الرئيسية / مقالات صحفية / اليوم السابع / البصق على كرامة البشر.. وبيت المقدس

البصق على كرامة البشر.. وبيت المقدس

اليوم السابع

الجمعة 18-4-2014

البصق على كرامة البشر.. وبيت المقدس

لم أذكر قيمة “الكرامة” فى مجموعة القيم السبعين التى سجلتها هنا منذ أيام للمراجعة، وكنت أنوى أن أكمل بمثال للمجموعة الثانية من الرذائل التى أصبحنا نتعامل بها كأنها فضائل، لكن صفعتـنى أنباء ما حدث فى المسجد الأقصى أول أمس. أنا آسف، ليست صفعة، إنها بصقة لزجة لها رائحة نتنة ولون داكن، يغمرنى خزىٌ قابض، أمد يدى لأمسحها فتتلطخ وتزيد مساحتها، وتفوح رائحتها أكثر، أنا آسف إن كنت قد جرحت شعور القارئ الرقيق، الأكثر إيلامًا أن هذا لم يكن خيالا صرفًا.

يبدو أننى لم أعد أعرف كيف أميز بين الخيال والواقع، الكرامة الإنسانية ليس لها وصف، إلا أنها من عند الله “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنى آدَم..”، الأنباء التى جعلتنى أشعر أننى لا أحمل أمانة هذا التكريم، هى عن ما حدث أول أمس فى المسجد الأقصى، والتى تنتهى كالتالى:

“…..الذى حدث في الأمس هو أن سلطات الاحتلال صعدت التقسيم الزمانى بحيث إنه فى أيام الأعياد الصهيونية يمنع على المسلمين دخول الأقصى، لأنه مخصص للصهاينة في هذه الأيام”!

حضرتنى المشاعر التى عشتها وأنا أكتب قصة سياسية قصيرة، أعرى فيها تنازلنا عن الكرامة، فاقتطفت منها ما يلى، وغيرتُ نهايتها:

-1-

قالت البنت لأخيه: صاحبتى…!! قال أخوها: منْ؟ قالت: أنت تعرفها، تلك التى دعتك معى لعقد قرانها، قال: مالها؟ قالت: جُنَّت. قال: يا خبرا أسود، كانت أجمل وأرق صاحباتك! ماذا تقولين؟ قالت: الذى حدث، قال: تمزحين، تكلمى جدًا، ماذا حدث؟ قالت: بعد عقد القران، لم تعد تتصل بى، ثم أخذت تتجنبنى، وسمعت أنها تهيم حبًا به طول الوقت، فدعوت لها، وانسحبت، ثم أمس: جاءتنى بغير موعد، وقالت لى إنها لم تعد تعرف كيف تستمر فى الحياة بعد ما لحقها منه من إهانات، وحين استفسرتُ منها حكت لى كيف أنه راح يتمادى فى الإهانة كلما تمادت فى الهيام والتعلق به، وحين أنذرَتـه أنها سوف ترد الإهانة بالإهانة، هجرها باستعلاء، وقلبها غمَّا وتمادى، فرُعِبت واعتذرت، فزاد وتغطرس، فغضبت عند أهلها، فركب رأسه ولجأ إلى القانون حتى حصل على حكم المحكمة بالطاعة، وحين تسلمت الحكم، تظاهرت لنفسها بالغضب، لأنها فى أعماقها فرحتْ ورحبتْ، وعليه ذهبت إلى قسم البوليس، وهى تتمنى لقاءه “بأمر الحكومة” قال أخوها: يا خبر أسود، وهل يمكن أن تحكم المحكمة بمثل ذلك؟ وأية فرحة هذه بحكم كهذا؟ قالت: فرحة بلقاء الحبيب، أى والله، هذه هى المصيبة. قال: كله إلا هذا، قالت انتظر: البقية ألعن، قال: وهل يوجد ما هو ألعن، قالت: اتصل به البوليس فامتنع عن استلامها، وبعد انصرافها ذليلة مكسورة، حضر جنابه للقسم وأتم إجراءات طلاقها! قال: تستأهل، مع أننى أكاد لا اصدق، قالت: وأنا كذلك.

….

-2-

(التحديث: يغير النهاية)

قال الشاب لأخته: “هل قرأتِ المكتوب فى الصحف اليوم؟” قالت: “أنا لا أقرأ الصحف”، قال: “هل تذكرين كيف لم نصدق أنا وأنت ما لحق بكرامة صاحبتك؟” قالت: “طبعا، ولكن ما علاقة هذا بذاك”، قال: “الأخبار التى أشير عليك بقراءتها تفسر موقف صاحبتك، وهو نفس موقف من يحب “ثقافة السلام” جدا جدا مع هؤلاء”، قالت: “يا ذى المصيبة، هل نشرت الصحف حكاية صاحبتى؟” لابد أنك أنتَ الذى أبلغتهم!! قال: حين قرأت هذه الأخبار شعرت بالإهانة بنفس الدرجة، قالت: ولكنها لم تشعر بالإهانة، أنا وأنت الذين شعرنا بالإهانة نيابة عنها، قال: “وهذا ما حدث لى اليوم، شعرت أن غيرنا حتى من الأجانب، ربما شعروا بالإهانة نيابة عنا”، …. تبينت أن هذا هو الخط العام الذى نعيشه، هى لم تفعل إلا ما نفعله نحن المسلمين، بل وكل إنسان يسكت على بصقة مثل هذه البصقة، قالت البنت: “ماذا تريد منا أن نفعل؟” قال: كيف لم تصل البصقة إلى مدافع ومفرقعات “أنصار بيت المقدس” فتغير توجهها إلى ما يشير إليه اسمها؟ قالت: “الله ينكد عليك، ماذا تريد منى أن افعل الآن؟” قال: “لا ننام حتى نسترد كرامتنا كبشر، وليس فقط كرامة المسلمين أو كرامة بيت المسجد الأقصى” قالت: “أنا لا أنام أصلا بدون أن أبحث عن سبب أسوّد به عيشتى أكثر ما هى سوداء” قال: “أين قنبلة باكستان الذرية وأين الحرس الثورى الإيرانى”، و”أين الجهاديين فى كل مكان”، قالت: “امسح ما على وجهك أولا”… قال: “هل تعرفين آخر الآية بعد التالية للآية التى استشهدت بها؟” قالت آية آية؟ قال: قوله تعالى “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنى آدَم…”، قالت: “لا أذكر”، قال: آخر الآية بعد التالية تقول “وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَة أَعْمَى وَأَضَلّ سَبِيلاً”، قالت: “ومتى نفتـّح”، قال: “حين ترجع للكلمات معناها، حين ننتصر لبيت المقدس، وكل بيوت الله بما كرمنا الله به، حين لا يقتل بعضنا بعضا تحت نفس الاسم”.

قالت: “كفى بالله عليك، أشعر بلزوجة تغمر وجهى”

قال: “يبدو أنها معدية”

قالت: “الله يسامحك، كفى بالله عليك، هيا نعمل”

قال: “آااااااه !!!!”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *