الرئيسية / مقالات صحفية / اليوم السابع / النورس العجوز، يحلّق من جديد

النورس العجوز، يحلّق من جديد

اليوم السابع

الاربعاء: 2-4-2014

النورس العجوز، يحلّق من جديد

بعد إحالتى إلى المعاش منذ عشرين عاما، كتبت قصيدة بعنوان “النورس العجوز”  انتهت بلمحة توحى بالتوقف، وأنه: “ما عاد يستطيعْ”، “ما عاد يستطيعْ”. وتمر الأيام، أعنى السنين، أعنى الثوانى،أعنى الميكروثوانى،  وأجدنى “ما زلت أستطيعْ”، “ما زلت أستطيعْ”، وأكتشف أنى خلال هذه العشرين عاما قد ظللت أحلق رغما عنى، فقط أتقنت الهبوط لهم لأصعد معهم، فبدونهم لا فائدة، ولا معنى للتحليق

 ثم قرأت مؤخرا قصة قصيرة للكاتب الأمريكى ريتشاد ديفيد باخ بعنوان “النورس جوناثان ليفنجيستون، كتبها عام 1970 وأهداها إلى النورس الحقيقى الذى يعيش بداخل كل منا، وكانت موضوع ندوة جمعية الطب النفسى التطورى فى مستشفى المقطم، يوم أمس، أول أبريل، فرجعت إلى المراجعة، وأكملت القصيدة بعد عشرين سنة :

القصيدة الأولى:

أنهكًنـِى ‏التحليُق‏ ‏فى ‏سمائِها‏ ‏اللعوبْ

أنهكـَنِى ‏نجاحِىَ ‏الدؤوبْ

وصخرتِى ‏تودّع‏ ‏الصلابهْ‏  ‏

‏               ‏لكنّها‏ ‏لا‏ ‏تنكسرْ

***

أريدُ‏ ‏والدى

أريده‏ ‏يحول‏ ‏بينها‏ ‏وبينى ‏

أرُيد‏ ‏سجَّانا‏ ‏يفكُّ‏ ‏قيدى، ‏

‏           ‏إذْ ‏يِِـُحكم‏ ‏الأقفال‏ ‏لا‏ ‏أضيعُ‏ ‏حرّا

***

‏    ‏أريد‏ ‏أن‏ ‏أنام‏ ‏فى ‏حضن‏ ‏التى  ‏ترانى:‏

‏كما‏ ‏أنا‏: فرخًا‏ ‏صغيرا‏ًً ‏لائذا‏ًً ‏بعُشـَِّـهِ

‏     ‏لا‏ ‏فى ‏الأعالى ‏حيث‏ ‏يحسَبُون‏ ‏

لم‏ ‏ينمُ‏ ‏بعدُ‏ ‏ريشُهُ‏ ‏فلم‏ ‏يَطِر‏ ‏أصلا‏ًً ،‏

فكيف‏ ‏تبحثون‏ ‏عنه‏ ‏فى ‏السماءِ‏ ‏أيها‏ ‏القـُساهْ

أريد مَنْ ترانى فاتحا منقارىَ الطرىّ

القُطُ من منقارها الحنانَ والأمانَ والحياهْ

أريد أنطوى تحت الجناحِ

أعبرُ الفيافى دون أن أحلّقْ

***

أريد‏ ‏”خيزرانةً”  تفيقنى، ‏أرى ‏بها‏ ‏حدودي

أريد‏ ‏جلاَّدا‏ ‏يحول‏ ‏دون‏ ‏قتلي

‏   ‏يأبَى ‏أضيعُ‏ ‏وسْـطَ‏ ‏وهْـم‏ ‏ذاتِـى

***

لا‏ ‏تضحكوا‏ ‏على ‏طفل‏ٍٍ ‏غريرٍ‏ ‏صدّق‏ ‏الأكذوبة

لا‏ ‏تخدعوه‏ ‏تتركوه‏ُُ ‏فى ‏سمائها‏،‏

والخيطُ‏ ‏فى ‏أيديكمُو‏ ‏كأنـَّهُ‏ ‏المشانقُ‏ ‏الخفيّهْ‏.‏

‏ ‏لا‏ ‏تزعموا‏ ‏بأنه‏ “أرادْ”

***

النورسُ‏ ‏الجسورُ‏ ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏يدورْ‏.‏

قد‏ ‏أنهكتـْهُ‏ ‏لــُـعبة‏ ‏الصعودِ‏، ‏والسراب‏ُُ ‏يسبقهْ‏،‏

يغمرُه‏ ‏الدُّوار‏، ‏والفراغُ‏ ‏يخنُـقه

قد‏ ‏آن‏ ‏أن‏ ‏يحُطَّ‏ ‏فوق‏ ‏أرضكمْ‏- ‏

                    ‏لا‏ ‏ترجموهُ‏ ‏كهلا‏.‏

إن‏ ‏حط‏َّّ ‏تدفنوه‏ ‏دون‏ ‏معـزَى،‏

تأكله‏ ‏الديدان‏ ‏وهو‏ ‏بعدُ‏ ‏حيّا‏

. ***‏

لا‏ ‏لن‏ ‏يعودْ

أسـنـَّة‏ ‏الرماح‏ ‏مُشرعة

تملأ‏ ‏وجه‏ ‏الأرض‏ ‏والقلوب

لم‏ ‏يبقَ‏ ‏إلا‏ ‏أنْ‏ ‏يظلّ‏  ‏فوقَ‏ ‏الفوق‏ ‏ضائعَا

‏ ‏وكلُّ‏ ‏ما‏ ‏يشُدّه‏ ‏يذوبْ

فتختفى ‏السماءُ‏  ‏فى ‏الضياءْ

ويختفى ‏الضياءُ ‏فى ‏الغروبْ

يتوهُ‏ ‏فى ‏دوائرِ‏ ‏الصباح‏ ‏والمساءْ

‏ ‏يواصلُ‏ ‏التحليقَ‏  ‏صاعدا‏ ‏معانِدا

لكنّـهُ‏ُ:     …‏ما‏ ‏عاد‏ ‏يسـتطيع‏ ‏

‏        …..‏ما‏ ‏عاد‏ ‏يستـطيع

*****

(التكملة بعد عشرين عاما):

ما عاد يستطيعُ أن يعود من جديدْ

يواكب الأسرابَ فى القريب والبعيد

 يطـّاير الزبدْ،

ويبقى ما يفيدْ ،

يسبـِّح الصمدْ

ذا العرش المجيدْ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *