الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فى رحاب نجيب محفوظ: قراءة أخرى للأحلام الأولى (18- 52) تقاسيم على اللحن الأساسى

فى رحاب نجيب محفوظ: قراءة أخرى للأحلام الأولى (18- 52) تقاسيم على اللحن الأساسى

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس:  11-5 -201713-4-2017

السنة العاشرة

العدد: 2539                     

فى رحاب نجيب محفوظ

قراءة أخرى للأحلام الأولى (18- 52)

تقاسيم على اللحن الأساسى

نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى

 نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)

 الحلم‏ (18)

.. وتم مجلسنا على الجانبين فى القارب البخارى بدا كل واحد وحده لا علاقة له بالآخرين، وجاء الملاح ودار الموتور. الملاح فتاة جميلة، ارتعش لمرآها قلبى. أطلت من النافذة وأنا واقف تحت الشجرة وكان الوقت بين الصبا ومطلع الشباب، وركزت عينى رأسى فى رأسها النبيل وهى تمرق بنا فى النهر، وتتناغم خفقات قلبى مع دفقات النسيم وفكرت أن أسير إليها لأرى كيف يكون استقبالها لى.

لكنى وجدت نفسى فى شارع شعبى لعله الغورية وهو مكتظ بالخلق فى مولد الحسين ولمحتها تشق طريقها بصعوبة عند إحدى المنعطفات فصممت على اللحاق بها.

وحيا فريق من المنشدين الحسين الشهيد.

وسرعان ما رجعت الى مجلسى فى القارب وكان قد توغل فى النهر شوطاً طويلاً.. ونظرت إلى مكان القيادة فرأيت ملاحاً عجوزاً متجهم الوجه. ونظرت حولى لأسأل عن الجميلة الغائبة ولكنى لم أر إلا مقاعد خالية.

وقمت لاسأل العجوز عن الجميلة الغائبة.

  التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

رد علىّ العجوز باستنكار بأنه هو المُعـَّيـنُ ملاحا لهذا  القارب منذ سنين، وأنه لم يحل مكانه أى ملاح أو ملاحة غيره ،وأنه ممنوع أن يتولى قيادة هذه القوارب أى أنثى، ولا حتى أى رجل تحت الأربعين، تعجبت لقوله ولم أناقشه، وحين عدت إلى مجلسنا وجدت أنه ما زال كل واحد وحده بل زادت المسافة بين أى منا وبين  الآخرين، فلم أجد أى داع أن استشهد بهم، لأننى لم أتوقع أن يجيبنى أى منهم أصلا، رجعت إلى العجوز وطلبت منه أن ينزلنى فى أقرب موقع ممكن ، فنظر إلى شذرا وقال ، من يريد أن ينزل فلينزل هنا فوار، فقلت له : هل تمزح ؟ أنا لا أعرف العوم، فقال: وهل أنا طلبت منك أن تعوم ؟ ولم أفهم تماما، لكن تملكنى فزع خفى أخذ يزداد بسرعة، وخيل إلى أن القارب يميل أكثر فأكثر فى الناحية التى أنا فيها، وأن العجوز يمكن أن يحركه بحركة مفاجئة تلقينى فى النهر، فغيرت مكانى إلى الجانب الآخر، فإذا بالحركة العنيفة تنتقل إلى الجانب الآخر الذى انتقلت إليه فتأكدت أنه يقصدنى، وفجأة وجدت نفسى فى نفس الشارع الشعبى بالغورية وحين اقتربت من جمهرة محبى الحسين وجدت حلقة ذكر كلها من النساء أمام الباب الخلفى للمقام، وكلهن منتقبات، لا يظهر من سوادهن إلا العينين، ورحن يتمايلن وهن فى غاية السلطنة مع دقات الدفوف والتواشيح المرافقة، فاقتربت منهن بحذر، وأنا أكاد أجزم أن الجميلة الملاّح هى إحداهن، وحين زادت بحلقتى شعرت بيد توضع على كتفى فنظرت خلفى وإذا بها يد الملاح العجوز الذى بادرنى  بقوله:

ألم تتعلم من درس المركب يا غبى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *