الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الدراسة الجامعة: أصداء السيرة (1) : حيرة فى اختيار الفصل الثانى

الدراسة الجامعة: أصداء السيرة (1) : حيرة فى اختيار الفصل الثانى

نشرة “الإنسان والتطور”

 الخميس: 6 -10-2016

السنة العاشرة          

العدد: 3323

naguib-mahfouz-%d9%90%d9%90%d9%90asdaa

 

أصداء الأصداء:


الدراسة الجامعة: أصداء السيرة (1)

حيرة فى اختيار الفصل الثانى

مقدمة:

حين رحت أراجع ما خطر لى وأثبته عن الفصول المستقلة التى يمكن أن تشملها “الدراسة الجامعة” وجدت التالى:

‏خطر لى أن ‏العناوين‏ ‏التى يمكن تناولها بعد الفصل الأول (الطفولة نبض دائم) هى: …. (2)‏ الجنس‏، ‏والجسد‏، ‏والحس‏، ‏واللذة‏ (3) ‏الحب‏ ‏والصداقة‏ ‏والعلاقة‏ ‏بالموضوع‏ (4) ‏الصمت‏، ‏والنداء‏ (‏النداهة‏) ‏والخلاء‏، ‏والكهف‏ (5) ‏الغيب‏، ‏والامتداد‏، ‏والكون‏، ‏والمجهول‏ (6) ‏السعى، ‏والحركة‏ (7) الذاكرة‏، ‏واستحضار‏ ‏الوعى (8) ‏العمر‏ ‏والشيخوخة‏ ‏والموت‏ ‏والخلود‏ (9) ‏الزمن والتناهى، ‏واللحظة‏، ‏والنبضة‏، ‏والهمسة‏ (10)‏ البعث‏، ‏والولادة‏ (11) العقل والجنون (12) ‏الـله‏ ‏والوجود‏ (‏الدين‏، ‏والإيمان‏).

وبعد

بصراحة يا شيخى الجليل، لو كنت معى الآن (هنا فى هذه الدنيا، فأنت معى أبدا) لكنت قد تجرأت وقرأت عليك الفصل الأول بعد التحديث، وهو الذى نشرته هنا فى نشرتنا اليومية تباعا فى الأسابيع الثلاث الماضية، ثم لكنت قد استشرتك فى هذه الزحمة التى عثرت عليها منشورة فعلا قبل دراستى الأولى.

أنت تعرف طبعا أن ما شدنى فى دراستى لملحمة الحرافيش(1)، هو تناولك لقضية الموت والخلود، وقد قمت بتطوير هذه الدراسة (2) وقلت لعلها فرصة أن أواصل مناقشة نفس القضية فى أعمالك الأخرى، وخاصة وقد لاحت لى قبل ذلك فى “رأيت فيما يرى النائم”، ثم بعد ذلك فى “أحلام فترة النقاهة”، وأيضا بين هذا وذاك فى دراستى المقارنة بين “ساحر الصحراء (الكيميائى) وبين ابن فطومة” (3) ثم إنه قد حضرنى نفس الخاطر ملحّا ما نشرته مؤخرا فى دوريتك السنوية” العدد السابع  – ديسمبر 2014 بعنوان: “الله: التطور: الإنسان: الموت: الله عبر نجيب محفوظ” كما أننى أشرت فى هذه البداية الأخيرة إلى ما وصلنى من خلال تداعيتك فى التدريبات بوجه رجَّح لى أن يكون الفصل الثانى فى دراستى الشاملة للأصداء عن الوجود وامتداده، ودورك فى الكدح والإبداع إليه.

دعنى اليوم أقتطف مما كتبت فى هذه الدراسة البادئة فى دوريتك لسنة 2014 (4)، لعلك توافقنى أن تكون هذه هى البداية:

المقتطف الأول:

 “…. بعد أن امتلك ‏‏ ‏محفوظ ناصية‏ ‏الحكى أكثر فأكثر، راح يدور‏ ‏راقصا سابحا طائرا مع ‏دورات‏ ‏الحياة‏ ‏مباشرة‏ ‏دون‏ ‏حاجة‏ ‏إلى ‏رمز‏ ‏يستعيد‏ ‏به‏ ‏أحداث‏ ‏التاريخ‏……. ‏راح‏ ‏يتناغم‏ ‏مع‏ ‏المطلق ‏وهو ‏يعرى “‏ضلال‏ ‏الخلود‏” ‏فى هذه الدنيا ويساويه‏ ‏بالموت‏ ‏الآسن‏، وفى نفس الوقت هو يضع‏ “‏الوعى ‏بالموت” ‏فى ‏بؤرة‏ ‏الحفز‏ ‏إلى ‏الحياة‏، وذلك ‏حين ‏نجح‏ ‏أن‏ ‏يرسم‏ ‏دوراتها‏ ‏وكأنه‏ ‏يدور‏ ‏معها‏ ‏مواكبا‏ ‏الإيقاع‏ ‏الحيوى ‏الممتد‏، ‏ظهر‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏فى ‏درة‏ ‏أعماله‏ “‏ملحمة‏ ‏الحرافيش‏” وأثبته فى نقدى لها

المقتطف الثانى:

“..يمكن أن ننتبه إلى أن محفوظ لم يفصل تحديدا ‏بين‏ ‏تاريخنا ‏(تاريخه‏) ‏وتاريخ‏ ‏البشرية‏ (‏بل‏ ‏تاريخ‏ ‏الحياة‏‏ أحيانا) إلا نادرا. لعله اعتبر – وهو على حق مثلما وصلنى أخيرا – أن كل ‏ ‏فرد‏ ‏على ‏هذه‏ ‏الأرض‏ ‏أو‏ ‏تلك‏ ‏فى ‏زمن‏ ‏محدد‏، ‏ليس‏ ‏إلا‏ ‏تجسيدا‏ ‏لمسيرة‏ ‏الحياة‏ ‏برمتها‏ ‏حيث ‏يستحيل‏ ‏فصل‏ ‏الوجود‏‏ ‏الفردى ‏عن‏ ‏ملحمة‏ ‏الوجود‏ ‏الحيوى ‏(‏التطور‏). ثم تجسيداً لبعض ناسه بشكل أو بآخر. ‏من‏ ‏هنا‏ ‏راح‏ ‏محفوظ‏ ‏يبحث‏ ‏بإلحاح‏ ‏لم‏ ‏يهمد‏ ‏عن‏ “‏الطريق‏” ‏إلى المطلق فالله، ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏راح‏ ‏يحفر‏ ‏حول‏ ‏جذور‏ ‏الحياة”.

المقتطف الثالث:

 “..كل ذلك وهو يسعى إليه بإصرار لا مثيل له، يتحرك بكل أداة كلما لاح له أى سبيل ليعرفنا الكدح إليه، وقد وصلنى أن هذه الحركية الإبداعية المعرفية هى الأصل فى كل توجهاته إليه، وأنه لا يجوز اختزالها إلى لفظ “صوفية” بالمعنى الشائع، وهى تحمل مخاطرة معرفية جسيمة، حتى قدرت أن كثيرا من النقاد خافوا منها فلم تصل إليهم فراحوا يصنفونها بأبجديتهم الجاهزة بما فيها “الصوفية”، و”الميتافيزيقية”، و”الاجتماعية”، فجعلت طول الوقت أتساءل كيف نقيس المتحرك بالساكن؟”.

المقتطف الرابع:

“..حين تُختزل قضية معرفة الله إلى علاقة المبدع (محفوظ) بالميتافيزيقيا فى مقابل علاقته بالبعد الاجتماعى، أو بالعلم (دون تحديد إجرائى لأى من ذلك) أو حتى علاقته بالتصوف كما شاع عنه، تصبح المسألة فى حاجة إلى وقفة ومراجعة، وحتى نحترم جهد الباحث واجتهاد الناقد لابد من الرجوع إلى تاريخ قيام الناقد بهذا الجهد ثم تاريخ نشره”.

المقتطف الخامس:

“..الاختلاف وارد فى هذه القضايا المطروحة هنا أكثر من أية قضايا أخرى، الوعى والله، والموت، والتطور!!، فكل هذه المسائل تتعلق بأمور لم تحسم أبدا، برغم كل الجهود المطروحة لفحصها وبرغم الإنجازات المعرفية وغير المعرفية (بما فى ذلك  إنجازات الحدس والإدراك الأشمل والوجدان الاعتمالى المعلوماتى)(5) أقول إذا كان الأمر يتعلق بأمور مازالت بهذه الصعوبة فهو يحتاج إلى مواصلة الكشف طول الوقت وهذا ما يساهم فيه الإبداع بكل أشكاله وتجلياته وبالتالى ينبغى أن تكون البداية منه لا من خارجه”.

المقتطف السادس:

“… العلوم المعرفية الأحدث كسرت حواجز كثيرة، ولا بد من وضع ذلك  فى الاعتبار مواكبة للإنجازات على الناحيتين، فمثلا كـُسر الحاجز بين الفيزيقا والميتافيزيقا، كما كسر الحاجز بين المعرفة الصوفية وبين العلوم الكموية، كذلك كسر الحاجز بين الفاحص والمفحوص فى منهج البحث الفينومينولوجى(6)

ثم إنى أنهيت هذه الدراسة ببعض التوضيحات المتعلقة بالمنهج و استعمالاتى الخاصة للغة، أنهيتها بما يلى:

أولاً: حين استعمل لفظ الجلالة “الله” فأنا أعنى الطريق المعرفى إلى الله، ذلك أقرب وأكثر اتساقا مع ما وصلنى من إبداع محفوظ وحدوسه، ومن هذه العلوم الأحدث أيضا، ومن كدح الساعين إليه.

ثانيا: أفضل عدم استعمال كلمة “التصوف” إلا نادرا مهما كانت شائعة ومهمة، لأننى لاحظت سطحية استعمالها غالبا حتى فى الدراسات النقدية، وأفضل أن استعمل تعبير “المعرفة الكدحيه” وهو مصطلح يحتاج إلى تعريف سوف أعود إليه لاحقا.

ثالثا: لا ألتزم بالتعريف المعجمى لمعظم المصطلحات الأساسية واستعمل كل لفظ فى سياقه للغرض من استعماله وخصوصا ألفاظ “الوعى” و”التطور” وحتى “الموت” و”الولادة”.

رابعا: سوف أحاول تجنب الاستشهاد بنصوص مقدسة إلا اضطرارا وفى الهامش إذا لم أجد بديلا حتى أتجنب ما يسمى التفسير العلمى للنص الالهى أو حتى التفسير القرآنى (أو التراثى) للنص المحفوظى.

وأرجو الله أن يعيننى أن أبدأ الأسبوع القادم مواصلة الدراسة الشاملة ويكون الفصل التالى:

الفصل الثانى: “عن: الوجود والله والوعى الممتد فى الأصداء”

وأخيرا

ما رأيك يا شيخنا الجليل

وما رأى أى ممن يهمه الأمر

 

[1] – يحيى الرخاوى: “دورات الحياة وضلال الخلود ملحمة الموت والتخلق “فى الحَرافيش” –  مجلة فصول – المجلد التاسع – العددان الأول والثانى – أكتوبر 1990. وفى كتاب “قراءات فى نجيب محفوظ” الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1992

[2] – يحيى الرخاوى:  “تشكيلات الخلود بين ملحمة الحرافيش”،و”حضرة المحترم” دورية نجيب محفوظ، العدد السادس ديسمبر 2013 صفحات (143 – 161).

[3] – يحيى الرخاوى: “الأسطورة الذاتية: بين سعى كويلهو، وكدْح محفوظ” دورية نجيب محفوظ، العدد الثانى ديسمبر 2009

[4] – يحيى الرخاوى:  “الله: التطور: الإنسان: الموت: الله عبر نجيب محفوظ”  دورية نجيب محفوظ، العدد السابع ديسمبر 2014

[5] – نشرات “الإنسان والتطور” العقل الوجدانى الاعتمالى: (نشرة: 19-10-2014  ونشرة 25-8-2014 )

[6] – يحيى الرخاوى: “الباحث:‏ ‏أداة‏ ‏البحث،‏ ‏وحقله… فى دراسة الطفولة، والجنون” عدد أكتوبر 1980 – مجلة الإنسان والتطور. وأيضا نشرة “الإنسان والتطور”: 20-7-2014، “الباحث والمواجدة والنكوص الإبداعى (فى مجال دراسة الجنون والوجدان).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *