الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى الطب النفسى عودة إلى المقابلة الإكلينيكية: تابع : اعتبارات خاصة “لأحوال خاصة”

الأساس فى الطب النفسى عودة إلى المقابلة الإكلينيكية: تابع : اعتبارات خاصة “لأحوال خاصة”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 21-11-2016

السنة العاشرة

العدد:  3370

الأساس فى الطب النفسى

عودة إلى المقابلة الإكلينيكية:

تابع : اعتبارات خاصة “لأحوال خاصة”

مقدمة:

مازلنا فى محاولة اكمال المقابلة الإكلينيكية، وأعترف كما ذكرت فى نهاية نشرة أمس، بثقل المهمة، مع كل احترامى لكل ما جاء فيها لعلها تربط أقدامنا بأرض الممارسة الواقعية كما قلت، وأجد أنها فرصة للتنبيه أن الطب النفسى الإيقاعحيوى التطورى ليس بديلا عن الممارسة التقليدية، وعلينا طول الوقت أن نبدأ من السلوك العادى وألا نقلل من الانصات إلى الواقع بكل تفاصيله طول الوقت، وآمل أن يُـظهر ذلك فائدة هذه النشرات الثلاث التى أقحمت نفسها لتذكرنا بأصل وطبيعة الالتزام الطبى الطبيعى .

‏سابعاً : الفحص‏ ‏فى ‏المنزل‏:‏

فى ‏الطب‏ ‏النفسى ‏خاصة‏ ‏ينبغى ‏أن‏ ‏تقتصر‏ ‏الزيارات‏ ‏المنزلية‏ ‏على ‏الحالات‏ ‏الحرجة‏ ‏التى ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تذهب‏ ‏إلى ‏الطبيب‏ ‏أو‏ ‏تنقل‏ ‏إلى ‏المستشفى، ‏وليس‏ ‏لمن‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يدفع‏ ‏أكثر‏. ‏ويراعى ‏فى ‏الفحص‏ ‏المنزلى ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏المقابلة‏ ‏رسمية‏ ‏مقننة‏ (وليس‏ ‏كصديق‏ ‏زائر‏ ‏كما‏ ‏يميل الأهل أن يزعموا ذلك للمريض‏ ‏أحيانا‏) ‏وأن‏ ‏يأخذ‏ ‏الطبيب‏ ‏حذره‏ ‏من‏ ‏أى ‏مفاجآت‏ ‏بالنسبة‏ ‏للمرضى ‏فى ‏هياج‏، ‏وأن‏ ‏يقتصر‏ ‏الفحص‏ ‏على ‏سبب‏ ‏الاستدعاء‏ ‏تحديدا‏، و‏تؤجل‏ ‏التفاصيل‏ ‏لفرصة أكثر رسمية، أو مكان أكثر تناسبا (المستشفى مثلا)، ولا يحتاج الأمر إلى التذكرة بالحرص على تجنب فحص الأقارب بوجه خاص فحصا بالمنزل مهما بلغت درجة قرابتهم ويستحسن إحالتهم إلى طبيب غريب ما أمكن ذلك.

‏ثامناً: ‏فحص‏ ‏المرضى ‏من‏ ‏بيئات‏ ‏ثقافية‏ ‏خاصة‏ ‏رئيسية‏ ‏وفرعية

نبهنا مراراً كيف أنه‏ ‏لكل‏ ‏بيئة‏ ‏وثقافة‏ ‏ميزاتها‏ ‏الخاصة‏، ‏وبالتالى ‏فإننا‏ ‏نحتاج‏ أن نتعامل مع كل الفئات بما هى فى حدود استيعابنا لفروق الثقافات، ولا تقتصر الفروق الثقافية على الفروق القومية، بل تمتد إلى الثقافات الفرعية وفرعية الفرعية، فبالنسبة للثقافات القومية فقد ‏‏لا‏حظت‏ -مثلا‏- ‏أن‏ ‏المريض‏ ‏القادم‏ ‏من‏ ‏اليمن‏ ‏غير‏ ‏القادم‏ ‏من‏ ‏السعودية(1) ‏وكلاهما‏ ‏غير‏ ‏القادم‏ ‏من‏ ‏ليبيا‏ ‏وهكذا‏، ‏والاختلاف‏ ‏الذى ‏نعنيه‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏الصدد‏ ‏ليس‏ ‏اختلاف‏ ‏تشخيصات‏ ‏فئوية‏، ‏وإنما‏ ‏هو‏ ‏اختلاف‏ ‏أساسى ‏فى ‏العادات‏ ‏والطباع‏، ‏وبالتالى ‏فى ‏طرق‏ ‏الحوار‏ ‏وترتيب‏ ‏الأولويات‏ ‏مما‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏تفصيله‏ ‏تحديدا‏ ‏هنا‏ ‏الآن‏، ‏لكننا‏ ‏فقط‏ ‏نشير‏ ‏إلى ‏ضرورة‏ ‏مراعاة‏ ‏هذه‏ ‏الفروق‏ ‏الثقافية، والطبيب الحاذق يتعلم من مرضاه أولاً بأول بعض ما يميز كل أى ثقافة قومية أو فرعية، دون تعميم، وقد يسأل المريض بلهجته، مثلا يسأل السعودى “إيش بيكِ”؟ بديلا عن “عندك إيه”؟ وحين يسأل اليمنى عن تأثير العلاج وهل هو “أشكل” الآن (أى: أحسن)، وهكذا، فإن مثل ذلك قد يذيب ثلج المقابلة الأولى، وبالنسبة للثقافات الفرعية المحلية مثلا فإنه عادة ما لا يستشهد بالأمثال إلا لأولاد البلد من كبار السن أو المسنات عموما وهكذا.

‏تاسعاً: ‏الفحص‏ ‏بغرض‏ ‏طب‏ ‏نفسى ‏شرعى ‏

21-11-2016_1

يختلف‏ ‏الهدف‏ ‏من‏ ‏الفحص‏ ‏هنا‏ ‏عنه‏ ‏فى حالة‏ ‏الفحص‏ ‏بهدف‏ ‏التصنيف‏ ‏أو‏ ‏العلاج‏، ‏وفيما‏ ‏يلى ‏نورد‏ ‏أهم‏ ‏النقاط‏ ‏الواجب‏ ‏مراعاتها:

‏1- ‏قدم‏ ‏نفسك‏ ‏أولا للمفحوص‏ ‏واعلن‏ ‏دورك‏ ‏ومهمتك‏ .

‏2- ‏تذكر‏ ‏أن‏ ‏المفحوص‏ ‏ليس‏ ‏بالضرورة‏ ‏مريضا‏ ‏أصلا.‏ ‏

‏3- ‏تذكر‏ ‏طول‏ ‏الوقت‏ ‏أن‏ ‏الانتباه‏ ‏ينبغى ‏أن‏ ‏يوجه‏ ‏إلى ‏المهمة‏ ‏الخاصة‏، ‏وهى عادة ‏تحديد‏ ‏كفاءة‏ ‏بعض‏ ‏الوظائف‏ ‏العقلية‏ ‏الواجب‏ ‏وجودها‏ ‏حتى ‏يتوافر‏ ‏الركن‏ ‏المعنوى ‏للجريمة‏ (‏وهو: ‏التمييز‏، ‏والإرادة‏، ‏والوعى) ‏وبالرغم‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏تحديد‏ ‏وجود‏ ‏أعراض‏ ‏بذاتها‏، ‏وكذا‏ ‏الوصول‏ ‏إلى ‏تشخيص‏ ‏معين‏ ‏لهما‏ ‏من‏ ‏الأهمية‏ ‏ما‏ ‏ينبغى، ‏إلا‏ ‏أنهما‏ ‏مجرد‏ ‏محكات‏ ‏مساعدة‏ ‏فى ‏تقييم‏ ‏الحالة‏ ‏العقلية‏ ‏والكفاءة‏ ‏الأدائية‏ ‏لشخص‏ ‏ما‏ وباللغة القانونية المتعلقة “بالركن المعنوى” للجرعة كما ذكرنا وهى ما يشار إليه بفحص المسئولية الجنائية.

‏4- ‏تذكر‏ – ‏واذكر‏ ‏للمفحوص‏- ‏أن‏ ‏المسألة‏ ‏ليست‏ ‏تحقيقا‏ ‏جديدا‏ ‏كذلك‏ ‏الذى ‏أجرته‏ ‏المحكمة‏ ‏أو‏ ‏النيابة‏، ‏وحاول‏ ‏قدر‏ ‏استطاعتك‏ ‏أن‏ ‏تؤكد‏ ‏هذا‏ ‏الفرق‏، ‏وأن‏ ‏مهمتك‏ ‏”طبية”‏ ‏فى ‏المقام‏ ‏الأول‏ ‏والأخير‏.‏

‏5- ‏إعط‏ ‏الفرصة‏ ‏للمفحوص‏ ‏أن‏ ‏يفصح‏ ‏عن‏ ‏رأيه‏ ‏فى ‏المهمة‏ الجارية، وسبب الفحص، ‏من‏ ‏حيث‏ ‏المبدأ‏ ‏قبل‏ ‏المضى ‏فى ‏الفحص.

‏6- ‏هناك أسباب أخرى لفحص الحالة العقلية للماثلين فى ساحة القضاء غير تحديد المسئولية الجنائية، مثل: تحديد ‏مدى ‏الكفاءة‏ ‏العقلية‏ ‏التى ‏يتمتع‏ ‏بها‏ ‏شخص‏ ‏من‏ ‏الأشخاص‏ ‏للقيام‏ ‏بمهمة‏ ‏ما‏ (‏مثل‏، ‏أن‏ ‏”يمثل‏ ‏أمام‏ ‏المحكمة‏”، ‏أو أن‏ ‏يدلى ‏بشهادة‏، ‏أو‏ ‏أن‏ ‏يكتب‏ ‏وصية‏، ‏أو‏ ‏أن‏ ‏يوقع‏ ‏عقدا‏) ‏و‏لكل‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏المهام‏ ‏أسئلة‏ ‏معينة‏ ومحكّات معينة ‏تختلف‏ ‏من‏ ‏هدف‏ ‏لهدف.

‏7- إذا كانت المهمة هى ‏تقييم‏ ‏المسئولية‏ ‏الجنائية‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يؤخذ‏ ‏فى ‏الاعتبار‏ ‏كلا‏ ‏مما‏ ‏يلى:‏

ا‏) ‏الاطلاع‏ ‏على ‏ملف‏ ‏القضية‏ ‏بأكمله، علما بأنه يحوى ما يفيد حالة المريض أثناء الجريمة أكثر مما يمكن الوصول إليه أثناء الفحص الذى قد يتم بعد الجرعة بشهور وأحيانا بسنوات حسب الاجراءات القانونية.

ب‏) ‏التركيز‏ ‏على ‏محاولة‏ ‏التعرف‏ ‏على ‏الأعراض‏ ‏والإعاقة‏ ‏وقت‏ ‏ارتكاب‏ ‏الجريمة‏ (وليس‏ ‏فقط‏ ‏الآن‏ ‏وقت‏ ‏الفحص‏)، ‏هذا‏، ‏والمعلومات‏ ‏الخاصة‏ ‏بهذا‏ ‏البـعد‏ ‏توجد‏ ‏فى ‏ملف القضية‏ – كما ذكرنا- ‏أكثر‏ ‏منها‏ ‏فى ‏الفحص‏ ‏الحالى

جـ‏ ) ‏لا‏بد‏ ‏من‏ ‏الحصول‏ ‏على ‏كل‏ ‏المعلومات‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏المصادر.

د‏) ‏قد يلزم ‏إعادة‏ ‏الفحص‏، ‏وربما‏ ‏لعدة‏ ‏مرات‏ ‏فى ‏ظروف‏ ‏متنوعة‏ ‏إذا‏ ‏لزم‏ ‏الأمـر.

هـ‏) أحيانا‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏الأعراض‏ ‏النفسية‏ وقت الفحص ‏هى ‏نتيجة‏ ‏للصدمة‏ ‏التى ‏سببتها‏ ‏الأحداث‏ ‏بعد‏ ‏الجريمة‏، ‏أو‏ ‏أثناء‏ ‏المحاكمة‏، ‏بمعنى ‏أنه‏ ‏ليس‏ ‏لها‏ ‏علاقة‏ ‏مباشرة‏ ‏بما‏ ‏كان‏ ‏موجودا‏ ‏أثناء‏ ‏حدوث‏ ‏الجريمة، فهى قد تكون نتيجة لا سببا، ولابد من مراعاة ذلك.

و‏) ‏لا‏ ‏يكفى ‏أن‏ ‏تثبت‏ ‏وجود‏ ‏هلاوس‏ ‏أوضلالات‏ ‏مثلا‏، ‏وإنما‏ ‏ينبغى ‏أن‏ ‏يوصف‏ ‏تحديدا‏ ‏محتوى ‏كل‏ ‏من‏ ‏الهلاوس‏ ‏والضلالات‏ ‏وغيرهما‏، ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏المحتوى ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏له‏ ‏علاقة‏ ‏مباشرة‏ ‏بتحديد‏ ‏الإعاقة‏ ‏المتصلة‏ ‏بنوع‏ ‏الجريمة‏ ‏المرتكبة‏، ‏فمثلا‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏المريض‏ ‏يعانى ‏فعلا‏ ‏من‏ ‏ضلالات‏ ‏الغيرة‏ ‏على ‏زوجته‏ لدرجة الاتهام بالخيانة، ‏فى ‏حين‏ ‏أن‏ ‏الجريمة‏ ‏هى ‏جريمة‏ ‏تزوير‏ ‏أو‏ ‏كتابة‏ ‏شيك‏ ‏بدون‏ ‏رصيد‏، ‏فإنه‏ ‏قد‏ ‏يثبت‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏علاقة‏ ‏بين‏ ‏وجود‏ ‏هذه‏ ‏الضلالات‏ ‏وبين‏ ‏نوع‏ ‏الجريمة‏، وهذا يختلف عما إذا كانت الجريمة قتل جاره الذى هو جزء من ضلال خيانة زوجته، ‏وهكذا‏. ‏

ز) لابد أن يبذل الطبيب جهدا فى التعرف على اللغة القانونية لوصف الحالة، وأن يستعملها فى تقريره ما أمكن ذلك، وأيضا أن يلم باللازم من مصطلحات قانونية معينة فى مهمته(2)

‏عاشراً: ‏الفحص‏ ‏بغرض‏ ‏تقييم‏ ‏الخطورة‏، ‏واحتمالية‏ ‏الانتحار:

‏ ‏من‏ ‏العسير‏ ‏تماما‏ ‏أن‏ ‏يتنبأ‏ ‏الفاحص‏ ‏بصورة‏ ‏جازمة‏ ‏متى ‏سوف‏ ‏يقدم‏ ‏المريض‏ ‏على ‏فعل‏ ‏خطر‏، ‏وأقل‏ ‏صعوبة‏ ‏من‏ ‏ذلك‏ ‏تقييم‏ ‏مدى ‏الاستهداف‏ ‏للانتحار.

ا‏) ‏تقييم‏ ‏احتمالية‏ ‏الانتحار‏:‏

إن‏ ‏احتمال‏ ‏الانتحار‏ ‏حتى ‏الموت‏ ‏مازال‏ ‏محدودا‏‏ ‏فى ‏مصر‏ ‏والبلاد‏ ‏العربية‏ ‏والإسلامية‏ ‏إذا‏ ‏قورن‏ ‏بالحال‏ ‏فى ‏البلاد‏ ‏الإسكندنافية‏ ‏مثلا‏ ‏أو‏ ‏فى ‏جنوب‏ ‏شرق‏ ‏آسيا‏ (اليابان‏). ‏

21-11-2016_2

تمهيد ضرورى: الانتحار غير قاصر على حالات الاكتئاب بل يمكن أن يحدث من اى مريض، (وطبعا من الأسوياء) فى أى وقت.

1‏- ‏نوع‏ ‏الاكتئاب‏، ‏فالاكتئاب‏ ‏المقَلقْل‏، Agitated Depression ‏والاكتئآب‏ ‏النَزِقْ‏، ‏هما‏ ‏الأكثر‏ ‏احتمالا لحدوث ‏حالات‏ ‏الانتحار.

2‏- ‏ينبغى الانتباه أن إختفاء‏ ‏أعراض‏ ‏القلقلة‏ ‏فجأة‏، وحتى اعراض الاكتئاب، ‏واختفاء‏ ‏علامات‏ ‏الحيرة‏، ‏حتى يبدو‏ ‏المريض‏ ‏وكأنه‏ ‏وصل‏ ‏إلى ‏السلامة فى حين أنه يكون قد وصل إلى يقين “عدم الجدوى”، وبالتالى يمكن أن تكون هذه السلامة الظاهرة نذيرا بقرب تنفيذ الانتحار، وليس العكس‏.‏

21-11-2016_3

3- ‏أيضا لابد من ملاحظة زيادة‏ ‏الأرق والاستيقاظ‏ ‏المبكر‏ ‏أكثر‏ ‏فأكثر.

4ـ- ‏زيادة‏ ‏الانسحاب‏ ‏والوحدة‏ ‏وتجنب‏ ‏المناقشات.

5‏- ‏ضعف‏ ‏الالتزام‏ ‏الدينى (‏مثل‏ ‏التوقف‏ ‏عن‏ ‏الصلاة‏)‏.

6‏- ‏الصمت‏ ‏الزائد‏، ‏خاصة‏ ‏بالمقارنة‏ ‏بكم‏ ‏التدفق‏ ‏الذى ‏ربما‏ ‏كان‏ ‏موجودا‏ ‏قبيل‏ ‏الغوص‏ ‏إلى ‏الاكتئاب‏. ‏

7‏- ‏بعد‏ ‏أحداث اجتماعية أو عاطفية ذات دلالة مثل الزيارات الخاصة ولا سيما‏ ‏من‏ ‏شخص‏ ‏له‏ ‏علاقة‏ ‏دالة‏ ‏بالمريض.

8 – ‏وجود‏ ‏تاريخ‏ ‏سابق‏ ‏لمحاولات‏ ‏الانتحار.

9- وجود تاريخ عائلى للانتحار.

10- ‏وجود‏ ‏تاريخ‏ ‏سابق‏ ‏للاضطرابات‏ ‏الوجدانية‏ ‏الجسيمة والاضطرابات النزوية عند المريض وفى الاسرة.

21-11-2016_4

ب‏) ‏تقييم‏ ‏الخطورة‏:

على ‏الطبيب النفسى ‏أن‏ ‏يقدر‏ ‏مدى ‏خطورة‏ ‏مريض‏ ‏ما‏ ‏مع‏ ‏كل‏ ‏فحص بصفة عامة، وبصفة خاصة حين وجود المريض فى المستشفى وقبل الخروج، مثله مثل المريض الانتحارى، وأكثر لأن الخطوره هنا ليست فقط على الذات، وانما تمتد إلى الغير ولا‏ ‏توجد‏ ‏محكات‏ ‏محكمة‏ ‏لتقييم‏ ‏مدى ال‏خطورة‏،‏ لذلك لابد من الاجتهاد طول الوقت فى كل اتجاه.

 ‏وفيما‏ ‏يلى ‏بعض‏ ‏المعالم‏ ‏التى ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏مؤشرات‏ ‏مباشرة‏ ‏أو‏ ‏غير‏ ‏مباشرة‏ ‏على ‏وجود‏ ‏الخطورة‏ ‏بأى ‏درجة‏ ‏من‏ ‏الدرجات‏:‏

1‏- ‏كلما‏ ‏زادت‏ ‏عدد‏ ‏مرات‏ ‏العنف‏ ‏فى ‏التاريخ‏ ‏السابق‏ ‏زاد‏ ‏احتمال‏ ‏العنف‏ ‏الحالى ‏أو‏ ‏المستقبلى.

21-11-2016_5

2- ‏لا‏ ‏بد من‏ ‏ملاحظة‏ ‏الأعراض‏ ‏النزوية‏ ‏والانشقاقية‏ ‏التى ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏توجد‏ ‏أو‏ ‏تصاحب‏ ‏أى ‏تشخيص‏ ‏معروف، اى عموما فى كل المرضى بدرجة أو بأخرى. ‏

3‏-‏ ينبغى ‏الانتباه‏ ‏إلى ‏أن‏ ‏النقلة‏ ‏النوعية‏ ‏المفاجئة‏، ‏حتى ‏لو‏ ‏كانت‏ ‏إلى ‏أحسن‏ (كما ذكرنا حالا): ‏قد‏ ‏تكون‏ ‏منذرة‏ ‏بأمر‏ ‏غير‏ ‏متوقع‏ ‏فى ‏مسار‏ ‏المرض‏، ‏وبالتالى ‏قد‏ ‏يلحقها‏ ‏ما‏ ‏ينذر‏ ‏بالخطر‏، ‏ فحدوث الخطر نفسه.

‏4- ‏يراعى ‏نوع‏ ‏التدين‏ ‏والاستغراق‏ ‏فجأة‏ ‏فيه‏ ‏حيث‏ ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏هذا‏ ‏نذير‏ ‏بنكسة‏ ‏محتملة‏، ‏وقد‏ ‏يسبق‏ ‏مثل‏ ‏هذا‏ ‏السلوك‏ ‏عودة‏ ‏إلى ‏الخطر‏، ‏وخاصة‏ ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏الجريمة‏ ‏من‏ ‏النوع‏ ‏النابع‏ ‏من‏ ‏معتقدات‏ ‏دينية‏ ‏تعصبية‏ ‏منحرفة‏.‏

‏5- ‏من‏ ‏المؤشرات‏ ‏الهامة‏ ‏لحساب‏ ‏الخطورة‏ ‏سمات‏ ‏الشخصية‏ ‏قبل‏ ‏المرض‏، ‏فإذا‏ ‏وجدت‏ ‏سمات‏ ‏عدوانية‏ ‏نزوية‏ ‏فى ‏شخصية‏ ‏بارنوية‏ مثلا: ‏أشار‏ ‏ذلك‏ ‏إلى ‏خطورة‏ ‏أكبر‏ ‏من‏ ‏سمات‏ ‏شخصية‏ ‏اعتمادية‏ ‏أو‏ ‏هستيرية‏.‏

6- كذلك يؤخذ فى الاعتبار التاريخ العائلى، والثقافة الفرعية النوعية (ثقافة الثأر مثلا أو ثقافة العنف عموما)

‏7- ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏نتأكد من أن المريض‏ ‏يتعلم‏ ‏من‏ ‏الخبرات‏ ‏السابقة،‏ ‏يمكن‏ ‏الاطمئنان‏ ‏إلى ‏بصيرته‏ ‏المتطورة‏ ‏المانعة‏ ‏للعودة‏ ‏للجريمة‏، ‏وعلى ‏العكس‏ ‏فإن‏ ‏محو‏ ‏الخبرات‏ ‏التى ‏تصله‏ ‏أولا‏ ‏بأول‏ ‏هو‏ ‏نذير‏ ‏بخطورة‏ ‏ثابتة.

‏8- ‏يعتبر‏ ‏العنف‏ ‏الشاذ‏ ‏أو‏ ‏العشوائى ‏أخطر‏ ‏من‏ ‏العنف‏ ‏المُبَرَّرُ‏ (‏حتى ‏على ‏أساس‏ ‏مرضى)، ‏ذلك‏ ‏لأنه‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏التنبؤ‏ ‏به‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏منظومة‏ ‏فكرية‏ ‏معينة‏، ‏ومن‏ ‏العنف‏ ‏الشاذ‏ ‏ما‏ ‏يترتب‏ ‏عنه‏ ‏ما‏ ‏يسمى ‏بـ‏ “‏الجريمة‏ ‏بلا‏ ‏دافع‏” ‏و‏”الجريمة‏ ‏غير‏ ‏المميزة‏” (‏أى ‏التى ‏تقضى ‏على ‏ضحايا‏ ‏بالجملة‏ ‏دون‏ ‏تمييز‏، ‏وأحيانا‏ ‏دون‏ ‏معرفة‏) ‏وبناء‏ ‏على ‏ذلك‏ ‏فإن‏ ‏مرتكبى ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏الجرائم‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يعاملوا‏ ‏بحذر‏ ‏أكبر.

‏9- ‏يعتبر‏ ‏ثبات‏ ‏تبلد‏ ‏الشعور‏، ‏وخاصة‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏مصاحبا‏ ‏أحيانا‏ ‏بنزعات‏ ‏نزوية‏ ولو متقطعة ‏أو‏ ‏ميول‏ ‏سادية‏ (‏التمتع‏ ‏بإيذاء‏ ‏الآخرين‏) ‏يعتبر‏ ‏أكثر‏ ‏نذيرا‏ ‏بالخطر‏ ‏من‏ ‏تذبذب‏ ‏الانفعالات‏ ‏أو‏ ‏تبدّلها بشكل متماوج طول الوقت‏.‏

‏10- ‏يوضع‏ ‏أيضا‏ ‏فى ‏الاعتبار‏ ‏التغير‏ ‏المفاجئ‏ ‏فى ‏نمط‏ ‏النوم‏ ‏والأحلام‏ (‏وخاصة‏ ‏الأحلام‏ ‏الذهانية‏:‏) ‏فقد‏ ‏تكون‏ ‏منذرات‏ ‏لبداية‏ ‏نوبة‏ هياج أو عدوان ‏شد‏يدة.

‏11- ‏عدم‏ ‏الانتظام‏ ‏على ‏تعاطى ‏العقاقير‏ ‏نذير‏ ‏خطر فى الحالات المستهدفة لاحتمالات الخطورة.

‏12- ‏لا‏بد‏ ‏من‏ ‏تقييم‏ ‏نوع‏ ‏البصيرة‏ وعدم الاطمئنان لظاهر التعلم والوعود اللفظية ‏حيث‏ ‏أن‏ ‏البصيرة‏ ‏النظرية‏ ‏المعقلنة‏ ‏قد‏ ‏تخدع‏ ‏لأنه‏ ‏لا‏ ‏يترتب‏ ‏عليها‏ ‏تعلم‏ ‏كاف‏ ‏يغير‏ ‏السلوك‏.‏

‏13- ‏يؤخذ‏ ‏فى ‏الاعتبار‏ ‏أيضا‏ ‏استعمال‏ ‏الكحول‏ ‏والمواد‏ ‏المخدرة‏ ‏وخاصة‏ ‏بطريقة‏ ‏دورية‏ ‏أو‏ ‏نزوية‏ ‏أو‏ ‏ملحة‏، ‏فمن‏ ‏ناحية‏ ‏يعتبر‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏استمرارا‏ ‏لمظاهر‏ ‏الاضطراب‏، ‏ومن‏ ‏ناحية‏ ‏أخرى ‏فإنه‏ ‏تحت‏ ‏تأثير‏ ‏هذه‏ ‏المواد‏ ‏يكون‏ ‏الخطر‏ ‏أقرب‏ ‏والعنف‏ ‏أسهل.

‏14- ‏المرضى ‏بلا‏ ‏مأوى ‏معر‏‏ضون‏ ‏أكثر‏ ‏لازدهار‏ ‏الأعراض‏، ‏وعدم‏ ‏الامتثال‏ ‏للعلاج‏ ‏وخاصة‏ ‏العقاقير‏، ‏وبالتالى ‏العودة‏ ‏للعنف.

‏15- ‏التاريخ‏ ‏العائلى ‏للمرض‏ ‏العقلى ‏ككل‏، ‏وبوجه خاص للفصام‏ ‏والبارانويا‏ ‏والشخصية‏ ‏المضادة‏ ‏للمجتمع‏ ‏وسوء‏ ‏استعمال‏ ‏العقاقير‏ ‏واضطرابات‏ ‏ضبط‏ ‏النزوات‏ ‏ثم‏ ‏وجود‏ ‏مصادمات‏ ‏متعددة‏ ‏مع‏ ‏القانون‏، ‏وربما‏ ‏جرائم‏ ‏عنف‏ ‏فى ‏العائلة‏ ‏سواء‏ ‏المرضى ‏منهم‏ ‏أو‏ ‏غير‏ ‏المرضى، ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏لا‏ ‏بد‏ ‏أن‏ ‏يعتبر‏ ‏من‏ ‏مؤشرات‏ ‏الخطورة.

16- لابد أن يـُثـْبـِت الطبيب كتابةً فى أوراق المريض، خصوصا إذا كان نزيلا بالمستشفى كل الاجراءات التى اتخذها والعقاقير والاحتياطات والتعليمات التى أعطاها للمريض واهله، وذلك توقيا لاحتمال الخطورة بعد الخروج من المستشفى أو أثناء السماح بإجازه مؤقتة، وبالتالى تحسبا للمساءلة القانونية.

 

[1]  – كما أن المريض القادم من الزمالك غير القادم من عزبة القصيرين بغمره، والقادم من رشيد غير القادم من نجح حمادى وتمتد الفروق من الثقافية إلى الثقافة الدينية باعتبار الدين من مكونات الثقافات الأساسية ظاهراً وباطناً وليس معنى ذلك أن هذا يثير تميزا معينا

[2] –  مثلا: عليه أن يعرف الفرق بين “اسباب الإباحة” “وموانع “العقاب“، و”موانع المسئوليه“،…الخ. وسيأتى ذكر ذلك فى فصل الطب النفسى الشرعى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *