نموت ويموت الوطن

اليوم السابع

الأربعاء : 21-8-2013

نموت ويموت الوطن

 ………

أرجعنى رحيل توفيق صالح إلى بعض ما كان بيننا مثلا :

“الجمعة‏: 13/1/1995‏: …. فى جلسة مع المرحوم توفيق صالح والأستاذ نجيب محفوظ، حضرها محمد ابنى ‏قلت‏ ‏لمحمد‏: “‏ماذا كنت تعنى حين قلت أمس للأستاذ أنه لم يعد ينتمى للبلد إلا الإرهابى لدرجة أنه – دون غيره- يتصور أنه يضحى بحياته من أجلها؟ وأعدت عليه قول الأستاذ أمس أنه لو صح ذلك، فقد تحول الهتاف الرائع،”نموت ويحيا الوطن”، إلى واقع مؤلم يقول:”نموت، ويموت الوطن معنا”، ‏قال‏ ‏محمد‏: ‏”إن‏ ‏الشعور‏ ‏الذى ‏نفتقده‏ ‏أنا‏ ‏ومن‏ ‏مثلى ‏هو‏ ‏أن‏ ‏الواحد‏ ‏منا‏ ‏لا ‏ ‏يمتلك‏ ‏هذا‏ ‏البلد‏، ‏لا يمتلك‏ ‏الشارع‏، ‏لا يمتلك‏ ‏المقهى، ‏فى ‏حين‏ ‏أن‏ ‏جيلكم‏، ‏كان‏ ‏يمتلك‏ ‏البلد فعلا‏، ‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏ما‏ ‏كان‏ ‏يدفع الواحد منكم‏ ‏أن‏ ‏يدافع‏ ‏عنها‏ ‏ويضحى ‏فى ‏سبيلها‏ ‏ويتمرغ‏ ‏فى ‏ترابها‏‏، ‏رد‏ ‏توفيق‏ ‏صالح‏ ‏مخاطبا الأستاذ ‏:”‏إن‏ ‏جيلنا‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏يمتلك‏ ‏البلد‏ ‏بالصورة‏ ‏التى ‏يتحدث‏ ‏عنها‏ ‏محمد‏، ‏بل‏ ‏الانجليز‏ ‏هم‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏ ‏يمتلكون‏ ‏البلد‏ ‏ويمتلكوننا‏ ‏بالمرة‏”‏، ‏رد‏ ‏محمد‏ :”‏إن‏ ‏وجود‏ ‏الإنجليز‏ ‏لا يمنع‏ ‏الشعور‏ ‏بالامتلاك‏، ‏قد‏ ‏أشعر‏ ‏أننى ‏أمتلك‏ ‏الشىء‏ ‏حتى ‏لو‏ ‏كان‏ ‏فى ‏حوزة‏ ‏غيرى، ‏فأنا‏ ‏مالكه‏ برغم أن غيرى يستولى عليه الآن، لكن ما دام هو ملكى فسوف يعود إلىّ، بل إن سعيى لاسترداده، ‏ ‏قد‏ ‏يزيد‏ ‏من‏ ‏شعورى ‏بامتلاكه”.‏

قال‏ ‏الأستاذ‏: “‏إن‏ ‏الجيل‏ ‏الأكبر‏ ‏والسابق‏ ‏والأسبق‏ ‏كان‏ ‏يولد‏ ‏فى ‏”‏وطن”‏، ‏ويعيش‏ ‏فى”‏وطن”،‏ ‏ويملأ‏ ‏وعيه‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏”‏وطن”،‏ ‏ثم‏ ‏حلت‏ ‏مسائل‏ ‏أخرى ‏بجوار‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏”‏وطن”‏، ‏ذلك أن‏ ‏الأمور‏ ‏تطورت‏ ‏فحل‏ ‏الدين‏ ‏والأيديولوجى ‏محل‏ ‏الوطن‏ “‏إسلامية‏” ‏”لا‏ ‏قومية‏”، ‏وكذلك‏ “‏أممية‏ ‏شيوعية‏” ‏وحين‏ ‏انهار‏ ‏الإتحاد‏ ‏السوفيتى ‏وصار‏ ‏التعصب‏ ‏الدينى ‏إلى ‏ما‏ ‏صار‏ ‏إليه‏، ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏الشباب‏ ‏يتبين‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏الوطن‏ ‏فكان‏ ‏هذا‏ ‏الضياع‏ ‏الذى ‏آلمنى ‏والذى ‏أعلن‏ ‏عنه‏ ‏محمد”.

قلت: ‏”إذن‏ ‏فالمسألة‏ ‏ليست‏ ‏أن‏ الشاب ‏الإرهابى‏ ‏هو‏ ‏الذى ‏يشعر‏ ‏بالمسئولية‏، وبالتالى فهو الذى ينتمى إلى ما تبقى من وطن، وحتى لو أنه يشعر بمسئولية ما فهى مسئولية ‏ ‏ضد‏ ‏الوطن‏ ‏وليست‏ ‏لصالحه‏‏، ‏ثم‏ ‏إن‏ ‏مسئوليته‏ ‏المزعومة‏ ‏تنقلب‏ ‏إلى ‏دافع‏ ‏أعمى ‏لتحقيق‏ ‏ما‏ ‏يفتقده‏ ‏شخصيا‏ ‏من‏ ‏حق‏ ‏الإنتماء‏ ‏إلى أرضه وناسه إلى ‏التمسك‏ ‏المتعصب‏ ‏بأجزاء‏ ‏المفاهيم التى حشروها فى دماغه….الخ

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *