الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد ابريل 1980 / ابريل1980-قرع الأبواب فى سير الأحباب سيرة: عبد الرحمن أخناتون

ابريل1980-قرع الأبواب فى سير الأحباب سيرة: عبد الرحمن أخناتون

قرع الأبواب فى سير الأحباب

سيرة: عبد الرحمن أخناتون

الصوفى الأول

تأليف: محمد جاد الرب

حوار: د. يحيى الرخاوى

الحلقة الثانية:

التكثيف……. والصور المفككة

ملخص ما نشر

 هذا كتاب فى حلقات, أو بتعبير أدق هذه حلقات قد تصنع كتابا, ويمكن اعتبار كل حلقة قائمة بذاتها,  وهو مدخل لما أسميناه: الحكمة الملقاة على قارعة الحياة وهى محاولة لمعرفة المسار المشترك بين المرض والإبداع, ونقط التفرع ثم وجه الاختلاف, وهى فرصة لرؤية المعاناة القاسية بعد انحراف المسار, وأخيرا هى باب, يفتح على تاريخ مصر.. فوق درب التوحيد نحو وجه الله.

وفى الحلقة الأولى تناولنا اسم الكتاب وكلمة الكتاب, وطغيان الكلمات لذاتها فى ذاتها.

واذا كان التبرع بالجسد للتشريح بعد الوفاة (لطلبة الطب والابحاث) هو من أكرم ما يتصف به بعض العلماء والبشر الذين يحبون العلم والناس, فإن الصديق محمد جاد الرب قد فعل ما هو أعظم وأكرم إذ تبرع بعقله للتشريح وهو على قيد الحياة دون تخدير أو إعداد, فى وقت نشعر فيه بالعجز الكامل عن مد يد المعونة اليه.

لك الله ياصديقنا المتالم…. وحفظ الله مصر التى تحبها, وأسهم تطوعك هذا فى انارة الطريق لبنيها, ولربما يكون هذا هو الأمر الوحيد الوحيد الذى يكافئ مافعلت… و.. ويطمئنك.

وفى هذه الحلقة سنتناول أساسا ظاهرة التكثيف والهلوسة كما وردت فيما تناوله الكاتب تمهيدا لما سيأتى من إهداء (أ.. ت).

الاهـداء

لكل كتاب إهداء, والذين يعنون مايكتبون ويعرفون للكلمة حقها لابد وأنهم قد وقفوا طويلا قبل أن يخطوا تلك الكلمات القليلة التى يهدون بها كتبهم لمن يستحقها (أو من يتصورون أنه يستحقها) فالإهداء أقرب ما يكون إلى أدب التوقعات أو أدب التذييل, ولو جمع أحد المهتمين بالأرقام والإحصاء إهداءات مختلف أنواع الكتب وصنفها, وحدد أشخاص المهداة إليهم, لأمكنه -بشكل ما- أن يتعرف على ملامح فكر بذاته فى عصر بذاته, أو على ملامح العصر مباشرة بدرجة لا بأس بها فى الأغلب.

وصديقنا جاد الرب حين يهدى كتابه لايكتفى بكلمات قليلة كالمعتاد ولكنه ينطلق فى إهداءاته بتقديم هائل (هو موضوع هذه الحلقة), ثم بتعداد للمهدى إليهم دون تفضيل, ثم يترك الأمر للقارئ يختار أيهم يستحق الإهداء وكأنه يؤجل الأمر برمته إلى الطبعة التالية (!!), ورغم أننا مازلنا فى مرحلة الإهداء إلا أننا سنرى صديقنا جاد الرب بمجرد أن يعلن نيته فى “الاهداء” يتركه جانبا ويمضى يحكى فى تسع صفحات بالتمام والكمال كلاما ليس له علاقة, مباشرة أو ظاهرة, بالإهداء (أنظر المتن), ذلك أنه بمجرد أن يهم بالأهداء تقفز إليه روح هنرى بريستد مباشرة تطالب بمؤتمر شهر توت, لكن إذاعة مونت كارلو الحقود الدساسة لاتترك روح هنرى بريستد تعلن المطالبة بالمؤتمر المذكور لأنها تنطلق تشهر به وبمرضه إلى آخر ما سنرى, ورغم كل ما جاء فى النص فإن الخطاب الذى أرفق به هذا الكلام كان واضحا أنه يعنى الإهداء فعلا, يقول فى هذا الخطاب:

“الاستاذ الدكتور عبد الحكيم نور الدين[1]

فكرت فى تحرير كلمة الاهداء التى هى لافتة معتادة فى صدر أى كتاب وإذا بالتفكير يقودنى إلى كتابة الكلام المرفق, أرجو نشره بعد المقدمة مباشرة[2], وقبل الدخول إلى الفصل الأول والخاص بنشيد الشمس وشكرا ألف شكر

توقيع: محمد جاد الرب

إلا أنه بعد التسع صفحات الأولى بدأ يعدد الإهداءات, ولما كان تحركى فى ترتيب النص (المتن) يتم فى أضيق نطاق فقد فضلت أن أورد فى هذا العدد هذه التسع صفحات باعتبارها على أحسن الفروض مقدمة الإهداء (!!!).

فطريقتى فى الحوار والتعليق هذه المرة سوف تتبع أسلوب إيراد النص كاملا بادئ ذى بدء وبخط يد المؤلف حتى يستطيع القارئ أن يتتبع بنفسه مسار تفكيره مستقلا عن تعليقى, ثم يأتى تعليقى بعد ذلك اجتهاداً مفردا من وجهة نظر محدودة, وللقارئ أن يخرج بما شاء, كما هو عهدنا منذ البداية

الإهداء..

روح هنرى برستيد تطالب بمؤتمر شهر توت

فاجأتنى نشرة أخبار السابعة فى إذاعة “مونت كارلو” العربية بهذا النبأ التالى:

–     دكتور.

–     عبد الحكيم” يكشف عن الأمراض النفسية التى تعشش فى أعصاب أدباء القرية المصرية وعلى الأخص فى أعصاب الكاتب محمد جاد الرب”

–     قذفت بالراديو بعيدا ورحت أتدبر الموقف فاكتشفت أن هذا المرض النفسى لم يستول على فؤادى إلا من بعد أن شاهدت كمسارى سكك حديد مصر يضرب بالبوكس صبيا فى الثانية عشرة من العمر وكنا بالليل.. سال الدم من أنف الصبى ولم يكن هناك سبب على الإطلاق سوى أن الصبى قد نسى نفسه وراح بكلمة لطيفة يجامل الكمسارى كابن يحاور أباه “الكمسارى كان ضخما ومشهوراً بالإجرام بين زملائه وبين الركاب “سال الدم وحزنت تماما وكدت أقذف بنفسى من القطار فأنا لا أملك سوى أن أقذف بنفسى من القطار ولم لا وأنا لو فتحت فمى سوف يتهمنى هذا الكمسارى بالإعداد لمظاهرة لقلب نظام الحكم “بالفعل صاح الكمسارى فى وجوهنا بعد أن رأى الدم والصبى يتمزق ألما “ضبطت أنفاسى على الآخر فإذا بالشرطى الجالس إلى جوارى يبدأ فى تقريع الصبى وتهديده.. وجدتنى فى تلك اللحظة قادراً على توجيه الدعوة بالصمت إلى الشرطى المضحك أن الشرطى قال:

–     الولد غلطان.. ويضحك ليه مع راجل أد أبوه؟

الكمسارى غلطان لأن الدم مايزال يتدفق” عينى عليك يا ابنى الذى ما امتلكت حتى أن أخفف عليك الموقف بأى كلمة وليتنى كنت قد امتلكت”

هكذا وجدننى وبعد أسبوع من إذاعة الخبر الخاص بالكشف عن حالتى أضحك وأقول:

طب وماله” أنا مريض نفسى صحيح لكن مرضى من نفس النوع الذى كان مرض الراحل العظيم جيمس هنرى برستيد الذى عاش عشرين عاما يدرس ويترجم ويؤلف عن سلام العالم كتاباً عنوانه: فجر الضمير يدعو فيه شباب وطنه أمريكا إلى الإيمان بقوة هذه الأرض المصرية الخارقة قوتها فى أنتاج زهور الحضارة وحراسة السلام العالمى لأنها الأرض الأولى ذات الخصوبة المجربة هذا الرجل العظيم نفسه قد أصيب وعلى أرض مصر بالعصاب وتلك حادثة شهيرة ولولا لباقة أبنائه من المصرين من أمثال دكتور حسين فوزى ودكتور أحمد فخرى لقضى الرجل فى ذات المساء الذى كان فيه من حكومة مصر فى زمانه ما كان”

إن القصة مشهورة ولا توجد أى أهمية لروايتها بالتفصيل “فقط نشير إليها لأن” برستيد” العظيم كان قد تحول على أثرها إلى البكاء وأنفه يشلب الدم كما هو حال ابنائنا الصغار اليوم تحت معاول كمسارى القطار المجنون”

كان “برستيد” قد حصل من صديقة المليونير الأميريكى” روكفلر” على عشرة ملايين دولار لبناء متحف مصرى يجمع مظاهر الحضارة المصرية القديمة بدلاً من ضياعها بين اللصوص وتجار العاديات والذى حدث أن برستيد لم يجد المشقة فى الحصول على المبلغ من صديقة “روكفلر” لكنه وجد الاستحالة فى قبول الحكومة المصرية فى زمانة للمشروع.. حيث فسرت الحكومة الأمر بأنه محاولة للاستعمار تأتينا من ناحية الولايات المتحدة الأميريكية خصوصا وبرستيد ونشترط أن تشرف على المتحف لجنة تتألف من مصرى وألمانى وأميريكى وفرنسى.. وهى الأمم التى تهتم فى الواقع بدراسة وحماية التراث المصرى القديم.

قالت الحكومة أن مشروع المتحف مشروع استعمارى فأصيب “برستيد” العظيم بانهيار عصبى فلقد كان الرجل فى الواقع يقصد باللجنة الرباعية إدخال أمريكا إلى مصر فى صورة تناسب الروح الديموقراطى الذى يسعى إليه دائما عاملاً فى نفس الوقت على تقليص النفوذ الاستعمارى الفرنسى الذى كان يحتكر وحده التحدث باسم مصر القديمة.

مايعنينى هنا هو أن أنف برستيد أخذت تشلب الدم تماما كذلك الصبى فى ذلك القطار لولا أن برستيد” قد وجد فى تلاميذ المدارس العليا من أقام له حفل شاى وطيب خاطر وقالوا له:

تعيش وتاخد غيرها يابروفسور برستيد”

إن مرضى ياإذاعة “مونت كارلو” من لون هذا المرض ولسوف تدهشين يا إذاعة “مونت كارلو” إذا علمت بأن أنفى سوف يظل يشلب دما مدى الحياة لأننى لا أرى أى أمل فى أن تنهض بلادى بهذه الثورة الثقافية التى تعيد إليها كل أمجادها القديمة والتى تحقق من خلالها كل أحلام “برستيد” فى النمو الروحى الإنسانى  على ظهر كوكب الأرض”

إن من حق القارئ المريض أن يستكثر على فقير مثلى أن يحلم بكل هذه الأحلام خصوصا إذا ما علم أننى أديب قرية بركة السبع هذه القرية القذرة التى يدعونها مدينة ولا اعرف لماذا؟

إن من حق القارئ أن يستكثر على مجرد أن يكون لى كتاب أخاطب من خلاله الأمة فالذى حدث خلال ربع القرن الماضى أن تحلنى كا شيئ حتى وجدنا أنفسنا عرضة للضرب بنفس أسلوب الكمسارى المجنون والصبى الوديع فى قطار العاشرة مساء مع فارق بسيط حيث الدكتور فؤاد زكريا أستاذ الفلسفة بجامعة الكويت هو المضروب الذى يشلب دما وأما الكمسارى ضاربه فهو تلميذه الكويتى الذى ينطلق من موقف أن أستاذ الحكمة جائع يبحث عن الطعام حيث الواقع أن أرض الكويت هى الجائعة وحق عليها البحث عن الحكمة هذا هو مرضى يا إذاعة “مونت كارلو” يادساسة” فافردى ماشئت من الزمان للاستاذ الدكتور عبد الحكيم وليقل الرجل ما يقول فإننى لن أخشى أى طبيب نفسى يفضحنى بعد اليوم وبعد أن احتفظت بصور:

1-  صبى القطار الذى يشلب دماُ..

2 – جيمس هنرى برستيد الذى يشلب دماً

3 – دكتور عبد الحكيم نفسه الذى يشلب دماً

من خلال أدبه الصافى والذى يأتينا من خلال بضعة من الكتب تحتاج إلى عام كامل لدراستها وتقييمها.. لكنها موجودة عندى بالكامل وأى تحرك مضاد من إذاعة ” مونت كارلو” سوف يدفع بى نحو هذه الكتب لتنسيق شهادتى ضد الإذاعة اللعينة استناداً على دعوى الطبيب “

ومن  مظاهر مرضى النفسى أيتها الإذاعة الحقود أننى أنصت بالليل إلى هذه الأصوات التى تأتينى لاسلكيا” أصوات إشعيا أبى الأنبياء الاسرائيلية وأصوات جيمس هنرى برستيد… ,أصوات البرت شفيتسر وأصوات أخناتون وعيسى ومحمد وحتى صوت الدكتور عبد الحيكم على حداثته قد بدأ هو الآخر يرسل نفسه باتجاه حجرتى”

ماذا يقول لى إشيعا؟

يقول لى إشعيا: قم وانهض واطرد شباب بركة السبع الراقد إلى جوارك يا أخى” إنهم عارلك ومسبة ويجب عليك أن تعلمهم الأدب فلا يجلس أحد فى حضرتك وإنما يسمح لهم بالوقوف فقط والحديث بلأدب والإنصراف على الفور: إنهم يتعلمون الخمول العقلى على يديك فاطردهم تكتب لك البراءة على الأقل لأنك إذا فشلت فى تربية شباب قريتك ففيم إذن سوف تنجح؟ اطردهم خارجاً وليغضب المغفلون؟

ماذا يقول برستيد؟

الدعوة إلى مؤتمر شهر توت

قال لى جميس هنرى برستيد ذات مساء: يجب أن تنهض يانبى بالدعوة إلى مؤتمر ادبى وثقافى مصرى عظيم يعقد خلال شهر توت ” إن عندكم يابنى المجلس القومى للثقافة وهو مجلس لا يجد عملاً بعينه ينهض به فلماذا لا تقترح على لذلك المجلس النهوض بمؤتمر شهر توت المطلوب؟

قلت لأستاذ الأساتذة:

– وهل أنا صالح للتقدم إلى الجهابذة أحدثهم فى شأن ذلك المؤتمر: ألا تعرف أن إحدى اللجان الضعيفة بمجلس الشعب قد نهضت بمصادرة ” ابن عربى ” فى فتوحاته المكية ولم يتحرك ما تدعوه باسم المجلس القومى للثقافة هذا؟

ثم ماذا تحب يا برستيد أن يكون هناك فى هذا المؤتمر الخاص بيشهر توت؟

وقال: ستيد وهو يرتجغ وأنفه يشلب دما غزيراً بسبب يأسه من وصول صوته إلى أى مسئول فى العالم العالم:

– لقد ابتكر المصريون خلال العصر الفاطمى العديد من صور الحضارة الاسلامية والتى حفظت للاسلام روحه الأصيل” أعياد وافراح وموالد وموسم للزكاة عظيم خلال شهر ربيع الثانى “كل هذه المظاهر حفظت روح الإسلام من الموت فلماذا لا ننهض بمؤتمر سنوى خلا شهر توت أول شهور السنة القبطية فندعو إخواننا الأقباط أو المسلمين إلى اعتبار المؤتمر عيدا للوحدة الوطنية ويكون أن أخناتون الراقد تحت التراب المصرى لايزال ” يكون أنه يجد خلال هذا المؤتمر متنفسا أصيلا فقد قفز وعى المصريين الى هذه الدرجة التى تدفعهم فى شهر توت عنخ آمون إلى الاحتفال بميلاد أخناتون.. رمز الوحدة الوطنية والثورة فى ركن واحد “

إن المجلس الأعلى للثقافة يمكن له أن يجد دوراً واضحاً يؤسس من خلاله موقعه الأدبى فى نفوس المصريين الذين يئسوا من كثرة هذه المجالس التى تربك الفكر ولا تحميه ومثال ابن عربى فى مجلس الشعب مثال بارز – ويمكن تلخيص الموقف من مؤتمر شهر توت فيما يلى:

أولا: هل يكون المؤتمر مصريا محلياً – أم عربيا عالميا وهل يمكن أن تنهض محافظة المنيا بالتحديد باستضافة المؤتمر حيث المنيا وبالتحديد – تل العمارنة.. مركز القلب بين أرض القرية المصرية – حيث هو مؤتمر عقل القرية مؤتمر الماعت “

ثانيا: هل يجرى فتح الأبواب لإعادة بناء “خوتاتون” مدينة الثورة الأم من خلال اتحاد ادباء قرية مصر الواجب النهوض ببنائه أيها المجلس القومى للثقافة أم  ماذا يكون الأمر؟

ثالثا: إننى أطالب المجلس القومى للثقافة بنقل تمثال أخناتون الضخم من مكانه بالمتحف المصرى إلى ميدان الجديد بتل العمارنة حيث نبدأ ومن حول أخناتون فى إعادة بناء خوتاتون أقدم مدن الإله الواحد الأحد.. أتون “

قال كلمة وأختفى….

برستيد يضع يده على أنفه يحبس الدماء التى انفجرت جزعاً من ارتفاع موجة الجهل فى مصر موجة السوقية إلى درجة لم يجد معها أذنا صاغية  لأقتراحة بقيام مؤتمر سنوى لشهر توت عنخ آتون أما أنا فقد رحت مشغولا بالقارئ أجهز له مائدة الإهداء من خمسة أطباق وأترك له الحرية فى اختيار الإهداء المناسب فإذا كتب إلينا.

-القارئ برأيه احترمنا رأيه فى الطبعة الثانية من هذا الكتاب ووضعنا له الإهداء الذى رآه مناسبا ثم أغفلنا الأربعة الأخرى…..

التعليق

أولا: بعد هذه الرحلة تحت عنوان ” الإهداء” لم يهد جاد الرب كتابه (أوكتابته) لأحد بعد، وسوف نكمل هذا فى العدد القادم.

ثانيا: هذه القصة عن إذاعة مونت كارلو لا يمكن أن تدرج بسهولة تحت عنوان الخيال المريض، فقد تكون مجرد عرض فنى خاص لما يريد أن يقوله صديقنا جاد الرب عن نفسه وعن مشكلته وعن مرضه الحقيقى أو المزعوم، المتهم به أو المفترض فيه[3]

ثالثا: هذا التصوير المؤلم لحادث الصبى والكمسارى قد يشير إلى رمز شديد الصدق لأصل الأزمة  الممزقة عند المؤلف، إن كان ثمة كتابا، أو المرض إن كان ثمة مرضا، هو:

“إنه فى بداية صباه، وهو يركب قطار الحياة متيما بحب مصر، حالما بكل ما هو صبيانى وردى جميل، ذهب يحتمى بسلطة ما (الكمسارى) قد تكون هى الأب أو المعلم أو الحكومة ناسيا واقعه لحظة أو لحظات(… الصبى قد نسى نفسه وراح بكلمة لطيفة يجامل الكمسارى كإبن يحاور أباه..) وفجأة، وبلا سبب يقابل بالصد من ظلام جاهل، (وكنا بالليل) وأخطر الأمراض النفسية لاتأتى نتيجة لوالد يقسو على ابنه، أو لابن يشتهى أمه، أو لحب لم يتحقق، إن أقسى ما رايت فى خبرتى يأتى نتيجة لظلم غيرمفهوم وعقاب بلا جريرة وقدر بلا توقيت وتتضاعف الآثار المدمرة إذا أتى هذا العقاب أوالسحق أو الظلم من مصدر يتوقع منه الفرد الحنان (خاصة فى لحظات ضعفه) ومهما حاولنا أن نجد لهذا الحدث سببا ظريفا يمثل” عقدة” أو” حدثا” فإننا نفتعل شيئا لم يحدث أو على أحسن الفروض ليس له كل الأهمية كما يشيع.

إن التكوين البشرى، والتغذية الصحية، يحتاجان إلى ” المعنى” أولا وقبل كل شئ، يحتاج الإنسان إليه أكثر مما يحتاج الى الحنان او إلى الرعاية والمعنى ليس بالضرورة عمقا موضوعيا خاصا،ولكن المعنى هو تسلسل مفهوم يربط المقدمات بالنتائج، ليس بالضرورة ربطا خطيا مسطحا ولكنه ربط العطش بالارتواء، ربط الفراغ بالملء، ربط الغموض بالوضوح وعكس ذلك تماما تلك المفاجأت التى تأتى من الظلام غير المفهوم (وكنا بالليل) فى وقت الأمان بعد القاء سلاح الحذر (قد نسى الصبى نفسه وراح بكلمة لطيفة يجامل الكمسارى كإبن يحاور أباه) فإن مثل هذا القهر الساحق وفى وقت مظلم بلا معالم، مع إلقاء السلاح الذى يبعث استراخاء الأمان هو السبب الأهم فى اضطراب التنظيم الفكرى والوجودى ( بما يقابله من تنظيم نيورونى وخلوى).

لقد أساءت نظرية التحليل النفسى – أو قل سوء استعمالها ـ أشد الإساءة حين اختزلت مأساة الوجود الإنسانى إلى هذه العلاقة الخطية بين حادث بذاته ومرض بذاته، مهما كان هذا الحادث غائرا فى اللاشعور، ومهما كان ظهوره وتفريغه مصاحبا بالشفاء من عرض ما، إن النفس الإنسانية أعقد تركيبا وأبعد منا لا من تلك القصص المتداولة عن العقد والأحلام، والذى يخل اضطراب تناسقها هو الافتقارإلى المثير المناسب (تسمى أحيانا المعلومة المناسبةappropriate information) للجهاز المناسب (المخ أساسا” الموجود” عامة)، وفى الأوقات العادية مع اليقظة والحذر تقفل كل أبواب الاستقبال إلا من بعض المعلومات المحدودة المترجمة فوريا إلى المطلوب (حتى ولو لم يكن هو المطلوب)، أما حين يسترخى الإنسان ملقيا سلاحه معلنا احتياجه مستأمنا آخراً معتمدا عليه، فإنه يكون مفتوحا لاستقبال كل شئ، فإذا فوجىء بهذه الخيانة انسحق وشلب دماً وظل ينزف ربما حتى النهاية.

ويبدو أن صديقنا قد نزف حتى الضياع إزاء هذا الهجوم المفاجئ من قوى عاتية غير مفهومة الدوافع لم يملك أمامها إلا… إلا أن يتخلى عن الحياة أمام القهر الطاغى، و الحزن المذل غير المحتمل.

(سال الدم، حزنت، وكدت أقذف بنفسى من القطار فأنا لا أملك سوى أن أقذف بنفسى من القطار).

والطفل يولد بلا حول ولا قوة.

ثم يبدأ فى تحسس طريقه إلى الحول والقوة بمعونة أصحاب الحول والقوة، فإذا فوجئ بهذا القهر غير المفهوم تراجع إلى حالة اللاحول واللاقوة Helplessness وهذا التراجع الذى يشير إلى التوقف عن الحياة ليس بالضرورة ان يكون انتحارا ولكنه انسحاب متجمد، وهذا من أخطر ما يصيب مسيرة الإنسان الطفل – أو جاد الرب على أولى خطوات الدرب.

والشعور بالعجز يتضاعف بالشعور بالترك (عينى عليك يا إبنى الذى ما امتلكت أن أخفف عليك بأى كلمة).

وهو ينسحب لأسباب منطقية لأن أى كلام ” مخالف لما هو سائد” نتيجته هى أن يتهم بقلب نظام الحكم والتكثيف هنا واضح فالصبى هو الحاكى (جاد الرب) الحاكى هو الصبى، والصبى أو الحاكى هو التهديد للقديم بقلب نظامه، والتكثيف[4] على الجانب الآخر هو الشرطى والكمسارى اللذان يمثلان السلطة العسكرية أو الاقتصادية أو قوة السلاح أو قوة المال….. معأً.

ثم ينتقل المؤلف فجأة إلى مرضه النفسى، وكأنه يؤكد هذه الربطة بين الشعور بالعجز وبالترك وبالسحق المفاجئ الآتى من ظلام فى وقت الحاجة والأمان وبين مرضه، وإذ يشعر بوصمة المرض – مهما كانت أسبابه – يحاول أن يخفف عن نفسه بتقمص جديد لرجل يعتبره عظيما(وهو كذلك)، وهو” هنرى برستيد” مؤلف كتاب” فجر الضمير” الذى يدافع فيه عن مصر والحضارة، ورغم أنه يدعى أن قصة إصابته بما أسماه” عصابا” والتى هى نتيجة لقهر الروتين لا أهمية لها، إلا أنه ينطلق فى روايتها، والمهم ليس فى تفاصيل القصة ولكن فى المقابلة الجديدة بين الصبى إذ يشلب دماً من “بوكس” الكمسارى، وبين هنرى برستيد إذ يشلب دماً من “بوكس” الحكومة وتمسكها بالجمود إزاء إخلاصه وإرتباطه بالحضارة وحبه لمصر، ومصر هنا بالنسبة لجاد الرب، لها وضع خاص، فهو يعلى من شأنها ويرتمى فى حضنها ويتغنى بذكرها بشكل صادق وجميل، وفرويد حين يعتبر الوطن رمزا للأم لم يذهب بعيدا، والشعوبيون حين رفضوا المبالغة فى الوطنية لم يكفروا من حيث المبدأ، وخطيئهم أن أغلبهم كذبوا إذ ميزوا بين وطنهم الأم وأوطان الآخرين، ونحن لانناقش حب الوطن  بقدر مانحترم حاجة جاد الرب إلى تراب هذه الأرض الطيبة، وحاجتنا جميعا إلى الربط بين البداية (الرمزية أو الحقيقية) منها والنهاية إليها، وإذا ألحت هذه الحاجة بهذا الحماس واليقين فلابد أن نستشعر، مع الاحترام والانتماء، أزمة الوحدة وقسوة الألم وشدة التمزق الموقظ لهذا الحنين الغامر الدائم باستمرار، والمقابلة بين:

حنين الصبى إلى عطف من كأبيه (الكمسارى)

وحنين برستيد إلى حضارة من  كأمه (مصر الحضارة)

تؤكد أن التفرقة الجنسية الصارمة بين دور الأم ودور الأب فى تنشئة الطفل( من موقع أوديبى أو غيره) تفرقة مبالغ فيها فى أحيان كثيرة، فالدعامة قد تأتى من هنا أو هناك، والأمان يوجد هنا وهناك، وقد يتبادل كل منهما الأدوار حسب مرحلة النمو وظروف البيئة…. واعتقد أن كل ذلك يحتاج إلى مراجعة جديدة، وجاد الرب يواصل المقابلة بتأكيد هذه الرابطة دون الدخول فى التفاصيل مركزا على النزيف بما يعنى:

” وما يعنينى هنا هو أن أنف بريستيد اخذت

تشلب دما، تماما كذلك الصبى فى ذلك القطار”

وبعد رواية هذا القهر الجديد ينتقل فجأة إلى مرضه وكأنه يؤكد بذلك المقولة الأولى عن علاقة ما يسمى مرضا نفسيا بالقهر غير المفهوم والتوقيت غير المنتظر.

ثم يؤكد هذا التقمص بين صبى القطار وهنرى بريستيد ونفسه فى رغبة عارمة أن يعرف ذلك كل الناس ( إذاعة)

(ولسوف تدهشين يا إذاعة ” مونت كارلو “

إذا علملت بأن أنفى سوف يظل يشلب دما مدى الحياة، لأننى لا أرى أى أمل فى أن تنهض بلادى

بهذه الثورة الثقافية)

فثورة الصبى (لأنه صبى) فى مواجهة الكمسارى والعسكرى، وحب هنرى بريستيد للحضارة فى مواجهة الروتين والإهمال، وأمل المؤلف فى ثورة ثقافية تنهض ببلاده ، هى مقابلات متكاملة من أول وجديد يوردها جاد الرب وهو يرجع إلى نفسه فى معنى  هذا الكتاب ونشره، ليخاطب من خلاله الأمة….. !!

وأنا لا أعرف محاولات جاد الرب فى مخاطبة الأمة وإصلاح المائل، ولكنى أحسب على قدر ما استنتجت من مقولات متفرقة وقصاصات متناثرة أنه لم يترك بابا إلا طرقه، إلا أنه يبدو أنه افتقر تماما إلى المثابرة، مع تقدير مدى القهر الذى لا يسمح لمثله (فقير مثلى أن يحلم.. الخ) بالتنفس فضلا عن الكتابة والنشر.

ولا شك أن الثائر ـ وهو مبدع بالضرورة ـ لا يكون ثائرا بمجرد بأن يعلن رفضه أو اعتراضه، ولا حتى بأن ينجح فى قلب نظام الحكم، لأن القلب قد يحمل ما كان يحمله الظهر، وإنما الثائرهو الذى يستطيع ضبط خطاه فى مساحة ” السماح” وأن يوالى ضرباته فى إصرار معدا بكل وسيلة لمقومات الاستمرار من بعده، وأن يغير نظام الحكم لا مجرد أن يقلبه ” رأسا على عقب” ولكن أن يغيره أسفلا إلى أعلى، وهذا يحتاج إلى نفس طويل أطول من ضرورة ” مواصلة الاتجاه”[5]  فى مسار الابداع، لأن المبدع ملزم أن يحافظ على اتجاه إبداعه حتى تنتهى ولادة فكرته وإنتاجه المحدود، أما الثائر فهو مطالب بالحفاظ على اتجاهه باستمرار، نعم باستمرار فى أى موقع وأى زمن، فى بيته وسجنه وفكره وحتى أحلامه، ولا بد إذا ونحن نحترم صرخات جاد الرب أن نقول له بألم مضاعف ” ولو………” إن يأسك هو جريمتك ( لا أرى أمل………… الخ ).

” ولو……..” إن تذبذبك هو ضياعك.

” ولو…….” إن الذى تحلل خلال ربع قرن( إن كان يعنى آثار ثورة 52) هو هو دلالة الذى تكون خلال ربع قرن، والذى لا يرى إلا التحلل لن يشم إلا العفن، أما الذى يرى ماهو مع التحلل فسوف يجد التكاثر الخالق للحياة ، حتى ولو كان مثل تكاثر البكتيريا فى العفن ( تشبيه مع الفارق).

“ولو…” فليس فخرا أن تكون يا سيدى ذلك الصبى الوديع أمام الكمسارى المجنون، ولا أن تشلب دما.

إن الوداعة فى عالم البشر الآن خدعة كبرى لوح بها جان جاك روسو وكل حالم هارب فى الشعر أو فى السخط أو فى الطفولة الغبية، إن الوداعة على جمالها، هى هى الضعف الأشل.

” ولو…… يا صديقى جاد الرب “.

ومع ذلك فيالهفى على ألمك ووحدتك والدم ينزف من أنفك ومخك  وعيونك واحشائك وقلبك جميعا، إن كل ” ولو…” مضت كانت تخرج منى محترقة قلبى قبل أن تصل إلى قبلك… صدق أو لاتصدق

أنا أرفضك، ولا أرفض ألمك وصدقك.

أنا ضد يأسك ( حتى هذه الوقفة فقد تتفجر أملا فيما بعد) ولكن ذلك لا يعنى أنى ضدك.

أنا ضد تناثرك ولكن ذلك لا يبرر أن أنكر ألمك…………

****

ثم ينتقل جاد الرب إلى مقابلة رابعة، إلى الحديث عن الدكتور فؤاد زكريا وكيف أهانه المال الغاشم إذ امتهن طالب أرعن بالكويت حكمته، واستهان بها، ثم تركه هو أيضا يشلب دما.

لينتقل ثانية إلى مرضه الذى لا يخشى ـ الآن ـ أن يعلنه مادام وجد من يسمع له، والمريض( أى لو كان  جاد الرب مريضا) يخف نصف مرضه أو أكثر لو وجد من يسمعه، أو حتى من يتصور هو أنه يسمعه( يسمعه يسمعه لا يتظاهر بسماعه ) وهو يعلن أن هذه الفرصة التى أتيحت لإعلان أسباب مرضه عى التى هدته إلى أنه وحيد زمانه، وأن مأساته ليست منفصلة عن القانون القائم، فمثله مثل هنرى بريستد والاستاذ الدكتور فؤاد زكريا… الخ، والذى يعانى كل هذه المعاناة بمجرد أن يجد المجال للاعلان بالقبول. وكذلك الفرصة للتشابه مع إنسان ناجح متماسك، يطمئن قلبه ويلم تناثره، وهذا هو أساس العلاج ( كل أنواع العلاج)، وخاصة العلاج النفسى الجمعى، وهذا يكتشفه جاد الرب بحدس الإبداع والمرض معاً فى طلقة واحدة.

وهو ينتهى إلى إعلان التطابق الذى اشرنا إليه فى كل ما سبق بصورة مباشرة ولكنه يضيف إليها صورة خامسة فبعد (1) الصبى(2) ونفسه (3) وهنرى بريستد(4) والاستاذ الدكتور فؤاد زكريا..،

يضيف إليهم(5) الدكتور عبد الحكيم، وبمجرد أن يعلن انضام الدكتور عبد الحكيم إلى النازفين دماً مقدرا ماكتب مما أثاره أو طمأنه لوجه الشبه أو وحدة الهدف، يغامر بدخول معركته وينتقل من أفكار الاضطهاد والمطاردة إلى تحركات الهجوم والردع.

(وأى تحرك مضاد من ” إذاعة مونت كارلو” سوف يدفع بى نحو هذه الكتب لتنسيق شهادتى…الخ)

وهنا يجدر أن ننتبه إلى ظاهرة هامة فى تسلسل فكره وطبيعة موقفه، وهى الاعتمادية على الكلمة دون الفعل، وقد اشرنا إليها ضمنا فى العدد الأول عندما تناولنا أهمية وخطر الكلمات “المضيئة” فى حياتنا إيجابا وسلبا.

الهلوسة:

   ثم ينطلق جاد الرب للاعتراف بالهلاوس مباشرة دون تحرج، ولا تستطيع مثلى من موقعى ومحدودية المعلومات تحت يدى أن يتأكد هل هذا تصوير فنى أن هى أصوات حقيقية دالة على درجة مرضه.

والفرق بينهما فرق لا معنى له ما دمنا نتناول دلالتها ووظيفتها لنا نحن، ولكنه فرق جسيم وخطير، إذا كنا نريد أن نفيد من التفرقة بين الإبداع والمرض من ناحية، كما أن وظيفتها تفترق اشد ما يكون الفرق بالنسبة للمبدع عنها بالنسبة للمريض، ذلك أن المبدع إذ يرسم شخوص روايته أو لوحته يرسمها من ذات نفسه وما انطبع على مخه لا محالة، ولكنه يرسمها بقدرة التماسك المسئول، أما المجنون فهو لا يرسمها ولكنها هى التى تفرمنه إثر تناثره وتفككه.

والذى يجعلنى اشك فى أن هذه الصورة ليست مجرد صورة فنية بالضرورة( فضلا عن إعلان جاد الرب المباشر بطبيعتها المرضية) هو قوله “….. تأتينى لا سلكيا” فالشعور بالأصوات المؤثرة لاسلكيا ليس من طبيعة الفنان المبدع بقدر ماهو من تفسيرات المريض.

وإذا كان المريض غير قادر على التماسك المسئول وهو يفك الصور المنطبعة على عقله، أو غير قادر على إعادة التماسك بعد أن يفك الصور المنطبعة على عقله، فإن ذلك ـ كما ذكرنا ـ لايبرر إهمالنا لهذه الصور باعتبارها هلوسة والسلام، فهى لوحة فنية حتى لو لم يكن مسئولا عنها، وكل ما يقوله هو رسالة تصدر من عمق ينبغى أن نفيد نحن منه، حتى ولو لم يستطع هو أن يلم تناثره بعد إرسالها، وعلينا أن ناخذ كل تفاصيلها بكل الجدية والتمحيص مثلما نأخذ صور الفنان والأديب تماما، بل أنها قد تحمل من الفجاجة والتحدى والصدق أكثر ما يستطيع الأديب أن يوصل او أكثر مما يجرؤ الأديب أن يرى داخل نفسه، ولكنها “فى ذاتها” ليست أدبا أو غيره، ولا ينبغى أن تعتبر إبداعا، أما محتواها فيستحيل أن نفر من احتمال صدقه وعظيم جدواه بالهرب فى اعتباره صادرا من مريض أو تسميته بأنه مجرد هلاوس بلا معنى

وحين يقول جاد الرب:يقول اشعيا، فلابد ان نستمع إلى” اشعيا” معه، حتى ولو كان كلام أشعيا مجرد إغاظة لإذاعة مونت كارلو أو ما يسميه الأطباء هلاوس سمعية، ولو لم نفعل هذا مع الصديق جاد الرب وكل صديق يعانى فكيف ندعى فهمه أو نجرؤ على تعليق لافتة تشخيصة.

ماذا يقول أشعيا؟

إنه ينبهه إلى خطورة الحل السلبى، وخطورة انبهار الشباب بما هو مرض استسهالا للطريق وادعاء للثورة، وفى نفس الوقت يعيطه أهمية خاصة تؤكد بقاء ما هو إيجابى فى تكوينه، وما أروعه حين ينقد دور المرض السلبى إذ يقول:

( إنهم يتعلمون الخمول العقلى على يديك فاطردهم تكنب لك البراءة على الأقل………….

…….. ( إلى أن يقول) اطردهم وليغضب المغفلون )

ولعل أقسى القساة هم الذين يدافعون عن الجنون، تاركين المجنون يتمادى فى جنونه نيابة عنهم، وكلهم يجتمعون تحت لافته ما يسمى ” الحركة المناهضة للطب النفسى” antipaychiatry أو أحيانا كما هو الحال فى أمريكا ” جمعية الدفاع عن الجنون” أو” حركة تحريرالمجانين”[6] الخ، وهاهو جاد الرب فى تلقائية ـ حتى ولو كانت مؤقتة – يعلن خطورة هذه اللعبة الهروبية الخبيسة يرفض أن تكون حالته أو مرضيه بؤرة تتجمع فيها سلبيات الشباب تحت عنوان خلوته أو صدقه أو ظلمه والافتراء عليه، وذلك على لسان هلوسة سيدنا أشعيا، فما أهم هذه الهلوسة وأعظمها، لنا نحن على الأقل بالرغم من شطحات جاد الرب… وياليتك يا جاد الرب تسمعها وتعمل بها.. ياليت !!! إذا لقدتنا مبدعا مسئولا وثوريا مخلصا إلى تحديد معالم مأساة عصريتك ووطنك، ولكنك انزويت فى خلوتك تطلق الصورايخ وترسل الإنذارات بلا صوت أو ضوء ومع ذلك فلابد أن نواجه أنفسنا ـ وخاصة الأطباء منا ـ بسؤال أمين:

ماذا يفيدنا نحن إذا هللنا وسارعنا بتسمية ما يقوله أشيعا لجاد الرب:” هلاوس سمعية” او” أصواتا مؤثرة”. نعم إن هذه التسمية خطوة لازمة إذا أضرت بصاحبها وعزلته عن المجتمع وتركته يغط فى أحلامه ويخطط فى الهواء، ولكن أليس الألزم منها أن نعرف ماذا يقول اشعيا ولماذا ” اشعيا” بوجه خاص ؟ رنقا يا سادة حتى ولو ملككم الخوف كل الخوف مما يقول جاد الرب ومما يقول اشعيا لجاد الرب.

اما ما يقوله بريستد صديق جاد الرب الحميم:

فهو يعرض بديلا عن التفاف الشباب السلبى حوله، ويقترح عليه أن يحسن علاقته بالسلطة والواقع، وأن يحاول عن طريق المؤسسات القائمة ” المجلس القومى للثقافة (وهو مجلس لا يجد عملا بعينه ينهض به)!! بأن يقوم بمؤتمر أدبى(!!) (مادام قد فشل ـ جاد الرب ـ فى تربية شباب قريته ).

إذا فصديقنا يقفز من أمله المحبط فى الشباب الملتف حوله، إلى أمل غريب أسهل، وكنا نتمنى ان يتعلم من كلام أشيعا وبريستد أن الحلول الأسهل لا تجدى، ولكنه يحلها بالانتقال هربا من ثلة مخدرة تصفق له تحت أوهام مجهضه إلى.. إلى عقد مؤتمر !! هكذا مرة واحدة يا جاد الرب؟ من فشل فى تربية شباب قرية إلى مؤتمر؟!! ألا يذكرك هذا وأنت الثائر – أو من تتمنى أن تكونه – بالترواح الدائم بين فشل “الإذاعات العربية ” فى استعادة الأرض وبين عقد المؤتمرات المثالية التى تنتهى بتوصية بإصلاح سماعات” الراديوهات” عبر كل الوطن العربى؟ لقد أخذت على خاطرى منك ولكنك سرعان ماتصالحنا بتذكيرنا بصعوبة الموقف، وبتفاهة المؤتمرات، وبخطورة القهر الفكرى حتى على مستوى مجلس الشعب إذ يصادر ” الفتوحات المكية ” لابن عربى [7]

ولكن بريستد لا يزال يشلب دما من أنفه ( مثل الصبى والدكتور فؤاد زكريا والدكتور عبد الحكيم ) يأسا، وهنا عمق جديد لهذا التزيف المكثف.

 فالنزيف عادة يرمز على القتل أو الى القهر أو إلى الألم، أما ان يرمز إلى الياس من التواصل فهذه صيحة جديدة من جاد الرب لا بد من احترامها اضعافا مضاعفة، إن الألم الذى يوصل الانسان إلى حد التناثر والنزيف الداخلى هو الاستغاثة الملحة بلا مغيث، ثم الإصرار على الاستغاثة مع اليقين بعدم الاستماع وهذا هو ماذهبت إليه كمحور جوهرى فى تفسير مرض الفصام بوجه خاص [8] (ولا يعنى هذا أن الصديق جاد الرب عنده هذا المرض فحذار)، إذا فجاد الرب حين يقول:

” وقال بريستد وهو يرتجف وأنفه يشلب دما غزيرا بسبب يأسه من وصول صوته إلى أى مسئول فى العالم” إنما يربط بين حاجة الطفل  إلى مداعبة والده( الكمسارى) و حاجته هو إلى نشر كتابه وتوصيل صرخته، وحاجة بريستد إلى أن يسمعه المسئولون ولا يعوقه الروتين، ومن أهم العوامل التى تحدد مسار كل من المبدع والمريض هو أن يجد من يسمعه، وخاصة ممن يعتبره صاحب كلمة أو سلطة، وخاصة فى بداية طريقة، وهذا ما يسمى” تبنى الأكبر للأصغر” ( فى قديم العهد يقال: تتلمذ على فلان وهو ربيب فلان، وهو صنيع فلان، سواء أكان هذا الفلان من رجال الفكر أو المال أو السلطة ) وكان ذلك يتيح الفرصة لبعض المواهب  أن تترعرع، ولم يكن يحمل كل هذا الخوف من الانمحاء فى ظل الكبير، ولم يغن عنه الادعاء المبكر بضرورة الاستقلال الفورى قبل الأوان كما يتصور بعض الشباب.

إن جاد الرب – لابسا بريستد – يتضور ليجد مسئولا يسمع له، ولعله مارضى أن يعرض عقله للتشريح هنا إلا اتصوره أنه بذلك يحقق بعض هذه الغاية.

وهنا ينبغى ان نعلن من خلال ماساة إعاقة جاد الرب فى منتصف الطريق ثم ردته إلى تهويمات البداية ان ” المناخ” لابد أن يتغير حتى لا نفعل كلنا مثله، أو نكف عن التفكير والإحساس أصلا.

ثم نعود إلى ذلك المؤتمر الذى يعرضه كبديل عن فشله مع الشباب وفشل الشباب معه فنلاحظ أن وراء هذا المؤتمر موقفا إيجابيا حقيقيا إذ يبدو أنه يعتمد عليه تماما ـ فى ذاته ـ ولكنه أيضا:

(1)  يريد من  خلاله الحفاظ على الشكل على أمل أن تدب فيه روح المضمون آجلا أو عاجلا (مثلما حاول الفاطميون الاحتفاظ بروح الإسلام من خلال شكل المولد ).

(ب) وهو يريد أن يشير إلى تأكيد جوهر الدين، ودوره الحضارى فى التوحيد بين الناس وماأروع استعماله لكلمة” أو” حين يقول ” فتدعو اخواننا الأقباط أو المسلمين” فهى دلالة على انتقاء تعصبه إلا للروح الحضارى الأصيل،” أو” هنا تؤكد صدقه أكثر مئات المرات من استعماله “لواو العطف” إذ قد تعنى الأخيرة تجميعة مدعاة، ولا تفيد عمق الاتحاد الحقيقى.

(جـ) إنه يريد أن يرجع إلى أصل الإيمان والتوحيد بإحياء هذا الرمز المصرى العبقرى، يجمع ما اسماه الوحدة الوطنية وهو يقظ إلى أن أكثر المصريين قد “……. يئس من كثرة هذه المجالس التى تربك الفكر ولا تحميه “.

ولكنه يستمر فى مناقشة تفاصيل الشكل من حيث ” الموقع” (محافظة المنيا – تل العمارنة) و”المدعوون” هل يكون محليا أم عربيا أم عالمياً، ثم إعادة البناء ولكنه يبنى مدنية للثورة بديلا عن بناء ثورة بعد فشله فى تربية الشباب، ثم ينقل التمثال…….. الخ الخ.

ما هذا كله يا عم جاد؟

ما هذا كله؟

هل تتصور وأنت بكل هذا الألم، وسط كل هذه الدماء النازفة من أنفك وأنف أمثالك مع اختلاف مواقعهم، ومع فشلك ووحدتك إلا من شباب سلبى بشهادتك يحيط بك ويصفق لتستمر كما أنت ويستمرون كما هم، هل تتصور أن الحل هو إحياء الشكل بكل هذه التفاصيل والآمال والطقوس؟؟

إنك من موقعك الفاشل هذا (ولامؤاخذة) تحذرنا ضمنا من الاعتماد على أناشيد الحضارة القديمة، وصلوات الأثرية، والتمحك بالنقوش على الأحجار والتباهى بديكورات الأجداد.

ولكنك من موقعك الفاشل هذا أيضا تذكرنا بأجدادنا الموحدين وبعبث وغباء التعصب، وبحتمية الأمل، وبمسئولية التاريخ…. بالعمق ضيأعك يا أخى، وبالشرف ألمك، وبالضرورة شكرك فى آن واحد، وعذراً.

ولتسمح لى أن أؤكد على ظاهرتين غلبتا على كتابتك(وربما حياتك)، حتى توقفت وأصبحت تهمة المرض هى انسب صفاتك رغم كل هذه النبضات الإبداعية المتناثرة.

الأطناب والتكثيف واعادة المطابقة:

1- اولهما الإطناب، وهذا ما سنرجع إليه فى حلقة قادمة ونحن نناقش ضرورة المحافظة على الاتجاه ليتم الإبداع.

2- وثانيهما التكثيف:Condensation (وفرط التداخلoverinclusion ) حيث يبدو عندك فى مظهرين: أن تحمل التعبير الواحد أكثر من معنى حتى أن الإطناب قد يكون نتيجة غير مباشرة لذلك، مثلما كان يعنى الطفل عندك ذاتك والفطرة والمبدع والحضارى فى آن واحد، كما كان الكمسارى والحكومة والسلطة تعنى معنى واحدا هو ما تعنيه أيضا الصورة الأصلية، ويجرنا هذا إلى نقيض التكثيف وهو تعدد الصور وملاحقتها لتفيد نفس المعنى ولعلنا نصف هذه الظاهرة مبدئيا باسم”إعادة المطابقة” وهى تكاد تكون عكس التكثيف حيث تختلف الصور التركيببية والتعبيرية لتؤدى قامت بنفس الوظفية.

والظاهرة ونقيضها لها نفس الدلالة التركيبية، وهى لازمة للابداع ومتواترة فى اضطراب الفكر عند الفصامى خاصة…..

فالمبدع (فى الشعر خاصة) يجد فى اللفظ الواحد معان مكثفة تسهل له إعادة النبض  فى اللفظ إذ يتراقص مع ألفاظ أخر بإيقاع جديد لغرض جديد، وهو فى نفس الوقت قادر على توصيل فكرته بأكثر من صورة وأكثر من تعبير.

ويحدث هذا نتيجة لعدم تصلب وجمود ما انطبع على فكره من صور بمعانيها وتفسيراتها.

والمضطرب [9] تتفكك الصور المنطبعة لديه فتتلاحق وتتنوع المعانى وتتكثف داخل اللفظ الواحد أو التعبير الواحد وفى نفس الوقت قد تتلاحق الصور حتى ولو تباعدت تفاصيلها لتؤدى معنى جوهريا واحدا لعله هنا” صرخة الوحدة”… واستغاثة التواصل” والفرق بين المبدع والمضطرب يكمن فى جرعة هذا التكثيف وإعادة المطابقة، ووظيفتها فى النص الإجمالى، وأثرهما عليه شخصيا، وإمكان تلقيهما من آخر… ويبدو ان هذا كله لم يتوفر بدرجة إيجابية كافية عند صديقنا جاد الرب فى مرحلته الحالية.

أما المبدع فإنه من خلال هذا التفكيك المثرى الذى يستطيع أن يضمن اللفظ والصورة الأدبية طبقات من المعانى لا يحل بعضها محل البعض وإنما يظهر بعضها من خلال البعض، وبعض المبدعين( الشعراء خاصة) يبالغون فى ذلك حتى يغمضوا، وهذا فى ذاته ليس عيبا لأنه يميزه عن التصرف العادى والكلام العادى أما عند صديقنا جاد الرب فقد تضاعف هاتان الظاهرتان حتى اختلطت الصور دون أن ينسج منها كلا موحدا فى نهاية النهاية، وستجد بعد ذلك فى أكثر من موضع أن الإبداع والمرض يتفقان عادة فى طبيعة الظاهرة وتركيبها فى الخطوات الأولى لها، ولكنهما يختلفان اختلاف النقيض مع النقيض فى مسارهما والخطوات الأخيرة لوظيفتهما.

والذين يخلطون بين الإبداع والمرض يخلطون بسبب تركيزهم على هذه الخطوات الأولية المتشابهة حتما.

والذين يميزون بينهما تميز الضدين يفعلون ذلك بسبب تركيزهم على الخطوات الأخيرة،إذا فينبغى التحذير من الإسراع فى الحكم على أى جديد غريب إلا بدراسة الطولية المتأنية للعمليتين بداية ونهاية، مسارا ونتاجا، فاعلية ومسئولية وتواصلا مثمرا فى آن واحد.

وقبل أن ننهى هذه الحلقة لا بد وأن نتساءل:

أين يقع هذا الكلام(مازلنا نسير تحت لافتة” الإهداء”) مما يسمى أدب اللامعقول ؟

وفى هذا نقول:

أولا: إن صديقنا جاد الرب لم يقل بأن هذا العمل هو عمل أدبى، ولست أدرى ماذا أراد ان يسمه: لعله “سيرة” أو” مانيفستو” أو ” بروتوكولات” أو ” صورة” أو لست أدرى ماذا مما سيتبين بعد (أو قد لا يتبين إطلاقا) وأدب اللامعقول قد انتشر – أيام ما انتشر – أساسا فى المسرح والرواية (إلى درجة أقل) وفى الشعر أحيانا، وهذه المادة التى أمامنا لا تقع تحت أى من كل هذا.

ثانيا: أن صاحبنا لم يلتزم بأقل درجة من استمرار أى خط – كما سترى – مما يشير إلى أن الكتابة قد تكون عزفا على ناى اللامعقول مما لا أعرف.

ثالثا: أنه من المنطلق الذى عرضناه فى هذه الدراسة يمكن أن تكون كل صور المرض النفسى (كلها باستثناء زملة واحدة تسمى مرحليا الزملة العضوية المخيةOrganic Brain Syndrome) هى هى من صلب أدب اللامعقول، وهذا لا يعيب هذا الأدب، ولا يشرف المرض فى نفس الوقت، ولكنى أطرح هذا الاقتراح للنظر إليه من وجهة نظر المشاهد لا المنتج، والوظيفة لا الشكل المظهرى ، وأنه مجرد عينات متناثرة لا صورة متكاملة.

وأعتقد أن الأمر سيلزم فى نهاية هذه الدراسة أن نقارن بينها وبين بعض ما سمى لامعقولا، على الأقل من أدبنا المعاصر مثل يا طالع الشجرة أو خمارة القط الأسود مما سيتطلب تخصيصا بذاته.

ولكنا نكتفى هنا بإشارة عامة إلى أن أدب اللامعقول قد يكون فى ذاته مساويا للاضطراب تماما، إلا أن الفرق يكمن بين” حالة” المنتج له بالمقارنة” بالمريض”، وبألفاظ أخرى فإن المبدع يمكن أن يصدر الجنون دون أن يجن، فى حين أن المضطرب يعيش جنونه فعلا وما أدبه المجنون إلا عينة من حياته.

فحديثنا عن صديقنا جاد الرب – إذا – هو عن الأوراق بين أيدينا أصلا ، وليس عنه حتما.

 
 

[1] – هذا الاسم هو الاسم الرمزى الذى سأحله محل اسمى شخصيا حيث أن اسمى قد ورد بتواتر محرج فى المتن موصوفا بصفات لا تصفنى, لعلها من قبيل المجاملة أو الجهل بشخصى، ولما كانت علاقتى بالكاتب أو بغيره لا تسمح له برؤية من هو أنا لدرجة أمنة, فإنى فضلت هذا الترميز رغم ما فيه من ادعاء تواضع غير حقيقى, والمهم فى القضية ليس الاسم أو الشخص ولكنها الصورة التى لدى الكاتب, صورة طبيب وكاتب أتاح له فرصة النشر المشروط, ولعل فى هذا الإحلال دون استئذان الكاتب ما يسمح للقارئ بتتبع مباشر لمحتوى فكر المؤلف والمحور دون الوقوف عند شخص بذاته, وقد لجأ إريك بيرن صاحب مدرسة التحليل التفاعلاتى إلى مثل ذلك, ربما لنفس الأسباب, حين أسمى نفسه دكتور كيوDr.Q  فى مؤلفاته.

[2] – ملحوظة: لم أنجح فى الحصول على المقدمة على وجه التحديد, فاستخرت الله ووضعت الإهداء بعد كلمة الكتاب مباشرة, فعذراً.

[3] – لاحظ معاملته لنا بالمثل حين يقول: إن من حق القارئ المريض.. الخ ص4 من المتن.

[4] – وإعادة المطابقة كما سيأتى.

[5] – دراسة هذا العامل” مواصلة الاتجاه” يرجع الفضل فيه إلى استاذنا د. مصطفى سويف، وقد قام بدراسته عديد من تلاميذه مثل ، د.صفوت فرج، وسوف نعود إليه فيما بعد فى حديثنا عن مخاطر الاطناب على الابداع.

[6] – أضل الناس فى هذا الاتجاه مؤخرا فيلم “وطار فوق عش الوقواق” رغم إيجابياته المحدودة

[7] – وهنا إطاب آخر وترك للقضيان، أى أنحراف عن الاتجاه، مما سفصل فيما بعد.

[8]- الآه المكتومة ( ديوان سر اللعبة ص67، 68 يحيى الرخاوي) وعينة منها: ” هل أطمع يوماً أن يسمع لى؟

هل يسمح لى ؟

” وبحثت عن الألف الممدودة وعن الهاء وصرخت بأعلى صمتى لم يسعنى السادة واتدت تلك الألف مهزومة تطعنى فى قلبى، وتدحرجت الهاء العمياء ككرة الصلب داخل أعماقى “.

وتفسيرها فى دراسة فى علم السيكوباثولوجى ص 417،416 يحيى الرخاوى

[9] – استعمل كلمة مضطرب أحيانا للحرج من استعمال كلمة مريض واعنى بها فى مقامنا هذا على وجه التحديد مرض الفصام والهوس معاً مع التحذير بأن هذا لا يعنى إطلاقا أن صديقنا مصاب بأى منهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *