الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (89) Biorhythmic Psychiatry :عن القلق: قلق فرط الدراية (8)

الطبنفسى الإيقاعحيوى (89) Biorhythmic Psychiatry :عن القلق: قلق فرط الدراية (8)

 

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت27-8-2016

السنة التاسعة

العدد: 3284

 

الطبنفسى الإيقاعحيوى (89)

Biorhythmic Psychiatry

      عن القلق:

قلق فرط الدراية (8)

Hyperawareness Anxiety

القلق الكونى

مقدمة:

27-8-2016تحاول فروض الطبنفسى الإيقاعحيوى الكشف عن الطبيعة الحيوية الإيقاعية بين مستويات الوعى المختلفة ليست فقط بالطول فى داخلنا الممثل لتاريخ التطور كله، وإنما أيضا بالعرض ثم امتدادا إلى خارجنا بدءًا من نبضات الوعى البنيشخصى إلى وعى الجماعة إلى الوعى الجمعى إلى الوعى النوعى  إلى الوعى المجَرّى(1) إلى الوعى الكونى إلى الوعى المطلق إلى محيط الغيب غير المتناهى، هذه الدوائر الدائمة التداخل والاتساع تنبض دخولا وخروجا فى بعضها طول الوقت مع أقل قدر من الإرادة الواعية، ولكن فى رحاب إرادة السماح وحركية الإيمان طول الوقت.

أى درجة من الدراية بهذه النقلات وخاصة فى مراحلها الأوسع (الوعى المجرى والكونى والمطلق  لتصحبه هى خبرة شديدة الدلالة بالغة العمق محفوفة بمخاطرة لا تقل عن مخاطر خبرات الإبداع كما شرحناها الأثنين الماضى.

لا أريد أن أستعمل مصطلح خبرات أو لغة التصوف فى هذا المجال حتى لا تُختزل حركية الوعى وكدح الإيمان الخلاقة إلى ما ليس هى، فبرغم تأكيد فروض الطبنفسى الإيقاعحيوى على أصالة هذه الخبرات ودورها فى تحقيق التوازن الخلاق والهارمونى الممتد الذى تتميز به الأحياء التى بقيت عبر تاريخ التطور، بالرغم من ذلك فإنها عصية على الوصف إلا بالتقريب، ومن بعيد، بإشارات متنوعة إلى هارمونية هذا الامتداد فى دوائره المتتالية المتداخلة، وبالنسبة لفروضى فإن نفس البرامج تنشط وظيفتها فى البشر تلقائيا كما تحدث فى بقية الأحياء التى نجحت أن تبقى، لكن حين تُفْرض على الفطرة البشرية عوامل الإنشاز (من النشاز) يحتاج الأمر إلى كدح متواصل، وإبداع إيمانى مغامر حتى يستعيد تحريك اللحن فى الاتجاه الصحيح، وبديهى أن تُقابل هذه المحاولة بمقاومة بالغة فتنشأ الحيرة، ويحتد الكدْح لاختراقها.

 أنا استلهم مواقف النفرى منذ بضعة أعوام، وأنشر بعض ذلك أسبوعيا بانتظام، وأعانى شيئا قريبا من هذا القلق وأنا أحترم خبرة حدس شيخنا الجليل بكل اجتهاد التلقى وشحذ الحدس، وأعتقد أن أى قارئ جاد للحدس النفرى وهو يتحسس ما تلقاه شيخنا، لا بد أن يصله هذا النوع من  قلق التلقى، ناهيك عن احتمال ملامسته للقلق الكونى المحتمِل.

وكثيرا ما لا يحتمل الكادح المثابر جرعة القلق الكونى فيتولى الإبداع الشعرى والموسيقى الميوليفونى (المتعدد الأصوات) مهمة التعبير عن بعضها وأيضا التخفيف من حدّتها، وهنا يلتقى القلق الكونى مع القلق الإبداعى،

 واليكم بعض الخبرات الشخصية.

*****

 أولاً:

هذا ما خطر لى بعد إحدى العمرات فظهر بعضه فى قصيدة بعنوان “الدورات السبع”: (2)

يتوارى ‏الفرع‏ ‏بجوف‏ ‏الشجرة

يورق‏ ‏جذرٌ‏ ‏تحت‏ ‏الأرض

تنزرع‏ ‏الأقدام

فى ‏غابة‏ ‏سيقان‏ ‏عجلى

……………..

……………

نيجيريا‏ ‏مرأه

مرآه

أنار‏ ‏السواد‏ ‏على ‏وجهها

دعاء‏ ‏صلاة‏ ‏وعشقا

وتلمس‏ ‏أستارها

فأفعلها‏ …،

مثلها‏.‏

أحاكى ‏اللسان‏ ‏بغير‏ ‏كلام

“لعل‏ !”‏

“لعل‏ ..‏”

……………….

هو‏ ‏الله‏ ‏أكبر

‏- ‏يصيح‏ ‏الرجال‏ -‏

هى ‏الذات‏ ‏أصغر

أصغر

‏…….‏

‏ ‏يضيع‏ ‏الصدى ‏وسط‏ ‏همس‏ ‏الشفق

…………..

تَزَاحَمَ كومُ‏ ‏ ‏ ‏الرجال‏ ‏النساء

فَخِفْتُ أذوبْ

بصمت‏ ‏الغناء

بهمس‏ ‏الفضاء

‏……‏

سقوطا‏ً ‏لكل‏ ‏ادعاء،‏

وكل‏ “‏أنا”

‏- 5 -‏

إلى ‏الأرض‏ ‏تحتى ‏

نَظرْتْ‏،

فما‏ ‏صرت‏ ‏إلا‏ ‏قَدَمْ

تموء‏ ‏بجنب‏ ‏قدمْ

وساءلتُهُ:‏

لماذا‏ ‏ابتليتَ‏ ‏العبادً بذلِّ العنادْ ‏

بلغز‏ ‏الكلام‏.‏

بوهم‏ ‏البقاء

‏ ‏بحد‏ ‏الفناء

……………….

لماذا‏ ‏الذكاء‏ ‏الغباء‏؟

لماذا‏ ‏وعيتُ‏ ‏بأنى “‏أنا”‏‏؟

لماذا‏ ‏امْتُحِنْتُ‏ ‏بذاتي

سُلِبْتُ‏ ‏ذواتى ‏؟

………….

…………..

شبعتُ‏ ‏رجعت‏ُ ‏أبلل‏ ‏قطرى

تَفجَّرَ‏ ‏منى ‏الضياء‏ ‏المُطَمَّى

وما‏ ‏خفتُ‏ ‏منه

وما رحتُ‏ ‏عنه

وما‏ ‏زاغ‏ ‏عقلى ‏بعيدا‏ ‏هناك‏ ‏هروبا

سوى ‏تحت‏ ‏ظل‏ ‏أمان‏ ‏الوثوق‏ ‏بيوم‏ ‏يعود‏ ‏إليه

******

ثانياً:

        من قصيدة ‏”أنهار‏ ‏المسعى ‏السبعة”(3)

                ‏[‏بين‏ ‏الصفا‏ ‏والمروة‏]‏

……………….

………………..

وتقول‏ ‏الناس‏ ‏الأنهار

للناس‏ ‏التيار:

قال‏ ‏النهر‏ ‏الأول‏:‏

لو‏ ‏أن‏ ‏عيون‏ ‏الواحد

لاقت‏ ‏عين‏ ‏الأخر

ولمدة‏ ‏بسمه

فاضطرب‏ ‏الواحد

وابتسم‏ ‏الأخر

ولمدة‏ ‏همسه

لَتَغَيْرَ‏ ‏وجه‏ ‏الكون

قال‏ ‏النهر‏ ‏الثانى:‏

لو‏ ‏أن‏ ‏المسعى ‏أفشى ‏سره

والناس‏ ‏امتزجت‏ ‏كتفا‏ ‏كتفا

قلبا‏ ‏قلبا

كعبا‏ ‏قدما

والهرولُة تقلّب تشكيل الوعى الجسدىّ

لا يتخثَّرْ

لَتَرَعْرَعَ زَرْعُ العدْلِ‏ ‏بقلب‏ِ ‏الكون‏ ‏الناس‏ ‏الرب

ولذقنا‏ ‏قدس‏ ‏رحيق‏ ‏العَرَقِ الجُهْدْ‏ ‏

يكتمل‏ ‏الناس

بجوار‏ ‏الناس

فى رحم الكون الناسْ 

قال‏ ‏النهر‏ ‏الثالث‏:‏

هبت‏ ‏رائحة‏ ‏الصُّحْبةْ

نفس‏ ‏الرحلهْ

صحبة‏ ‏وجه‏ ‏امرأةٍ‏ ‏تحملُ‏ ‏طفلاً

‏ ‏والرجل‏ ‏الأسمر‏ ‏يسبح‏ ‏فى ‏عرقه

وعجوز‏ ‏يدفعها‏ ‏مرتزق‏ ‏يلهثْ

والمرتزق‏ ‏الْيَلْهَثْ

نحو‏ ‏القِبْلة؟

لو‏ ‏أن‏ ‏الناس

أنست‏ ‏رضيت‏ ‏بالناس

لتغير‏ ‏حال‏ ‏الناس

قال‏ ‏النهر‏ ‏الرابع

لو‏ ‏أن‏ ‏السعْىَ ‏تناغم‏ ‏بعد‏ ‏السعْىِ ‏إلى ‏السعْىْ

لرجعنا‏ ‏أطهر‏ ‏من‏ ‏طفل‏ ‏لم‏ ‏يولد‏ ‏بعد‏ ‏

لا‏ ‏نتكاثر‏ ‏بالعدَّة والعَدّ‏ ‏

ولعَادَ‏ ‏المعنى ‏

يملأ‏ ‏وجْهَ الكلمةْ‏ ‏

يهتز‏ ‏الكونْ

لو‏ ‏يعنى ‏القائل‏ “‏أهلاً”

أنْْ “‏أهلاَ”

قال‏ ‏النهر‏ ‏السادس‏:‏

لو‏ ‏أن‏ ‏الناس

إذ‏ ‏يعلو‏ ‏بعضٌ ‏منهم‏ ‏فوق‏ ‏البعض

درجات

يعرف‏ ‏ذاك‏ ‏الأعلى ‏خطر‏ ‏الرِّفعة

وخْزَ‏ ‏المِقْوَد

لخَلَتْ‏ ‏أدوارُ‏ ‏الناس‏ ‏العليا

لا‏ ‏يجرؤ‏ ‏يسكنها‏ ‏إلا‏ ‏حملة‏ ‏سر‏ ‏الكلمة

قال‏ ‏النهر‏ ‏السابع‏:‏

لو‏ ‏أن‏ ‏الكلمهْ

لو‏ ‏أن‏ ‏الفعلْ

لو‏ ‏أن‏ ‏الله

……………….

………………..

لو‏ ‏مَاتُتْ‏ ‏لو‏ ‏

لانتظم‏ ‏السعْىْ

وامتد‏ ‏الوعْىْ

عند‏ ‏المَرْسَى:‏

فُتِحَتْ‏ ‏أبواب‏ ‏الرحمة‏ ‏قسْرَا

لمَّا‏ ‏جَعَل اللهُ الناسْ

يَرَوُنَّ الناسْ

مثلهَمُو

مثل‏ ‏الناسْ

 

لوْ .. لوْ .. لوْ .. لوْ..؟!

عادت‏ ‏تقفز‏ “‏لو”

“لو‏ ‏أن‏ ‏الدائرة‏ ‏اعتدلت‏..”!!‏

لوْ؟!.. لوْ؟!

ثانيةً‏ ‏لو؟!

لعَنَ اللهُ الدربَ الأسْهَلْ

*****

وأتوقف هنا مرغما  فقد تزاحمت الاستشهادات للظهور،

ونكمل غدًا  إذ بدا لى أن الجرعة ثقيلة.

[1] –  Species

[2] – نشرة 2-8-2011

[3] – نشرة 31-10-2010

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *