الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (124) Biorhythmic Psychiatry الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى عودة لاستكمال المقابلة الإكلينيكية: الاستقصاءات، فالصياغة أولا: الاستقصاءات

الطبنفسى الإيقاعحيوى (124) Biorhythmic Psychiatry الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى عودة لاستكمال المقابلة الإكلينيكية: الاستقصاءات، فالصياغة أولا: الاستقصاءات

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 14-11-2016

السنة العاشرة

العدد: 3363

 

الطبنفسى الإيقاعحيوى (124)

 Biorhythmic Psychiatry

الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى

عودة لاستكمال المقابلة الإكلينيكية:

 الاستقصاءات، فالصياغة

أولا: الاستقصاءات

 تمهيد:

كنا قد توقفنا فى المقابلة الإكلينيكية عند تقييم شخصية المريض قبل المرض، وكيف ينبغى على الفاحص أن ينتبه إلى أن هذا التقييم ليس حكما فوقيا، أو تقييما متأثرا بقيم الطبيب أو أيديولوجيته الظاهرة أو الخفية، وذلك فى نشرة الأحد: 23-10-2016، وحسب الترتيب الوارد فى المشاهدة التقليدية، على الفاحص أن ينتقل بعد ذلك إلى “الحالة العقلية الراهنة”  Present Mental State ، وهى التى تتضمن رصد الأعراض والاضطرابات فى كل وظيفة نفسية وعقلية، ومدى بعدها عن السواء وتسميتها ..إلخ، وكل ذلك بقصد تجميعها فى منظومة تساعد فى الوصول إلى تشخيص، إلا أننى أردت أن أنبه أنه على أهمية كل ذلك، فإن المبالغة فى التركيز ومن البداية على وصف الأعراض للوصول إلى لافتة تشخيصية محددة، هو من أكبر ما يبعدنا عن مفاهيم وأهداف مايسمى الطبنفسى الإيقاعحيوى، كما أننا سبق أن قدمنا كل الاعراض بتفاصيل التفاصيل فيما قدمناه فى عشرات النشرات ونحن نقدم للوظائف الأساسية مثل: “التفكير واضطراباته”، و”الوجدان واضطراباته”..أنظر مثلا: (نشرات:19/5/2014 ، 5/5/2014 ، 2/2/2014 ، 6/7/2014 ، 1/12/2014 ،  1/2/2015 ،   9/2/2015  مثلا.

لذلك سوف أكتفى بتقديم كلمة قصيرة عن ما تبقى فى المتن عن “الاستقصاءات” ، وهو البند التالى للحالة العقلية الراهنة، لأنتقل للصياغة التى هى أوثق ارتباطا بقراءة المخ حالة كونه قد فشل فى إعادة بناء نفسه فكان المرض، ما دام هدفنا أن نعينه على العودة لبناء نفسه ليحقق الصحة.

موقع الاستقصاءات فى الطبنفسى الإيقاعحيوى

المقصود بالاستقصاءات Investigation  هو مزيد من الفحص فى المناطق التى تحتاج سبر غورها بتفاصيل محددة أكثر، لإكمال معالمها بما تحتاج من اختبارات معملية، أو قياسنفسية – سيكومترية مناسبة أو لازمة، أو غير ذلك من تقنيات  الفحص الأحدث من تخطيط وأشعات، وبما أننا انتقلنا من كتاب “الأساس فى الطب النفسى” إلى تقديم “الطب النفسى الإيقاعحيوى التطورى” فسوف أكتفى بالمبادئ العامة التى تميز الموقف الهادف من الاستقصاءات من منظور الطبنفسى الإيقاحيوى، دون الدخول فى تفاصيل الاستقصاءات حتى يمكن أن ننتقل إلى “الصياغة” بدءا من الأسبوع القادم، وهى التى سوف تعيدنا إلى الموقف الغائي الذى يتميز به الطبنفسى الإيقاعحيوى.

14-11-2016_1

 وفيما يلى أهم  الفروق الأساسية:

عادة ما يُعنى الطبيب النفسى التقليدى باللجوء إلى القياس والمعامل والتخطيطات التقنية  (رسم المخ والأشعات) والاختبارات النفسية للوصول إلى تشخيص محدد فهو ما يهمه فى المقام الأول، فى حين يضع الطبيب النفسى الإيقاعحيوى نصب عينيه ما يعينه لقراءة المخ (والأمخاخ) بما يمهد له التخطيط العلاجى للإسهام فى دعم أن يعيد المخ بناء نفسه، لذلك فإنه يضع الاستقصاءات الإكلينيكية المباشرة فى المقام الأول، ومن ذلك:

1) محاولة استكمال المزيد من المعلومات من مصادر أخرى غير الذين حضروا المقابلة الأولى، وأيضا من المريض فى ظروف أخرى قد تتيح له البوح أكثر، كما تتيح للطبيب الإلمام أكثر.

2) التركيز على الحصول على معلومات غير تقليدية ، مثل التى ذكرناها سابقا فى الوراثة من مظور الإيقاعحيوى، فلا يقتصر بحثه على السؤال عن وجود أمراض بذاتها فى الأسرة، بل يمتد إلى البحث عن المؤشرات التى يمكن أن يتعرف من خلالها على تركيبة الدماغ الذى يحاول أن يقرأه، وليس فقط عن التشخيص الذى يحاول أن يعلّقه، ومن ذلك أن يستقصى عن: زخم الطاقة  فى التركيب النيورونى فى الأسرة، وعن الظواهر النوابية المتكررة فى الأسرة، وعن الإنجازات الإبداعية المحتملة فيها (ويمكن الرجوع فى ذلك إلى العوامل الواراثية من “منظور الطبنفسى الإيقاعحيوى”(نشرة: 16/5/2016)

3) المزيد من البحث فى ما قبل المرض، وفى مواقف المريض المختلفة البعيدة عما يسمى مرضا، مثل غلبة المواقف الاحتجاجية، أو الخلافية حتى الثورية، أو الهروبية النكوصية أو عن حرصه على التميز الخاص جدا، بما يسمح بتقييم موقفه النقدى – مثلا– الذى إذا لم تتح له فرصة التعبير أو التنفيذ بشكل صحى اضطر للتعبير عنه بالمرض، وهذا ما يعنى الطبيب الإيقاعحيوى فى التخطيط العلاجى.

4) تجنب التوصية بأى استقصاءات تقنية أو معملية أو سيكومترية تقتصر نتائحها على تحديد تشخيص بذاته ، اللهم إلا فى حالة الشك فى مرض عضوى تشريحى محدد ، مثل الورم، أو الضمور، أو الالتهابات المخية.14-11-2016_2

5) الحيلولة دون إجراء أى فحصوص لمجرد طمأنة المريض، ما دام الطبيب غير مقتنع بضرورتها للعلاج ، وليس لمجرد التشخيص.

6) الحذر من تفضيل نتائج القياسات النفسية على التقييم الإكلينكيى، فمثلا لابد أن يحترم تقييم الذكاء بالإنجاز الدراسى والمهاراتى على طول مسار المريض جنبا إلى جنب، بل أحيانا أكثر من، أى مقياس أداتى للذكاء (مع التذكرة بأثر الغش الذى شاع مؤخرا فى المدارس، والذى أصبح يحول دون اعتبار الإنجاز الدراسى العادى مقياسا مناسبا للذكاء).

7) الحرص على أن يقوم الفاحص الطبيب وغير الطبيب بإجراء المقياس النفسى الذى يوصى باستعماله على نفسه حتى يألفه ويتعرف على طبيعته بما يسمح له بتقمص من سوف يقوم به من مرضاه.

8) أن يضع تصورا مسبقا للنتائج المنتظرة من أى اختبار للذكاء أو للقدرات أو للشخصية، وأن يعتبر هذا التصور مجرد فرض جاهز للمناقشة مع النتيجة التى سوف تصله بعد أداء الاختبار.

9)  أن يضع فى الاعتبار قدرة المريض المادية إن كانت الاستقصاءات سوف تجرى فى القطاع الخاص.

10)  ألا يستعمل المريض للفحصوصات لأغراض بحثية أو أكاديمية إلا بإذنه مع ضمان عدم تعرضه لأى أذى مها ضَؤُل.

11)  أن يتذكر أنه فى كثير من الأحيان قد تُـثـَبـِّتُ كثرة الفحصوصا – خصوصا بغير داع– الأعراض المرضية بدلا من أن تطمئن المريض كما يتصور أو يأمل.

12)    ألا يكتفى بتقرير المختص الذى قام بإجراء الاختبار، وإنما يعيد قراءة هذه النتائج فى ضوء الفرض الذى وضعه للنتائج بالإضافة، وأيضا فى مواجهة، كل المعلومات المناسبة التى حصل عليها من كل المقابلة الإكلينكية طولا (التاريخ كله)، وعرضا من الفحص بما فى ذلك معلومات المرافقين.

13) أن ينتبه بوجه خاص إلى الفروق الثقافية التى تم فيها تقنين الاختبار الذى يطلب إجراءه للمريض، وخاصة بالنسبة للاختبارات المستوردة والمترجمة للتسويق التجارى.

14)  ألا يستشهد بنتائج الاختبارات بشكل مباشر وهو يشرح موقفه للمريض وأهله، ولكن يضمِّن ذلك – إذا لزم الامر– فى التخطيط للعلاج مع كل المعلومات الأخرى.

15) أن يتذكر كيف أن الاختبارات الإسقاطية تؤدى وظيفة كشف إسقطات المريض بقدر ما هى تؤدى وظيفة كشف إسقاطات المفسّر لها.

وبعد

تعمدت أن أكتفى بالخطوط العريضة المميزة للموقف من الاستقصاءات دون التعرض للاستقصاءات ذاتها كما جاءت فى الأصل (الكتاب ثنائى اللغة 1986)(1)، وقد أعود إليها إذا تم نشر كتاب “الأساس” بعيدا عن الطبنفسى الإيقاعحيوى، ولو فى الطبعة الورقية.

والآن  يمكن أن ننتقل إلى “الصياغة” بدءا من الأسبوع القادم، فهى وثيقة الصلة بكل من النفسمراضية، وبالتالى التخطيط العلاجى، أى الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى .

[1] – تذكرة بأن النسخة الورقية لهذا المتن القديم  كانت اساسا باللغة العربية وكتبتها سنة 1986 ، إلا أن النسخة التى حصلت عليها الآن كانت باللغة الإنجليزية دون العربية وتاريخها كما هو مثبت على الغلاف هو 1994 وليس 1986.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *