الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد يناير 1980 / يناير1980-العلاج النفسى: حقيقة أم متاهة (الوضع الحالى فى مصر)

يناير1980-العلاج النفسى: حقيقة أم متاهة (الوضع الحالى فى مصر)

د. محمد هويدى

1- تمهيد

الموجز

هذه سلسلة من المقالات سوف تحاول أن تتناول موضوعا من أهم المواضيع التى تهم المختص والشخص العادى على السواء، وهى تبدأ من منطلق محدد وهو ممارسة علاجية شائعة تختلف حولها الآراء أيما أختلاف، ثم تركز على هذه الممارسة فى مصر وهذه مسئولية مباشرة وأخطر، وتبدأ هذه السلسلة بتمهيد متدانع التزاما وعهدا.

هناك اعتقاد شائع بترادف مفهومى “علاج” الأمراض النفسية و “العلاج النفسى” ويرتبط مفهوم “العلاج” عادة باعطاء المريض الأدوية والعقاقير والصدمات الكهربية، بينما يرتبط مفهوم “العلاج النفسى” باعطاء المريض جلسات تحليلية نفسية، وهذا الاعتقاد يشيع ليس فقط بين العامة والمثقفين بل وبين بعض المشتغلين بالطب النفسى وعلم النفس .. .. وهو يأخذ شكل قضية “أما .. أو ..”، بمعنى أن المريض النفسى أما ان يأخذ بشكل أساسى علاج عضوى بأنواعه المتعددة أو علاج نفسى حسب المدرسة التى ينتمى إليها المعالج، وهناك بعض المتخصصين الذين يعتقتدون انهم يأخذون بالحل الوسط ويقولون أن المريض النفسى يمكن أن يحصل على هذين النوعين من العلاج فى وقت واحد ولكن بطريقة “الجمع” وليس “التوليف والتخطيط”.

ويرتبط ذلك عادة بمفهوم الطبيب المعالج النفسى عن المرض النفسى، سواء من حيث معناه وما يشير إليه أو من حيث العوامل والاسباب التى أدت إلى ظهوره لدى المريض .. ثم بمفهوم علاج الأمراض النفسية، ومدى إمكانية وجود هذا العلاج النفسى.. تحت أى شكل من الاشكال أو أى أسلوب من الأساليب المباشرة والمقصودة أو غير المباشرة، وما هو الدور الحقيقى الذى تقوم به العلاجات العضوية المختلفة فى تحقيق ما يسمى بالشفاء من المرض النفسى.

ولكى تكون لغتنا واضحة ومحددة علينا أولا أن تحدد المقصود بمصطلح “العلاج النفسى” الذى يتردد كثيرا فى هذا المقال، وهنا نجد أنفسنا أمام احدى المتاهات التى تسير فيها العلوم النفسية، فهذا المصطلح له ما لا يقل عن 36 (ستة وثلاثون) تعريفا… قابلة للزيادة، ولن نخوض فى هذه القضية الان وإنما سنفرد لها بحثا خاصا فى عدد قادم، ويترتب على هذا التعدد فى التعريف فى طرق وأنواع العلاج النفسى، فهناك أيضا أكثر من ثلاثين نوعا من هذه الطرق العلاجية.

ولعل القارئ يشعر بقدر من الانزعاج مثلما شعرت.. فأين هى الحقيقة وسط كل هذا التعدد؟ وهل هناك طرق علاجية أثبت البحث العلمى نجاحها أكثر من غيرها فى علاج المرضى النفسيين؟ إن استعراض الأبحاث التى أجريت عن نتائج العلاج النفسى يبين أن كل هذه الطرق قد أثبتت نجاحها علاجيا وبنسب متقاربة، وفى نفس الوقت يتهم أصحاب كل طريقة الأخرى بأنها قاصرة أو سطحية أو مصطنعه أو.. أو.. وأن طريقتهم هم هى الناجحة والصادقة والنافعة .. و.. و..

وهذا موضوع سنفرد له مبحثا خاصا نعرض فيه لهذه البحوث مع التركيز على المحاذير والمزالق المنهجية فى هذه المنطقة من البحث.

أين إذن علاج الأمراض النفسية فى مصر؟ من الذى يمارس هذا العلاج؟ وكيف يتم إعداده وتأهيله للقيام بهذه الوظيفة الخطيرة؟ وما هى أنواع وطرق العلاج التى تمارس فعلا؟ وما هى النتائج التى يصل إليها المعالجون فى علاجهم؟

وما هى المشاكل التى تواجه المعالجين والمرضى فى مصر؟ كل هذه الأسئلة وغيرها ستكون موضع مبحث أخر سينشر ضمن هذه السلسلة فى الأعداد التالية.

لقد أردنا فى هذا التمهيد أن نطرح مجموعة من القضايا والتساؤلات حول العلاج النفسى بصفة عامة والعلاج النفسى في مصر بصفة خاصة، ستكون محور سلسلة من المقالات تناقش هذه المسائل فى ضوء وجهة نظرنا الخاصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *