الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / منتدى النقد: فى رحاب نجيب محفوظ محفوظ وخدش الحياء العام!!

منتدى النقد: فى رحاب نجيب محفوظ محفوظ وخدش الحياء العام!!

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس: 8-12-2016naguib-mahfouz_2

السنة العاشرة

العدد:  3387

منتدى النقد:

فى رحاب نجيب محفوظ

محفوظ وخدش الحياء العام!!

مقدمة :

أعتذر اليوم يا شيخى الكريم عن مواصلة قراءة  نقدى “لاسم آخر للظل”، لأبلغك بعض ما شغلنى عن ذلك:

 بعد أن قرأت اليوم فى الأهرام مقالا بعنوان: “نجيب محفوظ ومحاولة أخرى لاغتياله”، وجدت أنه حتى هذا الكاتب الرصين، والشاعر الجميل “أحمد عبد المعطى حجازى”، قد استـُدرج ليرد على الزوبعة التى ثارت فى مجلس الشعب الموقر وهم يتهمونك بغباء لا يخجلون منه، وبجهل يفخرون به، بأن أعمالك (كذا دون تحديد) تخدش الحياء العام، وقد عنون مقاله بوصف ما قام به هؤلاء أنه “محاولة أخرى لاغتياله”، وقد رفضت العنوان كما تحفظت على كثير مما جاء بالمقال، فهم لا يستطيعون اغتيالك وهم أعجز من أن يحاولوh ذلك، ولا حتى فى المرة الأولى، فأنت أكبر وأجمل وأكثر تواصلا مع ربنا بحيث تصبح عصيا على الاغتيال أصلا.

الذى أراه يا شيخى العزيز أنهم يفعلون ذلك ليس جهلا بقيمتك أو بموقع كتاباتك كما أشار كاتب المقال، وإنما جهلا بدينهم، وبإيمانهم، بديننا وربنا، ذلك الدين والإيمان الذى جعل الحياء مرادفا للإيمان، حتى أوصى  نبينا عليه الصلاة والسالم بأن من تخلى عنه تخلى عن إيمانه، فراحوا يصورونه بهذه الهشاشة ..وأن كلمة ً تخدشه، فما بالك بإبداع من يعلمنا كيف نعرف ربنا ونوحده.

وددت يا شيخي الغالى  لو لم يرد عليهم أحد أصلا، حتى لا يصبح الحبر نقطة بدولارِ قياسا على: “مثقالا بدينار(1)“!!!، فكما علتَّمنا المعرى “ما كل نطق له جواب، جواب ما تكره السكوت“،

 لقد اسفتُ من متابعة  الردود بقدر ما أسفت من الجهل والحماقة، وكنت أتعجب طول عمرى من مدى جهل من يتكلمون عن الحياء، جهلهم بفضيلة الحياء وجمال الحياء، ويتمادى الجهل إلى تفرقة مفتعلة بين ما أسموه: الحياء العام، والحياء الخاص، حتى أننى  كتبت ذات مرة، من عشر سنوات، أسخر من هذه التفرقة الغبية: قصة قصيرة، رأيت أن  أهديك إياها يا شيخى الجليل، بدلا من أن أرد عليهم، وأنا لا أذكر أننى قرأتها عليك، ثم إنى أفرح حين أعرض عليك – حتى بعد زعم رحيلك- بعض محاولاتى المتواضعة حتى لو كانت قديمة، وأنا أعرف أن الإبداع مهما تواضع، فهو يمكن يوصل إليك ما هو أفضل من مباشرة الرد على هذا العبث البرلمانى النوابى المخجـِل.

القصة (2)

 (1)

قالت البنت لأخيها: ما هو الفرق بين “الحياء العام” و”الحياء الخاص”؟ قال أخوها: ماذا؟ ماذا جرى لك؟ ماذا تقولين؟ قالت: لقد عاكسنى واحد قليل الأدب فى الشارع ليس عنده حياء، وفجأة قفز إلى ذهنى هذا السؤال؟ قال أخوها: أى سؤال؟ قالت: ما إذا كان ما ينقصه هو الحياء العام، لأنه عاكسنى فى شارع عام، أم أن ما ينقصه هو حياء خاص، لأنه خصنى بالمعاكسة دون سواى؟ قال أخوها: يا خبرك أسود، والله العظيم  لقد جرى لعقلك شىء ، إسمعى: دعك من هذا الكلام الفارغ، أريد منك خمسة جنيهات سلفا، قالت: حين ترد لى العشرة جنيهات القديمة، قال: يصبحون خمسة عشر، وسوف أردهم لك عشرينا بالتمام والكمال. قالت: اسم الله عليك، هذا ربا فاحش وهو حرام ، قال: أستغفر الله العظيم، خلاص، خلّها حلال وسأردهم كما هم العشرة عشرة والخمسة خمسة، قالت: ما دمت لن ترد لا هذا، ولا ذاك، فهو ليس ربا لا فاحشا ولا غير فاحش، قال الشاب: عليك نور، فهو عطية أخت لأخيها، فتوى بالمقاس حسب الطلب، توصيل للمنازل، هل عرفتِ كيف أننى ألتزم تماما بشرع الله، قالت أستغفر الله العظيم.

 (2)

قالت البنت لأمها: لقد حلمت حلما أخشى أن أحكيه لأحد، قالت الأم: أحسن، قالت البنت: أهكذا يا أمى؟ قالت الأم: هكذا ماذا! أنت تضحكين علىّ، كلما أردتِ إبلاغى شيئا ملتويا ألّفت حلما بالمقاس، قولى لى ما تريدين مباشرة بلا لف ولا دوران، قالت: أريد أن أكون حرَّة، قالت الأم: ماذا تقولين!!  هذه قلة أدب، قوليها حلما أحسن، قالت البنت: حلمت أننى أسبح بين أمواج  السماء بنعومة منسابة، حتى وصلت إلى السماء الخامسة، فتلقفونى هناك بحنان لا يطاق، فانقلبتُ إلى كرة طائرة، وأخذو يتقاذفوننى كأطفال من باب الشعرية، قفزوا داخل نادى الجولف بالقطامية من فوق السور، بعد ظهر يوم الجمعة اليتيمة، فتحولتُ إلى عصفورة، وهربتُ من بين أيديهم، فواصلوا اللعب دون كرة، ودونى، فرُحتُ أتفرج عليهم وأعجب كيف أنهم ما زالوا يلعبون دون كرة، قالت الأم: اللهم طوّلك يا روح، متى تكفين عن التخريف ولم يبقَ على الامتحان سوى أسابيع، انتبهى لدروسك، ثم بعد الامتحان خرِّفى كما تشائين والصقى تخاريفك بأى حلم كما تشتهين، قالت البنت: أنت جميلة يا أمى، تقرئين داخل داخلى، لكن قولى لى يا أمى: هل أنت حرة؟ قالت الأم: بطلى قلة أدب، حرة؟!!  قال حرة قال، كله إلا هذا.!!  قالت البنت: كله إلا ماذا، هل الحرية قلة أدب؟ قالت الأم: طبعا، تريدين أن تمشى على حل شعرك، وتقولين حرة!! قالت البنت: أنت تعرفيننى يا أمى، قالت الأم: طبعا أحفظك عن ظهر قلب، لهذا أقول لك: خلّ عندك حياء ولا تقولي حرة ثانية، قالت البنت: حياء عام أم حياء خاص؟ قالت الأم: ماذا؟ قالت البنت: سمعت أنهم سوف يخصخصون الحياء العام مثلما فعلوا فى القطاع العام، قالت الأم: ربنا يكملك بعقلك.

………….

 (للقصة بقية رأيت ألا أنشرها لأنها أقل دلالة فى هذا المقام)

وبعد

أنا آسف يا شيخى الجليل، وأعرف أنك سوف تسامحهم، وتدعو الله أن ينير بصيرتهم، وأن تعينهم أن يعرفوا جوهر وروعة دينهم طريقا مستقيما إلى إيمانهم، لعلهم يعرفون الحياء الإيمان، فيعرفون  كيف خدمتَ بإبداعك هذا وذاك، حين قدمت لنا ولهم ما هم فى أشد الحاجة إليه، هداهم الله وغفر لهم.

……

وإلى لقاء نكمل ما بدأناه فى منتدى النقد الخميس القادم عن رواية حسنى حسن.

[1] – إشارة إلى بيت الشعر: “لو كلُّ كلبٍ عوى ألقمتُه حجرًا ** لأصبح الصخرُ مثقالاً بدينارِ

[2] – نشر الأصل بجريدة الدستور بتاريخ: 23/5/2007

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *