الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الدستور المصرية / “حضرة المحترم”، وتعديل الدستور!!! (تعتعة سياسية)

“حضرة المحترم”، وتعديل الدستور!!! (تعتعة سياسية)

نشرت فى الدستور

13-3-2007

“حضرة المحترم”، وتعديل الدستور!!!

 (1)

صاح الرجل بابنه:”إحترم نفسك.  ليس هكذا”. قال الشاب: أنا أحترم نفسى، ماذا فعلت؟ قال الرجل “هل هذا كلام تقوله أمام والدتك وأختك؟ قال الشاب: أنا لم أقل شيئا عيبا، أنا عبرت عن رأيى فى المغنية التى تغنى بأردافها”، صرخ الرجل، “”وتقولها ثانية يا قليل الأدب !!” ، تراجع الشاب:”آسف يا والدى، ولكننى أقول رأيى”، قال الرجل “ألا تستطيع أن تقول رأيك بألفاظ مهذبة؟ قال الشاب: ” قل لى يا أبى: هل حضرتك تستطيع أن تقول رأيك بألفاظ مهذبة أو غير مهذبة؟”، صاح الرجل “ماذا؟؟؟” قال الشاب: ” آسف ، لكننى أسأل عن رأى  حضرتك” . أجاب كأنه يتذكر:  “أنا لم يعد لى رأى، لم تعد بى حاجة أن يكون لى رأى”، ثم  أكمل يكلم نفسه أساسا:  “ما فائدة أن يكون لك رأى لا يقدم ولا يؤخر؟” قال الشاب:هل رأيت يا أبى”؟، أفاق الرجل متسائلا “رأيت ماذا؟”، رأيت أن حضرتك..” قاطعه الرجل فى حسم ” ..أنا لا أقصد، كنت أريد أن أقول أنه ليس لى موقف” قال الفتى “ألعن”. صاح الرجل: ماذ؟، قال الشاب: “أبدا.

 انتبه الرجل ونظر فى وجه ابنه، وتمنى لو كانت هناك طريقة يمحو بها ما وصله مما قاله، وكان  الرجل  قد نسى حكاية المغنية التى تغنى بأردافها، وسكت ساهما.

(2)

غاص الرجل فى المقعد، فأطل عليه وجه عادل إمام فى مسلسل “أحلام  الفتى الطائر”، وهو يردد مكررا  لعمر الحريرى أن حلم حياته هو أن “يكون محترما” قبل أن يموت، كان لصا متورطا محبا ظريفا يريد أن يتوب، فيُحترم،  كان المسلسل أيامها يجمع الأسر حوله فى دفء صاخب، تذكر الرجل  أيضا مقالا كان قد قرأه مواكبا لعرض هذا المسلسل، كتبه أستاذ جامعى شرح فيه كيف عجز عن أن  يشعر أنه محترم بعد أن شارك فى تجربة انتخابات عامة آنذاك، تذكر الرجل كيف تعجب من هذا الأستاذ الذى لم تنفعه أبحاثه، ولا مركزه، ولا إنجازاته  العلمية أن يشعر بالاحترام، ولم يتذكر الثمن الذى كبّده  نجيب محفوظ لـ”حضرة المحترم” حمزة السويفى.

 كيف يتصور أن ابنه يمكن أن يكون محترما  لأنه يستعمل ألفاظا لا معة غبية جبانة  باعتبارها اللغة التى لا تخدش الحياء ؟ حياء من !؟؟ وهل هم يخجلون حين يفعلون بنا ذلك؟ أليس هذا سبب أن -غالبا- ليس محترما.

(3)

نادى الرجل ابنه وقد شعر أنه تعرى أمامه، مع أنه لم يعلن ما جال بخاطره: “..تعالَ هنا يا ولد، هل وصلت بك الوقاحة أن ترانى غير محترم؟”. فوجئ الشاب، ولم يكد يفتح فمه حتى أكمل الرجل:  “.. أنتم جيل فاسد فاجر، ثم صمت فجأة ، قال الشاب بهدوء ” ..أنا آسف يا أبى، أنا لم آتِ بسيرة حضرتك، حضرتك الذى قلت….” ..” قاطعه الرجل: “هل أنا قلت أننى لست محترما؟؟؟، أنا كل ما قلته هو أنه لا داعى أن يكون لى رأى أصلا، ولا حتى موقف.

تظاهر الشاب أنه لم يسمع.

(4)

دخلت الأم وقد وضعت يدها فى خصرها ووجهت كلامها لزوجها متسائلة: “.. تقول لا داعى أنْ “ماذا” يا سيد الرجال !!!؟؟

نظر إليها الرجل وكأنه ضُـبط متلبسا

انتبه الشاب إلى ما يجرى، وتوقع ما يلى ذلك، فانسحب بهدوء ولم يغب عن الرجل ما اعترى وجه ابنه من ألم حى، فخطر على باله معنى آخرا  للاحترام، وحين التفت إلى وجه زوجته تبين فيه كل ما هو عكس الاحترام …

(5)

صاح الرجل بابنه دون مناسبة يسأله “هل استخرجت بطاقتك الانتخابية؟” قال الولد “: ماذا يا أبى؟ قال الرجل “بطاقتك الانتخابية؟ قال الشاب “تقصد الشخصية”، قال الرجل فى إصرار “بل الانتخابية” ، قال الشاب:” وهل توجد انتخابات الآن؟ قال الرجل،:”لا، ولكنها سوف توجد”، قال الشاب: وهل حضرتك عندك بطاقة انتخابية ؟ قال الرجل دون تردد : “لا “، قال الشاب “فلماذا أستخرجها أنا”؟  قال الرجل  لا أعرف، ربما مازالت أمامك فرصة لتكون محترما، قال الشاب: وهل حضرتك تنازلت عن  فرصتك أن تكون محترما ؟ قال الرجل فزعا أن يتعرى من جديد “أنا لم أتنازل عن شىء بخاطرى”. قال الشاب: من الذى أرغمك يا والدى؟ قال الرجل:”ما أرغمنى هو  أننى، أننا، ….رضينا بالتنازل، وحين قررنا أن نتوقف، كان الوقت قد فات.

قال الشاب: الوقت لا يفوت أبدا يا أبى، الوقت يتجدد.

تساءل الأب : صحيح؟

قال الشاب بهدوء: نعم

قام الرجل وقبل ابنه فى جبهته. لم يكن قد فعلها منذ سبع سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *