الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (118) Biorhythmic Psychiatry الفصام (2) مغارة الضياع، ووعود الإبداع كلمة السر لفك شفرة المرض النفسى، وكل الطبنفسى

الطبنفسى الإيقاعحيوى (118) Biorhythmic Psychiatry الفصام (2) مغارة الضياع، ووعود الإبداع كلمة السر لفك شفرة المرض النفسى، وكل الطبنفسى

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد : 30-10-2016

السنة العاشرة

العدد: 3349 

الطبنفسى الإيقاعحيوى (118)

 Biorhythmic Psychiatry

30-10-2016_1

الفصام (2)

مغارة الضياع، ووعود الإبداع

كلمة السر لفك شفرة المرض النفسى،  وكل الطبنفسى

مقدمة

إذا كان الفصام ليس هو ما شاع عنه (كما جاء فى نهاية نشرة أمس)

فما هو الفصام إن كان لا بد وأن نظل نتعامل مع اسم تشوه، وتلوث إلى هذه الدرجة ؟

ولكن اسمحو لى أن أكرر أن :30-10-2016_2

  •    الفصام ليس تناقض التصرفات فى أوقات مختلفة (ولا فى مراحل عمر مختلفة)
  •     الفصام ليس ازدواج الشخصية (يبدو الشخص شخصين بالتبادل فى أوقات مختلفة)
  •   الفصام ليس تعدد الشخصية (يبدو أكثر من شخصين بالتبادل أيضا)
  •    الفصام ليس مرادفا للجنون دون تمييز
  •     الفصام ليس نتيجة تغير كيميائى محدد (مع أنه يوجد تغير كيميائى مع ظهوره)
  •    الفصام ليس سبّة سياسية نصف بها الطغاة القتلة، أو الحكام الأوغاد
  •    الفصام ليس مرضا وراثيا بشكل محدد أو مباشر
  •    الفصام ليس مرضا بلا علاج
  •    الفصام ليس تخلفا ذهنيا (نقص فى الذكاء)

فما هو الفصام، إذن حتى نستطيع أن نواصل لأننى فى أشد الحرج من التكرار

ماهية‏ ‏الفصام، ومن أين تأتى صعوبة التعرف عليه‏:‏

‏‏سوف أفترض مضطرا أنه يوجد شىء اسمه “الفصام”، ولنعتبره مرضا نفسيا كما شاع، فمن أين يأتى كل هذا الاختلاف حوله حتى إنكاره كلية، أو اعتباره اسطورة ، وفى أحسن الفروض أطروحة “مقولة بالتشكيك”؟

‏تقديرى ‏أنه يمكن إرجاع ذلك‏ ‏للأسباب‏ ‏التالية‏:‏

‏1- ‏إن‏ ‏رؤية‏ ‏الفصام‏ ‏فى ‏عمق‏ ‏تفسخه‏ ‏وتناثره‏ ‏مهدِّدٌ‏ ‏للفاحص‏ ‏إذا‏ ‏أراد‏ ‏أن‏ ‏يستوعب‏ ‏كل‏ ‏أطراف‏ ‏التفسخ‏ ‏والتناثرفى ‏آن‏ ‏واحد، ‏والفاحص‏ ‏لذلك‏ ‏إنما‏ ‏يركز‏ ‏على ‏جانب‏ ‏دون‏ ‏آخر، ‏أو‏ ‏يكتفى ‏بمستوى ‏دون‏ ‏آخر، ‏حتى ‏يمكنه‏ ‏أن‏ ‏يحافظ‏ ‏بشكل‏ ‏ما‏ ‏على ‏توازنه‏ ‏هو، ‏

فكثيرا‏ ‏ما‏ ‏نسمع‏ ‏الرأى ‏القائل‏ ‏أن‏ ‏الفصام‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏إلا‏ ‏اضطراب‏ ‏فى ‏الفكر،

 ‏ورأى ‏آخر‏ ‏يقول‏ ‏إن‏ ‏الفصام‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏إلا‏ ‏اضطراب‏ ‏انفعالى، ‏

وثالث‏ ‏يؤكد‏ ‏يؤكد أن الفصام ليس أكثر من  نقص فى  هذا الموصّل النيورونى أو ذالك ‏ (!!),

ورابع يرى أن الفصام هو نتيجة عجز عن تقليم المشتبكات العصبية أثناء فترة المراهقة. (1)

وخامس يرى أن الفصام هو نتيجة اضطراب فى التنشئة الباكرة من ام لم تستطع أن تسمح لطفلها أن يستقل، وبالتالى فهو جاهز للنكوص والتفسخ والتدهور أمام أى ضغط.

وقد أشرت إلى كل ذلك فى تقديمى للفصام فى دراستى الباكرة (1979) وأرجعت بعضه إلى خوف الفاحصين والمنظرين والعلماء – خوفا دفاعيا طبيعيا- من الاقتراب من حقيقة عملية التفسخ المهدِّد الذى يعلنه الفصامى بقراره النكوصى التراجعى عن مواصلة الحياة.

‏وعندما‏ ‏كنت‏ ‏أقف‏ ‏موقفا‏ ‏حذرا‏ ‏ورافضا‏ ‏لهذا‏ ‏التجزئ ‏فى ‏أول‏ ‏حياتى ‏العملية والدراسية‏ ‏كنت‏ ‏‏غير‏ ‏فاهم‏ ‏لما‏ ‏وراء‏ ‏هذا‏ ‏التجزئ ‏المفاهيمى ‏من‏ ‏دفاعات‏ ‏تحمى ‏الفاحص‏ ‏ذاته‏ ‏خوفا من‏ ‏التناثر إذا اقترب من التعرف على العملية التفسخية الجارية، ‏ولما‏ ‏طالت‏ ‏ممارستى ‏وتجرأت‏ ‏أكثر‏ ‏فأكثر‏ ‏على ‏الإحاطة‏ ‏بإعماق‏ ‏أكثر‏ ‏غورا، ‏وأطراف‏ ‏أشد‏ ‏تباعدا، ‏ومارست‏ ‏ما‏ ‏يتطلبه‏ ‏هذا‏ ‏وذاك‏ ‏من‏ ‏مسئولية‏ ‏ومعاناة، ‏رجعت‏ ‏أعذر‏ ‏المجزِّئين‏ ‏لرؤية‏ ‏الفصام‏ ‏فى حدود ‏مجال‏ ‏رؤيتهم، ‏وقد فهمت‏ ‏طبيعة‏ ‏هذا‏ ‏التجزئ ‏الدفاعى ‏وما‏ ‏يترتب‏ ‏عليه‏ ‏من‏ ‏رؤية‏ ‏الفصام‏ ‏كأجزاء‏ ‏مختلفة‏ ‏بحيث‏ ‏تنتهى ‏الى ‏مفاهيم‏ ‏مختلفة‏ ‏لنفس‏ ‏الظاهرة‏ ‏الكلية، ‏ولكن على حساب الحقيقة

ولم تحضرنى إلا الآن حكاية الفيل والعميان الثلاثةى برمجته وتجاربه السابقة ">(2) وأنا لا أتهم التجزيئيين بالعمى، وإنما ألتمس لهم العذر لأن كل واحد، بما فى ذلك العلماء، لا يرى إلا ما سمح لنفسه أن يراه فى حدود منظومته العلمية الظاهرة، وأيضا منظومته الأيديولوجية الخفية غالبا).

وإذا‏ ‏كانت‏ ‏هذه‏ ‏هى ‏قضية‏ ‏عامة‏ ‏من‏ ‏مشاكل‏ ‏المعرفة، ‏فإنها‏ ‏فى تناول ‏الفصام‏ ‏بالذات‏ ‏تصبح‏ ‏ذات‏ ‏خطورة‏ ‏خاصة‏ ‏ما‏ ‏لم‏ ‏يوضع‏ ‏فرض‏ ‏مفهوم‏ ‏أشمل‏ تتكامل فيه ‏بعض‏، أو أغلب،  ‏هذه‏ ‏الرؤى ‏الجزئية، ‏ليس بالضرورة  ‏باعتبارها‏ ‏ممثلة‏ ‏للكل، ‏ولكن‏ ‏فى ‏حدود‏ ‏معطياتها‏ ‏الجزئية‏ ‏إذْ ‏هى ‏وحدات‏ ‏فى ‏كلٍّ‏ ‏شامل، ‏ ‏فالخلط‏ ‏إذا‏ ‏يأتى ‏من‏ ‏حقيقة‏ ‏أن‏ ‏الفصام‏ ‏مشكلة‏ ‏كلية‏ ‏وجوهرية‏ ‏وشاملة‏ ‏ومركزية، ‏وأن‏ ‏قدرتنا‏ ‏على ‏فحصها‏ ‏بكليتها‏ ‏مهددة‏ ‏لنا‏ ‏نحن‏ ‏أنفسنا‏ ‏مهما‏ ‏إحتمينا‏ ‏بدفاعاتنا المشروعة.

‏2- ‏إن‏ ‏الفصام‏ ‏فى ‏غائيته‏ ‏التدهورية‏ ‏(أنظر بعد) هو‏ ‏تحدٍّ ‏صريح‏ ‏للحياة‏ ‏ذاتها‏ ‏فى ‏مسيرتها‏ ‏النمائية التطورية، ‏وفحص‏ ‏الفصامى ‏شموليا‏ ‏بموضوعية وتفهم يتضمن‏ ‏مواجهة‏ ‏التدهور‏ ‏وجها‏ ‏لوجه، ‏مما‏ ‏قد‏ ‏يثير‏ ‏فينا‏ ‏القوة‏ ‏التدهورية‏ ‏الكامنة فينا أيضا ، ‏الأمر‏ ‏الذى ‏قد‏ ‏يُخِلّ‏ ‏أيضا‏ ‏بتوازننا، ‏وبالتالى ‏فإغفال‏ ‏غائية‏ ‏الفصام‏ ‏والحكم‏ ‏عليه‏ ‏من‏ ‏أطرافه‏ ‏هو‏ ‏السبيل‏ ‏الأسلم‏ ‏لاستمرار‏ ‏كمون‏ ‏هذه‏ ‏القوى ‏التدهورية‏ ‏فينا‏، وهواحتمال إنسانى وارد، وطبيعى، لا يعيب أحدا ما لم يستسلم له، لكنه ليس مبررا لاتساع النقطة العمياء التى تحول بينه وبين رؤية توجه ونشاط العملية التدهورية فيمن انساق إليهأ (بل واختارها تحديا أو بديلا ثم عجز عن الرجوع عنها: أنظر بعد) (3)

‏3- ‏إن‏ ‏الخلط‏ ‏بين‏ ‏الصورة‏ ‏الكلينيكية‏ ‏للفصام‏ ‏وبين‏ ‏سيكوباثولوجية‏ ‏الفصام‏ ‏يؤدى ‏إلى ‏الخلط‏ ‏فى ‏مفهوم‏ ‏المرض‏ ‏ذاته، ‏فلعله أصبح من المعروف المسلم به ‏أن‏ ‏الظاهرة‏ ‏الشيزيدية تكمن‏ ‏تحت‏ ‏أى ‏من‏ ‏الأمراض‏ ‏النفسية (حسب جنترب)(4)، فإن ذلك جدير بأن يجنبنا أن نحكم على أى مريض يتجنب العلاقة بالآخر، أو يستصعبها فينسحب، بأنه فصامى، فهذه طبعية بشرية غير خاصة بالفصام تحديدا، (وقد تناولنا صعوبتها ومظاهرها بالتفصيل) (5)

30-10-2016_4

وكذلك فإن مجرد رصد التفكك النشط لا ينبغى أن يكون مبررا لتقرير حضور الفصام تشخصيا، ولعل كل ما أورادناه عن “حالات الوجود المتبادلة”(6)، وكيف أن حالة التفكيك المرحلى المفترقى (الجنون/اللاجنون) هى حالة عادية ضمن دورات التبادل الإيقاعحيوى، هى أكبر دليل على مثل هذا التحذير من خلط الداخل بالخارج،  ويظل ‏المفهوم‏ ‏الإكلينيكى ‏مرتبط‏ ‏أساسا‏ ‏بالصورة‏ ‏الإكلينيكية، ‏أما ما‏ ‏بالداخل‏ ‏من‏ ‏تناثر‏ ‏أو‏ ‏ميل‏ ‏إلى ‏النكوص‏ ‏أو‏ ‏ضلالات كامنة، ‏فليس‏ ‏له‏ ‏دخل‏ ‏مباشر‏ ‏بمفهوم‏ ‏المرض‏ ‏كزملة‏ ‏كلينيكية‏ ‏تستأهل الإعلان والتسمية، ‏ويأتى بعض  ‏التشويش‏ ‏فى ‏تعريف‏ ‏مفهوم‏ ‏الفصام‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏الخلط‏ ‏بين‏ ‏عمليات الإيقاع الحيوى البنائية بكل مراحلها وتبادلاتها،  ‏بما فى ذلك مرحلة التفكيك المفترقى (فى النوم أو غيره مثل بدايات الإبداع) وبين الظاهر المائل المتماسك نسبيا.

 ‏4- ‏إن‏ ‏الاعتماد‏ ‏على ‏شعور‏ ‏الفاحص‏ ‏بدرجة‏ ‏ما‏ ‏فى ‏تشخيص‏ ‏الفصام(7)، ‏مع‏ ‏تذكر‏ ‏خوفه‏ ‏الأساسى ‏من‏ ‏الرؤية‏ ‏الشاملة‏ ‏للتناثر‏ ‏فى ‏المريض‏ ‏وفى ‏نفسه، ‏أو‏ ‏من‏ ‏الرؤية‏ ‏الموضوعية‏ ‏لقوة‏ ‏التدهور‏ ‏فى ‏الإنسان‏ ‏خارجه‏ ‏ومن‏ ‏ثم‏ ‏داخله، ‏يجعل‏ ‏الأمر‏ ‏متعلق‏ ‏بنمو‏ ‏كل‏ ‏فاحص‏ ‏ودرجة‏ ‏تطوره‏ ‏ونوعية‏ ‏وجوده، ‏مما‏ ‏يترتب‏ ‏عليه‏ ‏أنه يمكن أن ‏ ‏يختلط‏ ‏الموقف‏ ‏الشخصى ‏بتحديد‏ ‏المفهوم‏ ‏وأبعاد‏ ‏التشخيص‏ ‏مع‏ ‏بعضهم‏ ‏البعض، ‏وسرعان‏ ‏ما‏ ‏تقفز‏ ‏المبررات‏ ‏التى ‏تؤيد‏ ‏التشخيص‏ ‏أو‏ ‏تنفيه، ‏وهذه‏ ‏المبررات‏ ‏تتناسب‏ ‏مع‏ ‏درجة‏ ‏تطور‏ ‏الفاحص‏ ‏ذاته‏، وهى أيضا مرتبطة ضمنا بمرجعيته المعرفية (المدرسة التى ينتمى إليها) ما بأيديولوجيته الظاهرة والخفية. (أنظر سابقا الأيديولوجيا)(8)

وقد‏ ‏نعزو‏ – ‏مثلا‏ – ‏فرط‏ ‏تشخيص‏ ‏الفصام ‏Overdiagnosis ‏إلى ‏عملية‏ ‏إسقاط‏ ‏التناثر‏ ‏على ‏الخارج‏ ‏من‏ ‏جانب‏ ‏الفاحص، ‏كما‏ قد ‏نعزو‏ ‏الاقلال‏ ‏المفرط‏ ‏فى ‏تشخيص‏ ‏الفصام‏  Underdiagnosis‏إلى ‏حيلة‏ “‏النقطة‏ ‏لعمياء” “blind spot” mechanism ‏التى ‏لا‏ ‏ترينا‏ ‏فى ‏الخارج‏ ‏مالا‏ ‏نحب‏ ‏أن‏ ‏نراه‏ ‏فى ‏دواخلنا‏.‏

‏5- ‏إن‏  الفصام بالذات هو عملية ذات مراحل وأطوار،  صحيح أنها لكى تكون عملية فصامية ناجحة (!!)، فإن محصلتها لابد أن تكون تدهورية مضطردة فى أغلب الأحوال، ومواكبة هذه العملية وتصنيف الفصام تبعا لمراحلها، ليست أمرا سهلا طول الوقت، كما أن تتبعها ومسئولية إيقافها هى من أهم مهمات المعالج المْواكِبِ الجاد، لكل ذلك فإنه فى بعض الأحيان يتوقف رصد ما هو فصام على قدرة الفاحص على رصد: فى أى مراحل العملية الفصامية هو يقوم بفحص مريضه حتى يسميه فصاميا.

‏6- ‏فى كثير من تعريفات الفصام يجرى ربط ‏عملية‏ ‏الفصام‏ ‏بنتائجها‏ مما ‏يجعل‏ ‏المفهوم‏ ‏معلقا، ‏ويجعل‏ ‏التشخيص‏ ‏مؤجلا‏ ‏أحيانا، بل ‏وقد يجعله‏ ‏تشخيصا‏ ‏بأثر‏ ‏رجعى ‏فى أحيان أخرى. ، ‏سواء‏ ‏كان‏ ‏تدهورا‏ ‏فى ‏الشخصية‏ ‏ككل، ‏أو‏ ‏ندبا‏ Scar ‏فى ‏جانب‏ ‏من‏ ‏جوانبها، ‏الأمر‏ ‏الذى ‏يجعل‏ ‏مفهوم‏ ‏الفصام‏ ‏ذاته‏ ‏وليس‏ ‏مجرد‏ ‏تشخيصه‏ “‏مفهوما‏ ‏مؤجلا” (‏أو‏ ‏يمكن التعبير عنه أنه “تشخيصٌ مع‏ ‏وقف‏ ‏ ‏ إعلانه).‏

‏7- ‏إن‏ ‏سوء‏ ‏سمعة‏ مرض ‏الفصام‏ ‏تجعل‏ ‏التشخيص‏ ‏هو الأقرب إلى الوصمة الميئسة، الأمر الذى يتجنبه كثير من الأطباء بحسن نية، أو تعاطفا مع الأهل، أو حتى من باب التفكير الآمِل.

 وبعد

إنه بالنظر لكل هذه الصعوبات، ومع احترام محاولات الهيئات العلمية الرسمية العالمية والقومية فى الوصول إلى محكات متفق عليها لتشخيص (وليس بالضرورة لتوصيف الفصام) فإن كل ما تحقق هو درجة عالية من “ثبات الاتفاق” Reliability، لكن تظل المصداقية Validity أبعد ما يكون عن ما وصلت إليه كل هذه الجهود الرائعة بلا استثناء.

وبعد

معظم ما جاء فى هذه النشرة (وربما ما سوف يجئ فى النشرات اللاحقة) يبدأ مما سبق لى إثباته فى كتابى الأم “دراسة فى علم السيكوباثولوجى 1979)(9)، وقد شعرت أنه خلال هذا الثلث قرن من الزمان قد أدركت الصعوبات التى تكثف التعرف على أصل وطبيعة هذه الظاهرة المسماة “الفصام”

 وأود أن أثبت رؤوس مواضيع تلك المعلومات الأحدث التى نبهتنى إلى المنهج الذى كان خلف كتابتى هذا العمل الأول، والذى أواصل محاولة التعمق فيه والإفادة منه حالا.

أولاً: علاقة العمليات الذهانية والفصام خاصة بعمق وموضوعية وبيولوجية ونيورونية تعدد الذوات (حالات الذات = حالات العقل= مستويات الوعى = أنواع العقول داخلنا).

ثانياً: أهمية حضور ما هو “الوعى” برغم استمرار غموض أبعاده.

ثالثاً:   حقيقة ما يمكن أن يجرى نيوروبيولوجيا فى أجزاء الزمن المتناهية الصغر فى عمليات المخ طول الوقت.

رابعاً: أهمية دورات الإيقاعحيوى المستمرة، المختلفة الطول والعرض الدائمة ليلا ونهارا فى وحدات الزمن على اختلاف أطوالها.

خامساً: أهمية فهم المرض النفسى فى حركيته الدائمة سواء بنبضات إيقاعحيوى مجهضة أو فاشلة أو منحرفة، أو بما يتبقى من آثار إجهاض هذه النوبات وتشويه حالها.

سادساً: أهمية الوعى بحقيفة كيف أن المخ يعيد بناء نفسه باستمرار من خلال الإيقاعحيوى وكيف أن علينا أن نواكبه ونحن ندعمه ونوجهه، وكل هذا سوف نعود إليه غالبا.

سابعاً: فرصة قراءة حركية المخ فى تشتته النشازى ودأبه على إعادة بناء نفسه ما أتيحت له فرصة علاج حقيقى.

30-10-2016_5

1] –  مقالة “فتح ملف قائد المسيرة: المخ البشرى” بداية حوار حول المخ والسلوك فى الصحة والمرض) تأليف: فاينبرج، ترجمة:  محمد يحيى – عدد يوليو 1985- مجلة الإنسان والتطور

[2] – هى حكاية أشهر من أن تحكى، ومع ذلك، فلمن لا يعرفها ها هى ذى : حكى أن ثلاثة من العميان دخلوا في غرفة بها فيل ، و طلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ليبدأوا في وصفه، بدأوا في تحسس الفيل و خرج كل منهم ليبدأ في الوصف ، قال الأول : الفيل هو أربعة أعمدة على الأرض!ا

قال الثاني : الفيل يشبه الثعبان تماما!ا وقال الثالث : الفيل يشبه المكنسة!ا

بالتأكيد لاحظت أن الأول أمسك بأرجل الفيل و الثاني بخرطومه و الثالث بذيله  وكل منهم كان يعتمد على برمجته وتجاربه السابقة

[3]  – وأيضا أنظر قبلا أن الجنون اختيار (وما شابه ذلك) (نشرة 13/7/2008 ” زخم الطاقة، والإيقاع الحيوى، واختيار الجنون” (  و(نشرة 20/207/2008 “كيف يكون الجنون حلا؟؟”!!)

[4] -H. Guntrip Schizoid phenomenon, Object Relation and the Self”   Publisher: Karnac Book. 1992.

[5]  – صعوبة تكوين العلاقة الموضوعية بالآخر (نشرة 25-1-2015)

[6]  –  حالات الوجود المتبادلة: (نشرة 5/7/2010)   (نشرة 25/6/2016) (نشرة 26/6/2016)

[7]  – وهى  precos feeling وقد وصفها Rumke  تعنى شعور الفاحص بعجزه عن التواصل مع المريض وبالتالى وصفه (أو اتهامه) بالتفكيك ومن ثم احتمال الفصام.

[8] – نشرة 6-7-2010 “حركية الطبيب (المعالج) النفسى والمريض النفسى بين الحرية والأيديولوجيا”

[9] – يحيى الرخاوى: “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” سنة 1979 – دار عطوة – القاهرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *