الرئيسية / مقالات صحفية / اليوم السابع / الدستور: الامتحان الصعب

الدستور: الامتحان الصعب

اليوم السابع

الخميس: 26-9-2013

الدستور: الامتحان الصعب

 

كنت أتصور أننى شطحت حين نشرت الحوار المتخيل بين الأخ وأخته هنا بتاريخ (20 سبتمبر) الذى اقترحت فيه الأخت أن يُستفتى على الدستور “مادة” “مادة”،  إلا أننى حين تابعت التعليقات والتساؤلات وجدت بعض الأصدقاء استحسنوا الفكرة برغم استحالتها، ومن ثم وجدت لزاما علىّ أن أواصل محاولة طرح أفكار بديلة مهما بدا الأمر غريبا، خاصة وأن الحوار الخيالى انتهى نهاية عاجزة حيث لم تقترح الأخت بديلا عن شطحها هذا (أعنى شطحى).

وفى تسجيل على الهواء اليوم 25 سبتمبر فى قناة النيل الثقافية صباحا طرح علىّ المذيع أسئلة عن رأيى فى تكوين لجنة الخمسين وهو يرحب بما امتلأت به من أسماء مثقفين ثقات، وأن هذا فى رأيه شىء يدل على اهتمام الدولة والمسئولين برأى المثقفين قادة الفكر حتى يساهموا فى رسم مستقبل الأمة من خلال دستور عصرى مناسب.

 سألته فجأة ماذا لو انك اكتشفت أن الدستور المطلوب أن تدلى رأيك فيه بالموافقة أو الرفض كان به مادتين يستحيل أن توافق عليهما لأنك تأكدت أنهما تمثلان إعاقة وتشويه لكل أمل فى مستقبل حضارى، وفيما عدا ذاك فإن كل ما تبقى من مواد تربو على المئتين هى من أحسن ما ينهض بالأمة ويحق الحق وكذا وكيت، سألته: كيف سيكون موقفك وليس أمامك إلا علامتين “موافق” أم “غير موافق”، لم يتردد المذيع الشاب وقال: “غير موافق طبعا” واحترمت رأيه جدا،  لكننى تماديت فنبهته أن معنى ذلك أنه أهدر رأيه فى أكثر من مائتى مادة من أحسن ما يكون فاندهش لكنه أصر على موقفه، وفرحت بوضوحه وشجاعته.

تطور الحوار مع الابن المقدم فأبديت له تحفظى على أن يدرك العامة مغزى حوارنا، ليس بسبب الأمية، لأن المسألة ليست الأمية، فهى تبدو صعبة عليه كما هى صعبة علىّ شخصياً، ومع ذلك تماديت فى اقتراحى وأضفت احتمال أن نسأل كل من يدلى برأيه عن ما وصله من كل مادة قبل أن نقبل استجابته بنعم أم لا، ولا يصح صوته إلا إذا فهمها فهما صحيحا.

لم يستدرجتى المذيع الفاضل إلى مزيد من التفاصيل لأنه إذا كان الاقتراح الأول سوف يستغرق سنتين فإن هذا الاقتراح الثانى قد يستغرق عشر سنوات، ويا ترى سوف نجد لجان امتحان تكفى لتقرير كفاءة الناخب أم لا !!!

الأرجح أن المذيع اعتبرنى أمزح، لكن تمادى خيالى فى اللعب المسؤول وأنا أناقش بعض المواد الأخرى وأتساءل عن معنى أن يكون دين الدولة الإسلام، وهل هذا يلزم هذه الدولة بنشر الإسلام أم بالدفاع عنه، أم بإعادة شرحه؟ كذلك تساءلت ما هى “مبادىء” الشريعة، وهل تختلف كثيرا عن مبادىء العدل والحرية والكرامة والحق والخير والجمال، وهل شملت ما آمن به الرسول والمؤمنون “كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ”… الخ.

وأخيراً توقفت أمام حكاية المصدر الرئيسى، وهل معنى ذلك أن هناك مصادر أخرى يسمح الدستور – هكذا- باستلهامها للتشريع وهى ليست رئيسية، وهل يقبل هذا الدستور تشريعات من خارج الشريعة إذا جاءت من مصدر آخر وكانت فيها خير البلاد والعباد وكلام من هذا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *