الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (99) : بقية التاريخ الجنسى (2) ثم: التاريخ الزواجى!

الطبنفسى الإيقاعحيوى (99) : بقية التاريخ الجنسى (2) ثم: التاريخ الزواجى!

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 18-9-2016

السنة العاشرة

العدد:  3306

الطبنفسى الإيقاعحيوى (99)

 Biorhythmic Psychiatry

مازالنا فى المقابلة الإكلينيكية (33)

بقية التاريخ الجنسى (2) ثم: التاريخ الزواجى!

…… (ما تبقى عن الجنس)

المتن (4) (يسأل أيضا عن:)

‏… عن ‏الممارسات‏ ‏الجنسية‏ ‏غير‏ ‏الطبيعية‏، (‏الجنسية‏ ‏المثلية‏، ‏التوثين‏، ‏مع‏ ‏الحيوانات‏ ‏فى ‏الريف‏ ‏خاصة‏، ‏مع‏ ‏الأطفال‏.. ‏إلخ‏)، ‏وفى ‏هذا‏ ‏المجال‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏السؤال‏ ‏بقصد‏ ‏التشخيص‏ ‏الحالى ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏يكون‏ ‏رصدا‏ ‏لمراحل‏ ‏عادية‏ ‏للنمو‏ ‏يمر‏ ‏بها‏ ‏الشخص‏ ‏العادى ‏فى ‏اكتشافه‏ ‏لهذه‏ ‏المنطقة‏ ‏من‏ ‏جسده‏ (وأصله ووجوده) ‏ووظائفه‏ ‏وعلاقاته‏. ‏وبالتالى ‏يكون‏ ‏السؤال عن‏:  ‏متى ‏بدأت‏ ‏هذه‏ ‏الممارسات‏، ‏ومتى ‏وكيف‏ ‏انتهت‏، ‏وماذا‏ ‏تبقى ‏منها‏، ‏إن‏ ‏كان‏ ‏قد‏ ‏تبقى ‏شئ، وقد أشرنا إلى بعض ذلك سالفا.

التحديث:

على أن تعريف “الممارسة الطبيعية” قد أصبح موضوع جدل واختلاف بعد انتشار الجماعات البعيدة عن ما تسميه الأكثرية “طبيعية” كما حدث بالنسبة للجنسية المثلية فى الدول الأسبق تحضرا أو تقدما مما أدى إلى نوع من الإعلان فالتحدى، مع المطالبة بمؤسسات زواجية معترف بها لها نفس الحقوق (وعليها نفس الواجبات) حتى أصبحت هذه الجماعات تمثل فى بعض الدول مجموعة ضغط سياسى (لوبى) ترجح مؤشر هذا المرشح أو ذاك، كل ذلك بعيد نسبيا (بدرجات تتراجع تدريجيا) عن ثقافتنا الحالية، علما بأنه ليس عندى إحصاءات محكمة تحدد النسبة لدينا، لأن السرية المحاطة بهذه الممارسات فى مجتمعاتنا  تجعل الحصول على أرقام موضوعية شبه مستحيل.

ومن وجهه نظر الطبنفسى التطورى: المفروض أن هذه الممارسات هى ضد التطور لأنها ضد الحفاظ على النوع، لكن ثَمَّ ردَّا جاهزا عند هذه الجماعات يقول إن الجنس البشرى قد زاد عن العدد المناسب لاستمراره، وأن هذه الممارسات تحد من التكاثر العشوائى، وتفصل الوظيفة الجنسية عن مجرد التناسل لحفظ النوع ولكنها هى تحتفظ بها كطاقة حيوية “مشروعة”!! للتواصل والفرحة والحب دون ارتباط بالإنجاب وحفظ النوع، إلا أننى أرى أن عجز الإنسان عن ضبط تكاثره العشوائى المُهَدِّدِ بالانقراض، ليس مبررا  كافيا للدفاع عن مشروعية هذه الممارسات حتى لو كانت تحت زعم حفظ النوع، فأنا أتصور أن هناك عوامل أخرى تهدد بالانقراض أكثر من مجرد التناسل العشوائى مثل: الحروب، وخاصة حروب الإبادة، والتطهير العرقى، والتمييز العنصرى، وسوء استعمال الطبيعة، والظلم عامة.. (برجاء البدء بكل ذلك قبل استعمال هذا الانحراف تبريرا تطوريا!!) لإقلال عدد البشر المتزايد عن قدرات الأرض وخيراتها.

(.. أما عن الزواج)

المتن (5)

لا شك أن الجنس بوظيفته التواصلية والتناسلية هو الدافع الأول لإنشاء المؤسسة الزواجية وبالتالى ألحقنا تاريخ الزواج بالتاريخ الجنسى كما يلى:

  الزواج‏ ‏فى ‏مجتمعنا‏ ‏هو‏ ‏مؤسسة‏ ‏شديدة‏ ‏الأهمية‏ ‏بالغة‏ ‏الدلالة‏، ‏ويجرى ‏فحصها‏ ‏تحت‏ ‏العناوين‏ ‏التالية:

‏(‏1‏) ‏نوع‏ ‏الزواج‏:  ‏وهل‏ ‏كان‏ “‏عن‏ ‏حب‏”:  ‏انجذاب‏ ‏وتفاهم‏ ‏متبادل‏ ‏بين‏ ‏الطرفين‏ ‏مباشرة‏ ‏ثم‏ ‏الزواج‏، ‏أم‏ هو ‏مرتب‏: ‏بواسطة‏ ‏المعارف‏ ‏أو‏ ‏الوسطاء‏ ‏مثل‏ ‏الخاطبة‏ وهو ما يطلق عليه “زواج الصالونات”  ‏أم‏ ‏هو‏ ‏قـهرى (‏ضد‏ ‏رغبة‏ ‏أحد‏ ‏الطرفين‏، ‏كما‏ ‏يحدث‏ ‏أحيانا‏ ‏بين‏ ‏أولاد‏ ‏العم‏ ‏فى ‏صعيد‏ ‏مصر‏)، ‏أو‏ ‏فى ‏حالة‏ ‏زواج‏ ‏فتاة‏ ‏ريفية صغيرة‏ ‏فقيرة‏ ‏من‏ ‏سائح‏ ‏عربى ‏ثرى أو ما شابه.‏

التحديث:

على أنه على الطبيب (الفاحص) ألا يربط ربطا مباشرا بين نوع الزواج وبين نجاحه، فإن نجاح الزواج يتوقف على عوامل كثيرة بعد الزواج ربما أكثر من الظروف ونوع ودوافع الارتباط قبله، وقد أثبتت كثير من الإحصاءات حتى فى البلاد المتقدمة ان نسبة النجاح متقاربة بين الزواج المرتب (زواج الصالونات) وزواج الحب، برغم وفرة فرص التعارف والتآلف قبل الزواج، على أن ما يسمى “الحب” وخاصة فى ظروف ثقافتنا له تجليات مختلفة وتشكيلات تُظهر الحاجة إلى التعمق فى استعمال اللفظ (لفظ الحب) وهل هو احتياج متبادل، أم احتياج لاحتياج الآخر له(1) وكل ذلك لا مجال لتفصيله هنا، لكننا فقط نحذر من أن يكون الفحص المبدئى وتحديد نوع الزواج هو الأساس الذى يبنى عليه الحكم الدائم على ما يلى ذلك.

المتن (6)

يعتبر  فحص الحياة الجنسية بمهارة هادئة شديد الأهمية للوفاء بالمعلومات الكافية عن المؤسسة الزواجية، ولذلك يُسأل عن ‏تواتر‏ ‏الممارسة‏ ‏الجنسية‏، ‏ونوعها‏، ‏ومدى ‏إرضائها‏ ‏لأحد‏ ‏الطرفين‏ ‏كل‏ ‏على ‏حدة‏، ‏ثم‏ ‏لكليهما‏ ‏معا‏، ‏وهل‏ ‏هى ‏تقرِّب‏ ‏العلاقة‏ ‏بين‏ ‏الزوجين‏ ‏أم‏ ‏أنها‏ (‏كما‏ ‏تقول‏ ‏كثير‏ ‏من‏ ‏الزوجات)،‏ ‏تتم كأداء ‏واجب‏ ‏من‏ ‏أحد‏ ‏الأطراف‏ ‏نحو‏ ‏حقوق‏ ‏الآخر،‏ مثلا:‏ ‏واجب‏ ‏من‏ ‏المرأة‏ ‏طاعة‏ ‏لأوامر‏ ‏دينية‏ حقيقية أو ‏شائعة أو حفاظا على تماسك الأسرة، أو حتى لا يضطر الطرف الآخر (الرجل عادة) إلى البحث عن إرواء حاجته خارج نطاق الأسرة!‏.

التحديث:

ولا يُـكتفى فى ذلك بأقوال أحد الطرفين، كما ينبغى الحذر من إقحام هذه التساؤلات دون تمهيد، ودون الطمأنينة إلى أن الطرفين يسمحان بها بأى درجة مفيدة، بعد توضيح أهمية ذلك، ويمكن أن يؤجل فحص هذه المنطقة إلى مقابلات تالية حسب حذق الفاحص، ومن البديهى ألا ننقل المعلومات من أحد الأطراف إلى الطرف الآخر إلا بإذنه.

وبالرغم من أن المؤسسة الزواجية هى مرحلة متأخرة فى تطور الإنسان وتكوين المجتمعات البشرية إلا انها مؤسسة متهمة بالفشل بحق، وبدون وجه حق غالباً، حتى أن ثَمَّ زعما يقول إن الذى يُبْقى عليها حتى الآن هو فشل كل البدائل التى جربها الإنسان المعاصر مقارنة بها، وخاصة بالنسبة لدورها كحقل لتطوير نموّ العلاقات الثنائية بين مختِلفَيْن دون الاقتصار على ذلك، وأيضا كمجال ووسط أنسب لنشأة الأولاد على الأقل حتى  سن المراهقة، ودون الدخول فى تفاصيل فإن موقف الطبيب الذاتى يمكن أن يرجح هذا الرأى عن ذاك، لذلك فإن المطلوب من الفاحص أن يكون كل ذلك فى محيط علمه ولو نسبيا أو على الأقل فى خلفية وعيه، وأن يتذكر باستمرار أن مسئوليته ليست فقط عن الطرف الذى أعلن شكواه، وحضر للاستشارة، بل هى عن كل أطراف المؤسسة، وذلك بأكبر قدر من الحرفية والرعاية مع وضع كل العوامل الآنية والمستقبلية فى الحساب الظاهر والخفى.

المتن (7)

  – ‏وصف‏ ‏مختصر‏ ‏لشخصية‏ ‏كل‏ ‏من‏ ‏الزوجين‏ على حدة

التحديث:

ويجرى ذلك على نفس أسس ما سبق ذكره عن وصف شخصية “المرافق” و”المبلغ” و”الأب” و”الأم” أى أنه يتضمن بيانات السن والعمل وعلاقة القرابة لأى درجة ووظيفة وطبيعة “قيادة” المؤسسة الزواجية فى كل الأمور أو بعض الأمور، وتقسيم الدخل إن كان من الجانبين أو توزيعه إن كان من جانب واحد وكل ذلك ليس فقط للبحث عن الأسباب ولكن للإلمام بطبيعة ومعالم الوسط الذى يعيش فيه المريض (أو طالب المشورة) أكثر من نصف وقته.

هوامش حول المسألة

وردت فى المتن نقطتان تخصَّان الإناث أساسا وهما تستأهلان التسجيل لما لهما من علاقة مباشرة بكل من النمو الجنسى والثقافة الشائعة حوله.

النقطة الأولى:

المتن (8) (2)

‏ويسأل عن‏ ‏خبرة‏ ‏الختان‏ ‏وخاصّة‏ ‏عند‏ ‏الإناث‏: ‏يسأل‏ ‏عن‏ ‏التحضير‏ ‏لها‏، ‏والخداع‏ ‏فيها‏، ‏والإعلان‏ ‏عنها‏، ‏والألم‏ ‏المصاحب لها‏، ‏والإهانة‏ ‏المعلنة‏ ‏والخفية المحيطة بها‏، ‏والاحتفالات‏ ‏المرفوضة‏ ‏أو‏ ‏المفروضة‏، ‏وما‏ ‏تبقى ‏من‏ ‏الذكريات‏ ‏حولها‏ .

التحديث:

لا يمثل الختان عند الذكور فى ثقافتنا أى أشكال أو اعتراض أو تحفظ مقارنة بما هو الحال عند الإناث، وللختان عند الذكور تاريخ خاص فى الأديان المختلفة، ولم يزعم أحد أنه ينشط أو يقلل من النشاط الجنسى أو ما شابه، اللهم إلا ما ذكره التحليل النفسى بشكل مباشر أو غير مباشر عن علاقته بعقدة الخصاّء وما إليها.

أما بالنسبة للإناث فقد أصبح له فى ثقافتنا دلالات وأحاطته معلومات فاسدة، وصاحبته فتاوى مهزوزة وخاطئة، وعموما فالأغلب أنه فى تراجع متواصل حاليا، وإن كان لم (ولن غالبا) يختفى، علما أنه قد وصل الأمر إلى تجريمه بالقانون.

ويحيط بهذا الموضوع ابتداء ما ينبغى اعتباره نوعا من “ضِرَار الأطفال”(3)للبنات، فمن ناحية هو يجرى فى سن باكرة جدا لا تملك الطفلة فيها القدرة على الاحتجاج أو الاعتراض فضلا عن الامتناع، ومن ناحية أخرى فهو محاط سرا أو علانية (شعوريا أو لا شعوريا) بإهانة صريحة أو متضمنة تُلحَقُ بالمرأة باتهامها بالضعف أمام شهوتها نتيجة استثارة جزء غال من جسدها، ومن ناحية ثالثة فإن التفسير الغير علمى بأن برود المرأة ترجع إلى اختفاء هذا الجزء وهو تفسير متواتر لكنه خاطئ وغبى، وبذلك تزاح كل الأسباب الحقيقية والموضوعية وراء ظاهرة البرود الجنسى، تلك الأسباب المسئول عنها الرجل فى أغلب الأحوال، ثم إن تركيز موضوع استثارة المرأة فى هذا الجزء من الجسد الذى يتخلصون منه دون غيره، هو خطأ فسيولوجى لأن جسم المرأة  – كله حتى فى التحليل النفسى – هو حساس وقابل للاستثارة الطبيعية خاصة بعد البلوغ، وأخيرا، وحتى لو صدق هذا الزعم فما هو المبرر العلمى أو الأخلاقى أو حتى الدينى الحقيقى الذى يفرض على المرأة أن تتنازل عن جزء من طبيعتها استجابة لمعلومات خاطئة غير إنسانية.

ولم يعد من المألوف فى المقابلة الإكلينيكية أن يسأل الطبيب مريضة عما إذا كانت قد أجريت لها عملية الختان أم لا، اللهم إلا إذا كانت تشكو، أو يشكو زوجها من برودها الجنسى، مع التذكرة بأن هذا من أضعف الأسباب التى تفسر ذلك.

أما ربط التعامل مع هذه الخبرة باعتبارها صادمة للطفلة (فالمرأة) فى سن مبكرة، فهذا مهم، والالتفات إليه ضرورى باستمرار.

النقطة الثانية هى:

المتن (9)

‏تاريخ‏ ‏الطمث‏ (‏للإناث‏)‏

يسأل‏ ‏عن‏ ‏بدء‏ ‏الطمث‏، ‏وهل‏ ‏كان‏ ‏ثمة‏ ‏معلومات‏ ‏عند‏ ‏الفتاة‏ ‏تشرح‏ ‏لها‏ ‏ما‏ ‏سيحدث‏ ‏قبل‏ ‏حدوثه‏، ‏وهل‏ ‏كانت‏ ‏ثمة‏ ‏مفاجأة‏، ‏وماذا‏ ‏عن‏ ‏الشعور‏ ‏بالذنب‏، ‏أو‏ ‏الرفض‏، ‏وما‏ ‏يصاحب‏ ‏هذا‏ ‏المظهر‏ ‏من‏ ‏آلام‏، ‏أو‏ ‏تقزز‏، ‏أو‏ ‏غير‏ ‏ذلك.‏ ‏

التحديث:

والطمث الذى هو ظاهرة فسيولوجية طبيعية تماما إلا أنه يحتاج إلى الاستقصاء المناسب عن توقيت ظهوره، وهو يحاط أحيانا برفض معلن أو خفى لبلوغ البنت الأنوثة الكاملة، وربما مع خشية  ضمنية أيضا من انحرافها، مما قد يصل إليها بطريق مباشر أو غير مباشر، وفى بعض الأحيان يعامل على أنه أمر غير طبيعى حتى يسمى “المرض الشهرى”!

[1]  – يحيى الرخاوى: قصيدة “حمام الزاجل” ديوان أغوار النفس  1979 ،

(أنـــا‏ ‏عايزة‏ ‏حد‏ ‏يعوزْنِى،‏

 وأعوز‏ ‏عَوَزَانُهْ‏،‏

  إشمـِعـْنى ‏حسن‏ ‏ونعيما؟ْ

 إشمعنى ‏بتوع‏ ‏السِّيما؟

[2] – تذكرة مكررة بأن “المتن” مكتوب سنة (1986)..

[3] – Child Abuse

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *