الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الدستور المصرية / الطبيب والفتوى الإعلامية (تعتعة نفسية)

الطبيب والفتوى الإعلامية (تعتعة نفسية)

نشرت فى الدستور

29-6-2005

 الطبيب النفسى والفتوى الإعلامية

مضطر أنا أن أترك موضوع “فرط العادية” الذى هو مرادف “للتبلد المطيع” و”الطناش الرسمى”، مضطر لأن أتركه جانبا بعد أن تأكدت من صعوبة تقديمه من خلال التناقض الهائل بين ما أردت توضيحه ، وما صاحب ذلك من رسوم كاريكاتيرية.

توصيل المعلومات العلمية للإنسان العادى أمر شديد الصعوبة، لى خبرة طويلة فى هذا الشأن ليست كلها ناجحة أو مفيدة، أحذر من ارتداء عمامة المفتى النفسى، أو الإمساك بعصا التهذيب الأخلاقى (النفسى أيضا) أو تكرار معلومات تحصيل الحاصل، بإحصاءات دامغة !!! .  صورت بعض ذلك فيما يشبه مشهدا تليفزيونيا يقول فيه المفتى النفسى : ‏

‏….  ثـُمَّ‏ ‏إن‏ّّ ‏اُلأُم‏ ‏لازِم‏ْْ، ‏إِنـّها‏ ‏تْـحـِبّ‏ ‏عـِيـَالـْهـَا، دا‏ ‏لزوم‏ ‏فك‏ ‏العقد‏ ‏إلـلى ‏فى ‏بالها‏.‏ فلقد‏ ‏ثبت‏ْْ: ‏إن‏ ‏الـعُـَقد‏ْْ “‏وِحـْشـَةْ‏ ‏قوى”!!.‏ هـَذَا‏ ‏الذى ‏قد‏ ‏أَظـْهـُرُه‏ ‏الـْبـَحـِثِ‏ ‏الـفُلاَنـِى،‏ “‏لمّا‏ ‏عد‏ ‏التانى ‏ساب‏ ‏الأوّلانى”.‏ ثم‏ ‏أوصى: “‏أن‏ْْ ‏يكون‏ ‏الكــل‏ْْ ‏عالْ‏.‏ إذْ‏ ‏لا‏‏بـُدْ‏ ‏انّ ‏الـُكوَيـِّسْ‏:‏ ‏هـُوَّا ‏أحـْسـَنْ مـِالَّذِى مـُا هـُوشْ كُوَيـِّسْ ، إمـَّاِل‏ ‏ايـِهْ؟‏”‏

[هذا‏ ‏برنامج‏ “‏عفاف‏ ‏هانم‏”،‏ ‏بـتسأل‏ ‏حضرة‏ ‏الدكتور‏ ‏فلان‏]‏

على الطبيب النفسى أن يؤكد على دور الشخص العادى والطبيب فى المشاركة فى الوقاية والعلاج، وأن يتجنب النصح والإرشاد والفتاوى الكيميائية المختزلة، صورت ذلك فى موقف مضاد للترييح فحـسب، وهو يقول:

  “‏يا‏ ‏أخينا‏ ‏مِدّ‏ ‏إيدك، يا‏ ‏أخينا‏ ‏هِـمّ‏ ‏حبَّـهْ‏.‏ الحكاية‏ ‏مِش‏ ‏وِكالة‏ ‏بْتَشتِرِى ‏منها‏ ‏المَحَبّةْ‏”.‏

وحين يرفض المريض ذلك متأثرا بفتاوى الإعلام المسطح يلزم الاعتذار:

  المعلم‏ ‏قالُّه‏: ‏شوف‏ْ ‏لَكْ‏ ‏حد‏ ‏غيرى،‏ جَنْبِنَا‏ ‏دكّانة‏ ‏تانيةْ‏،‏ ‏فيها‏ “‏بيتزا‏” ‏مِالّلى ‏هيَّه‏ْْ، ‏أو‏ “‏لازانْيَا‏”.‏ فيها‏ ‏برضكْ‏ ‏وصفهْ‏ ‏تشفى ‏مالعُقد‏ْ،‏ إسمها‏ “‏سيب‏ِ ‏البلد‏”.‏ فيها‏ ‏توليفة‏ْ ‏حبوب‏ ‏من‏ ‏شغل‏ ‏برّة‏.‏ تمنع‏ ‏التكْشيره‏ْ، ‏والتفكيرْ‏، ‏وْتمِلاكْ‏ ‏بالمسرّة‏.‏ فيها‏ ‏حقنةْ‏ ‏تخلِّى ‏بَالََك‏ْ ‏مِستريحْ‏.‏ تِنتشِى ‏وْتفـضَلْ‏ ‏مِتَنَّحْ‏. ‏فيها‏ ‏سر‏ّّ ‏ما‏ ‏يِتْنِسِيشْ‏.‏ إنـه‏ “‏مِشَ‏ ‏لازِمْ‏ ‏نعيش‏”!!‏

تذكرت كل ذلك وأنا فى مازق المشاركة  فى برنامج “البيت بيتك” ، وأنا أحاول أن أبتعد عن النصائح ، والفتاوى، والتعميم، لكنى لست متأكدا من قدرتى على النجاح فى ذلك أو الاستمرار فيه، أو على تحمل القائمين عليه لما أحاوله :  ربنا يستر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *