الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعيوى التطورى (174) الفصام: مغارة الضياع ووعود الإبداع تنويعات مفاهيم الفصام

الطبنفسى الإيقاعيوى التطورى (174) الفصام: مغارة الضياع ووعود الإبداع تنويعات مفاهيم الفصام

نشرة “الإنسان والتطور”

نشرة الأحد : 19-3-2017

السنة العاشرة

العدد: 3487   

 الطبنفسى الإيقاعيوى التطورى (174)19-3-2017_1

الفصام: مغارة الضياع ووعود الإبداع

تنويعات مفاهيم الفصام  

مقدمة:

المتن:

بالرغم‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏المفهوم‏ ‏السلوكى – وهو ما قدمناه فى نشرة أمس – ‏بدا‏ ‏أقرب‏ ‏المفاهيم‏ ‏تحقيقا‏ ‏للتواصل‏ ‏والاتفاق‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏الممارس‏ ‏الاكلينيكى ‏ ‏يدرك ‏مدى ‏عجز‏ ‏هذا‏ ‏المفهوم‏ ‏عن‏ ‏الإلمام‏ ‏بأبعادٍ‏ ‏دينامية‏ ‏وبيولوجية‏ ‏ضرورية‏ ‏فى ‏مسيرة‏ ‏الفهم‏ ‏والعلاج، ‏وأخيرا‏ ‏فإن‏ ‏تحديد‏ ‏المفاهيم‏ ‏للشرح‏ ‏لا‏ ‏يعنى ‏بتاتا‏ ‏تحديدها‏ ‏فى ‏الممارسة، ‏فالتداخل‏ ‏بينهما‏ ‏بغير‏ ‏حدود، والفروق كذلك.‏

تعقيب  وتحديث (2017):

يستحسن أن نضيف الآن أن هذا المفهوم السلوكى هو أيضا أقرب ما يكون إلى التعريف التقليدى لما هو فصام فى أغلب أو كل دلائل التقييم المتاحة، لكننا نلاحظ أن المقتطف الحالى انتهى إلى: التنبية بأن تحديد المفاهيم لا يعنى بتاتا تحديدها فى الممارسة، بما فى ذلك من إشارة إلى أن الإحاطة بهذه المفاهيم الأخرى ضرورية، خاصة على مسار العلاج وهى تكمل بالضرورة “المفهوم السلوكى الظاهر” وأيضا المفهوم المسارى والمآلى (الذى سوف يأتى ذكره حالا)، هذا ما تأكد لى حين رجعت إلى تنظيرى اللاحق فوجدت أننى أدرجت حديثا معظم المفاهيم الهادفة للعلاج فيما يسمى “الصياغة النفسمراضية” خاصة “النفسمراضية التركيبية”، وليس مع أى تصنيف أو تشخيص محدد، ذلك لأن الصياغة بكل مستوياتها هى البعد الأوْلى بالتركيز من وجهة نظر العلاج وهى أهم من مجرد  لصق لافتة التشخيص (أنظر ندوة “مستويات الصياغة فى مقابل الاختزال بالتشخيص وعلاقة ذلك بالتخطيط العلاجى” 17/3/2017) (1) 

ثم نواصل تعداد المفاهيم الأخرى لما هو “فصام”:

المتن:19-3-2017_2

ثانياً: ‏المفهوم‏ ‏المسارى ‏والمآلى ‏للفصام The “Course and Outcome” concept.‏

منذ‏ ‏نشأ‏ ‏مفهوم‏ ‏الفصام‏ ‏وهو‏ ‏مرتبط‏ ‏بمساره‏ ‏ومآله، ‏وكما‏ ‏أشرنا‏ ‏فقد‏ ‏حتم‏ “‏كريبلين” ‏لتشخيصه، ‏تدهور‏ ‏الشخصية، ‏وتبنت‏ ‏هذه‏ ‏الفكرة‏ ‏بحماس‏ ‏حتى ‏الآن‏ ‏المدرسة‏ ‏الفرنسية، ‏والحق‏ ‏يقال‏ ‏أن‏ ‏شكًّا‏ ‏يثور‏ ‏بلا‏ ‏تردد‏ ‏عند‏ ‏أى ‏فاحص‏ ‏وممارس‏ ‏يذهب‏ ‏إلى ‏تشخيص‏ ‏حالة‏ ‏ما‏ ‏على ‏أنها‏ ‏فصام، ‏إذا‏ ‏ما‏ ‏انتهت‏ ‏النوبة‏ ‏دون‏ ‏آثار‏ ‏تدهورية‏ ‏فى ‏صورة‏ ‏ندب‏ Scar ‏فى ‏الشخصية، ‏الأمر‏ ‏الذى ‏يؤكد‏ ‏أن‏ ‏مفهوم‏ ‏الفصام‏ ‏مرتبط‏ ‏فعلا‏ ‏بمساره‏ ‏ومآله، ‏وكأن‏ ‏الفصام‏ ‏من‏ ‏زاوية‏ نظر ‏هذا‏ ‏المفهوم‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏فصاما‏ ‏إلا‏ ‏إذا‏ ‏شوَّه‏ ‏الشخصية‏ ‏بندب‏ ‏يسرع‏ ‏من‏ ‏تدهورها إلى السلبية والضمور، ‏فالفصام‏ ‏ما‏ ‏زال‏ – ‏مهما‏ ‏حاولنا‏ ‏التعمية‏ ‏بمختلف‏ ‏الآراء‏ ‏من‏ ‏أول‏ ‏بلويلر‏ ‏حتى ‏زاس‏ – ‏هو‏ ‏كهولة‏ ‏الشباب‏ ‏الـلـَهـِجـَة‏ the hasty youth aging, ‏أو‏عته‏ ‏المراهقة‏ ‏المبكر‏ adolescent dementia, ‏وعلى ‏ذلك‏ ‏فإن‏ ‏كلمة‏ ‏فصام‏ ‏ما‏ ‏زالت‏ ‏تعنى ‏عند‏ ‏سماعها‏ ‏ومستعملها‏ ‏تدهور‏ ‏مبكر‏ ‏وسريع‏ ‏فى ‏القدرات‏ ‏العقلية‏.‏

تعقيب  وتحديث (2017):

أعتقد أن التسليم بهذا المفهوم المرتبط بالمآل outcome أكثر من ارتباطه بالعملية المرضية والمسار هو المبرر للنظرة التشاؤمية البشعة عن ماهية الفصام، وقد يمكن القبول به من حيث المبدأ للحذر منه والعمل على تجنبه فى مقابل التركيز على العملية الجارية ومحاولة توجيه المسار إلى أى احتمال ايجابى آخر، أما التسليم له باعتباره حتمية مآل الفصام فهذا ما ننبه إلى ضرورة مراجعته.

المتن (2):

على ‏أن‏ ‏بعدا‏ ‏آخر‏ ‏غير‏ ‏العته‏ ‏المبكر‏ ‏وتدهور‏ ‏الشخصية‏ ‏قد‏ ‏بدأ‏ ‏يفرض‏ ‏نفسه‏ ‏بالنسبة‏ ‏لمسار‏ ‏عملية الفصام‏ ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏أصبح‏ ‏شائعا‏ – ‏وخاصة‏ ‏بعد‏ ‏استعمال‏ ‏العقاقير‏ ‏المهدئة‏ ‏الجسيمة‏ – ‏من‏ ‏نتاج‏ ‏العملية‏ ‏الفصامية‏ ‏فى ‏صورة‏ ‏اضطراب‏ ‏فى ‏الشخصية‏ ‏مكافئ ‏للفصام‏ ‏فى ‏غايته‏ ‏وتركيبه‏ ‏وديناميته، ‏ولكنه‏ ‏خال‏ ‏من‏ ‏الأعراض‏ ‏الفصامية‏ ‏الصريحة، ‏وهذا‏ ‏المسار‏ ‏الذى ‏يتزايد‏ ‏وصفه‏ ‏حاليا‏ ‏إنما‏ ‏يشير عادة إلى ‏نوع‏ ‏‏من‏ ‏تدهور‏ ‏الشخصية‏ ‏وتوقف‏ ‏النمو‏ ‏كنتيجة‏ ‏للعملية‏ ‏الفصامية، ‏سواء ظهرت سلوكيا أو لم تظهر فى صورة‏ ‏اضطرابات‏ ‏الشخصية‏ ‏بدلالتها على توقف النمو‏.‏

تعقيب  وتحديث (2017):

هذه الفقرة تحتاج لمناقشة لتوضيح ما وراءها ذلك أنه خلال الثلاثين سنة ما بين كتابتها والآن اتضح لى ما كنت أرمى إليه بها مما يحتاج إلى مزيد من الايضاح كما يلى:

إن إجهاض العملية الفصامية بعد بدايتها لا يمر بسلام، ففى حين أنه قد يحول دون مواصلة المسيرة إلى مصير أخطر وأكثر تدهورا وهو الفصام الصريح فإنه مادام إجهاضا فهو يعنى أن عملية التحريك التى بدأت قد توقفت بدفاعات صلبة متجمدة، صحيح أنها حالت دون التمادى إلى الفصام الصريح لكنها أيضا راحت تحول دون حركية تواصل النمو، ودون إتاحة فرص الابداع فى نفس الوقت، وهذا ما رحت أكرره – بعد ذلك وحتى الآن –  حين رحت أميز الأزمة المفترقية كبداية مستقلة ينبغى أن تحل محل ما نسميه بداية الفصام، حيث أنها يمكن أن تتوجه إلى حفز النمو أو الابداع الصريح (النمو) أو إلى اضطراب الشخصية مرورا بمرحلة الفصام أو دون ذلك، وهذا يتأكد بوجود فئة من اضطرابات الشخصية تدرج تحت عنوان : اضطراب الشخصية بعد الذهان (عامة) وبعد الفصام أكثر.

كل ذلك سبق أن  تناولناه مرارا فى حديثنا المكرر عن حالات الوجود المتبادلة وعن مسارات الأزمة المفترقية (مثلا: انظر نشرات (نشرة 13-8-2016) إلى (نشرة 21-8-2016) و(نشرة 25-6-2016). 

المتن:

ثالثاً: ‏المفهوم‏ ‏الدينامى ‏للفصامThe dynamic concept

إن‏ ‏كلمة‏ ‏دينامى ‏نفسى Psychodynamic ‏غالباً ما‏ ‏ترتبط‏ ‏بالتحليل‏ ‏النفسى ‏بشكل‏ ‏مباشر‏ ‏أو‏ ‏غير‏ ‏مباشر، وإن‏ ‏كان‏ ‏التحليل‏ ‏النفسى ‏لم‏ ‏يدّع‏ – ‏على ‏الأقل‏ ‏فى ‏بدايته‏ – ‏أنه‏ ‏حل‏ ‏مشكلة‏ ‏مفهوم‏ ‏الفصام، ‏فإننا‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏نشير‏ ‏هنا‏ ‏إلى ‏منظوره‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏أنه‏ ‏يتحدث‏ ‏عنه‏ غالبا ‏تحت‏ ‏اسم‏ ‏العصاب‏ ‏النرجسي ‏Narcissistic Neurosis. ‏

19-3-2017_3

والذى ‏يهمنى ‏فى ‏هذا‏ ‏التقديم‏ ‏دون‏ ‏الدخول‏ ‏فى ‏التفاصيل‏ ‏التثبيتية‏ ‏والنفسجنسية‏ ‏هو‏ ‏ما‏ ‏يقابل‏ ‏ذلك‏ ‏المفهوم‏ ‏الدينامى ‏فى ‏الصورة‏ ‏الكلينيكية، ‏فقد‏ ‏ذهب‏ ‏البعض‏ ‏إلى ‏إعتبار‏ ‏العلامة‏ ‏الأساسية‏ ‏فى ‏الفصام‏ ‏هى ‏الشـَّخـْصـَنـَة‏ ‏المطلقة‏ Absolute Personification ‏التى ‏تلغى ‏العالم‏ ‏فى ‏النهاية‏ ‏إلغاء‏، ‏لحساب‏ المبالغة فى ‏الإسقاط‏، ‏كما‏ ‏أنها‏ ‏تلغى ‏العلاقة‏ ‏بالآخر‏ ‏تماما‏ ‏فلا‏ ‏يصبح‏ ‏الآخرون‏ ‏بالنسبة‏ ‏لمثل‏ ‏هذا‏ ‏المريض‏ ‏إلا‏ ‏ما‏ ‏يصنعونه‏ ‏له، أو يريدهم أن يكونوه، ‏أى ‏يصبحون‏ ‏مجرد‏ ‏أشخاص‏ ‏ذاتية‏ Self Objects, ‏ومن‏ ‏هذا‏ ‏المنطلق‏ ‏النرجسى ‏الكامل‏ ‏يتوازى ‏الفصام‏ ‏ديناميا‏ ‏بشكل‏ ‏ما‏ ‏مع‏ ‏اضطرابات‏ نوع من ‏الشخصية‏ ‏السيكوباتية‏ ‏بوجه‏ ‏خاص.

 ‏على ‏أن‏ ‏للمفهوم‏ ‏الدينامى ‏أبعادا‏ ‏أخرى، ‏بلغات‏ ‏أخرى حسب المدرسة النفسية الشارحة لها فمن‏ ‏وجهة‏ ‏نظر‏ “‏مدرسة‏ ‏العلاقة‏ ‏بالموضوع” Object Relation Theory ‏فإن‏ ‏الفصام‏ ‏يعنى “‏أن‏ ‏الأنا‏ ‏الناكص” ‏قد‏ ‏نجح‏ ‏فى ‏الاتجاه‏ ‏بالوجود‏ ‏إلى ‏الوراء‏ ‏على ‏حساب‏ ‏أى ‏نشاط‏ ‏واقعى ‏ناضج، ‏و‏هذا‏ ‏النجاح‏ ‏مصاحب‏ ‏بإلغاء‏ ‏الآخر‏ ‏أيضا‏ فهو يتمادى إلى التثبيت عند الموقف الشيزيدى (حيث لا موضوع).‏

أما التحليل‏ ‏التفاعلاتى Transactional Analysis، ‏فإن‏ ‏الفصام‏ ‏يعنى ‏أن‏ ‏حالة‏ ‏الأنا‏ ‏الطفلية‏ ‏هى ‏الطاغية‏ ‏إلا‏ ‏أنها‏ ‏مشوشة‏ Confused Child Ego State ‏مع‏ ‏وجود‏ ‏بقايا‏ ‏الأنوات‏ ‏الأخرى (‏الفتى ‏خاصة‏Adult ) ‏متفرقة‏ ‏ومتناثرة‏ ‏فى ‏الوساد‏ ‏الشعورى ‏نفسه، ‏وهذا‏ ‏المفهوم‏ ‏هو‏ ‏أكثر‏ ‏اقترابا‏ ‏من‏ ‏صورة‏ ‏الفصام‏ ‏الكلينيكية‏  التقليدية ‏عن‏ ‏مفهوم‏ ‏التحليل‏ ‏النفسى الكلاسى، ‏….

تعقيب  وتحديث (2017):

فى تنظيرى اللاحق من خلال الممارسة رأيت أن أُحِلّ منظور النفسمراضية التركيبية، فى المرتبة الأولى قبل وأهم من منظور النفسمراضية السبببية، والتحليلية، وبالتالى أصبح المفهوم الدينامى التحليلى أقل حضوراً لتفسير نفسمراضية الفصامى، اللهم إلا فيما يتعلق بالتعبير الذى وصفه “سليفانو أريتى” وهذا نصه “النكوص الغائى المتمادى” (3) وهو مفهوم يربط بين هذا المنطلق الدينامى والمفهوم الغائى (والتطورى) الذى سنتعرض له بعد قليل.

 المتن:

رابعاً: ‏المفهوم‏ ‏التركيبى ‏للفصام‏ The Structural Concept:

 ‏الفصام‏ ‏هو‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏الشخصية‏ ‏متباعدة‏ ‏كياناتها‏ (‏وأجزاؤها‏) ‏بدرجة‏ ‏تعمق‏ ‏الإغتراب، ‏مع ان هذا التباعد قد يقلل ‏من‏ ‏حدة‏ ‏الصراع‏ ‏ولو مرحليا لكن التفكك يتمادى حتى تطور الواحدية فاعليتها‏ (‏ما‏ ‏زلنا‏ ‏نتحدث‏ ‏عن‏ ‏الداخل‏), ‏فهذا‏ ‏التباعد‏ ‏مع‏ ‏تجمي19-3-2017_4د‏ ‏الصراع‏ ‏وتزايد‏ ‏التفسخ‏ (‏الداخلى) ‏يتزايد‏ ‏تدريجيا‏ ‏عادة‏ ‏مع‏ ‏تأثير‏ ‏مباشر‏ ‏وغير‏ ‏مباشر‏ ‏على ‏نوعية‏ ‏السلوك‏ ‏ونوعية‏ ‏الوجود‏ ‏معا، ‏وقد‏ ‏يظهر‏ ‏أثر‏ ‏هذا‏ ‏التركيب‏ – ‏المتباعد‏ ‏المجمَّد‏ ‏المتفسخ‏ ‏فى ‏تزايد‏ – ‏صريحا‏ ‏فى ‏السلوك‏ ‏الظاهرى، متباعدًا مجمدا متفسخاً وهو ما تحدد فى المفهوم السلوكى، لما هو “فصام” صريح معلن، ‏كما‏ ‏قد‏ ‏يوجد‏ ‏بشكل‏ ‏غير‏ ‏صريح‏ ‏فى ‏زملات‏ ‏كلينيكية‏ ‏متنوعة ‏وخاصة‏ ‏مجموعة‏ ‏كبيرة‏ ‏من‏ ‏اضطرابات‏ ‏الشخصية‏ ‏وزملات‏ ‏اكلينيكية‏ ‏أخرى ‏من‏ ‏المسماة‏ “‏غير‏ ‏النموذجية” ‏إذ‏ ‏أن‏ ‏أغلب‏ ‏الزملات‏ ‏المسماة‏ ‏غير‏ ‏نموذجية‏ ‏إنما‏ ‏تشير‏ ‏إلى ‏تركيب‏ ‏فصامى ‏ تحتها ‏ ‏إلى ‏حد‏ ‏ما‏، ‏حتى ‏يصل‏ ‏الأمر‏ ‏بالتقسيم‏ ‏الفرنسى ‏إلى ‏وضع‏ ‏الإكتئاب‏ ‏غير‏ ‏النموذجى ‏والهوس‏ ‏غير‏ ‏النموذجى ‏تحت‏ ‏فئة‏ ‏الفصام‏ ‏وليس‏ ‏تحت‏ ‏فئة‏ ‏الهوس‏ ‏والاكتئاب، ‏وقد سبق أن‏ ‏أشرنا‏ ‏إلى ‏مثل‏ ‏ذلك‏ ‏حين‏ ‏تحدثنا‏ ‏عن‏ “‏الاكتئاب‏ ‏الطفيلى ‏النعّاب” Nagging Parasytic Depression ‏وقلنا‏ ‏إن‏ ‏سيكوباثولجيته‏ ‏متعلقة‏ ‏بالفصام‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏تعلقها‏ ‏بالاكتئاب، ‏وكذلك‏ ‏حين‏ ‏تحدثنا‏ ‏عن‏ “‏الهوس‏ ‏النزوى ‏المتفتر” ‏ Intermittent Impulsive Mania وقلنا‏ ‏نفس‏ ‏المقولة، ‏وأخيرا‏ ‏حين‏ ‏تحدثنا‏ ‏عن‏ حالات “‏البارانويا‏ ‏اللزجة‏ ‏المعتمدة” Sticky Dependant Paranoid State

 ‏وقد‏ ‏تصل‏ ‏أهمية‏ ‏هذا‏ ‏المفهوم‏ ‏التركيبى ‏لدرجة‏ ‏تكاد‏ ‏تجتاح‏ ‏الحياة‏ ‏العادية‏ ‏عند‏ ‏كثير‏ ‏من‏ ‏الناس‏ ‏دون‏ ‏ظهور‏ ‏أعراض، ‏فى بعض الأحوال المبالغة فى الاغتراب.

تعقيب  وتحديث (2017):

لا يصح أن نتعامل مع هذا المفهوم على أنه مفهوم للفصام ذاته، ذلك لأنه يشير إلى تركيب داخلى نشازى يدور حول نفسه فى المحل، وهو برغم تفككه فإنه يحافظ على استمراره بتوازن إمراضى غير ظاهر، لكنه يظل لا تجمعه منظومة ضامة أو فكرة محورية غائية نامية، ويظل لا يظهر فى السلوك بهذه الصورة إلا بطريق غير مباشر: مثلا بأن يحيل الصورة الإكلينيكية لاضطراب آخر (وجدانى غير نموذجى مثلا أو اضطراب شخصية) وبما يتصف به هذا التركيب من نشاز واغتراب فإنه قد يقلل من حدة الصراع الداخلى لكنه يزيد من درجة التباعد والتفسخ فى التركيب بما يؤدى فى نفس الوقت إلى توقف فى النمو، بل التراجع عنه إن أمكن .

وبالرجوع إلى فروض “حالات الوجود المتناوبة” (نشرة 25-6-2016) و(نشرة 25-6-2016) و(نشرة 25-6-2016) يمكن أن نؤكد أن التركيب التفككى فى ذاته ليس تركيبا فصاميا (أو ذهانيا أو “جنونا” حيث أننا استعملنا لفظ الجنون وليس الفصام فى فرض حالات الوجود المتبادلة) بل إنه تركيب تفكيكى مفترقى ، وفى حالة تماديه إلى ما وصف به المنظور السلوكى أو حتى الدينامى للفصام فإنه يصبح كذلك.

وبألفاظ أخرى فإن المفهوم التركيبى المتفسخ الساكن نسبيا هو ما يشير إلى الفصام الكامن، أما المفهوم التركيبى النابض (بلغة الايقاعحيوى) فهو مازال حركية نيوروبيولوجية نمائية فى مفترق الطرق فحسب.

………………..

………………..

وغدًا نكمل ما تبقى عن تنويعات مفاهيم الفصام أيضا

 

[1] – المؤتمر السنوى للجمعية المصرية للطب النفسى (“التحديات فى تشخيصات الطب النفسى”Challenges In Psychiatric Diagnoses) من 15 – 17 مارس 2017.

[2] – للأمانة ، لابد من الاعتراف بأننى قمت بتكرار صياغة بعض الجمل فى المتن لتسهيل توصيل الرسالة دون اخلال بالمعنى أو تغيير فيه.

[3] – Progressive teleological regression. Silvano Arieti” Interpretation of Schizophrenia”  (1974).  New Your Published. National Book Award in the Science category.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *