الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الوفد / فين “العدالة” يا مونشير؟.. وبس فين “الحرية”؟

فين “العدالة” يا مونشير؟.. وبس فين “الحرية”؟

الوفد

07-12-2011

فين “العدالة” يا مونشير؟.. وبس فين “الحرية”؟

سألنى الشاب النابة شريف عامر فى نهاية لقائى معه فى برنامج “الحياة اليوم” يوم الجمعة الماضى عن “ماذا تقول للناس فى هذه الأيام ونحن فى كل هذه الحيرة والخوف؟”، فقلت له أقول لهم “.. وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى”؟ وأضيف: ” بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ” صدق الله العظيم ، وحمدت الله أن وقت البرنامج انتهى حتى لا يسألنى ما المناسبة لهذين الاستشهادين ونحن فى معمعة هيجة الانتخابات وضوضاء نتائجها الأولى، فقد كان الرد يحتاج برنامجا بأكمله، وجدت أن بعضه سبق أن أوردته فى مقال سابق لى هنا فى الوفد بعنوان: “تزوير الوعى الانتخابى أخطر من تزوير الصناديق” نشر فى 14/9/2011 فى شكل حوار بين شاب وصديقه جاء فيه:

…………….

قال الشاب: وهذا هو ما دعانى أن أحجم عن المشاركة فى الانتخابات

قال صديقه: ولكن الله سبحانه سوف يحاسبك على ذلك، فأنت تكتم الشهادة لتقرير من الأصلح

قال الشاب: وهو سبحانه وتعالى سوف يحاسبنى أيضا على قبول التزوير مع أنه منحنى العقل السليم

قال صديقه: تزوير ماذا يا جدع انت، قلت لك كان زمان

…………….

قال الشاب: أنت لا تعلم ما يجرى فى القرى والنجوع والحارات والأزقة، أنا أحترم هذا الشعب الطيب، لكننى أرفض التزوير، خصوصا باللعب على عواطف هذا الشعب الكريم.

قال صديقه: تزوير ماذا؟ وطيب كيف؟ إعمل معروفا

قال الشاب: حين يدعونى المرشح (أو الحزب) أن أنتخبه لأنه قريبى، أو من قريتى، أو على دينى، مع أن وظيفته هو أن ينوب عنى لإصلاح هذا البلد، أليس هذا تزويرا؟

قال صديقه: لا طبعا، هذا شىء، وذاك شىء آخر؟

قال الشاب: أليست الانتخابات هى لاختيار من يحقق أحلام ثورتنا، هل سيحققونها بالقرابة والنسب، أم بقصور فى الجنة؟

…………….

قال صديقه: نتحمل ما دام هذا هو الواقع.

قال الشاب: لكننى مسئول أمام الله إن صدقتهم، أو اتبعتهم، أو انتخبتهم، وسوف يتبرأون منى يوم القيامة

ألم تسمع معنى الحديث الشريف الذى ينبهنا أن الواحد منا قد يقول الكلمة لا يلقي لها بالاً فتهوى به في النار سبعين خريفاً؟ …. هل تعرف معنى “لا يلقى لها بالا”

قال صديقه: يعنى “مش واخد باله “

قال الشاب: فما بالك إذا كان آخذا باله وهو يضحك علينا لننتخبه مرّة دفاعا عن الإسلام، ومرة أخرى الناحية الثانيه ليحمينا من الإسلام، ولا هذا يعرف ما هو الإسلام ولا ذاك يعرف لماذا يستبعد الإسلام

قال: صديقه: اسم الله عليك، أنت وحدك الذى تعرف

قال الشاب: ليس وحدى، أنا فرحان أنى مسلم، هذا دين عظيم، جاء مثل كل الأديان ليصلح العالم، لكل البشر، وكان السبيل إلى ذلك أيام النبى صلى الله عليه وسلم أن يدخل أكبر عدد من الناس إلى الإسلام، ثم انتهى عهد الأنبياء بأمر من الله عز وجل، وأصبح واجب المسلمين مثل أصحاب أى دين لم يتشوه، …. أن يصلحوا العالم، ويحافظوا على فطرة الناس التى فطر الله  الناس عليها، ….. الاسلام مثل كل دين لم يتشوه لم يأت للمسلمين، وإنما للناس، (ليؤمنوا فيصيروا بشراً مكرمين).

قال صاحبه: لست فاهما

…………….

قال الشاب: ….. إن العلمانيين أساؤوا للإيمان وللإسلام ولكل الأديان حين خافوا من السلطة الدينية كل هذا الخوف، فهمشوا الدين بعيدا عن الناس وعن الله، وليس فقط عن الحكم، الإسلام يكون حلا إذا كان حلا للسبع مليار بنى آدم عبر العالم دون شرط أن يسلموا، إلا من هدى الله فاهتدى.

قال صديقه: قلت لك لقد جننت

قال الشاب: أحسن من أن أقف أمام الله ولا أعرف كيف أرد إذا سألنى عن ما فعلته للناس كل الناس من خلال هذه النعمة، نعمة الاسلام.

(انتهى المقتطف).

عدت إلى  يا شيخى محفوظ أواصل معه حديثى الذى لاحت ملامحه فى مقال الأسبوع الماضى، هأنذا يا شيخنا أعود لصناديق الانتخاب، وأنا أتذكر وصيتك لى ، وأنت تعلم علاقتى السيئة بالديمقراطية فدعنى أبلغك بعض الحوار فى برنامج “الحياة اليوم”:  الذى بدأت به المقال، سألنى الشاب النابه مقدم البرنامج عن رأيى فى النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية وعن ضجر البعض من غلبة التيار الإسلامى هكذا، فقلت له أنه متى ثبت عدم التزوير وأظن أنه قليل جدا هذه المرة، فإنه ليس أمامنا إلا أن نقبل النتائج، ونحترمها، وننطلق منها، لأنه إذا كان هذا هو رأى الشعب الآن، فلا سبيل إلى تغييره إلا بالتزوير، أو باستيراد شعب آخر ولو مضروب – من الصين مثلا– على مقاس المعترضين، وضحك شريف وزميلى الضيف الشاب النابه د. محمد أبو فرحة، خبير التنمية البشرية، انتبهت وأنا أقول ذلك أننى أخيرا تعلمت شيئا مهما عن الديمقراطية بكل عيوبها من شيخى نجيب محفوظ، كنت وكأننى أردد كلامه وليس كلامى الذى كنت أعترض به على رأيه طول الوقت، مضى شريف يسألنى عن كم دورة برلمانية نحتاج حتى نصحح أخطاء من سيتولون أمرنا، قلت له فلتكن عشر دورات أو عشرين أو لتكن ستين سنة، مثل الستين التى حرمنا فيها أن يكون لنا رأى أصلا

فى نفس الوقت حاولت أن أبلغ الابن شريف عامر أن على الإعلام من الآن واجب جديد غير الإثارة والتهييج ورشوة التجمعات ودغدغة الجماهير وهو أن يبصر الناس، كل الناس، بالمحكات التى نقيم بها أداء من اختارهم، هل هى ستظل الوعود المؤجلة، والتلويح بالترغيب، والترهيب، أم أن الاعلام سوف يفيق ليتخذ دورا أكثر إيجابية فيقوم بترشيد الناس إلى الطريق الأمثل لتقييم أداء من يتولون أمرنا.

حين حضرنى شيخى هكذا تذكرت أنه كان علىّ اليوم أن أستلهم الصفحة رقم “48” من تدريباته، ففوجئت كانه معنا وهو يكتب فى تلك الصفحة بتاريخ  18 / 3 / 1995 ما يلى:

بسم الله الرحمن الرحيم

——–

نجيب‏ ‏محفوظ

نجيب‏ ‏محفوظ

نجيب‏ ‏محفوظ

العدل‏ ‏أساس‏ ‏الملك

الحرية‏ ‏حياة‏ ‏الشعوب

الديمقراطية‏ ‏هي‏ ‏النظام‏ ‏المفضل

نجيب‏ ‏محفوظ

فتساءلت هل يا ترى يدرك هؤلاء الإسلاميون ما يعنيه نجيب محفوظ من أن الحرية حياة الشعوب، وليست ألعاب أفراد، فى حين أن الديمقراطية هى النظام المفضل وأنها ليست مرادفة للحرية، ولا هى النظام النهائى، وهل يا ترى ترهقهم ثقل أمانة قوله أن: “العدل أساس الملك” وهل هم يشعرون أنهم إن لم يعدلوا ليس فقط بين أفراد المسلمين وبعضهم البعض، ولكن بين كل الناس وكل الناس سوف ينتزع منهم الملك، ومن الذى سينتزعه؟ نحن الشعب الذى انتخبهم، لنسلمه لمن يعرف كيف يكون العدل أساس كل شىء. دعوت الله لهم ولمصر: فإذا حققوا معنى الحرية الأوسع هذا، ونجحوا فى إرساء ملكهم بالعدل الشامل، فأهلا بهم وسهلا دورة بعد دورة، وجولة بعد جولة، وإلا فالديمقراطية لهم بالمرصاد.

خبطة ذاكرة عابثة:

ثم حدثت مفاجأة من خبطات ذاكرتى هكذا: أنا لا أعرف من الذى فتح الله عليه بتسمية حزب الإخوان باسم “العدالة والحرية”، أدعو الله تعالى أن يكونوا قدر  مسئولية اللفظين “العدالة” و”الحرية” يا خبر!! هما هما نفس اللفظين الذين لفتا انتبهاهى أثناء تداعيات سابقة على تدريبات شيخى محفوظ صفحة (28)  بتاريخ 24/2/1995، (وسبق نشر ذلك فى موقعى بتاريخ 7-7-2011 ) حيث كتبت أقول:

…نشيد “بلادى بلادى” (وهو بعض ما أثبته محفوظ فى تدريباته) كتبه يوسف القاضى لترجمة مشاعر الشعب المصرى بعد نفى سعد زغلول ورفاقه، وهو الذى كتب أيضا “يا بلح زغلول” “واهو ده اللى صار” وشال الحمام حط الحمام من مصر لما للسودان” “ويا عزيز عينى” التى كتبها بسبب إجبار الشعب على الخدمة العسكرية  فى صفوف الإنجليز المحتلين ولا ينسى التاريخ له أغنيته عام 1911 وكأنه يكتبها عن أحوال مصر هذه الأيام (2011) وهى أصلح ما تكون لنا الآن فعلا:

يا ست مصر صباح الخير.. يسعد صباحك يا عْنية..

 فين “العدالة” يا مونشير.. وبس فين “الحرية”

أدعو الله تعالى لمصر، ولمن فاز، أن يتحمل المسئولية أمام الله أولاً ثم أمام المصريين الطيبين ثانياً، ثم أمام التاريخ، فنعيد انتخابهم مرة ومرة حتى لا تنطبق عليهم أغنية الشيخ يوسف القاضى رحمه الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *