الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الدستور المصرية / “عندك فصام”!!! يعنى إيه؟ (1) (تعتعة نفسية)

“عندك فصام”!!! يعنى إيه؟ (1) (تعتعة نفسية)

نشرت فى الدستور

7-12-2005

“عندك فصام”!!! يعنى إيه؟ (1)

قلنا فى تعتعة الأسبوع الماضى بالنص “… فالأطباء لم يتفقوا على ما تعنى هذه الأسماء – أسماء الأمراض- وإن اتفقوا على علاماتها”.  ما معنى هذا الكلام؟ معناه مهمن وإن كان شرحه صعب.

انتهت إشكالة التقسيم بظهور التقسيم الرابع للأمراض النفسية

التقييم العلمى لجدوى هذا التقسيم يقول إنه فائق الثبات ضعيف المصداقية، يعنى ماذا؟ الثبات  Reliabilityهو أن تثبت نتائج استعمال أى مقياس أو اختبار إذا استعمله  اثنان من الأطباء فأكثر على مدى زمنى مناسب ، طيب والمصداقية ؟  Validityماهى تلك المصداقية؟ قال لك هى أن يكون الاختبار أو التقسيم أو المقياس يفيد فعلا فى قياس ما يقيسه،( عزيزى القارئ : أرجو أن تحتمل قليلا لأنك أنت أو قريبك (لا قدر الله)  الذى يمكن أن تسأل وتصر أنه: أنا عدى إيه يا دكتور؟)  ” لشرح كيف يكون الثبات جيدا والمصداقية ضعيفة نقول لك إن الذكاء، حتى الذكاء ، لم يمكن تعريفه حتى الآن تعريفا علميا جامعا مانعا، وبالتالى فيمكن  أن يكون هناك اختبار اسمه اختبار ذكاء نتفق جميعا على استعماله، وتخرج نتائجه مع أى واحد من المختصين فى أى وقت هى هى، لكن بالفحص الدقيق نكتشف أنه لا يقيس الذكاء ولا يزيدنا معرفة عن طبيعة الذكاء ، ولتبسيط أكثر، يمكن أن نعلم أى طفل أن يقيس قطر فاكهة ما بمتر قماشى دقيق، ونطلب منه أن يجمع الحبات التى قطرها خمس سنتمترات مع بعض، والتى قطرها عشرة، والتى قطرها عشرين، وأن يسمى كل مجموعة باسم ما، وسوف يقوم بهذا العمل بنجاح، أى صبى يفهم ولو قليلا، هذا هو الثبات، والمتر عشرة على عشرة، لكن هذا التقسيم لا يفيد ما بالأقفاص، ولا الثمن، ولا درجة الجودة، ولا احتمال العطن..إلخ ، فالاتفاق على تقسيم الحبات حسب القطر تم بثبات لا يخر الماء، أما معنى ذلك وفائدة فهى تكاد تكون صفرا.

قياسا على ذلك فإن تقسيمات وتصنيفات ومحكات وأسماء الأمراض النفسية الحديثة التى فرضت علينا عالميا قد تفيد لأغراض الحسابات والتعويض والإحصاء وكلام ليس له علاقة جيدة بالتطبيب والعلاج وحتى بالتعليم والتفهيم.

إذن ماذا؟ إذن حين تقول للمريض أو أهله “أن عندك فصام” مثلا دون أن تكون عنده كل هذه الخلفية، فأنت فى الحقيقة تجهله لا تنيره، هذا فضلا عن سوء سمعة هذا اللفظ، وأيضا خطأ استعماله حين نصف به من له طبعين، أو ازدواج الشخصية، أو تذبذب الآراء.

وهذا ما سنتناوله فى تعتعة لاحقة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *