الرئيسية / مقالات صحفية / اليوم السابع / نتعلم من الأطفال، بعد أن عجزنا عن تعليمهم

نتعلم من الأطفال، بعد أن عجزنا عن تعليمهم

اليوم السابع

الأحد: 13-4-2014

نتعلم من الأطفال، بعد أن عجزنا عن تعليمهم

كما يفعل بطوط وهو يتعلم من: سوسو: و توتو: و لولو أبسط حيل الحياة وطرق التربية، أملتُ ونحن نأمل فى تكوين جيل جديد، أن نبدأ التخطيط بإعادة النظر فى كل ما نشيعه عن الطفولة والبراءة والفطرة، إذ خيل إلىّ مؤخرا أننا نعرف أقل القليل عن فطرة الله التى فطر الناس عليها، فى أحسن تقويم، وركزنا على كيف رد الله الإنسان إلى أسفل سافلين، ونسينا الاستثناء: إلا الذين آمنوا وعملو الصالحات، ومن الصالحات أن نحسن التعامل مع طبيعتنا البشرية التى  أصلها أنها “فى أحسن تقويم”، التخطيط الذى أدعو إليه، أو آمل فيه يبدأ منذ الحمل، ولا مؤاخذة، بعيدا عن ما نشيعه عن براءة الأطفال، والتمسح فى العطف عليهم، وما يخيل إلينا أنه رحمة بهم، أو إطلاق حريتهم، ثم غمرهم بهذا الكم الهائل من القصص الساذجة وحكايات الوعظ والإرشاد دون خيال أو إبداع، أتحاشى أن أقارن مجلة ميكى، بلغتها العربية الفصيحة، ورسومها الدالة العميقة، بمجلاتنا المحلية التى تصدر من مجتهدين الأرجح عندى أنهم غير متصالحين مع الأطفال داخلهم، وبالتالى مع الإبداع أصلا، أنار الله بصيرتهم، ودعم إتقانهم، لا أريد أن أذكر أسماء مجلات محلية احتراما للجهد وتوفيرا للوقت وترجيحا لحسن النية، ولكننى أقر وأعترف أننى أعود بين الحين والحين لهذه المجلات فأفزع من فرط ما أكتشفه من بعدها عن الفطرة بل وعن ما هو إبداع، فأشفق على أطفالنا (داخلنا وخارجنا)، أقارن ما يصلنى من مجلة ميكى، أو ما أتابعه (حتى صورة بدون صوت) فى قناة  “نيكولودين”، أو مسلسلات “توم وجيرى”، أقارنه  بمواعظ مجلات أطفالنا، بل وما نقدمه فيما يسمى برامج الأطفال فأتبين: أين نحن، ولا أجرؤ أن أتمادى وأتساءل “إلى أين”، أحيانا أدقق النظر فى عيون “توتو” و “سوسو” و “لولو” وهم أمام مشهد واحد، وأتعجب لدقة المبدع الذى رسم هذه تعبيرات غير متماثلة لكنها  تكمل بعضها بعضا، مع أنهم  يبدون لأول وهلة نسخة واحدة، ثم أربط النظرات المعبّرة بالحوار باللغة العربية السليمة، ثم بخلفية الصورة، وأتساءل كيف يتلقى الكبار كل هذا؟ ويا ترى ما ذا يحرك فيهم؟ ثم خذ عندك موقف هؤلاء الأطفال المحب الناصح المسامح  المعلـِّم لعمهم بطوط، بطموحاته الشاطحة، وكسله العسل، وطيبته الخائبة معا، جنبا إلى جنب مع مشاكساتهم وحبهم وتقديرهم لعم دهب، ومعاونته أحيانا فى مواجهة خصمه ياقوت، قبل أن يذهبوا  إلى مزرعة الجدة بطة يتمتعون بحنان الجدة ورحابة الطبيعة ويرفضون كسل “لوز” ونهمه ، كل ذلك دون أية مبالغة من وعظ أو إرشاد مباشرين

أملتُ أن نستوعب كل مصادر تخليق الدهشة والمراجعة والتفكير الفرضى منذ الطفولة حتى تتكون الثقة، وينمو الوعى الجمعى، ويترعرع الخيال، حتى إذا غضبوا  أو ثاروا  أو أحتجوا شبابا أو يافعين أو شيوخ، لم يخدعهم أحد، ولم تستقطبهم قوة، ولم تخدّرهم نتائج إحصاء ورقى، أو صناديق ملتبسة.

هكذا يتكون الوعى البشرى النامى، وهو يعرف معنى الإرشاد دون نصح أو إرشاد، مع التأكيد على حق الأصغر أن يشارك، وأن ينصح وليس فقط أن يتلقى النصائح، ويبدو أن هذا الأمل كان يحيط بى وأنا أتكلم بلسان الأطفال فى الأراجيز التى كتبتها عنهم (وليس بالضرورة لهم) وهم يوجهون الكبار حتى إلى ماهية طبيعتهم، ويعرفونهم كيف  يكتسبون قيمتهم من هذه الطبيعية فى جدلها مع إثبات الذات دون المغالاة فى تضخيمها، وكلام من هذا ظهر فى الأراجيز التى كتبتها للأطفال “داخلنا وخارجنا”.

 هيا نسمعهم، بعنوان:

أنا قيمتى هيّا  إنى : قصدى خلقة ربــِّنا

حد فيكم أغنى منّى

أنا قيمتى هيّا إنّى

يعنى “إنى” أيوه إنى: هوّا انا !

قصدى خلقة ربنا

***

أنا من بعد ما كنت أى حاجهْ

صرت مخلوق زيكم

بس مش نسخة تمامْ من صُنعكم

قصدى يعنى صرت “حاجة”

“حاجه كدا متميـِّزهْ”

يعنى: نـَـفـْسِى، مش “لماذَا” أو “إذَا” ..

يبقى حقى إنكمْ  تعترفـوا بيـَّا

حتى لو ما عملتش العملهْ اللى هيّا

***

لو وصلنى فى البداية حـُكمكم  من غير شروطْ

حاتفرد، وحابـَاصِى كورْتِى، أو حاشوطْ

تيجى فى الجونْ شجــَّعوني،

تيجى برَّه،علــِّموني

 

يعنى ييجى شرطـُكمْ بعد السماحْ

ما هو مش كل اللى انا عايزه..مـُـباحْ

 

تبقى قيمتى هيـَّا قيمتى، زائد اللى وصلنى منكم

أبقى مليان باللى فيــّا، بس مش مستغنى عنكم

 

ما هو ربى اللى خلقنى، هــوَّا برضوا اللى خلقكم

وانتوا زى ما دِّيــتونى، أنا برضو مش حا سيبكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *