الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (88) Biorhythmic Psychiatry عن القلق: قلق فرط الدراية Hyperawareness Anxiety (7) القلق الإبداعى

الطبنفسى الإيقاعحيوى (88) Biorhythmic Psychiatry عن القلق: قلق فرط الدراية Hyperawareness Anxiety (7) القلق الإبداعى

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين22-8-2016

السنة التاسعة

العدد:  3279

 

الطبنفسى الإيقاعحيوى (88)

Bio-rhythmic Psychiatry

      عن القلق:

قلق فرط الدراية

Hyper-awareness Anxiety

(7) القلق الإبداعى

مقدمة:

لم يبق لدينا من هذه المجموعة إلا القلق الإبداعى، والقلق الكونى، وكلاهما قلق إيجابى بكل معنى الكلمة، 22-8-2016ثم القلق الذهانى وهو على النقيض من  ذلك، فهو سلبى سلبى حتى النخاع، وهو اخطر واصعب أنواع القلق، حيث الدراية فيه برغم حدتها إلا أنها تفقد حفزها الإيجابى نتيجة فرط التناثر وغلبة التشتت وفوضى التفسخ وبالرغم من العلاقة الوثيقة بين القلق الإبداعي، والقلق الكونى، فأنا مضطر أن أفصل بينهما لأسباب قد يتبينها القارئ وحده.

القلق الإبداعى :

لا يوجد إبداع بدون قلق يحفزه، ورؤية مخترقة تجعل الإبداع الأصيل مكافئا للموت فالبعث، وهو قلق بالغ الشدة، لكنه بالغ الروعة حتى يبدو أن آلام مخاض الإبداع تتناسب طرديا مع عمق وأصالة الإبداع، هذا القلق يعترى المبدع قبيل الولادة، لكنه يحتد ويشتد وهو يمشى على البرزخ، لا يعرف إن كان سيصل أو لا يصل، وهو غير متأكد فى كل مرة إلى أين يقوده هذا الكم الهائل من حفز القلق ونيرانه ومخاطره ومجهولية مصيره

الأمثلة عندى بلا حصر، وأكتفى – للأسف – باختيار محدود لبعض مقتطفات من اجتهادى الشخصى فى الشعر دون تعليق، ربما تاركا ذلك للنقاد.

أولاً:

من قصيدة “شظايا المرايا

آمل أن نلاحظ كيف ينقلب (قلق) المواجهة والقلق المفترقى إلى إبداع ناجح لكنه مُرّ.

ألمِلمُنى ‏من‏ ‏شظايا‏ََ ‏المرايا‏ََ،‏

وِأقنع‏ ‏بالهمس‏ ‏وسْط‏ ‏الزحامِ‏. ‏

بقايا‏ ‏الحديث‏ِِ، ‏وسقْط‏ ‏اللقاءِ

‏ ‏زوايَا‏ ‏النظر‏ْْ ‏

‏-2-‏

تمــرُّ‏ ‏الرياحُ‏ ‏محملةٌ‏ْْ  ‏باللقاحِ‏. ‏

أدفّئُ‏ ‏بيضى،‏

أرتّبُ‏ ‏عشى،‏

أميل‏ ‏مع‏ ‏الميِل‏ ‏أجرى ‏لَها‏. ‏

‏ ‏أعلّق‏ ‏روحى ‏بمنقارِها

‏-3- ‏

……………

……………

‏ -4-‏

أمد‏ُّّ ‏الذراعَ‏ ‏ألامسُ‏ ‏طرْفَ‏ ‏الحــــفيف‏ِِ، ‏

أرتّبنى ‏من‏ ‏جديدْ‏،‏

ألاصقها‏ ‏من‏ ‏بعيد‏ْْ،‏

أكوّر‏ ‏مقطعَ‏ ‏لفظ‏ ‏وليدَ، ‏

أوسِّدُنى ‏عقلة‏َ ‏الإصبعِ‏. ‏

أمصمصها‏ ‏عَلْقما‏ ‏فى ‏دمى ‏

ألـــَمْلِـمنِـــى ‏

أحتلـــــــم‏ْْ.‏

                                                                    31/7/1982

******

ثانياً:

هى قصيدة عن “الخوف” الشامل الممتد، لكن الإبداع يحتويه حتى ينقلب “الخوف” إلى تشكيل واعد.

‏-1-‏

أخاف‏ُُ ‏همسَ‏ ‏الطيرِ‏ ‏

أخاف‏ ‏من‏ ‏تموّج‏ ‏الأحشاءِ، ‏

من‏ ‏نثْـرة‏ ‏الأجنّةْ،‏

من‏ ‏دوْرةِ‏ ‏الدماءِ،‏

ومن‏ ‏حَـفِـيفِ‏ ‏ثْـوبىَ ‏الخَـشِـنْ‏ ‏

‏-2-‏

أخافُ‏ ‏من‏ ‏نساِئم‏ِِ ‏الصباحْ‏ ‏

من‏ ‏خَـيْـطِ‏ ‏فجرٍ‏ ‏كاذبٍ،‏

أو‏ ‏صَـاِدقٍ‏ ‏

من‏ ‏زَحْـفِ ‏ليلٍ‏ ‏صامت‏ٍٍ ‏

أو‏ ‏صاخبِ‏ ‏

أخافُ‏ ‏من‏ ‏تَـنَـاثُـرِ الذَّرَّات‏ِِ ‏فى ‏مَـدَارِها‏ ‏

أخافُ‏ ‏مِـنْ‏ ‏سَـكوِنَها

‏-3-‏

………….

………..

الخوفُ‏ ‏أَنْ‏ ‏أموتَ‏ ‏إن‏ ‏حييتْ‏.‏

الخوفُ‏ ‏أن‏ ‏أعيشَ‏ ‏لا‏ ‏أموتْ‏.‏

‏-4-‏

يا‏ ‏وحدتى ‏الشقيةْ،‏

يا‏ ‏وحدتى ‏الأبيَّة،‏

صَـفَـقْتِ‏ ‏بابَـهمْ‏ ‏خوفاً‏ ‏من‏ ‏المَـودَّة‏ ‏اللعوبْ، ‏

من‏ ‏كذبة‏ ‏طليهْ، ‏

من‏ ‏مِلحة‏ ‏ذكيهْ، ‏

من‏ ‏كُـلَّ‏ ‏شئ‏ ‏هم‏ ‏أن‏ ‏يكونْ، ‏

من‏ ‏كُـلَّ‏ ‏شئ ‏لم‏ ‏يكن، ‏

من‏ ‏كل‏ ‏شئٍ‏ ‏كَـان‏ََ..‏ ما‏ ‏اانقضَـى،‏

من‏ ‏كـلَّ‏ ‏شَـئ‏ْْ.‏

‏-5-‏

تفجّر‏ ‏السكونُ‏ ‏فى ‏قوالبِ‏ ‏الجليد‏،‏

‏ ‏ولم‏ ‏تدوِّ‏ ‏الفرقعةْ‏.‏

تحرّكتْ‏ ‏أشلائِـىَ ‏المجمَّده، ‏

‏ ‏تفتـَّت‏ ‏الجبلْ،‏

فطارت‏ْْ ‏العَـرَائسْ، ‏

تكسّرت‏ْْ ‏حواجزُ‏ ‏الأصواتْ، ‏

تخلّقتْ…‏ تطاولتْ،‏

تشكلت تماوجت

ولاح فجرٌ مشرق بعيد

                                                               23/4/1982

******

ثالثاً:

من قصيدة “ميتة موت” (1) لاحظ كيف تنتهى صرعة الموت بإعادة الولادة

-1-

لا …، لم يكن هذا الأنا….”أنا”

ما صرتُ إلا ما تبقى بعدنا…

ما كنتُ إلا طرح لـُعبة الظنونْ..،

لا لن يكونْ:

ما كان أصلا لم يكنْ..

-2-

الموتُ ماتْ..،

فتساقط القطْرُ المحمَّـل باللقاحْ،

وتماوجت حباته: بالوعد والألم

فى جوف نبض الصخر والأحلام والعدم

وتلولب “الدَّنا”….

حتى كأننا….

-3-

طارتْ، فمالتْ، فاستقرتْ عكس ما كان المسار:

وأفاق ينعى ميتةً ماتت: فأحيت ميّتا لا يرتوى:

إلا بنض الفرح في زخم التلاقى عبر نهر الحزن:

                                                                                      (10/4/2005 )

******

رابعاً:

ثم أختم بهذه القصيدة بعنوان “بؤرة هجْر” وتكشف حيرة مكثفة تقول:

فى ‏بؤرة‏ ‏الهجر‏ ‏الهجير‏ ‏تساقط‏ ‏الحل‏ ‏المسربل‏ ‏بالقوافي‏, ‏واضمحل‏ ‏القول‏ ‏قبل‏ ‏النصف‏ ‏لم‏ ‏تلحق‏ ‏به‏ ‏بشرى ‏ولا‏ ‏ذكري‏, ‏ولم‏ ‏يلمحه‏ ‏لحظ‏ٌ ‏عابرٌ‏ ‏كيما‏ ‏يفيق‏, ‏ولم‏ ‏يزل‏ ‏عند‏ ‏المنادى ‏يستغيث‏ ‏بوالد‏ ‏متصلب‏ ‏فوق‏ ‏المنابر‏ ‏والذهول‏ ‏يدغدغ‏ ‏الوعى ‏المغلف‏ ‏بالمراثى : ‏عمنا‏ ‏الماضى ‏يعزى ‏آسفا‏, ‏فيما‏ ‏لــيجهض‏ ‏ذا‏ ‏الجنين‏ ‏المحتمل‏ ‏(‏وبرغم‏ ‏أن‏ ‏الحمل‏ ‏خارج‏ ‏الرحم‏!)‏ لا‏ ‏تبتئس‏.‏

فازداد‏ ‏بؤسى ‏واختبأت‏ ‏وراء‏ ‏أسوار‏ ‏الذى ‏لم‏ ‏أقترف‏.‏

‏  ‏فى ‏بؤرة‏ ‏الحلم‏ ‏الصقيع‏ ‏تخثرت‏ ‏نبضاتُــهُ‏ ‏فطرقتُ‏ ‏باباً‏ ‏موصدًا‏ ‏يغرى ‏بوعد‏ ‏غامض‏.‏

……………………

‏‏فى ‏بؤرة‏ ‏القول‏ ‏الكتوم‏ ‏نصبت‏ ‏شركا‏ ‏للمعانى ‏والمغانى ‏والطقاطيق‏ ‏التى ‏ترنو‏ ‏إلينا‏ ‏فى ‏حذر‏,‏ ‏ورصدت‏ ‏مسعى ‏للذكاء‏ ‏إلى ‏غباء‏ ‏ينطلق‏, ‏خوفا‏ ‏من‏ ‏الفحوى ‏التى ‏لم‏ ‏تنفجر‏ ,‏ فتناثرت‏ ‏أشلاؤها‏ ‏أيدى ‏سبا‏.‏

‏‏فى ‏بؤرة‏ ‏القهر‏ ‏الذى ‏ما‏ ‏عاد‏ ‏يرنو‏ ‏بعده‏ ‏أحد‏ ‏إلى ‏حق‏ ‏يقال‏ ‏يناله‏ ‏ما‏ ‏لم‏ ‏ينل‏ ‏غير‏ ‏الوعود‏, ‏

فى ‏ليلة‏ ‏القدر‏ ‏التى ‏خير‏ ‏من‏ ‏العمر‏ ‏المضى ‏تدعو‏ ‏الغزاة‏ ‏إلى ‏الشطارة‏ ‏والمهارة‏ ‏والدماثة‏ ‏والبله‏,‏ ‏تدعو‏ ‏بكل‏ ‏الفخر‏ ‏أنا‏ ‏يا شباب‏ ‏نرجع‏ ‏القول‏ ‏المعاد‏ ‏بأنه‏: “‏إن‏ ‏السلامة‏ ‏أولا‏”.‏

……………………

……………………

وبعد

أرجو أن نختم هذه المجموعة بمحاولة صعبة عن “القلق الكونى” وهامش عن “القلق الذهانى” السبت القادم لننتقل إلى مجموعة “قلق فتور الدراية”.

(خفوت)

[1] – بعد انقلاب السيارة بى- سيناء- وأنا أراجع نقد “جاك لاكان” للرسالة المفقودة تأليف “أدجار آلان بو” لشرح فكرة أن الدال.. أهم من المدلول!! أذكر أننى كتبتها وأنا فى انتظار سيارة إنقاذ تجرنى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *