الرئيسية / مقالات صحفية / اليوم السابع / مبارك، والمحاكمة السياسية، وقضاؤنا الشامخ

مبارك، والمحاكمة السياسية، وقضاؤنا الشامخ

اليوم السابع

الأحد: 25-8-2013

مبارك، والمحاكمة السياسية، وقضاؤنا الشامخ

..وهكذا لم يبق إلا أن يعود رئيسنا الأسبق إلى بيته بعد انتهاء فترة الطوارئ، وهى شهر واحد ينقص بإذن الله ولا يزيد. ويفرح محبوه، ليس فقط ممن كان يستفيد بحق أو بغير وجه حق من نظام حكمه، ولكن لما عوّدنا أغلب هذا الشعب الجميل من وفاء، وذكر محاسن من انسحب، سواء إلى رحاب ربه، إو إلى ساحة داره. وربما أيضا لما ذاق بعده من فوضى وآلام وتجاوزات.

 بصراحة أنا لا أنكر أننى لم افرح، برغم أننى كنت دائم الدعاء له بالصبر والمغفرة، ولم أعب عليه بعد عزله إلا سريره وصبغة شعره ومنظاره الأسود فى ساحة القضاء المحترمة.

إذن ماذا ؟ هذا شرف جديد يضاف إلى صلابة قضائنا الشامخ، الذى تحمل فى هذه السنوات الثلاث كل صنوف الإهانة والاستهانة والتهديد والتشكيك والتطاول، هذه المؤسسة المصرية القوية ظلت تتعامل بمبدأ الشرعية بكل أمانة ومهارة ” لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”، فطبقت القانون شكلا وموضوعا مرحلة بمرحلة، وجزئية بجزئية، وأولا بأول، وتحملت فى ذلك ما تحملت، لم تهتز لهتاف، ولم تتراجع عن حق، وأتصور احتمال معاناة القاضى الذى ساوره ما ساور من عواطف وخواطر مثل سائر الناس، لكن النصوص لم تسعفه، فلم يحد عنها فأشكره وأحترمه أكثر.

إذن ماذا ؟

هل أوافق أن يرجع هذا الرئيس إلى كرسى الحكم إذا ما صدرت عليه أحكام البراءة من كل ما نسب إليه (وهذا وارد) ؟

طبعا لا

هل معنى ذلك، أن خلعه كان خطأ صرفا؟

طبعا لا

 فقد كان عمر حكمه الافتراضى قد انتهى قبل خلعه  بعشرين سنة على الأقل.

هل معنى ذلك أنه لم يخطئ فعلا لان ما هو مسجل فى القانون (حسب مبدأ الشرعية) لم يسعف القاضى ان يثبت عليه خطأ وصل إلى حد الجريمة؟

طبعا لا، فهو قد أخطأ أخطاء ربما وصلت أثارها من الإساءة والإعاقة والتدهور إلى أكثر من كل ما جاء عن الجرائم المثبتة فى النصوص: لقد همّش الناس، وأفسد التعليم الذى اخرج أجيالا بعد أجيال بلا علم وبلا وطن، وهز هيبة  الدولة، إلا فى القمع الخصوصى، وقرّب المنتفعين، وسهل لغير المستحقين، وتهكم على عامة الناس، ووعد وأخلف، وحدّث فكذب، …إلخ إلخ  لكن لا توجد نصوص فى القانون القائم حتى الآن تدينه شخصيا كفرد، بأنه مسؤول مسؤولية مباشرة عن أى من ذلك.

وأيضا: كل هذا لا يعنى أنه خان الوطن، أو ينفى أن الاقتصاد القومى انتعش فى عهده، برغم إساءة توزيع عائده.

إذن ماذا ؟

أنا ضد المحاكم الثورية، والمحاكمة السياسية من حيث المبدأ إلا فى الضرورة القصوى.

هل نحن فى حالة ضرورة قصوى؟

غدا نكمل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *