الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الوفد / فياجرا للتخدير السياسى!!

فياجرا للتخدير السياسى!!

الوفد: 6/6/2002

فياجرا  للتخدير السياسى!!

حين كتبت هنا من بضعة أشهر (17 يناير 2002) عن “المخدرات السياسية المضروبة” أنهيت المقال بتساؤل يقول: ” كيف لم تتبين الحكومة ما ينتبه إليه أى مدمن حين يكتشف أن المخدر الذى يتعاطاه لم يعد له نفس المفعول السابق؟….وأيضا: “…كيف لم تنتبه الحكومة من احتمال أن يواجهها  الناس بأن مخدراتها أصبحت مضروبة ؟”

وحين تابعت  هذا “الفرض” بعد ذلك فى كافة مجالات الأداء الحكومى، وجدت أن المسألة لا تقتصر على البيانات والوعود المستحيلة، بل إن اللغة البياناتية والتصريحات المؤتمراتية أصبحت خالية من المعنى أصلا.

إن التصريحات المتعلقة بالحالة الاقتصادية، والمعونات القادمة، والقروض اللازمة، والدول المانحة، ليست مخدرات فقط، بل إنها أصبحت غير قابلة للتعاطى أصلا.  إن الحلول التى تقفز بين الحين والحين للتسكين والتأجيل هى حلول هزيلة مضحكة من البداية. إنها تحاول أن تصلح المائل بِسنْدِه بدعامات عمرها الافتراضى قصير، وطبيعة مفعولها مؤقت، تماما مثلما يـُـصلح الأطباء (أوالهواة، والعجزة، دون حاجة إلى طبيب) القصور الجنسى عند الرجال بضخ الدم قسرا فى عضو عجز عن أن يقوم بمهمته الأساسية،  دون أن نعتنى ببحث معنى العجز ودلالته.

ضخ الدم وضخ المعونات

العلاقة الجنسية هى لغة إنسانية رائعة، هى ليست قهرا مفروضا لتزجية الوقت. أو لإثبات الذات،  كما أنها لم تعد مجرد آلية لحفظ النوع بالتناسل، ودمتم، إنها فى شكلها البشرى الإرادى المختار تمثل لغة أرقى وأكثر حميمية للتواصل بالتكامل، وليست مجرد إفراغ  توتر، أو رشوة لاستمرار علاقة متعثرة. من هنا وجب تناول ما يطرأ عليها من صعوبات بشكل جاد فى محاولة فهم  ما يحول دون أن تقوم بوظيفتها بكفاءة مناسبة.

حين ظهرت أقراص الفياجرا للمساعدة فى هذا الشأن فرِح الرجال (فالنساء) فرحا شديدا باعتبارها الحل السهل الذى يمكن أن يحفظ ماء وجوه الرجال بإرضاء النساء. هذا أمر وارد لا اعتراض عليه فى حالة واحدة:  حالة ما إذا ما كان مفعول هذا العقار يساعد على تخطى عقبة عضوية فعلا، أو أنه يعيد الثقة لهزة مؤقتة أصابت الرجل فى ظرف طارئ.  أما أن تكون الفياجرا هى وسيلة التواصل الإنسانى المفتعل، فهذا هو الخداع الذى يقلب العلاقة  البشرية الحميمة إلى ميْكنة قهرية مغتربة، لا يصح أن تصبح هى الوسيلة الأساسية الدائمة ، بديلا عن العلاقات الأرقى والأصدق.

 إن الوظيفة الجنسية  – فى شكلها الصحى الجميل- هى لغة تواصل وإبداع وليست مجرد أداة تناسل أو لعبة تلذذ عابر أو خفض للتوتر. إن الطبيب (أو المتعـسِّر) حين يختزل الأمر إلى الاكتفاء بضخ الدم فى عضو لم نحسن الاستماع إلى معنى إضرابه عن العمل، إنما يختزل الوجود البشرى إلى ما دونه، ليصبح الرجل مجرد”أداة” للذّة منفصلة عن وجوده وعن شريكته.

استسهال

إن  نجاح عقار الفياجرا يتم حين يؤدى تعاطيه المحدود  إلى تخطى عقبة جزئية مؤقتة. ومع ذلك فإن ما نشر عن انتشاره عندنا بشكل غير مشروع يدل على أننا نتمادى في استسهال الحلول حتى فى الجنس. جاء  فى الأهرام (السبت أول يونيو 2002) ” أن رجال الجمارك قد أحبطوا  محاولة تهريب  765 ألف قرص فياجرا بقيمة تعادل 19 مليون جنيه خلال العامين الماضيين، والمعروف فى مصر  أن المضبوطات -حتى بالنسبة للمخدرات – إنما تمثل حوالى عشرة بالمائة فقط من حجم تسرب أى ممنوع. إن مثل هذه الأرقام تمثل إشارات أكثر دلالة عن الحالة الجنسية للرجال، وأيضا عن نوع الأداء، وهى قد تكون أكثر دلالة من الأرقام التى تنشرها الحكومة عن الحالة الاقتصادية للبلاد.

 ثم يبدو أن الحكومة – بسماحها مؤخرا بتداول هذا العقار فتصنيعه- قد أقرت حق الناس فى العبور الجنسى المشروع، قبل أن تقر حقهم فى العبور الاقتصادى أو السياسى .

قياس بالسياسة والاقتصاد؟

حين خطر لى وأنا أتابع تشريع الفياجرا بالتصنيع والتسويق قياسٌ يفسّر حالتنا الاقتصادية المتعثرة وعلاجنا لها بالضخ المؤقت (القروض، والمنح، والمعونات) بنفس تفسير عمل الفياجرا شككت فى الأمر. إلا أنه تدعَّم  أثناء قراءتى  فى الأهرام العربى (السبت أول يونيو 2002) فى “تحقيق عن ‘باكستان والهند- على حافة المواجهة النووية”. حيث ورد ما يلى:”..ويجزم “كوفى أنان” أن باكستان لن تخرج بمكاسب من تلك اللعبة التصعيدية (للحرب)، خاصة أن مشرّف حصل لبلاده على أكثر مما تستحق …. فقدانهالت بلايين الدولارات وضخت أموالا ضخمة جدا فى شرايين الاقتصاد الباكستانى” (وذلك فى مقابل فتح القواعد والمطارات والأراضى الباكستانية أمام القوات الأمريكية لضرب أفغانستان). نلاحظ هنا تعبير”.. ضخت أموالا ضخمة فى شرايين الاقتصاد،  وهى نفس اللغة التى يستعلمها الأطباء والعلماء فى تفسير عمل الفياجرا.

ثم إننا لو راجعنا اللغة التى تُستعمل أيضا فى تناول المسألة الفلسطينية حتى بعد كل هذه التضحيات والضحايا، لوجدنا أن تركيز الإدارة الأمريكية يجرى على نفس المستوى: إصلاح الدمار في وسائل الخدمات وزعم رفع المعاناة عن أفراد الشعب الجوعى المشردين بعد هدم بيوتهم وتجريف زراعاتهم. وذلك بضخ أو التلويح بضخ بعض الأموال والوعود والخدمات دون النظر فى إزالة الأسباب التى أدّت وسوف تؤدى  إلى ذلك الدمار ومثله وأكثر منه مستقبلا ودائما، ودون محاولة فهم معنى هذا الخراب، ولا استشراف ما  سينتهي إليه الحال بعد توقف الضخ أو فساد مفعوله.

تطبيقات أقرب

 نشرت  صحيفة  الوفد فى صفحتها  الأولى عدد السبت 1 يونيو 2002 عنوانا رئيسىا يقول:”..الحكومة ترفض الضغوط الدولية وشروط الدول المانحة”. لم أصدّق العنوان رغم فرحتى بمصداقية المعارضة المسئولة، وقد عرفت سبب شكوكى حين وصلت إلى نهاية تفاصيل الخبر الذى ذكر أن الوزيرة فايزة أبو النجا وزيرة الدولة للشئون الخارجية “أكدت  أن الحكومة  لا تحتاج إلى معونات عاجلة”، ذلك أننى تذكرت تصريحاتها المماثلة عقب مؤتمرالدول المانحة فى شرم الشيخ ، ففى  أهرام الجمعة 15 / 2 / 2002 ورد ما يلى : “… شددت الوزيرة فايزة أبو النجا فى معرض تقييم أعمال مؤتمر شرم الشيخ على أنه لم يكن مؤتمرا لإنقاذ الاقتصاد المصرى ولكنه كان مؤتمرا دوريا يعقده البنك الدولى بصفة منتظمة كل عامين أو ثلاثة..” كما نفت الوزيرة….وجود أى شروط بالنسبة لهذه المنح والقروض”

أذكرأننى ابتسمت وأنا أقرأ هذا التصريح، ابتسمت وأنا أكرر بينى وبين نفسى متعجبا:”كذا؟ لا توجد أى شروط ؟!أى شروط ؟! ابتسمت غيظا، كاتما مشاعر وتعليقات أخرى (كنت ما زلت قادرا على الابتسام العابر، ومحاولة أن أبدو متحضرا)

التأويل الشعبى للتصريحات

أشرتُ فى المقال السابق (ديقراطية : كى.جى. تو)  إلى عجزنا عن قراءة لغة السياسة وأرقام استطلاع الرأى فىما يتعلّق بشأننا الديمقراطى، ثم انتبهت الآن إلى تفوقنا المصرى الخاص ونحن نحسن قراءة وترجمة وتأويل التصريحات الاقتصادية.  يبدو أن العجز فى حالة قراءة التصريحات هذه  ليس فينا، ولكنه فى   قصور لغة الجاهزين بالتصريحات عقب كل مؤتمر أو اجتماع أو استجواب أو فى مؤتمر صحفى.  إن عجز المسئولين عن استعمال الكلام “ذى المعنى” المحدد هو أكثر من مجرد قصور عن التعبير. إنه يتصف بالعبثية والتدوير اللفظى الأجوف.  إن استعمال مثل هذه اللغة فى الاقتصاد هو جريمة كبرى، إنها لغة  لا تصلح لمخاطبة الشخص العادى ناهيك عن أصحاب رؤوس الأموال الذىن  تهرب أموالهم قبلهم  إلى حيث الكلام له معنى، والتصريحات لها من ينفذها فعلا وفورا ودائما.

إلا الاقتصاد

كله كوم، والحالة الاقتصادية المتفاقمة كوم. إن الساسة يمكن أن يتلاعبوا بالألفاظ ويترّجحون بين الاستراتيجية والتكتيك، وبين النوايا والتطبيق على موائد المفاوضات السياسية. لكن الأمر فى الاقتصاد يختلف. حتى الهزيمة فى الحرب يمكن أن يصلحها  نصر تال فى معركة ظروفها أفضل. أما الاقتصاد فاللعب فيه، والعبث به، والاستهتار بالكلام حوله، يؤدى كل ذلك  إلى أخطار تحتاج إلى عقود لإزالتها إن أمكن.

ثم إن التخاذل فى المواجهة الحاسمة لمشاكل  الاقتصاد، أو العجز عن ذلك،  له أثره المباشر على أصحاب المصلحة من الملايين الكادحة، والتى أصبحت عاجزة حتى عن الكدح بسبب البطالة. إن الناس حين يجوعون أو يتعرون، أو يضطرون إلى بيع كرامتهم وأحيانا أعراضهم فى الداخل والخارج لا يحتاجون إلى تصريح أو ينتظرون توصيات مؤتمر. إن الأرقام  الملتبِسة والكاذبة قد تصلح لتبادل التهانى حول موائد الاجتماعات أو بعد انعقاد مجلس الوزراء أو مع إلقاء بيان الحكومة، لكن الوعى الشعبى يقابلها متألّما وهو يردد أن “اللى بِيْعِـدّ غير اللى بينضرب” 0( هذا المثل يشير إلى أن الجلاد الذى يخطئ- بالزيادة –  فى عدّ الجلدات التى  يجلدها للمحكوم عليه بالجلد، لا يهمه هذا الخطأ، لكن الذى تقع على ظهره الجلدات هو الذى يدفع ثمن هذا الخطأ.

إن جلد  الناس بالتدهور الاقتصادي هو  أخطر من جلدهم جزاء على ذنبٍ اقترفوه. فى الحالة الأخيرة هم يُجلدون عقابا على إثم ارتكبوه،  أما الجلْـد الاقتصادى فهو عقاب للمجنى عليهم  على فساد وأخطاء الجانى من الكبار الذىن يواصلون الجلْـد والعـدّ  في نفس الوقت.

عبثية المسئولين وجدية العامة

إن عامة الناس يجيدون قراءة  تصريحات المسئولين ويعلقون عليها بشكل ساخر أولا بأول. بل إنه يمكن القول بأن تصريحات بعض المسئولين وأرقامهم ووعودهم تبدو أكثر مدعاة للفكاهة من الرسوم الكاريكاتيرية المنشورة استلهاما من تصريحاتهم، بل ومن النكت السياسية غير المنشورة.

فى  العدد الأخير من أخبار اليوم (السبت 1 يونيو) نقرأ تعليقا شعبيا أصيلا فى الصورة العبقرية لفلاح كفر الهنادوة فى الصفحة الأولى  . يعرض الرسم  اقتراحا- ضمنىا ـ هو أن تفتعل  الحكومة أولياء لله، لهم صناديق نذور تعينها فى أزمتها الاقتصادية، على أن  تقوم بالتسويق  لكراماتهم عبر “النايل سات” (هذه من عندى) كما تسمح باستشارتهم من طالبى الحاجة والبركة من خلال المحمول، والدقيقة بتسعة جنيه.  هذا الرسم هو تعقيب شعبى يبدو فكاهيا مع أنه فى منتهى الجدية والمسئولية،  إنه تعليق على محاولة  تحسين الأداء الاقتصادى بضخ ما فى صناديق النذور فى خزانة الدولة !!

نقرأ فى مقابل ذلك (كما ألمحتُ حالا)  كثيرا من التصرحيات الرسمية (الاقتصادية) وكأننا نقرأ فكاهة عبثية ارتجالية. بمراجعة سريعة لبعض التصريحات التى أدلى بها المسئولون عقب مؤتمر الدول المانحة فى شرم الشيخ، يمكن إثبات ما ذهبتُ إليه من أن عبثية تفريغ اللغة من مضمونها فى تصريحات المسئولين،  هى أدعى للسخرية من الفكاهة التى نطلقها عليهم.

فى أهرام الجمعة 15 فبراير2002 ورد ما يلى:

أولا : ” أكد الدكتور عاطف عبيد..أن اجتماع الدول والجهات المانحة الذى عقد الأسبوع الماضى بمدينة شرم الشيخ فيه تقدير لمكانة مصر السياسية فى المنطقة….إن عقد الاجتماع فى شرم الشيخ أعطى انطباعا وتأكيدا بأن العالم يشعر بالرضا إزاء جدية وصدق الجهود التى تبذل لاستخدام الأموال سواء كانت مملوكة للدولة أو تأتى من جانب الدول الأخرى…”

التعليق الشعبى:  شكر الله سعيكم. رِضَا الدول المانحة ، من رضا أولى الأمر، وربّنا يولّى من يصلح !!

الاستنتاج: يبدو أن شعور العالَم بالرِّضا، يُـلزم  المواطن المصرى الكريم أن يحذو حذو العالم حتى يصبح عولميا لأنه لا يكفى لتكون عولميا أن تسمع كلام السادة المانحين، وتضرب لهم تعظيم سلام، وتكرمهم فى شرم الشيخ، ولكن لا بد أن تبرمج شعورك لتشعر مثلما يشعرون تماما. فإن لم تفعل فأنت متخلف، وربما تكون إرهابيا، وفى أحسن الأحول أنت  البعيد حقود.

ثانيا:(نفس التصريح) : ..أوضح سيادة الدكتور عبيد (بعد شكر المؤتمرين على ما أسدوه من نصائح): “..أن أولويات استخدام المعونات المقدمة ستكون للتحديث وجعل مؤسساتنا التى تنتج السلع والخدمات فى مجالات الزراعة والصناعة والبترول والسياحة على قدم المساواة من حيث كفاءة المؤسسات التى تتنافس معها فى السوق العالمية.

التعليق الشعبى: يا صلاة النبى! يبدو أننا لم نكن آخذين بالنا قبلها، فكنا نصنّع “أى كلام”، وكان لزاما أن يعقد مؤتمر شرم الشيخ لننتبه. حاضر، أنتم عليك النصائح والحديث، ونحن علينا التحديث.الله يسامحكم!

تساؤل: هل توجد بلد فى الصين اسمها شرم “الشيخ ماو” تعقد فيها مؤتمرات بها نصائح وتصريحات هى سر عملقتها الاقتصادية المتنامية؟

ثالثا: (نفس التصريح والمصرِّحْ) “ثلاث نقاط يمكن من خلالها رؤية نتائج هذه الدفعة من جانب الدول المانحة وهى : توفير خدمات لم تكن متوافرة وإتاحة المزيد من فرص العمل من خلال توسيع دائرة النشاط الاقتصادى وزيادة الدخل الشخصى للفرد.

التعليق الشعبى : والنبى دمّك خفيف، يجعله عامر.

رابعا: (نفس التصريح)  : “…. دور مصر كبير جدا فى إقرار السلام فى منطقة الشرق الأوسط، …. إن مؤتمر شرم الشيخ للدول المانحة … أقرَّ لمصر مساعدات تتجاوز عشرة مليارات دولار منها 1.9 بليون دولار من الولايات المتحدة ..إلخ “

التعليق الشعبى : إظهر وبان عليك الأمان !!!.

نرجع مرجوعنا إلى الفياجرا

إن أى اقتصادى فاهم لا يرفض الاقتراض، ولا يعارض ضخ الأموال لتحريك السكون والكساد، لكن على شرط أن يكون ذلك حلا مؤقتا للعودة إلى الأداء الاقتصادي الطبيعى. تماما مثل حسن استعمال الفياجرا لضخ الدماء بعض الوقت لاستعادة الثقة أو عبورأزمة طارئة، أما أن يكون هذا هو الحل الدائم فهذا تنازل عن إيجابية الحياة، وتجاهل وإنكار لحقيقة ومعنى الفشل فى الجنس والاقتصاد على حد سواء.  ومن ثـَـمَّ  التوقف عن تصحيح الخطأ الأساسى.

ظاهر الحال المعلَن أن الدول المانحة الناصحة إنما  تعطى مِنَحها لمن يستأهل ثقة المانحين، بأمارة أن اقتصاد”الممنوح” (ولا مؤاخذة)  يسير حسب التعليمات، وخطواته حسب التوجيهات، ومعتقدات ناسه حسب التوصيات، هذا بالإضافة إلى الشروط الخفية التى تربط المنح  بالموقف السياسى، والدرجات التي حصل عليها الممنوح فى مادة  “حُسن السير والسلام” (وبالذات فى مسائل سَمَعَان الكلام، وقلّة الإرهاب).  كل هذا يمكن أن يعلن مباشرة أو يوضع  تحت أسماء حركية مثل درجات مادة “حقوق الإنسان الأوربى “أو مادة” الأداء الديمقراطى الأمريكى” (كلمتا”الأمريكى”و”الأوربى” مكتوبتان بالحبر السرى). أما واقع الحال فهو الحل بالضخ الميكنى للمتلقّى السلبى دون علاقة تكاملية، ولا أمل فى انطلاقة ذاتية تدل على يقظة الرغبة وكفاءة القدرة. تماما مثلما تفعل الفياجرا.

حتى على المستوى المحلّى نحن نلجأ إلى الحل “الفياجري” حين نعالج أزمة السيولة بإقراض الموظفين لحثهم على الشراء”الآن” على حساب نقص مرتباتهم فى المدى الطويل (بخصم الأقساط).  وأيضا تقوم الحكومة بضخ الدولارات فى السوق كلما نشأت أزمة تنشط السوق السوداء بعض الوقت!! وهكذا ..وهكذا.

والحــــــل  ؟

إن الحل الحقيقى هو أن نستعمل الضخ  الإسعافى (فى الاقتصاد مثلما فى الجنس) للضرورة القصوى فقط، وذلك حتى نتمكن من  التقاط  أنفاسنا لنتدارس معنى العنّة الاقتصادية (أو الجنسية) المتزايدة. ثم نتحمّل مسئوليتنا.

لا بد أن نتساءل ابتداء : لماذا توقفت آلة الإنتاج وأصيب الإبداع بالشلل؟ لا تستسهلوا وتقولوا “قلة الديمقراطية” فالصين ليست ديمقراطية.

إنها قلة عقل، وقلة دين، وقلة عمل، وربما قلة أدب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *