الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (110) Biorhythmic Psychiatry مازالنا فى المقابلة الإكلينيكية (43) ثقافة الإدمان: كدين زائف معاصر (2)

الطبنفسى الإيقاعحيوى (110) Biorhythmic Psychiatry مازالنا فى المقابلة الإكلينيكية (43) ثقافة الإدمان: كدين زائف معاصر (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين10-10-2016

السنة العاشرة

العدد: 3328

الطبنفسى الإيقاعحيوى (110)

 Biorhythmic Psychiatry

مازالنا فى المقابلة الإكلينيكية (43)

ثقافة الإدمان: كدين زائف معاصر (2)

مقدمة:

مثلما ذكرنا أمس حين نتكلم عن “ثقافة الإدمان” فنحن نتكلم عن وعى جمعى بشكل أو بآخر، ولا يوجد ما يسمى أسباب الثقافة، تماما كما لا يوجد ما يسمى أسباب الوعى، وإنما يوجد ما يمكن أن نسميه مكوّنات الثقافة، وأيضا مستويات الوعى.

10-10-2016_1

 أما الأسباب فهى العوامل المحددة (تقريبا) المسئولة عن إحداث فعل بذاته، أو ظهور ظاهرة معينة، وليس معنى ذلك أنه لا يوجد ما يربط بين الأسباب والثقافة، فالسبب المحدد يبرز فى ثقافة بذاتها تماما مثل نوع الزرع الذى ينبت فى أرض بذاتها قادره على إنباته، وإكمالا للقياس فإنه يمكن استبيان “شتلات” نبات معين فى مشتل أو صوبه، ثم ننقله إلى الأرض المناسبة،  كذلك  يمكن أن يوجد سبب للإدمان بعيدا عن ثقافة الإدمان، لكن شتلة الإدمان تترعرع وتستمر وتفرِّع أكثر فى أرض ثقافة الإدمان.

وبعد

 أشرت أمس ما كتبه  ت.س.إليوت بعنوان “ملاحظات نحو تعريف الثقافة”، ترجمة د. شكرى عياد، أشار فيه إلى عمق غور ما هو ثقافة فى التركيب البشرى والمجتمعى وعلاقة ذلك بالدين عامة، والدين الشعبى خاصة، وقد حضرنى هذا الربط أيضا وأنا أتكلم عن ثفاقة الإدمان وعن الإدمان كدين معاصر كما نبه إليوت أيضا إلى أن الثقافة هى ما يتبقى فى الوعى بعد نسيان ما تعلمناه،

هذا المعنى هو الأقرب لما أستعمله هنا،  انطلاقا من ذلك فإن الحديث عن الإدمان كثقافة يحتاج إلى التعرف على الدين كثقافة، وهذا ليس له علاقة مباشرة بالتنزيل الذى أكرم الله به أنبياءه لهدى البشر، لكن حتى هذه الديانات السماوية ، تشترك مع الديانات الارضية، السلبية والإيجابية فى معالم معينة، وهذا ما يعنينا هنا

دعونا ننظر فى عجالة إلى معالم “منظومة الدين” كثقافة كما أشار إليوت، ولكن قبل ذلك دعونا نتعرف على مقومات ما هو ثقافة عامة ، قبل الدخول إلى الدين كثقافة وإلى ثقافة الإدمان كدين.

10-10-2016_2

نلاحظ هنا العلاقة بين مكونات الثقافة وبين الوعى الجماعى، حيث لا يعتبر كل مكون من هذه المكونات فى ذاته ثقافة، فى حين نعتبر كل هذه المكونات مجتمعة بما ذلك إسهامات الدين الرسمى والدين الشعبى فى تكوين الوعى الجمعى كل ذلك هو ما يمثل الثقافة عامة.

والعلاقة بين الثقافة العامة والثقافة الخاصة علاقة مهمة، فثقافة الإدمان هى جزء من الثقافات العامة السائدة فى مجتمع ما فى وقت بذاته، بل إننى تعلمت منها ما أوْضَحَ لى بعض ملامح ما ساد فى مجتمعنا بصفة عامة فى الفترة الأخيرة، بل وقد الهمتنى هذه الثقافة الخاصة تخطيط بعض الخطوط العريضة التى يمكن أن نستفيد منها فى التعرف على كثير من معالم الثقافة السائدة مؤخرا مع التحذير من فرط التعميم، وسوف أحاول أن أربط فى تقديمى بين السبب والدلالة واللغة والغاية لكل عامل من مكونات ثقافة الإدمان وأسبابه.

وسوف أعود إلى ذلك لاحقا، ولكن دعونا نتعرف على ثقافة الإدمان من مدخل التعرف على منظومة ما هو دين كمنظومة كما ذكرنا.

10-10-2016_3

فكيف تتفق ما أسميناه ثقافة الإدمان مع هذه المواصفات  لدرجة أن تسمح بفرض أن الإدمان دين زائف.

هاكم المحاولة:

10-10-2016_4

وهنا يجدر بنا أن نتبه إلى خطأ الاستسهال بقبول مقابلة فاسدة تقول: ما دام الإدمان هو دين إذن فقد صدق من سبق أن قالوا “إن الدين مخدر” (للشعوب أو الأفراد) طبعا هذه مقابلة خاطئة تماما، فاتهام الدين الحقيقى بأنه مخدر هو من شخوص تنازلوا عن حقهم فى استيعاب الفرق بين التدين، والدين والإيمان، وهذا ما تطرقنا إليه سالفا (نشرة: 19-9-2016)، وتشبيه الإدمان بالدين هو تشبيه مشروط بأنه دين زائف، وحين يحين الحين للحديث عن العلاج سوف نكتشف أن كثيرا من جوهر علاجات التأهيل يحاول إحلال الدين الحقيقى (الإبداعى الخلاق) محل هذا الدين الزائف التخديرى الكاذب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *