنظمة. وكان فرويد يساوى بين هذه الطاقة العقلية والطاقة الجنسية( اللبيدو).

أخذ رايخ هذه الفكرة وراح يطورها، رغم معارضة فرويد لذلك وابتدأ من 1930 ركز رايخ جهوده لاكتشاف كنه هذه الطاقة، وأعلن بعد سلسلة من التجارب، أنه اكتشف نوعا جديد من الطاقة هو(طاقة الارجون) orgone energy أو الطاقة الكونية الأوليةPrimordial cosmic energy أو طاقة الحياةLife energy

وان هذه الطاقة تنتشر فى الكون وفى الكائنات فى نفس الوقت، ويمكن الاستدلال عليها بالترمومترات وعدادات جيجر مولر، بل ويمكن رؤيتها بالميكروسكوبات القوية( ولو أنه فى مواضع أخرى قال انها نوع جديد من الطاقة ولا يمكن الاستدلال عليه بالوسائل والأجهزة العلمية المتاحة).

ويقول رايخ أن هذه الطاقة توجد على صورتين: صورة حرة هى الارجونات orgones وهى فقاعات دقيقة للغاية تتميز بكونها نابضةPulsating وعديمة الكتلة.

وصورة مقيدة هى البيونات biones وهى فقاعات أكبر قليلا من الارجونات، تتميز بانها حية ومتحركة وان لها كتلة، وتلك هى الصورة التى ترى تحت الميكروسكوب.

والبيونات تتكون بتكثف عدد كبير من الارجونات، وبتجمع هذه البيونات تتشكل مختلف صور الكائنات الحية الدقيقة. هذه الكائنات تتميز بأنها نابضة لأن الارجونات

الوحدات الاساسية فى بنائها الحيوى – نابضة. ومن خلال هذه النبضات تنطلق الارجونات من أجسام الكائنات الى الكون، وتعود منه اليها، فى دورة مستمرة لا تتوقف الا بالموت. وتنتخ الكائنات الحية الارجونات باستمرار، وبكميات تفوق معدلات تفريغها خلال النبضات لذلك لزم ان تكون هناك وسيلة لتصريف هذا الفائض من الارجونات من أجسامها. ووجد رايخ إن هذه الوسيلة هى الاورجازم. فأثناء الاورجازم الحقيقى – كما يفهمه رايخ – يحدث تفريغ للكميات المتراكمة من الارجونات، ويستعيد الجسم توازنه بالنسبة لطاقة الارجون داخله وخارجه. أما تراكم هذه الارجونات بالجسم فخطر لأنه يدفعها الى الانطلاق خلال مسالك غير سليمة، على صورة اعراض وأمراض عصابية، أو أمراض نفسجسمية وبالذات على شكل أورام خبيثة، فما السرطان الا تعبير الجسم عن ركود طاقة الارجون داخلة لفترات طويلة دون تفريغ (7).

وكان رايخ فى علاجه لهؤلاء المرضى يهدف الى تحقيق نقطتين أساسيتين:

الاولى أن يعيد اتزان طاقة الارجون داخل الجسم بالاستعانة بصناديق الارجون، والثانية أن يعلم المريض الوسيلة الأساسية لتفريغ فيض هذه الطاقة من جسمه كلما شعر بذلك عن طريق الاورجازم الكامل والحقيقى.

الاورجــازم:

يرى رايخ أن الاورجازم ليس مجرد الاحساس بالاسترخاء وانكماش الأعضاء الجنسية بعد توترها قبل وأثناء القذف، ولكنه شئ أعمق من ذلك. أنه احساس ذاتى كلى( نفسى وجسمى) بالتفريغ والراحة والخلاص، بعد احساس كلى أيضا بالاثارة والتوتر والتفعم(الفيض امتلأ) والتفريغ الذى يقصده ليس مجرد السائل المنوى، بل تفريغ طاقة الارجون التى تنطلق من الجسم أثناء الاورجازم.

وهذه الارجونات المنطلقة من الجسم أثناء الاورجازم هى المكافئ الوظيفى للحب. كأن الحب ما هو الا طاقة الارجون المنتشرة فى الكون وفى الكائنات…. وما الارجونات الا جسيمات دقيقة نابضة من الحب، تدور فى دورة أزلية أبدية: من الكون الى الكائنات، ومن الكائنات الى الكون.

ولكن هناك طاقة أخرى فى الكون تعمل عكس طاقة الارجون، فهى مدمرة للحياة وباعثة للشر، هذه الطاقة هى الاشعاعات النووية المدمرة التى كان رايخ يشعر بتأثيرها المرضى عليه وعلى مرضاه.

ان مشكلة الانسان المعاصر كما يراها رايخ هى عدم قدرته على الاستمتاع بالأورجازم الكامل. مما يترتب عليه تراكم تدريجى لطاقة الارجون فى جسمة، وهذا يؤدى الى المرض النفسى والجسمى والى اضطرابات الشخصية. خصوصا تلك الميول السادية (الاستماع من خلال ايذاء أو تدمير الموضوع) التى ما عرفها الانسان فى تاريخه الا مؤخرا، والتى لا نجد لها أدنى أثر فى عالم الحيوان.

ولا شك أن كلام رايخ عن الاورجازم مكان يتصف بالجرأة والشجاعة، خصوصا فى تلك الفترة التى سبقت كنزى Alfred Kinsey (1894-1956) عالم البيولوجيا والاجتماع الأمريكى، والذى ظهر كتابه Sexual Behaviour Human Maher

سنة1942.وهذا فتح الباب على مصراعيه لاتهامه بانتهاك واستغلال مريضاته بالذات تحت ستار العلاج ، ولم ينكر هو اتصاله ببعضهن لأغراض علاجية وبرضائهن.

على أية حال، كان لكلامه هذا أيضا( وكان فى عشرينات وثلاثينات هذا القرن) أثر كبير كان من الأسباب الهامة التى أشعلت موجات الاحتجاج المتتالية بين الشباب فى امريكا وأوربا والتى كانت تندد بالحروب، وتدعو لمزيد من الحرية الاجتماعية والجنسية، وكان شعارها: (اصنع حبا لا حربا) من صميم أفكار رايخ.

فردوس الجنس:

اذا كان للاورجازم هذه الأهمية للصحة النفسية والجسمية، فما الذى يعوق الانسان دون بلوغ خبرة الاورجازم الكامل؟ للاجابة على هذا السؤال، وضع رايخ نظرية كاملة فى نظام الجنسSex – economy وهى نظرية فى السيكوباثولوجى ونقد المجتمع الرأسمالى والحضارة الغربية فى نفس الوقت.

فالطفل فى المجتمع الغربى كما يقول رايخ، ينشأ تحت وطأة ضغوط تربوية واخلاقية شديدة من خلال تسلط وتحكم أبويه او من يقوم مقامهما، فيحرم من حرية التعبير التلقائى الغريزى منذ طفولته، ويكتسب بالتدريج سلوكيات مظهرية كاذبة، ترضى ابويه ومجتمعه، ولكنها مجرد ستار أو قناع أو درع تختفى تحته سلوكياته الطبيعية الحقيقية. كأن هذا الارغام والقهر يحيط شخصيته الحقيقية بدرع خارجى Character Armour من السمات والسلوكيات المزيفة، وبمرور الوقت ينتج عن هذا الدرع النفسى المصطنع، درعا جسميا عضليا Muscular Armour يظهر على شكل توترات فى العضلات، وعدم القدرة على الاسترخاء، وأوضاع وحركات اسلوبية فى التعبير يمكن ملاحظتها بسهولة فى الحياة اليومية.

هذا الطفل المثبط، الذى فقد التلقائية والمبادأة منذ ولادته، المنضبط جدا، والمحكوم جدا ويواجه الحياة بدرع نفسى وآخر عضلى: هو انسان هذا العصر ذو الشخصية العصابية.

أما لو أتيح لهذا الانسان أن يعيش طفولته كما هى، بفطرته ووفق غرائزه، لصارت الحياة أكثر حرية وبهجة وابداعا، واختفت منها المشاكل الاجتماعية والأمراض النفسية والجسمية. ووضع رايخ نصائحه العملية لتطبيق نظريته هذه فى كتابين: (وظيفة الاورجازم) و( الثورة الجنسية).

وكأن السعادة فى الحياة لاتتطلب أكثر من أجادة الأورجازم والاستمتاع الجنسى. ونندهش حقيقة عندما نرى رايخ لا يلقى بالا أو يتجاهل صور من المعاناة الضروية والملازمة حتما للحياة. فلا يطرق أبدا موضوعات معينة مثل الشيخوخة ومشاكلها الحتمية، أو وعى الانسان بأنه سيموت والمأزق الذى يسبب له هذا الوعى.

وفى كتابه(غزو الأخلاق الجنسية القهرية) يستعين رايخ بعلم الانسان لتوكيد وجهه نظره ،ولكنه يلجأ الى(لى) الحقائق ويعتمد على كتاب مالينوفسكى B.Malinowski

العالم الانثروبولوجى الشهير (1884ـ1942) عن الحياة الجنسية عند قبائل التروبرياند البدائية، فى الجزر المعروفة بهذا الاسم شمال غرب ميلانيزيا

The Sexual Life of Savages in North Western Melanesia

وهى قبائل تتميز بنظام أسرى أموى من ناحية النسب Matrilineal ويقول رايخ أن المجتمع الطبيعى(يعنى الصحى) هو هذا المجتمع البدائى، الذى يتبع نظاما أمويا من ناحية السلطة Matriarchal بالمقارنة بالمجتمع الأبوى السلطة Patriarchal الذى نعرفه. والذى تنشتر فيه – بسبب السلطة الأبوية – الأمراض والاضطرابات والمشاكل. لأن المجتمع الأموى يمتاز من الناحية السياسية بخلوه من القهر والعنف، ويمتازمن الناحية الأخلاقية بدرجة عالية من السماحية والتلقائية فى السلوك الجنسى. وبسبب عدم تحكم الآباء ينشأ الأطفال بدون عقدة أوديب(8)، ولا يعرفون الكبت ولا الحرمان الجنسى. ولذا تسود هذا المجتمع السعادة والتلقائية والحرية والصحة.

وقد اخطأ رايخ فهم مالينوفسكى، لأن مجتمع التروبرياند، وان كان ينسب الأبناء للأمهات الا أن السلطة فيه ليست للنساء، فالرجال هم المسيطرون هناك على النساء والأطفال على السواء. والحقيقة ان فكرة المجتمع الأموى السلطة ليست الا(أسطورة انثروبولوجية) لا دليل على وجودها قديماً أو حديثاً كما أن مالينوفسكى لم يقصد من بحثه اثبات اية افتراضات اجتماعية تطورية (من مجتمع أموى هو الأصل الى مجتمع أبوى السلطة) كما فعل رايخ، بل كان هدفه توضيح مذهبه فى علم الانسان، وان تفسير سلوك وعقائد هذه المجتمعات على وجهها الصحيح لا يتأتى الا بتناول ثقافة هذه المجتمعات ككل.

العــلاج:

يرى رايخ أن علاج الاضطرابات العصابية والأمراض النفسجسمية (من بينها السرطان) والأمراض والمشاكل عموما، لايمكن الا بالتخلص من سببها الرئيسى فى نظريته وهو: تراكم وركود طاقة الارجون فى الجسم، بسبب عدم تفريغها فى الاورجازم، بسبب درع الشخصية النفسى وقرينه العضلى. لذلك كان هدفه من العلاج هو تحطيم هذه الدائرة الخبيثة بدءا بالدرعين الجسمى أولا ثم النفسى تمهيدا لاستعادة الاورجازم الحقيقى، ثم تعليم المريض طريقة التخلص من فيض طاقة الارجون بمجرد الاحساس بذلك وسمى رايخ هذا العلاج Vegetotherapy

يبدأ العلاج بأن يلاحظ المعالج توترا فى عضلة ما، أو مجموعة عضلات، أو وضعا معينا للجسم أو حركة أسلوبية يقوم بها المريض، ويوجه المعالج انتباه المريض الى ذلك. ويطلب منه ان يؤدى هذه الحركة اراديا، وأن يكرر ذلك، حتى تستنفد الحركة معناها، وتصبح مثار سخرية المريض نفسه. وبنفس الطريقة يتناول المعالج باقى مكونات الدرع العضلى.

والتحرر من هذا الدرع العضلى هو أصعب مراحل العلاج وأطولها، فاذا تم بنجاح وجد المريض ان جسمه أصبح أكثر حريه، وهنا تبدا المرحلة الثانية، وهى مساعدة المريض على التخلص من الدرع النفسى وهذا يتطلب علاجا نفسيا يعتمد على المواجهة المباشرة Encounter بين المعالج والمريض، وعلى طبيعة العلاقة التى تنشأ بينهما كشخصين حقيقين يعيشان نفس اللحظة معا وعلى تناول المعالج لشخصية المريض وتحليلها ككلcharacter analysis لا تحليل مجرد أعراض متناثره، أو تفسير بعض الأحلام المتفرقة، أو اختفاء المعالج كالشبح بعيدا عن انظار المريض كما فى التحليل النفسى.

فاذا تخلص المريض من درعه النفسى وجد أنه يعبر عن رغباته بسهولة، وان جسمه يستجيب لكل ما يعن له، وسرعان ما يدرك تلقائيا السعادة الحقيقية فى خبرة الاورجازم الكامل ويستشعر الصدق مع ذاته الحقيقية الطبيعية التى فقد اتصاله بها منذ زمن بعيد.ويشعر أنه متصل بالكون كله من حوله، وان سعادته كونية لا نهائية.

كلما شعر بتراكم طاقة أرجونية داخل جسمه أسرع بالتخلص منها فى اورجازم.

وقد لاقت طريقة رايخ العلاجية هذه نجاحا وشعبية،ولكنها كانت فيما يبدو مرتبطة بشخصه هو نفسه أكثر مما كانت تعتمد على الاطار النظرى الذى بنيت عليه، بدليل أن أحدا من تلاميذه لم يبلغ مبلغه نجاحا أو ثروة أو شهرة.

ولكننا نستطيع أن نلاحظ بسهولة أثار أفكار رايخ – سواء فى مرحلة العلاج الأولى أو الثانية على مدارس نفسية كثيرة كالوجودية ومدارس المواجهة والتعاقد كما نراها فى كتابات بيرلزF.Perls ولانجR.D. Laing وماى R.May ولكننا نستطيع ان نلاحظ بسهولة وغيرهم.

المــراجع:

:References

  • * Rycroft, C.(1971) Reich Gr Br Fontana: Collins
  • * Reich W. (1975) Reich Speaks of Freud(Ed. Higgins) Penguins
  • * Reich W. (1975) The Invasion of Compulsory Sex-Morality.Peng
  • * Reich W.(1975) Listen, Man.Peng.
  • * Reich W.(1975) The Mass Psychology of Facism.Peng.
  • * Solomon, P.&Patch,V.D.(1974)Handbook of Psychiatry

.3 rded.Lang Medical publ. California.

-الرخاوى (يحيى) (1979) دراسة فى علم السيكوباثولوجى. القاهرة – دار الغد للثقافة والنشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *