الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة أخرى للأحلام الأولى (17- 52) : تقاسيم على اللحن الأساسى

قراءة أخرى للأحلام الأولى (17- 52) : تقاسيم على اللحن الأساسى

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس: 4-5-2017

13-4-2017السنة العاشرة
العدد:  3533

فى رحاب نجيب محفوظ


قراءة أخرى للأحلام الأولى (17- 52)

تقاسيم على اللحن الأساسى

نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى

نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)

 الحلم‏ (17)

تواصلت أحياء الجمالية والعباسية وأنا أسير وكأننى أسير فى مكان واحد. وخيل إلىّ أن شخصا يتبعنى، فالتفت خلفى ولكن الأمطار هطلت بقوة لم نشهدها منذ سنين ورجعت إلى مسكنى مهرولاً. وشرعت أخلع ملابسى ولكن شعوراً غريباً اجتاحنى بأن شخصاً غريباً مختف فى المسكن، واستفزنى استهتاره، فصحت به أن يسلم نفسه وفتح باب حجرة الاستقبال، وبرز رجل لم أر مثيلاً فى مساحته وقوته وقال بهدوء وسخرية “سلم أنت نفسك”.

وملكنى إحساس بالعجز والخوف وأيقنت أن ضربة واحدة من يده كفيلة بسحقى تماماً أما هو فأمرنى بتسليمه محفظتى ومعطفى وكان المعطف يهمنى أكثر ولكنى لم أتردد إلا قليلاً وسلمته المعطف والمحفظة.. ودفعنى فألقانى أرضاً. ولما قمت كان قد اختفى وتساءلت هل أنادى وأستغيث.

ولكن ما حدث مهين ومخجل وسيجعلنى نادرة ونكتة فلم أفعل.

وفكرت فى الذهاب إلى القسم ولكن ضابط المباحث كان من أصحابى وستذاع الفضيحة بطريقة أو بأخرى.

وقررت الصمت ولكنى لم أسلم من الوساوس.

وخفت أن أقابل اللص فى مكان ما وهو يسير هانئا بمعطفى، ونقودى.

التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

وسمعت أذان العصر، فقررت أن أتوجه للمسجد لأصليه جماعة، وأدعو على هذا السارق المفترى أن ينتقم الله منه جزاء ما اغتصبه منى وأرعبنى، بل وأذلنى سرا، وحين وجدت العدد قليلا فى المسجد اقتربت من المنبر حتى وجدت مكانا فى الصف الأول، وأثناء قراءتى الفاتحة وجدت عينى تمعن فى ظـَهـْر الإمام، ووجدته جسيما كالحائط، ثم رحت أدقق فى المعطف الذى يرتديه، وكأننى أتعرف على معطفى دون غيره، واستغفرت لانصرافى عن الخشوع، وأغمضت عينىّ، وحين فتحتهما وأنا أسلم فى نهاية الصلاة راحتا ناحية الإمام بسرعة آلية، وتذكرت، وتأكدت أنه هو الذى اغتصب معطفى ونقودى، وراجعت نفسى، وأنه يخلق من الشبه أربعين، لكننى لم أتمالك أن أمنع نفسى من أن أتقدم إليه، وقد غمرنى يقين أنه معطفى بلا أدنى شك، وسألته: يا مولانا، أيهما أكثر حرمانية: السرقة أم النهب بالإكراه، فهز رأسه، وقال: ولم هذا السؤال يا إبنى، فقلت له: لأننى أنوى أن أحصل على ما احتاج إليه قسرا، وأبحث عن ما هو أخف عقابا، فقال لى: من أين أنت يا بنىّ، فذكرت له عنوانى وأنا أسأله عن علاقة عنوانى بسؤالى، فقال: لأن على شرعا أن أبلغ عنك، فقلت له يا مولانا تبلغ عنى ماذا، وربنا علمنا أن من همّ بسيئة ولم يفعلها كتبت له حسنة، فَنظر إلىّ شذرا وقال وهو يصيح: هل تعلِّمنى دينى يا جاهل، اغرب عن وجهى وإياك أن اراك فى هذ المسجد ثانية، واهتز جسمه الجسيم داخل معطفى.

فانصرفت وأنا أخشى أن يقننوا دخول المساجد ليقصروها على أمثاله فقط. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *