الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الدستور المصرية / “لأمر ما” باعت المرأة سمسما مقشورا بسمسم غير مقشور!!

“لأمر ما” باعت المرأة سمسما مقشورا بسمسم غير مقشور!!

الدستور

17-12-2008

            تعتعة

لأمر ما” باعت المرأة سمسما مقشورا بسمسم غير مقشور!!

منذ أسبوعين نشرت هنا أولى حلقات سلسلة عن “مسح القيم االسائدة عند الشعب المصرى مقارنة بالقيم العالمية”، وهى الدراسة التى قام بها مشكورا مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، ثم فوجئت بأن موعد نشر الحلقة الثانية يوافق يوم ميلاد شيخى نجيب محفوظ  (11 ديسمبر 1911 وليس 1991 كما نشر خطأ)، فتأجلت الحلقة الثانية احتراما للمناسبة.

  وحين هممت اليوم بأن أواصل كتابة الحلقات، وجدت نفسى أمام مشروع قرار جديد جار اتخاذه حاليا، فقدرت أن مناقشة دور هذا المركز فيه  يمكن أن يكون مدخلا جيدا لبيان ما أريد،  ذلك أنه طوال الأسابيع الماضية أعلنت الحكومة، التى لها مجلس وزراء، له رئيس فاضل، يتبعه هذا المركز، أنها على وشك اتخاذ قرار هام جدا. قلت فى نفسى: إذن سوف يقوم هذا المركز الرائع بجمع “المعلومات”، ليدعم  اتخاذ هذا القرار، أو ربما يدعم “عدم اتخاذ هذا القرار”، لابد أن تكون هذه بعض مهامه،  كما يدل عليه اسمه،  أم أنا مخطئ ولا مؤاخذة؟

القرار المزمع اتخاذه، وهو لم يتخذ بعد والحمد لله، هو قرار “مشاركة المواطنين في تملك وإدارة أصول قطاع الأعمال العام المملوكة للدولة، عبر محفظة أسهم في تلك الشركات..”هذ الكلمات منقولة بالنص مما نشر فى الصحف طوال هذه الأسابيع، وتفسير ذلك (أيضا بنص ما نشر فى الصحف) هو: “….. يتيح المشروع لكل مصري يزيد عمره علي 21 عاما، أن يملك حصة مجانية من أسهم هذه الشركات تجعله شريكا في الملكية، وله مطلق الحرية في التصرف فيها كيف يشاء، سواء ببيعها للغير، أو الاحتفاظ بها واستثمارها في صناديق الاستثمار.”

قلت فى نفسى : الحمد لله، فأنا سنى أكثر من واحد وعشرين سنة، بكثير جدا، والمفروض أننى أستاذ جامعى ، عاش فى هذا البلد الطيب ثلاثة أرباع قرن، وأننى طبيب نفسى يمارس هذه المهنة أكثر من نصف قرن من الزمان، وأننى ممن تتاح له الفرص تباعا ليقول رأيه، فى هذا الحدث أو ذلك القرار، فى مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، ومع كل هذه الصفات التى تؤكد  ضمنا أننى أجيد القراءة والكتابة، رحت أتابع من بعيد، ما يكتب هنا وهناك، فأقرأ توضيحات مثل:  “… يقضي المشروع بمشاركة المواطنين في تملك وإدارة أصول قطاع الأعمال العام المملوكة للدولة، عبر محفظة أسهم في تلك الشركات..” يانهارا لن يمضى!!! (يعنى: يا نهار مش فايت)، “محفظة أسهم”؟؟؟ ، هى حصّلت؟  سوف يجرجرونى للبورصة وأنا ليس لى أية علاقة حتى بأى شركة تأمين، إلا التأمين الإجبارى على السيارة لصالح الغير، ثم ماذا ؟ الكلام كبير أكبر من فهمى المحدود، لكن يبدو أنهم سيطرحونه للنقاش حسب تعبيرهم بالحرف الواحد”….. من أجل فتح أوسع نقاش مجتمعي حول المشروع”!!!!! أى والله!.لعله خير.

 لكن دعونى أحكى عن نفسى دون تعميم، أو مشاركة فى “أى نقاش مجتمعى”، فإذا كنتُ بعد ما يناهز الستين عاما، وأنا بالمواصفات السالفة الذكر، لم افهم حتى الآن حكاية ال 50 % عمال وفلاحين،  فلا أمل فى أن أفهم هذا المشروع مهما أسهمت “فى أوسع نقاش مجتمعى”، إنه يستحيل لمثلى أن يفهم معنى “.. تملك وإدارة قطاع الأعمال هكذا مرة واحدة”، يا ترى هل ينبغى علىّ أن آخذ رأى احد أخصا ئى البورصة ممن يحضرون إلى فى العيادة أحيانا، طيب وعم حسن البواب، أبو محمد (وعمره أكثر من 21 سنة وهو مواطن مصرى غالبا) من سيستشير؟ ثم انبتهت فجأة أن المسألة “مجانا”، فاطمأننت، وقلت إن شالله ما استشرنا، ماذا سنخسر أنا أو هو مادام “كله بالمجان”؟؟؟

وهنا قفزت إلىّ صورة والدى وهو يفسر لى مثلا عربيا جميلا يقول “لأمرٍ ما باعتْ المرأة سمسما مقشورا بسمسم غير مقشور” قال رحمه الله  “..مرّ رجل على امرأة فى السوق، وقد فرشت أمامها فرشة عليها سمسم مقشور، فمر كلب فلعق فى السمسم، فانزعجت المرأة وكتمت فى نفسها، حتى جاءها شارٍ يعرض بضاعته من السمسم غير المقشور، فعرضت عليه أن يشترى سمسمها المقشور، بسمسمه غير المقشور، كيلا بكيل، وبعد دهشة لم تطل، فرح الرجل بالصفقة وأتمها بسرعة وانصرف”

وكان المشاهد المارّ قد شاهد كل ما جرى، فقال قولته الشهيرة “..لأمر ما باعت المرأة سمسما مقشورا بسمسم غير مقشور، كيلا بكيل”، فصارت مثلا .

 انتهى حديث والدى، ومازلت فى انتظار حديث رئيس الوزراء، والمركز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *