الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الدستور المصرية / … التفكير ضارٌ جدا بالصحة “الاستقـرارية”!!(تعتعة سياسية)

… التفكير ضارٌ جدا بالصحة “الاستقـرارية”!!(تعتعة سياسية)

نشرت فى الدستور

7-2-2007

… التفكير ضارٌ جدا بالصحة “الاستقـرارية” !!

(1)

قال الرجل لابنته: ماذا فعلتِ بشعرك؟ لقد كنت أحب ضفيرتيكِ، قالت البنت: أنا أحبك يا أبى، لكن شعرى هكذا أجمل، قال الرجل: بصراحة ياحبيبتى أنت هكذا مثل الولد، قالت البنت: ما هو  أخى أطلق شعره مثل البنات، ألا تحب التغيير يا أبى؟ قال الرجل: أنتم تتشطرون على المظهر وتقولون تغيير.  قالت البنت: ما هو حضرتك تقول  نفس الكلام عن  الحكومة؟ قال: بصراحة هذا ليس تغييرا، هو تشويه  وتقبيح وحتى كذب، قالت البنت: أهكذا ؟ قال بسرعة مستدركا: لكنك  جميلة فى كل الأحوال، قالت: والحكومة؟  قال: الحكومة…هى…هى الحكومة.

 (2)

قال الرجل للبنت: ماذا تقرأين؟ قالت كتابا، قال:أرينى إياه، قالت: لماذا؟ قال: يعنى، قالت: يعنى ماذا؟ قال: هل فيه صور؟ قالت: صور ماذا؟ قال: فلماذا لاترينى إياه، قالت: لأنك لن تفهه، قال بشخط: ماذا؟ قالت: آسفة، حضرتك  لا تفهم إلا ما سبق أن فهمتَه، أعنى قلتَه لنا، أقصد….، قاطعها بحدّة:  هذه الكتب، بصور أو بغير صور، هى كلام فارغ وعيب، أنا أخشى عليكم من فهم ما يفسد أخلاقكم.  قالت: وهل الفهم يفسد الأخلاق يا أبى؟ قال: يكفى أن ما بهذا الكتاب  يخالف آرائى، قالت: أهكذا خبط  لصق دون أن تعرف موضوعه؟  ثم هل لحضرتك “آراء” ؟؟ لماذا لم تقلها لنا؟ قال: أنا قلت لكم ما أعرف، قالت: لكنها ليست آراءك. قال: وهل أخترع آراء غير ما سمعتُ منهم؟ قالت: مِنْ مَنْ؟، قال من الذين “يعرفون”، قالت: وأنت يا أبى، ألا تعرف كيف تعرف ؟ قال: لست فاهما.

(3)

قالت البنت لأمها: وأنتِ يا أمى: هل لك آراء؟ قالت الأم: آراء!!، أعمل بها ماذا؟، قالت البنت: ألا  تفكرين يا امى، ولو أحيانا ، قالت طبعا أفكر باستمرار. قالت البنت: وهل تتغير أفكارك أحيانا؟ قالت الأم: ماذا تقولين؟ أنا لم أجن بعد، قالت البنت: وهل الذى يفكر مجنون يا أمى؟ قالت الأم: طبعا، قالت البنت: ربنا يستر.

(4)

قالت البنت لأخيها: صدقنى: أبى وأمى لا يختلفون عن الكراسى التى يجلسون عليها، قال الولد  إخفضى صوتك، يسمعوننا. قالت: من؟ قال: المباحث، قالت: أنا أتكلم عن أبى وامى، هل هم مباحث؟  قال: لا، ولكن هذا كلام لا يقال إلا على الحكومة، خصوصا فى هذه  الأمور. قالت: أية أمور؟ قال: أمور السياسة، قالت: أنا لم أتكلم فى السياسة، أنا أريد أن أرقص وأهتف فى الشوارع مثلما يفعلون فى بيروت،  قال لها: وتموتين، حين تختلفون وينطلق الرصاص؟ قالت: أحسن من هذا الموت وأنا لم أعرف الحياة أصلا.

(5)

قالت الأم للبنت: ماذا كنت تفعلين فى الحجرة والكاسيت على الآخر؟ قالت: كنت أرقص أمام المرآة، ألم ترقصى أبدا يا أمى؟ قالت الأم: يعنى. قالت البنت: لماذا كففتِ عن الرقص، أنا حين أرقص حتى وحدى، أحبك أكثر، قالت الأم: صحيح!!؟؟ قالت البنت: والله، وأحب الناس أكثر، هل شاهدتِ يا أمى البنات والرجال وهم يرقصون فى البرد فى شوارع بيروت؟  قالت الأم:  ناس خالية البال؟، قالت البنت: بال ماذا؟ إنهم يحاولون، ويخاطرون، وربما يتغيرون، إنهم يحبون بعضهم أكثر، ربما لو رقصت يا أمى تحبين أبى بحق وحقيق. قالت الأم: ومن قال لك أننى لا أحبه بحق وحقيق؟ قالت البنت: أبدا والله العظيم، آسفة، أقصد: تحبين الناس بحق وحقيق، أخى يقول إن هذا الرقص تعبير سياسى؟ قالت الأم: سياسى!! يعنى ماذا؟  ومَنْ أدخل الرقص فى السياسة؟ قالت البنت: أمريكا الجنوبية، قالت الأم: هل هذا عليكم فى مقرر الجغرافيا؟  قالت البنت: هذا ما قرأته فى الكتاب الذى خاف منه أبى. قالت الأم: خاف منه ؟ لماذا؟، قالت البنت تُحول الحديث: أحسن شىء عملتيه يا أمى أنت وأبى أنكما تنازلتما عن كل هذا، قالت الأم: عن ماذا يا بنت؟  قالت البنت: عن التغيير والتفكير والرقص والحكومة، قالت الأم: أبوك لم يتنازل عن الحكومة، قالت البنت: إن شاء الله!!  قالت الام:إن شاء الله ماذا؟ ما هذا؟  لا حول ولا قوة إلا بالله !! ماذا جرى لمخك يا بنت انت؟ من الذى افسد عقلك هكذا ؟ قالت البنت: ربنا:…، هو الذى أنعم علىّ بنعمة التفكير.

 قالت الأم: أستغفر الله العظيم.

 قالت البنت: من كل ذنب عظيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *