الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الوفد / تسرّبُ عظة الموت…وحدود المسئولية

تسرّبُ عظة الموت…وحدود المسئولية

الوفد: 14/3/2002

تسرّبُ عظة الموت…وحدود المسئولية

الإشكال الحقيقى أمام الناس الآن، وربما أيضا أمام الحكومة (لمَ لا ؟) هو أننا لا نعرف أين وكيف وما حجم الكارثة القادمة، مع أننا على يقين – ما دام الأمر كذلك – أنها قادمة: مرة، فمرّة، فمرّات كثيرة. إن الواجب الأول على الناس، مثلما هو على الحكومة هو أن ننتقل من التركيز على البحث عن تفاصيل حادثٍ ليس عابرا، أو على عقاب مسئول ليس إلا نتاج النظام الذى أدّى به إلى ذلك، إلى البحث عما يمكن عمله، ليس فقط لتجنّب مثل هذا الحادث ومثله، ولكن لتجنّب ما هو أخطر وأبشع.

أنهيتُ مقالى السابق بتوصيات ثلاث تحت عنوان “الوقاية الموضوعية”، لكن ظروفا صحفية حالت دون أن تظهر هذه الفقرة فى نهاية المقال، مع أننى لم أكتب المقال إلا لأنتهى بها. ذلك أننى كنت قد انتبهتُ إلى أنه لم تعد توجد أى جدوى من تكرار تعداد أخطاء حكامنا الأفاضل، خاصة بعد أن أصبحت الأخطاء أكثر من أن تُعد، كما لم تعد هناك جدوى من الجهد المبذول لكشف المستور، إذْ يبدو أن كثيرا من المسئولين لم يعودوا يستحون أن يقولوا ما شاؤوا. كيف شاؤوا، أينما شاؤو، ثم يتراجعون عمّا قالوه بنفس الثقة الواثقة، والنبرة المؤكدة، ويقولون عكسه.

لكل هذا أتصوّر أن على من يهمه أمر هذا البلد ألا يكتفى بتعداد الأخطاء ورصد الكوارث، عليه أن يتقدّم بأى اقتراح، أو رأى، أو رؤية، أو شطح، ربما يُسهم بعض ذلك فى سدّ بعض ثـقوب المركب التى على وشك الغرق فعلا. إن بلدنا لا ينقصها أصحاب الرأى والفكر، إن كثيرا مما يكتب ويقال، قابل للتطبيق، لكن الجهة المنوطـة بوضع أى رأى موضع التطبيق. وهى السلطة المسئولة عن تسيير حياتنا، لا يهمها إلا ما يهمها، وهو البقاء ورضى الأعلى. هى لا تسمع إلا نفسها. لماذا هكذا؟

أتعجّب كثيرا وأنا أتقمص مسئولا وهو يلقى بصحيفة، قومية أو معارضة أو مستقلة، فى سلة المهملات، بعد أن يتصفحها، رغم أنها تحوى رأيا جديدا محددا قد يفيده فى صميم ما يحتاجه من مشورة، أو ما يناط به من مهام.

المهم، أنهيت مقالى السابق بتصورٍ متواضع يشير إلى الخطوط العريضة التى يمكن البحث عن وسائل لتحقيقها، إن كنا جادين فعلا فى تصحيح المسار. قلت تحت عنوان “الوقاية الموضوعية”، مما لم تتح له فرصة النشر:

“إن الذى يمنع مثل هذه الحوادث، من أول الكوارث الجسيمة السرطانية الجماعية (هزيمة 67)، حتى ما هو مثل كارثة قطار موت الفقراء المعيِّدين على الجانب الآخر، هو أحد أمور ثلاثة : إما دولة عصرية قوية، وإما حس حضارى عام، وإما وعى دينى يهدى ويردع. ثم أضفتٌ : بل كل ذلك. وشرحتُ بإيجاز كلا من هذه المحاور الثلاثة، ثم جاءت ظروف كتابة المقال الحالى بمثابة فرصة للتفصيل والتوضيح كما يلى:

أولا : الدولة العصرية : لكى تكون الدولة عصرية، ينبغى أن تكون دولة محكمة القوانين، حاضرة الهيبة، معلنة الأداء، راسخة العدل، مفتوحة الصدر، تقول ما تفعل، وتفعل ما تقول. دولة تطبق القانون على كل الناس سواسية، من قانون المرور حتى قانون التجنيد، يخاف فيها عامل الصيانة من المحاسبة والمراقبة والجزاء، بنفس القدر الذى يعمل الوزير المختص حسابا لكل ما هو ضمن مسئوليته، من أول أداء أصغر عامل نظافة، حتى قرارات أقدم نائب له. هذا الحضور المنظم المعلَـن المحاسِبُ المحاسَب، هو الذى يؤمّن الناس ويحمى أرواحهم.

فأين دولتنا السنية من كل هذا؟ نحن لا نعرف أى شىء عن أى شىء، نحن لا نعرف كيف يعيّن الوزراء، وكيف يذهبون، بل إننا لا نعرف كيف يرشّح المرشّحون المفروض أن ينتخبهم الشعب، ولماذا يُستبعد الآخرون (حتى من الحزب الوطن)، لكننا نعرف جدا كيف ينجح الناجحون (ولا مؤاخذة) فى الانتخابات، وكيف يجمعون الثروات.

ثانيا : الحس الحضارى: يمكن – أيضا – أن تمتنع مثل هذه الحوادث حين يشارك معظم الناس فى وعى عام يواكب العصر، من حيث وجود قيم راقية مسئولة مشاركة داخل كل أو معظم أفراد شعب ما، الحاكم منهم والمحكوم، تبدو مسألة القيم الحضارية هذه مسألة غامضة على العامة نوعا ما. الناس تتصوّر أن القيم الحضارية تقاس بالتطاول فى البنيان، أو بأعمال الفن الخالدة، أو إنجازات التكنولوجيا العملاقة. أقر أن كل ذلك دليل على شكل حضارى ما، لكن كل هذه الإنجازات هى إما أدوات الحضارة أو نتاجها. لكنّّها ليست هى هى الحضارة.

 إن الحضارة بالأساس تتمثل فى نوع راق من الوجود البشرى، نوع يظهر فى التصرفات الصغيرة من تفاصيل السلوك الفردى والجماعى، نوع يفرض نفسه داخل البيوت، بين المرء ونفسه، كما يظهر أمام الناس فى الشارع والقطار، والمدرسة، ودور السينما. إنه يتجلى فى أمور بالغة الصغر، عميقة الأثر، أمور تدل فى جوهرها على أن من يقوم بها يدرك، ويحب، ويقدر، حقيقة أنه “فرد فى مجموعة من البشر” يشتركون فى التعمير والتجميل (من الجمَال)، فرد فى مجتمع يشعر فيه الواحد أن مَن حوله من بشر هم لازمون لوجوده رغم اختلافه عنهم، كما أنه لازم لتكاملهم، يشعر أن لهم حقوقا عليه، مثلما له حقوق عليهم، وأنهم يشغلون باله حتى فى غيابهم، كما أنهم ينشغلون به.

 يمكن أن تقيس القيم الحضارية لشعب ما بأبسط المقاييس التى تبدو بعيدة كل البعد عن كلمة “حضارة”. مثلا: بحالة نظافة دورات المياه فى الأماكن العامة، أو باحترام وقت استذكار طالب شاب قبيل امتحانه بألا تزعجه حتى بقراءة القرآن الكريم فى مكبر قبيل الفجر دون مناسبة، أو بشهامة مجموعة من ربات البيوت تقمن بعمل “جمعية” تقبضها إحداهن “الأول” لأنها مهمومة بتجهيز ابنتها للزفاف، أو بمدى تذوق الغالبية لمسرح بديع أو أغنية طروب. أو بحقيقة فرص التعبير عن الرفض الذى يقابل به الناس تفاهة تصريح مسئول، أو قبح أغنية متحشرجة.

 لو أن هذا السلوك الدال على الحس الحضارى تغلغل فى وجداننا ووعينا، لما ألقى أحد بعقب سيجارة مشتعل، ولما اعتمد مقاول على “برَكَة الخرسانة” التى “سرها باتع”. ولما كان هَمّ بعض الوزراء هو إرضاء أعضاء مجلس الشعب على حساب الشعب. ولما احترق قطار الصعيد.

 هذا الحس الحضارى لايتحقق بخطبة زعيم أو من خلال تعليمات واعظ، إنه نتاج تراكم نهضة تربوية إبداعية طويلة الأجل. إن تلقائية الناس وحدها، أو حسن نواياهم، لا تكفى لتنمية هذا الحس دون مسئولية السلطة. سلوك الدولة وبرامجها ضرورة لتحقيق مثل هذه الحال.

 إن مجرد الإنجاز المادى للدولة لا يدل على مدى موقعها الحضارى، لا يمكن لمنصف أن ينكر إنجازات الصرف الصحى، والتليفونات، والطرق والجسور التى قامت بها حكوماتنا المتعاقبة، لكن هذه الإنجازات لم تكن أبدا موازية لنمو انتماء أغلب الناس للوطن، أو لدرجة الارتقاء بأخلاق الأطفال والشباب، أو لتزايد رقة وعمق حس الأداء والتلقى الفنى.

ثالثا: يتحقق الوعى الدينى الذى يمكن أن يساهم فى منع هذه الحوادث حين نعيد للأذهان معان أخرى للإيمان والتدين غير توظيف الدين فى الهروب والتأجيل، أو فى مجرد الترهيب والترغيب، ناهيك عن توظيف الدين أيضا للقتل والتكفير. إن الدين الصحيح لا يمكن أن يقتصر على علاقة سرية بين العبد وربه، ولا على طاعة فقهية تلزم بأداء ما يقوله الفقهاء حرفيا دون نبض أو عمق أو تعمير أو إبداع. إن للأداء الدينى/الإيمانى السليم دور حضارى (وأحيانا ثورى) لا يمكن إنكاره، ناهيك عن الاستغناء عنه،خصوصا فى مصر التى بنيت حضارتها وإنجازاتها على تاريخ رائع من التدين والتوحيد والحوار حولهما.

 المفروض أن من أهم وظائف الإيمان السليم أن يبنى منظومة إيجابية داخل وعى المؤمن، تتجلى فى سلوكه اليومى بشكل يعمر الأرض ويرتقى بالإنسان، ويمنع الضرر والضرار. إن مثل هذا الوعى المحورى جدير بأن يحقق التعمير والإبداع، بالناس وللناس، امتدادا- مفتوح النهاية- لوجه الحق سبحانه وتعالى. هكذا تلتقى قيم الإيمان بقيم الحضارة، فتمتنع الحوادث ويأمن الناس، اللهم إلا إذا حال دون ذلك نظام حكم وتربية نـشاز عن هذا وذاك، (هل نظامنا – لا قدر الله – هو كذلك ؟

طول عمر الوعى الشعبى المصرى يربط القيم الدينية الإيجابية، بقيم الحياة الأرقى والأبقى فيما يتعلّق بما هو جمال، وإبداع، وإتقان، وتراحم. هذه بديهية لا تحتاج إلى إثبات، يكفى أن نتصور الفرق بين عامل يصون أسلاك كهرباء قطار سكة حديد وهو يردد دون رقيب أنه “من أخذ الأجرة حاسبه الله على العمل”، وعامل آخر كل همّه أن يوقع رئيسه باستلام ما انتهى منه “أى كلام”، كل شىء كان (كلّشينكان”)، يستلمه الرئيس أو الملاحظ وهو يحتسى القهوة فى مكتبه وليس فى موقع الاستلام. إن العامل الذى نمَى وعيه الإيمانى لا يكتفى بتوقيع هذا الملاحِـظ بالاستلام، لأنه يعلم جيدا أن “.. الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره”، و أن “.. الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”. وأن أى إهمال يعرّض حياة نفس واحدة للخطر حتى الموت، هو قتل للناس جميعا. من قتل نفس بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا (قارن ذلك بمحاولة المسئولين لتخفيف من حجم الكارثة بتقليل عدد الضحايا)، مثل هذا النوع من التدين هو الذى يمنع مثل هذه الكوارث، وهو هو الذى يمنع الغش فى المدارس، وهو الذى يحول دون تزوير الانتخابات،(هذا إذا تديّن أولى الأمر به أيضا، يا ليت!!! )

هل يصدقنى أحد إذا قلت أنه قد قفز لوعىى أن حادث القطار هذا هو نتيجة مباشرة لتزوير الانتخابات، وعدم تنفيذ أحكام محكمة النقض!!! ؟؟

الاعتذار غير المقبول

كل شىء يصح فيه الاعتذار إلا الموت. لا أحد يقتل آخر ثم يقول له فى قبره “أنا آسف”!!! الاعتذار الذى يحل محل التعلّم وتغيير المسار هو جريمة أكبر من الجرم الأصلى. إنه يريح الجانى ويؤكد السلوك الخطر دون وعى. إنه قد يعفى المعتذر من أن يتعلم من خلال ألمه الواعى بجسامة فعلتة وحجم جريمته. لا عذر على إزهاق روح بشرية، ولا تعويض على إنهاء عشوائى لحياة إنسان لمجرد أن مسئولا كان مشغولا بغير مسئوليته. الاعتذار الحقيقى هو العمل على إزالة أسباب هلاك البشر، بالصدفة، أو بالإهمال أو بالقهر، أو بالاستغلال، أو بالانسحاب (1967)، لعل وقاية الناس من الهلاك العشوائى هو معنى الآية الكريمة التى يشير معناها إلى أن من أحيا نفسا، فكأنما أحيا الناس جميعا.

الوعى بالموت، ومدى المسئولية

 بعد هزيمة يونيو، ورغم التمسك اليائس بالزعيم المعترِف (المعتذِر ضمنا)، قامت مظاهرات الطلبة فى فبراير 1968 وهى تهتف؛ لا “صدقى” ولا “الغول”،عبد الناصر المسئول”، كان ذلك يعنى أن النظام هو الذى ينبغى أن يُساءَل دون التركيز على فرد أو أفراد ليسوا سوى ترس فى عجلة أكبر، بعضها فقط هو الظاهر فوق السطح. لا يوجد فرد واحد أو مجموعة أفراد يمكن أن يهزمَ إهمالُهم شعبا بأكمله، أو جيشا بكل فِرقه. ثم كان بيان30 مارس، ليسكت الطلبة والناس، ثم تقرطَسَ بيان 30 مارس (ثم 30 مايو، ثم30 يونيو، ثم 30 كل الشهور…)

يتردد عادة فى مثل هذه المواقف اتهام الصف الثانى أو ما يسمى بمراكز القوى، إشى عبد الحكيم عامر، وإشى شمس بدران، وإشى صلاح نصر، إلخ. وكأن مراكز القوى هذه كانت تعمل فى دولة أخرى، وكأن غفلة رئيس دولة عن المخربين والمسطولين من حوله ليست خطأ جسيما يحرمه من أحقيته فى إدارة مدرسة ابتدائية، وليس دولة ثورية.

ومع ذلك، فإن هذا الشعب الطيب العظيم اعتاد أن يغفر لكل مسئول أضرّه، أو حتى أذلّه، من أعلى سلطة إلى أقل عامل مهمل، ليس معنى ذلك أننا نفرط فى أرواحنا بالمجان، لكن علاقتنا بالحياة والموت هى علاقة أعرق وأطيب، لكنْ أن يستمرئ هذه الطيبة مسئول يكذب، أو عامل يهمل،أو موظف يرتشى، فهذا جرمٌ لا نغفره.

تشويه الوعى بالموت، وتصنيف الموتى

لم يعد للموت معنى عاما ولا ثابتا. لعب الإعلام الخبيث الأحدث بكل المعاني والقيم ليحقق أغراضه المتحيّزة المهددة للبشرية. حتى الموت، أصبح يصنّف حسب اللون، والجنس، والجنسية. إن أخطر ما خيب أملى فى من يزعمون الانتماء إلى حضارة حديثة قائدة (فى الغرب والشمال)، أنهم استجابوا لألعاب الإعلام فراحوا يتفرجون على إزهاق أرواح ضحايانا من الفلسطينيين بشكل لا يفرقهم عن متفرجى مصارعة العبيد للوحوش أمام صفوة الرومان. ثم تكرر المنظر فى أفغانستان، ومثله من قبل بالنسبة لأطفال العراق. فى هذه الأعوام القليلة الماضية لم يعد خافيا أن موتانا لم يعودوا يحركون الحس البشرى المفروض أنه حضارى. انقلبت المسألة إلى فرجة على موتانا من الأطفال، وعلى قتلانا من النساء والكهول، بل إنهم راحوا يلوموننا على موت أبنائنا وهم يعايرونا بأننا نتركهم يموتون، حتى نستدر بموتهم عطف العالم. صحيح أن موجة مراجعة بدأت تتزايد الآن عندهم وهم يتبينون الحق تدريجيا، ولكن الخوف ألا يكتمل وعيهم بالحقيقة إلا بعد أن يـُباد أصحاب الحق والأرض.

النسيان المشروع، والنسيان الخطر

إذا جاز للإنسان الفرد أن ينسى أو يتناسى موت عزير، فلا يجوز للمسئول والقائد والقاتل أن تـُتـَاحُ له ذلك. حين يموت قريب لنا أو عزيز علينا، يا حبذا لو كان صغير السن، نذهب للعزاء و نحن نتفكّر ونتذكر ونتصوّر أننا نتعظ وقد نقرر أن علينا أن نعيد النظر فى كل ما نأتى وما نذر، ما نملك وما نأمل، من نحب ومن نكره، ولكن ما إن ينتهى العزاء، وتمر الأيام، حتى يعود كل شىء “كما كان”،.

فى إفاقة سابقة، انتبهتُ كيف تتسرب عظة الموت من بؤرة الوعى مثلما ينساب الماء من بين الأصابع ونحن نحاول أن نقبض عليه، إن الحياة بإلحاحها وإغوائها تسحبنا بعيدا عن التركيز على حقيقة الحقائق هذه:”الوت”.

إن مقارنة بين حدة التفاعل للموت وبين مسار النسيان فالتبلد فالغواية بملهاة الحياة المغتربة، لا بد وأن تنبهنا أنه إن جاز لنا ذلك أفرادا، فهو غير جائز لمسئول تسبب فى موت عشرات الآلاف فى حرب لم تقم أصلا (67)، أو مسئول آخر تسبب فى إزهاق أرواح المئات بتواكل رخو، وبله عشوائى. ونظام حكم غير معروفة قواعده، أو مدى عمره.

أتساءل عن فائدة كل ما قيل حول هذا الحادث بالذات، وأكثره صواب، ومؤلم، ولا أجد جوابا، أعرف أننى كثير التساؤل أمام عظة المو،ت وكيف تتسرب بمرور الوقت.

[لماذا الوُلُوجُ ؟الخُروجُ ؟ الدُّوار؟ المَقالٌ؟ الكلامُ المعادُ؟

….ومن ذا يطوّقُ جِيدَ النمورِ الجياعِ بناقوسِ درء الخطر؟

….وأخْجَلُ أَنْ تستبينَ الأمورُ فُأُضْبَطُ فى حُضْنِها الغانية.

 ويرقُصُ رقّاصُها في عنادٍ، فتنبشُ لحْدَ الفقيدِ العزيزِ، تُسَرّب منه خيوطَ الكَفَنْ.

….. أخبِّئها فى قوافي المراثي لأُغْمِدَ سَيْفَ دُنُـوّ الأجَلْ.

فياليته ظلَّ طىَّ المحالِ، وياليتَها أخطأتها النبالُ،

 وياليتني أستطيبُ العَمَى.]

يا تُـرى كيف تستطيع حكومتنا السنية أن تستطيب العمى، بعد كل هذا التقصير حتى القتل؟

هل يمكن أن تنجح في أن تعمى نفسها، وأيديها ملوثة بدمآء كل هذ العدد من المجنى عليهم (لا الضحايا) ؟

هل يمكن أن تنجح فى أن تنسى بمزيد من التصريحات، والتوصيات، والبيانات، فـتنجح فيما ما عجز عنه فرد واحد تجاه موت عزيز واحد؟ كيف؟

 كيف تستطيب حكومتنا العمى عن حقيقة الجارى وعن آلام و جوع الناس، وقد عجزنا نحن أن نعمى عن حقيقة هذا النظام ومخاطر استمراره، وهو لا يريد أن يتعلم، أو يتراجع، أو يستيقط، حتى أمام دروس الموت الرهيب هذا؟

القضية هى قضية نظام كامل يسير بالقصور الذاتى، وهو مطمئن إلا أن أحدا لن يحاسبه فعلا، اللهم إلا إذا تنبه الرئيس وحده -وسط مشاغله فى الداخل والخارج،-إلى خطأ هنا أو تجاوز هناك، بعد مصيبة هنا أو كارثة هناك.

 فهل ننتظر المصائب والكوارث فى كل موقع،وأى موقع، ثم نبدأ فى العدو اللاهث لتنفيذ التوجيهات ؟

 وهل يستطيع فرد واحد مهما بلغ إعجاز قدراته، أن يلم بكل ما يجرى لدرجة حماية الأرواح والأموال، والكرامة، ومتابعة التفاصيل فى كل الاختصاصات، فى كل المواقع؟

ثم بفرض إمكان هذا- لست أدرى كيف- إلى متى يمكن أن يستمر ذلك؟

تحذير

إذا جاز، لأهل السلطة أن يستهينوا بمثل هذا الكلام، وما هو أحسن منه مائة مرّة مما يكتبه غيرى، إذا جاز ذلك، قبل 11 سبتمبر وما تلاه،، فهذا غير جائز حتما بعد هذا التاريخ وما ترتب عليه من أحداث : مما يحدث فى فلسطين، وأفغانستان، وما ينتظر حدوثه فى العراق ومصر وسائر الدنيا. كلٌّ فى دوره.

هذا إنذار نهائى.  لست أدرى كيف!!!

[أسمع من يُنبـّهنى وهو يقرص أذنى أنه :أهو كلام!!!!

أتلفّت حولى، فلا أرى أحدا!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *