الرئيسية / مقالات صحفية / اليوم السابع / التغيير بين الأمانى، والمخاطرة، والاستحالة

التغيير بين الأمانى، والمخاطرة، والاستحالة

اليوم السابع

الأربعاء: 13-11-2013

التغيير بين الأمانى، والمخاطرة، والاستحالة

  • لو أن شيئا يمكن أن يدوم على حال فلم تتعاقب الفصول؟ (ص 189)
  • على الحياة أن تغير وجهها، …… كل دقيقة تمر بلا تغيير هى انتصار للذل والتعاسة….،ولكن كيف تخوض المعركة؟ (ص 334)
  • يجب أن تتغير هذه الحياة الضحلة، (ص 252)

(ملحمة الحرافيش :نجيب محفوظ)

كم مرة تكررت كلمة التغيير فى مصر فى الثلاث سنوات الأخيرة؟، وكم مرة طاف حلم التغير بوعى المصريين فى النصف قرن الأخير؟، وكم مرة حدث التغيير فعلاً؟، وكم مرة كان التغيير ضروريا ومهمًّا؟، وكم مرة كان استعجالا وضجرا؟، وكم مرة كان موضوعيا وهادفا؟، وكم مرة كان خداعا وشكليا؟ وكم مرة كان فاشلا وانتكاساً؟

أمس حاولت أن أختبر طريقة أخرى لتحريك وعى الشخص العادى نحو حمل مسئولية ما هو “تغيير” وذلك بدعوته للمشاركة فى الإحاطة بحقيقة مفهوم “التغيير”، وضرورته ومخاطره، وصعوبته أحيانا حتى الاستحالة، كل ذلك فى نفس الوقت، وللأسف فشلت التجربة فى استثارة أى من القراء للمشاركة فى محاولة اختبار نفسه عن مدى تحمله مسئولية الوعى بأن التغيير هو قانون الحياة نفسها، وأنه عملية مركبة، ومخاطرة ممتدة، كما جرت فى العلاج الجمعى، لعله يستطيع الإحاطة بأبعادها المتنوعة وهى تحضر “فى الوعى معا”.

 

أولا: تجاوز مجرد الأمل والرغبة فى التغيير

كانت اللعبة الأولى التى تقول:  “أنا نفسى أتغير ولكن”… بمثابة دعوة لتعميق حسابات من يأمل فى التغيير، بأن يصّعد إلى وعيه مخاوفه دون أن يتنازل عن مواصلة سعيه مثلما يحدث فى العلاج الجمعى، لكن أحدا لم يستجب، كأن أغلب الجارى هو أننا نكتفى بإعلان الرغبة فى أن نتغير، ونغيِّر وخلاص، بدون “لكن”…..!! وبدون حسابات، وربما بدون مسئولية.

ثانياً: الخوف من التغيير لا يوقفه

ثم كانت اللعبة الثانية “أنا خايف اتغير لحسن….”، التى لم يستجب لها أحد أيضا، وهى تهدف أيضا إلى تحريك مخاطر التغيير، حتى يمكن تجاوزها، فالتغيير لا يكون تغييرا بمجرد إعلان بدايته، ولا بدون التخطيط الذى يضمن مسيرته، ولا بمجرد الاكتفاء بحسن النية، وإنما يكون التغيير حقيقة وضروريا وطبيعيا حين نخاف من مخاطره، فنعمل حسابها ونخترقها، وحين نحسب نتائجه لنحسن توجيه إيجابياته، وحتى لو ترتب على هذه الحسابات بعض التردد فإن الخوف من التغيير لا يمنع الإقدام عليه، ولا يجهض خطواته، وإنما يدعم بناءه ويقوى صلابته ويدفع استمراره.

تحدى استحالة التغيير

أما الشعور باستحالة التغيير “أنا مستحيل أتغير عشان…” فإنه يحل فى الوعى حين تتعاظم الصعوبات فى الداخل (داخل النفس) أكثر من واقع المخاطر، وحين يزداد القهر من الخارج أكثر من دفع الغضب، لكن الوعى بالاستحالة مع قبول التحدى هو الذى يجعل المستحيل ممكنا، أما إنكار الاستحالة ابتداءً فإنه قد يعرض عملية التغير إما للاكتفاء بتغيير شكلى باعتبار أنه “الممكن”، وإما بالعدول عن التغيير أصلا.

العينة الأكثر تمثيلا للشعب المصرى

الغريب أن مرضى العلاج الجمعى، ومنهم من لا يفك الخط، ومنهم من يقرأ ويكتب بالكاد، قد مارسوا اختبار سبرغور طبيعة التغيير وكيف يجتمع الأمل مع الخوف مع تحدى الاستحالة فى نفس الوقت، بشجاعة وتنوع لم يسمح لى موقف القراء من التمادى فى عرضها.

  فمتى ننقل هذه الخبرة إلى كل الناس ليعلموا أن الذى يسمى “ثورة” هو ما ينتج عن الإقدام الجماعى إلى مخاطرة التغيير ونحن ندرك كل أبعادها طول الوقت، ثم نستمر حتى تكتمل.

شكرا للجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *