الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى (184) تذكرة بالمنهج قبل تقديم: أنواع الفصام

الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى (184) تذكرة بالمنهج قبل تقديم: أنواع الفصام

نشرة الإنسان والتطور

نشرة السبت: 15-4-2017

السنة العاشرة

العدد: 3514    

 الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى (184)

الفصام: مغارة الضياع ووعود الإبداع

تذكرة بالمنهج قبل تقديم : أنواع الفصام

‏ ‏فى بداية الحديث عن “المسيرة الفصامية” قلت إننى فضلت أن أغير فى الترتيب الذى جاء فى الكتاب الأم، وأن أقدم مسيرة العملية الفصامية قبل تقديم الأنواع، ذلك لأن الأنواع تعتمد على المرحلة التى نرصد فيها تجليات العملية الجارية (مسيرة الفصام) فى صورة أعراض ومظاهر إكلينيكية،

هذا، وما زلت فخورا بما تميزبه الدليل المصرى/العربى‏ ‏لتقسيم الأمراض النفسية DMP I فقد جاء فى التقديم  لتعريف فئة الفصام ما يلى حرفيا:

“تشمل هذه الفئة مجموعة اضطرابات تمثـِّـل:

(أ)  تطور عملية ذهانية مفسِّخة لتركيب الِشخصية، و(ب) نتاج هذه العملية فى شكل عجز بالشخصية أو تدهور. ويأتى عدم تجانس هذه المجموعة من أننا نقابل مظاهرها الكلينيكية فى أطوار ومراحل مختلفة من تطور هذه العملية، ويتوقف وجود أعراض معينة من عدمه على نوع الفصام البادى”. (1)

ويتبين من هذا التعريف مدى التأكيد على (ا)  “تطور عملية ذهانية مفسِّخة”، وكيف أنه شديد الدلالة على أن ظهور هذه العملية أو مجرد وجودها ليس هو المطلوب إثباته، وإنما تطورها نحو نتائجها ، وهو ما جاء فى (ب) “عجز بالشخصية أو تدهورها”، ثم نلاحظ أن أعراض كل نوع تظهر حسب ما يمكن جمعه من كل من (ا) ثم (ب) ، الأمر الذى يختلف حتما من مرحلة إلى مرحلة، ومن ثم فالأنواع تعتمد على المرحلة.

 ولو كانت آراء الزملاء فى مصر والعالم العربى سمحت بإصدار الدليل الثانى بعد هذا الدليل الأول لأمكن تعديل الفقرة الأخيرة إلى “ويتوقف نوع الفصام البادى على ظهور أعراض دالة على المرحلة من العملية الفصامية التى رصد عندها هذا النوع” (2) ذلك أن التوقف عند مرحلة بذاتها هو الذى يحدد النوع.

وبعد

حين هممت أن أبدأ اليوم بتعداد أنواع الفصام، وراجعت تاريخى فى ذلك، وجدت أننى مررت بمراحل متتالية، وقدمت تقسيمات متعددة من وجهات نظر مختلفة عبر العقود الأربعة الأخيرة، وقد تطور الأمر معى تطورا  لا مفر من ذكره، وكان ذلك من واقع الممارسة، والمراجعة والبحث العلمى الذى توجته  دراسة وبحث مطوّل لنيل درجة الدكتوراة فى الطب النفسى، أشرفت عليها لتحقيق أحد فروضى فى هذا الأمر، وقام بها الدكتور زكريا حليم (استشارى الآن بالمملكة المتحدة) وغالبا سوف أعود إليه حين أذكر تفاصيل تاريخ تطور تقسيماتى للفصام ومبرراتها.

وقبل أن أقدم على ذلك، لاحظت أنه علىّ أن أعود للتأكيد على المنهج الذى أتبعه كلما وجدت نفسى سوف أقدّم مصطلحا جديدا، أو تقسيما مختلفا، وقد وجدت أن مراحل تطويرى لأنواع الفصام بالذات، وهو كما ذكرنا: الباب المغلق الذى وراءه كل شىء (ضد مقولة بلويلر Bleuler الذى ليس وراء شىء) تحتاج للعودة بكلمة محدودة عن منهجى فرأيت احتراما لمن لا يتابعنا بانتظام، أن أكتفى فى نشرة اليوم بالتذكرة بهذا المنهج مع بعض التعديل، دون شرح أكثر، وأيضا مع محاولة إضافة شكل مساعد على الوجه التالى:

استطيع أن أقدم الطريق الذى سلكتـُه، وأسلـُكـُهُ،  حتى الآن كالتالى:

من الفرصة     ← إلى     الخِبرة ،

ومن الخبرة ← إلى ← الرؤية،

ومن الرؤية ← إلى ← المعرفة،

ومن المعرفة ← إلى ← الفروض،

ومن الفروض← إلى←الممارسة

ومن الممارسة ← إلى← النتائج

ومن النتائج  ← إلى   ←  العلم

ومن العلم    ← إلى   ←   النقد،

ومن النقد  ← إلى ←      الوقفة،

ومن الوقفة←إلى←واحدية المعرفة،

ومن واحدية المعرفة ← إلى ….. >>

فرصة جديدة إلى …………..←

                           ← خبرة جديدة،

……وهكذا

وآمل أن يضيف الشكل التالى مدى التداخل بالإضافة إلى التتابع:

 15-4-2017

ولعل هذه التذكرة بالمنهج تذكرنا بمنطلق الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى، وأنه منطلق عملى علاجى فى المقام الأول، وحتى لو اهتزت المعلومات الأساسية التى يستند إليها ، فإن فروضه تثبت كما ذكرنا بالتطبيق أكثر من التحقق والتحقيق ، وأعتقد أن هذا هو مطلب كل من الطبيب والمريض على حد سواء، عبر التاريخ.

وتكملة لهذا الموقف أنتهزها فرصة وأعيد ذكر المنطلقات العشرة لممارسة هذا الطبنفسى الإيقاعحيوى

  المنطلقات الأساسية لممارسة الطبنفسى الإيقاعحيوى

أولاً: إن الطبيب يتعامل مع “الظاهرة البشرية” ممثلة فى فرد منها كما خلقها بارؤها، وقد أصابها ما أعاقها أو شوَّهـَهـَا أو انحرف بها إلى غير غايتها الطبيعية، فهو لا يتعامل مع مجموعة أعراض أو أسماء أمراض فحسب.

ثانياً: إن الطبيب النفسى يمارس مهنته أساسا من خلال تنشيط مستويات وعيه بالاضافة إلى علمه – دون قصد إرادى ولكن بمجرد انتمائه إلى الحياة كما وهبنا الله إياها –  للمشاركة فى إعادة بناء ما اهتز أو تخلخل أو تشوه فى الظاهرة البشرية التى يتصدى لمساعدتها، وليس فقط من خلال تسجيل ملاحظاته والربط بين مفردات  ما جمع لفظيا.

ثالثاً: إن دوائر توازن الوجود، بدءًا بذكاء المادّة (3)، إلى مطلق تناغم حركية تخليق إبداع الوعى المتنامى، مرورا بالعقل الوجدانى الاعتمالى (4)  ،  إلى الغيب،  متواصلة مع بعضها البعض بقوانين قد لا يثبتها إلا استمرار من استمر من الأحياء فى الكون دون انقراض بفضل خالقها حتى الآن!!

رابعاً: إن هذا كله يتواصل باستمرار بإيقاع تناسقى عملى دائم سواءً وصل ذلك إلى تسميته بمصطلحات لفظية، أو علمية، أو دينية ، أو لم  يصل (كما هو الحال عند سائر كل شىء: أحياء وغير أحياء لم تعقهم لغة مغتربة أو اغتراب خبيث).

خامساً: إن حركية هذا الهارمونى المتوازن والممتد لا تحتاج إلى إثبات من خارجها، وهى لا تُنْكِرُ أىَّ حضورٍ فوقىٍّ مسئول عن وجودها فدوامها واضطرادها فبقائها، ولا تتنكر له. بل تستعين به وتتواصل معه وتتوجه إليه.

سادساً: إن كل ما هو دون الإنسان، وغير الإنسان يمارِسُ كلَّ هذا، دون دراية ظاهرة، أو إرادة معلنة دون أن يسميه تدينا أو إيمانا أو إبداعا .

سابعا: إن النتائج العملية التى تقاس بمقاييس النمو والتطور والإبداع، بما فى ذلك استيعاب برامج البقاء إلى تنشيط حركية الإبداع نحو تخليق الإيمان هى التى يمكن أن تدعم هذه الفروض بتصاعد تدريجى.

ثامناً: إن الوراثة تشمل انتقال الميمات، والميم هو “وحدة المعلومات الثقافية” التي يمكن نقلها من عقل لآخر بطريقة مشابهة لانتقال الجينات من فرد لآخر خلال عملية التكاثر حيث تعتبر الجينات وحدة المعلومات الوراثية (5)

تاسعاً:… يولد الشخص بنسب متفاوته بالنسبة لزخم حركية الطاقة مع احتمال وجود بعض ما‏ ‏تراكم‏‏ ‏من‏ ‏معلومات كأجسام‏ ‏ ‏غريبة‏، تحتاج إلى اجترار وبسط مناوب (من خلال الإيقاعحيوى المستمر)  لإمكان تمثـِّلها لتتناغم من جديد مع الكلّ النامى.

عاشراً: ‏تتدعم‏ ‏نشاطات‏ ‏المستويات‏ ‏الموروثة‏ ‏بحسب‏ ‏نوع‏ ‏التربية‏ ‏التى ‏تسمح‏ ‏لهذا‏ ‏النوع‏ ‏أو‏ ‏ذاك‏ ‏من‏ ‏الحياة‏ (‏نوع‏ ‏التعامل‏ ‏مع‏ ‏الذات‏ ‏ومع‏ ‏الآخر‏ ‏ومع‏ ‏الواقع ومع الإبداع ومع الإيمان‏) ‏‏والعامل‏ ‏المشترك‏ ‏فى ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏هو‏  توازن وتناسب ‏زخم‏ ‏الطاقة‏‏، ‏واتساق وهارمونية ‏ ‏النبضات ‏ ‏الدورية دائمة التجديد والتشكيل والإبداع والإيمان.

……………….

……………….

وغدا نحاول تقديم تطورات تقسيمات أنواع الفصام من وجهات النظر المختلفة، وذلك بعد توضيح الفرق بين مفاهيم الفصام التى سبق تقديمها (نشرة السبت 19-3-2017 العدد: 3487)  وبين أنواع الفصام.

[1] – 07 SCHIZOPHRENIA

This category includes a group of disorders representing (a) the evolution of a disorganizing psychotic process and (b) the end result of this process in the form of personality deficit or deterioration. The heterogeneity of the group comes from the various presentations of different stages. The presence or absence of specific symptoms depends on the type. 

   THE EGYPTIAN PSYCHIATRIC ASSOCIATION

 DIAGNOSTIC MANUAL OF PSYCHIATRIC DISORDERS. 1979

[2] – وقد عرضت هذا العرض على الزملاء من خلال الشبكة العربية النفسية (شعن) ودعمنى فيها رئيسها د. جمال التركى، لكن يبدو أن الأغلبية لم تقتنع بدرجة كافية.

[3] – أنظر نشرة: عن النظام التساهمى من ذكاء المادة إلى مطلق الهارمونى نحو “الغيب”، وعلاقته بالعامل العلاجى فى العلاج الجمعى، وثقافتنا الخاصة (نشرة 27-8-2016)

[4] – Emotionally Processing Mind

[5] – والميم كما يقول ريتشارد داوكنز، يمتد كوحدة للتطور وبعض النظريات والأفكار تقترح أن الميمات تتطور من خلال اصطفاء طبيعي بطريقة مشابهة لأفكار تشارلز داروين فيما يخص التطور البيولوجي باعتماد أفكار مثل التنوع، الطفرة، والتنافس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *