الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الدستور المصرية / اللعب على المكشوف (تعتعة سياسية)

اللعب على المكشوف (تعتعة سياسية)

نشرت فى الدستور

5-10-2005

اللعب على المكشوف!!

انفض المولد ولم يكن صاحبه غائبا وركب الخليفة

المحمل وكل انتخابات وأنتم بخير

لست آسفا على ما حدث، ولا يائسا مهما حدث أكثر منه، كل ما أرجوه هو أن نتعلم من أخطائنا بقدر ما نتعلم من محاولاتنا. الدنيا لم تنهد، والصبر ممتد، وإن كنت بدأت أشك أنه “للصبرحدود” يا حبيبى!!  كل شىء عاد كما كان: نفس النغمة، ونفس الأحاديث بنفس التراتيل، والطقوس، وقفل الشوارع، والتلويح بالأيدى، والوعود، كلٌّ رجع  إلى موقعه “كما كنت”:”….. سمعت وعيا هامسا فى البشرْ، نادى من القبر رعاة البقرْ…” أن يٌحْكِموا رباط السرج ، حتى لا يقعوا “من فوق ظهر الحصان”،

اللهم اجعل كلامنا خفيفا على كل من يجده غير ذلك، اللهم تقبل منا ومنهم، فى هذه الأيام المفترجة التى لا يريدون أن يجعلوها كذلك، ما يرضيك وينفعنا ولعله ينفعهم، انفض المولد ولم يكن صاحبه غائبا، وركب الخليفة المحمل، وطاف بالمقام، وهلل المريدون، وكل انتخابات ومصر والمصريين، وكل أمة لا إله إلا الله توحد الله لا شريك له .

 سمعت أيضا صوتا متألما صبورا يخفت يخفت يخفت وهو يدندن :”….  ورجعت، ورجااعت، وارااجعت، ….. ما أغبى الرجوع إليه، إليه، إليييييه. (رحم الله أم كلثوم، والخيام، وفهد بلان، ونزار جميعا)

 ليكن، ولنبدأ من جديد، وهل نملك غير ذلك؟ نبدأ  طريقنا الذى سبق أن بدأناه، أم نبحث عن طريق آخر؟ وهل هى كانت بداية فعلا، هل كانت ثمة ملامح نهاية لحكم طال أكثر من نصف قرن ؟ لم اعد متأكدا . وبرغم كل ذلك فليس أمامنا فرصة إلى أن تستمر المحاولة. عالبركة؟ يعنى ماذا؟

الصورة بعد أن انفض المولد لا تسر، ومع ذلك فالجميع يتصافحون دون ود، من ركب المحمل، ومن سار فى الزفة، ومن فتح عينه فأكل ملبنا، ومن لم يكسب فى رهان التصويب على اللعب والتماثيل الجبس والبلاستيك، هل يقبل الله سبحانه وتعالى دعواتنا – فى رمضان- لكل هؤلاء دون استثناء باستمرار المحاولة، والصبر على المكاره، ورفض اليأس ما دمنا نقبل أن نظل محسوبين أننا على قيد الحياة مسؤولين فى نهاية النهاية عن مصيرنا، مهما التمسنا لأنفسنا الأعذار؟

كتبت منذ أكثر من ربع قرن، قبل قبل الولاية الأولى: فى ديوان “أغورا النفس” ما يؤكد أن النص معاد برغم تغير الاشخاص، إذن هو “اسكريبت” قديم، لماذا إذن لا نتعلم؟ وما فائدة الكتابة والكلام؟ كتبت:

“…واوْعَى ‏الشـُّقـُوقُ‏ ‏تـِوْسـَعْ‏ ‏يا‏ ‏نايم‏ ‏فى ‏الـَعـَسلْ‏، ‏‏لا  ‏المَّيهْ‏ ‏تِعْــلَى، ‏تزيد‏ْْ، ‏تزيدْ‏،… ‏مّيةْ‏ ‏عطَنْ‏، ‏تـِكْسِى ‏الجلودْ‏ ‏بالدَّهْنَنَه‏، وتفوح‏ ‏ريحتـْها‏ ‏تِعْمِى ‏كلِّ‏ ‏اللـى ‏يحاول‏ْْ ‏يـِتلـِفـِتْ‏ ‏ناحيةْ‏ “‏لمـِاَذاَ‏”، أو”‏لمعنى‏” ‏يكون‏ ‏ما‏ ‏جـَاشِى ‏فى‏”‏الكـِتـَابْ‏”،‏ أو للى جوّه، أو نواحى ربنا، الرحمة يا رب العباد إغفر لنا. واللعب‏ ‏داير‏ْْ ‏ليل‏ْْ ‏نهارْ‏ ‏لم‏ْ ‏يـِنـْقطعْ‏،‏  ‏والسيركْ‏ ‏صـَاحْــبُه‏ ‏واقفْلِى ‏بْيِلفّ‏ ‏العـَصـَا، ويقول‏ ‏بعـزّ‏ ‏مـَا‏ ‏فـِيه‏ْْ: ‏أهو‏ ‏دا‏ ‏اللى ‏ممكن‏، ‏واللِّى ‏عاجبهْ‏!‏

أنا‏ ‏مش‏ ‏عاجبْـنى ‏هِـه‏ْْ، ‏ولازْمَـنْ‏ ‏يِتْحَكَى،‏ كل‏ ‏اللى ‏جارى‏.. ‏لاجْل‏ ‏ما‏ ‏الناس‏ ‏تنتبه‏ ‏قبل‏ ‏الطوفان‏‏. ‏

……..

‏ إنْ‏ ‏كنت‏ ‏عايْز‏ ‏تلِعَبِ‏ “‏العَشَرة‏” ‏وتْبقَى ‏الطَّيبَةْ‏؛  نكشف‏ ‏وَرَقنَا‏ ‏قبل‏ِِ ‏مَا‏ ‏الوَادْ‏ ‏يِتْحَرَقْ‏،‏ واللَّى ‏يِبَصَّر‏ “‏بالبِنَيَّة‏” ‏يِبْقَى ‏ذَنبِ‏ ‏التَّانىِ ‏عَلَى ‏جَنْبُهْ‏،‏  مَالوشْ‏ ‏يزْعلْ‏ ‏بَقَى‏. ‏مَا‏ ‏كَانْ‏ ‏يشْوفْ‏!‏ ما‏ ‏الِّلعْبِ‏ ‏عالمْكشْوُفْ‏، ‏أَهُهْ‏.‏

***

بعد أكثر من ربع قرن، اكتشفت أن الذى يكشف ورقه وهو واثق من المكسب كل هذه الثقة هو من رتب الورق لحسابه من قبل، فخصص لنفسه، “رغم التفريق،” ثلاثة  أولاد وكومى تحت المائدة. اللعب عالمكشوف، مع المكسب المضمون، ليس دليلا على الشطارة، إنه إعلان لغش الورق مسبقا، فلماذا لمْتُ أنا منذ ربع قرن ذلك الذى خسر “عشرة الكوتشينة” لأنه لم يأخذ باله من بصرة “البنت”؟؟

 كشف المستور من خلال الهيجة الجديدة للكلام المكتوب، وأحيانا المهتوف، قد يفسر الكثير مما كان غامضا: مثلا، بعد كشف الأوراق، بدت المسألة أن ثمة معركة أخرى هى الأولى بالانتباه، وهى المعركة بين لجنة السياسات والحرس القديم فيما يسمى الحزب الوطنى.

الاقتراح الأقرب للواقع، بعد كشف كل هذه الأوراق، هو أن تجرى انتخابات عامة للشعب (بعد استبعاد أفراد الحزب الوطنى المسجلين فيه حتى لا نتعبهم!!!) لينتخب الناس – عامة الناس بحق وحقيق –  أحد هؤلاء الفريقين؟ إما لجنة السياسات وأمينها الشاب، وإما الحرس القديم؟. أليست هذه الانتخابات هى الأولى بالدعاية الحقيقية “فالتصويت”؟ (أعنى الإدلاء بالأصوات فى صناديق الانتخاب، وليس الرقع بالصوت !!).

وبركة أيام هذا الشهر الفضيل أنا لا أهزل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *