الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الدستور المصرية / الفاتحة للعسكرى، قلع الطربوش وعمل ولى !!

الفاتحة للعسكرى، قلع الطربوش وعمل ولى !!

الدستور

2-9-2009

تعتعة الدستور

الفاتحة للعسكرى، قلع الطربوش وعمل ولى !!

..صاحبت هذا الرجل من 16 نوفمبر 1994 وحتى قرب رحيله الجسدى،

 بمناسبة ذكرى رحيله،30 /8/ 2006، رجعت إلى أوراقى فوجدت أننى سجلت بعض ما دار بيننا من ‏11 / 12/ 1994 – ‏حتى‏: 17 / 8 /1995‏ ثمانية أشهر فقط لا غير،. لماذا توقفت؟؟!!، أنا آسف، وفيما يلى بعض ما كتبت حرفيا (تقريبا) :

2/1/1995

“…….ما زال نجيب محفوظ يعلمنى– بلا فائدة – مناقب الديمقراطية، مهما كانت نقائصها، وعيوبها، ومازال أغلب المحيطين به يوافقونه، لكنهم يضعون شروطهم التى تلغيها تماما، وأنا لا أتعلم، وأحلم، وأتصور أن البشر بما وصلوا إليه من تقنيات ومعارف أقدر على ابتداع نظام آخر يحقق المشاركة الفعلية غير هذا التسطيح المغرض الذى يجمع قشور مواقف الناس من فوق سطح الوعى الظاهر، لمجرد أنهم ليس أمامهم بديل إلا الاستسلام لفرد متسلط.

رحت أحكى للأستاذ عن ما آلت إليه حال الناس مما يبدو كأنه المحافظة على القيم الدينية، دون التزام بالقيم الحقيقة، فرد قائلا: “ألا‏ ‏يعني‏ ‏هذا‏ ‏أنهم قد كسبوا ‏العقل‏ ‏المصرى‏ ‏والسلوك‏ ‏المصري‏ ‏دون‏ ‏قانون‏ ‏مباشر‏ ‏يمنع‏ ‏ويغرّم‏، ‏كنت‏ ‏ترى‏ ‏قديما‏ ‏الشرب‏ ‏في‏ ‏الشوارع‏‏، ‏والصخب‏ ‏في أى مكان‏‏، ‏والآن‏ ‏لا‏ ‏يجرؤ‏ ‏أحد‏ ‏أن‏ ‏يعملها‏، ‏ليس‏ ‏معنى‏ ‏هذا‏ ‏مزيد‏ ‏من‏ ‏التقي‏ ‏والورع‏، ‏ولكن‏ ‏معناه‏ – ‏سياسيا‏ -‏ أنهم‏ ‏كسبوا‏ ‏الجولة‏ ‏فى هذه‏ ‏المرحلة”.

أقر وأعترف أن ما وصلنى ويصلنى من الأستاذ يحرجنى لسلامة منطقه وقوة حجته، فهمت منه أنه ‏لابد‏ ‏من‏ ‏احترام‏ ‏ما‏ ‏وصل‏ ‏إليه‏ ‏مجموع عامة‏ ‏الناس‏، ‏وأن الحال التى آلت إليه مرحلتنا، والذى يمكن أن نرصده من خلال ‏ ‏ما يمكن‏ ‏أن‏ ‏يسمي‏ ‏”المد‏ ‏الديني”‏، ‏هو إعلان عن توجه أغلب الناس إلى ما اختاروا أن يتوجهوا إليه، ومادام‏ ‏قد حدث‏ ‏ما‏ ‏حدث‏، ‏وأنه‏ ‏لا‏ ‏يوجد‏ ‏بديل‏ ‏واضح‏ ‏سوى‏ ‏بعض‏ ‏التكنوقراطيين‏ ‏والبيروقراطيين‏ ‏والعسكر‏، ‏فلابد‏ ‏من‏ ‏إعطاء‏ ‏الفرصة‏، أربع سنوات فأربع سنوات، ‏وما‏ ‏يكون‏ ‏يكون‏ ‏فنحن‏ ‏لا‏ ‏نستأهل‏ ‏إلا‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏نحن‏’، ‏

كان‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏ملخص‏ ‏رأي‏ ‏الأستاذ‏ ‏كما‏ ‏وصلني خلال الشهرين الأخيرين، لم أهمد، ورحت أعيد بتكرار سخيف: “‏فأنت ترى‏ ‏أن علينا أن نتحمل ‏أربع‏ ‏سنوات‏ حتى‏ ‏تتاح الفرصة لنغير ما لم يصلح، ليكن، لكن ‏هذه‏ ‏الأربع‏ ‏سنوات‏ ‏قد تمتد‏ ‏لتصل‏ ‏إلى‏ ‏أربعين‏ ‏أو‏ ‏أربعمائة‏، ‏فيهز‏ ‏رأسه‏ ‏بغير‏ ‏إصرار،‏ ‏ويقول: ” ‏كم‏ ‏سنة‏ ‏مرت‏ ‏الآن‏ ‏علي‏ ‏الجزائر‏ ‏منذ‏ ‏أن‏ ‏رفضوا‏ ‏رأى‏ ‏الناس‏، ‏وكم‏ ‏ضحية‏ ‏ذهبت‏ ‏من‏ ‏الجانبين‏، ‏لقد‏ ‏كتبت‏ ‏في‏ ‏”وجهة‏ ‏نظر”‏ ‏آنذاك‏ ‏أنهم‏ ‏لو‏ ‏كانوا‏ ‏تركوا‏ ‏الجزائر‏ ‏لجبهة‏ ‏الإنقاذ‏، ‏إذن‏ ‏لكنا‏ ‏احترمنا‏ ‏رأى‏ ‏الأغلبية‏، ثم ‏لأظهرت‏ ‏السنوات‏ ‏الخمس‏ التى تولوا فيها الحكم ‏مدى‏ ‏صلاحيتهم‏، ‏وربما‏ ‏كانوا‏ ‏قد‏ ‏فشلوا‏ ‏في‏ ‏الحصول‏ ‏علي‏ ‏الأصوات‏ ‏التي‏ ‏سلمتهم‏ ‏الأمر”، ‏وتعلو من أغلب الحضور أصوات المخاوف المعتادة، فيقول‏ ‏محمد‏، ‏إن‏ ‏أول‏ ‏شىء‏ ‏سوف‏ ‏يعملونه‏ ‏هم‏ ‏أنهم‏ ‏سيغيرون‏ ‏الدستور ليحولوا دون ‏أى‏ ‏احتمال‏ ‏لزوالهم‏، ‏لأنهم‏ ‏سيعتبرون‏ ‏زوالهم‏ ‏ليس‏ ‏زوال‏ ‏الأشخاص‏ ‏وإنما‏ ‏هو‏ ‏رفض‏ ‏الإسلام‏،‏ ‏إن‏ ‏المصيبة‏ ‏أن‏ ‏القانون‏ ‏الذي‏ ‏سيأتي‏ ‏بهم‏ ‏لن‏ ‏يبقي‏ ‏قائما‏ ‏ليزيلهم ‏، ‏فيقول‏ ‏الأستاذ‏ “‏ولو!‏، ‏إن‏ ‏التجربة كفيلة ‏أن‏ ‏تعلمهم‏ ‏وتعلمنا‏ ‏أن‏ ‏أحدا‏ ‏لا‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يقف‏ ‏في‏ ‏وجه‏ ‏التطور‏ ‏أو‏ ‏الواقع‏ ‏إذا ما استمر‏ الخطأ أو الفشل أو الفساد‏، ‏لقد‏ ‏أعلن‏ ‏رئيس ‏ ‏إمبراطورية‏ ‏نووية‏ (‏يعني‏ ‏روسيا‏) ‏انهيار كيان إمبراطوريته حين أدرك حجم الواقع ‏‏المر‏ ‏الذي‏ ‏وصلوا‏ ‏إليه‏ ‏نتيجة تجاهلهم ‏ ‏لغة‏ ‏المرحلة الزمنية التى يعيشونها، ‏وإغفالهم ‏نبض‏ ‏الناس‏‏، ثم‏ ‏يضيف‏ ‏لقد‏ ‏تحملنا‏ ‏خمسين‏ ‏سنة‏ ‏فلنجعلهم‏ ‏خمسا‏ ‏وخمسين، ستين!‏، ‏ماذا‏ ‏سنخسر أكثر؟‏ ثم يستطرد ‏: ‏إن‏ ‏حدس‏ ‏الشارع‏ ‏المصري‏ ‏حين‏ ‏كان‏ ‏يغني‏ ‏الناس‏: ‘‏الفاتحة‏ ‏للعسكري‏، ‏قلع‏ ‏الطربوش‏ ‏وعمل‏ ‏ولى” ‏كان‏ ‏يشير‏ ‏إلى عمق وعى الناس الساخر وهو يكشف كيف أن الحاكم الدينى المتسلط، ليس إلا حاكما عسكريا دكتاتوريا يلبس عمامة، بعد محاولة تخفيه بخلعه الرمز العسكرى (الطربوش)، هذا الحدس الشعبى هو الذى سيزيح العسكر، وهو هو الذى يستطيع أن يزيح مدعى الولاية تحت أى اسم سلطة دينية، الواحد تلو الآخر !!…”

(انتهى المقتطف)

آسف يا شيخنا، ما كان ينبغى، وقد أتيحت لى فرصة ما يقارب أثنى عشر عاما أن أتوقف بعد ثمانية أشهر عن رصد ما وصلنا !!، ولكن ما تبقى منك فىّ وفينا قد كتب بمداد الحقيقة داخل داخل وعينا، فأعاهدك، ونعاهدك فى ذكرى رحيلك أن نواصل حمل الأمانة إلى الناس، فكم كنتَ ،وما زلتَ تحبهم جدا جدا، وهم – نحن- نحبك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *