الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى” الحلم‏ (19)

نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى” الحلم‏ (19)

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس:   18-5-2017

السنة العاشرة13-4-2017

العدد: 3546     

 

 

فى رحاب نجيب محفوظ

قراءة أخرى للأحلام الأولى (19- 52)

تقاسيم على اللحن الأساسى

نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى

نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)

 الحلم‏ (19)

انبهرت بالشقة الجديدة بعد تسلمها، ففحصت كل موضع بنظراتى، امتلأت جوانحى بالسعادة وقلت لنفسى من الآن يحق لى أن اشغل وظيفة، وعلىّ أن أسعى إليها دون تأخير.

وذهبت الى السوق، المكان واسع المساحة، مسور بسور من البناء المتين، وأظهرت أوراق ملكية الشقة فسمحوا لى بالدخول.

المكان مكتظ بالخلق، لمحت وجوها أحببتها كثيرا ولكنهن جميعاً كن متأبطات أذرع رجالهن، وذهبت إلى النافذة المقصودة وقدمت أوراقى وفى مقدمتها أوراق ملكية الشقة الجديدة، وفحصها الرجل وسجلها وقال لى: “لا توجد الآن وظائف خالية، وسوف نتصل بك، فى الوقت المناسب”.

شعرت بخيبة أمل وشعرت بأننى سأنتظر طويلاً ورجعت مخترقاً الجموع ومتأملاً بعجلة الوجوه الجميلة التى أحببتها فى الماضى، ولبثت فى الشقة وحدى، وفى الطريق سمعت رجلاً يقول بصوت جهير “لا معنى لأن يملك شخص شقة دون أن يشغل وظيفة.. الأولى أن يتركها لغيره ممن يحظون بفرص أكثر لشغل وظيفة”.. وكأنه يعنينى بقوله، وما دامت الفكرة وجدت فقد تتحول إلى واقع.

وساورنى الشك والهم، وانتظرت ما يخبئه الغد بعين قلقة مؤرقة.

التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

رجعت إلى الشقة وأنا أتمنى أن أجدها فقد بدأت أشك فى كل شئ، وحين وصلت، وجدت أن النور مضاء بالداخل، مع أننى لم أدخل إليها عداد الكهرباء بعد،  شككت فى نفسى ، وعدت أتأكد من رقم العمارة، ورقم الشقة، وتأكدت من صحة هذا وذاك، فازداد غيظى وخوفى معا، ودققت الجرس، ففتح لى رجل لا أعرفه، سألنى عما أريد، فقلت له أنا الذى أسالك فهذه هى شقتى، فقال لى: إذا كانت هذه شقتك فما هى وظيفتك، قلت له: مازلت أبحث، قال لى: إذت فهى ليست شقتك هذا هو قانون المساكن الجديد.

أسرعت إلى قسم البوليس لأبلغ عن اغتصاب شقتى، وحين طلب منى الضابط العقد ليثبت ملكيتى فى المحضر، قدمت له الأوراق التى قدمتها هذا الصباح كمستند للوظيفة التى تقدمت لها ولم أنلها، فأخذ يفحصها بعناية، ثم قال، ولكن لا يوجد بين هذه الأوراق أى عقود تثبت ملكيتك لأى عقار، كل الموجود هو إقرار باستلام العمل، قلت له: عمل ماذا؟ أنا مازلت أبحث عن عمل لأحتفظ  بشقتى، قال لى: هل هذا منطق، فما هذا الإقرار؟ قلت له: هو إقرار باستلام الشقة وليس باستلام العمل. قال: أقرأ أوراقك أولا قبل أن تزعج السلطات، وتعجبت وعدت أبحث فى بقية جيوبى عن عقد الشقة، فلم اجد شيئا، وسألنى الضابط عن الجيران، فقلت له إن العمارة جديدة وليس لى بها جيران، فابتسم فى شفقة، وشعرت أنه  كاد يشك فى عقلى وصرفنى بلطف، وطلب منى أن أبحث عن أدلة.

قررت أن أرجع  مرة أخرى إلى الشقة لعلى أجد وسيلة أحصل بها على صورة العقد، أو لعلى أخطأت العنوان على الأقل،  لكننى لم أهتد إلى الشارع الذى يوصل إليها، وظللت أدخل من شارع لأخرج إلى أخر، وأنا أكاد لا أعرف أين أنا، وشعرت بدوار ثم دوخة لكن لم يمنعنى هذا أو ذاك عن مواصلة المسير، وفقدت معالم كل الأماكن، وظللت أمشى على غير هدى  حتى وجدت نفسى فى المقابر، فرُحت أبحثت عن قبر أبى ،

ولم أجده.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *