الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الوفد / تشكيل وعى الشباب: والحيرة الخلاقة (2 من 2)

تشكيل وعى الشباب: والحيرة الخلاقة (2 من 2)

نشرت فى الوفد

29-6-2011

تشكيل وعى الشباب: والحيرة الخلاقة (2 من 2)

ملخص الجزء الأول: تبدأ القصة (كتبت ونشرت أوائل 2006)،  بحوار بين البنت وأبيها عن حبها لله أكثر منه وخوفها منه تعالى أقل منه، ثم ينتقل الحوار بين الأب وصديقه فخسارة الأول فى البورصة بعد اغتراب مُذل، ثم مع الأم وابنتها عن تحذير عمها “بيومى” لها من عبادة الأوثان التى تمثلها عروستها

ثم ينتقل المنظر بعد 6 سنوات إلى حوار كتبته لاحقا هذا الاسبوع، كنت أريد من خلال هذه التجربة.

 أولا: أن أبين كيف أن وعى الشباب خاصة لا يتشكل فى يوم وليلة، وبالتالى لأكشف سخف الأسئلة اللحوح: ماذا جرى للشباب والناس بعد “الثورة” وكلام من هذا، وثانياً: لأعلن أن علينا أن نستعد لجولة وجولات لتكون ثورة أو إعدادا للثورة القادمة

وهذا هو الجزء الثانى والأخير، كتبته بتاريخ: عشرة يونيو 2011

قالت البنت لأخيها: ولكن لماذا؟

قال اخوها: لماذا ماذا؟

قالت البنت: لماذا تريد أمريكا أن تتخلص من كل هؤلاء الرؤساء المطيعين جدا، المتعاونين جدا؟ هل الرؤساء الجدد سوف يسلمون أقفيتهم أسطح؟

قال اخوها: ليس كلهم، أو ربما كلهم، فنحن لا نعرف إلى أى مدى كان المخلوعون يطأطئون، ولا لماذا استثنى الصافعون أقفية أخرين ليسوا أكثر ديمقراطية، ربما لأنهم أطوع طاعة؟

قالت: ومتى نعرف؟

قال: قد نموت ونحن لا نعرف

قالت: فلماذا نثور دون أن نعرف؟

قال: وهل الأمر بيدنا؟ نحن نثور لأننا نثور، نثور لأنه تجمع بداخلنا مالا يمكن إلا أن ينفجر، آن الآوان، ما كنا فيه لا يؤدى لغير هذا.

قالت: هذا ماذا؟

قال: هل جننتِ؟ هذا الذى كنا فيه؟ وخرجنا منه

قالت: ربما!! ألم تسأل نفسك لماذا هم حريصون على حريتنا كل هذا الحرص؟ هل يحبوننا هكذا جدا، جدا؟؟؟؟

قال: ولم لا؟

قالت: اسم الله عليك!! لعلهم يحبوننا من فرط حبهم للإنسانية والحرية حيثما حلوا، أو حيثما اغتصبوا أو قتلوا أو أذلّوا!

قال: يعنى!!

قالت: هل تعرف ماذا سوف نفعله لو أصبحنا أحراراً بحق وحقيقى

قال: ماذا؟

قالت: سنبصق فى وجوههم أولاد الأفاعى

قال: ما هذا؟ هل هذا رد الجميل

قالت: نحن أصحاب الجميل وهم المدينون لنا برد ما سرقوه منا وما ينوون سرقته بكل خططهم الجهنميه هذه، يسرقون مواردنا واستقلالنا بخبطة واحدة

قال: ماذا تقولين؟ خطط ماذا وجهنمية ماذا؟ ما هذا التفكير التآمرى؟ هل تريدين أن نرجع إلى ما كنا فيه؟

قالت: أنت جاهز، كلما اختلفنا تعايرنى بما كنا فيه، وكأنى أنا المسئولة عنه، على فكرة: نحن كنا فى ماذا؟ فكّرنى

قال: كنا فى ماذا؟!! كنا فى أسفل سافلين

قالت: هذا صحيح، والآن: نحن فى ماذا؟

قال: لست فاهما

قالت: ولا أنا،

قال: أريد أن نكف عن هذا الحديث، لقد أصبح يشبه أكوام الأحاديث التى تغمرنا من كل الأقمار وأبواق التوك شو، وعينات لقطات الشوارع المتقطعة، ماذا تريدين بالضبط؟

قالت: لست أدرى،

قال: هل تعملين مع الثورة المضادة

قالت: يا نهارك اسود، ما هذا؟ أنا أحاول أن أتعرف على الثورة، حتى أتعرف على “المضادة”

قال: ماذا تريدين بالضبط؟

قالت: أنا أحب هذا البلد جدا، أريد أن يكون لى بلد بحق وحقيقى،

قال: كيف تحبين بلدا لم تشعرى بعد أنه بلدك بحق وحقيقى،

قالت: الحب ليس لى يد فيه، أنا أحبها وأنا أقوم بتخليقها تخليقا، هذه بلد فيها بنى آدميين كما خلقهم الله، برغم كل شىء، نحن أولى بهم وهم أولى بنا.

قال: أخوها:  لست فاهما

قالت: أحسن، لقد أنسونا أننا بشرا، أكرمنا الله بإنسانيتنا،

قال: من الذين أنسونا؟

قالت: الذين حكمونا،

قال: ولماذا نحن نسينا ومن الذى سلمهم توكيل التصرف نيابة عنّا؟ وعن بلدنا

قالت: هى لم توكلهم أصلا، لقد زوّروا توكيلات مضروبة وتصرفوا بها، فغابت عنا

قال: أنت أربكِتنى وكدت تسرقين فرحتى، طيب ووالدنا؟

قالت: ماله؟

قال: أليس مصريا مثلنا؟

قالت: ومن قال أننا مصريون، نحن نحاول أن نستعيد بلدنا، لنولد من جديد:

قال: وهو؟

قالت: يبدو أنه يئس من المحاولة

قال: لكنه هو الذى ربانا وصرف علينا، وها نحن نحاول بفضل ذلك

قالت: لابد إنه مصرى دون أن يعرف،

قال أخوها: ربما نحن أيضا كذلك…، أريد أن أنام،

قالت: جاءتك نيلة، وأمنا؟

قال الفتى: مالها هى الأخرى؟

قالت: تريد أن تزوجنى لابن اختها فى كندا

قال: والله فكرة!!

قالت: فكرة ماذا؟ وأتركها لمن؟

قال: تتركين من؟

قالت: أترك “مصر”

قال: الله يخرب بيتك هل أنت مع الثورة أم مع الثورة المضادة، ما هذا؟

قالت: الثورة لا تصبح ثورة إلا إذا نجحنا أن نخلق منها بلدا تحكمه دوله، والثورة المضادة هى خيانة نذلة وليست ثورة أصلا ولابد أن نبدأ البحث عنها فى داخلنا، قبل أن نسقطها على مسوخ منهكة

قال: بطَّلى فذلكة، ولا تنسى أنهم متربصون بنا طول الوقت

قالت: من هم؟

قال: المسوخ،

قالت: ربنا موجود،

قال: أين؟

قالت: الله يخرب بيتك، طبعا موجود وإلا تزوجت ابن خالتى وهربت

قال: والله العظيم ما أنا فاهم حاجة! أليس ربنا فى كندا أيضا؟

قالت: إسأل الإخوان،

قال: يا نهارك أسود؟ مالهم الإخوان؟

قالت: أليسوا هم المتحدثون باسم ربنا الآن؟

قال: هذه إشاعة لإزاحة أكبر تجمع شعبى عن المشاركة فى الثورة

قالت: المشاركة فى ماذا؟

قال أخوها: كفى بالله عليك أريد أن أنام

قالت: إذهب ونم، واحكم إغلاق نوافذ وعيك، والله العظيم أنا أعجب كيف يأتى لك النوم هذه الأيام؟

قال: وماذا فعلت أنت بسهرك يا حبة عينىّ،

قالت: أحاول أن أفعل ما يكملها لتكون ثورة، وهذا هو هو ما يجلب لك النوم

قال: أنت صعبة، لقد تحيرت معك

قالت: إنها “الحيرة الخلاّقة”

قال: أنت لا تعرفين حتى اسمها إن اسمها “الفوضى الخلاقة”، وليس “الحيرة الخلاقة”

قالت: وهل تظننى بلهاء حتى أخلط بين الحيرة الخلاقة والفوضى الخلاقة، هل تتصورنى الست كوندى أو القمورة كلينتون، هل أنت تعرف ماذا تعنى أى منهما بالفوضى الخلاقة أصلا؟

قال: الفوضى هى الفوضى، أما الخلاقة، فليس عندى فكرة،

قالت: بالله عليك فكيف تسميها ثورة وأنت لا تعرف كيف تخلق منها ما هو دولة وما هو حضارة، الثورة لا تكون ثورة إلا إذا كانت خلاقة، تتخلق من الحيرة التى تعقب الانتفاضة، فنعيد من خلالها بناء أنفسنا وبلدنا، أنت لا تعرف الفرق بين الثورة والحيرة، أرجوك لا تتحمس هكذا وأنت تتشدق بكلمة “ثورة” وكأنك تمضغ “لبانة”

قال: وهل أنا الذى سميتها؟ كل الصحف وكل الإذاعات وكل الفضائيات وكل العالم يسمونها ثورة، بالله عليك لا تتمادين حتى لا أتمادى فى الشك فى أنك عميلة للثورة المضادة؟

قالت: قلت لك إن الثورة المضادة داخلنا نحن الثوار، والحيرة التى نحن فيها هى التى تجعل الثورة ثورة إذا أحترنا بإيجابية ونحن نعمل طول الوقت.

قال: الله!! الله! هكذا عينتِ نفسك من الثوار دون إذن

قالت: إذن من مًنْ يا روح ماما،

قال: إذن الثوار

قالت: الذين تمثلهم أنت وأنت أكسل حتى من أن تمارس “الحيرة الخلاقة” لقد توقفت عند “الفوضى الَّنقّاقَةْ”

قال: كيف أمارس الحيرة لتتخلق منها ثورة؟

قالت: الحيرة تستدعى الدهشة، والدهشة تهدى للنقد، والنقد يشحذ اليقظة، واليقظة تحافظ على الوقت، فتملؤه بالفعل، فتكون ثورة،

قال: يا نهارِك أسود ومنيل بستين نيلة، طيب هذه هى الحيرة، فكيف نجعلها خلاقة،

قالت: بأن ننتبه ونحن نقبل التحدى

قال: إعملى معروفا: نحن ما صدّقنا

قالت: ما صدقنا ماذا؟

قال: ما صدقنا أننا عملناها

قالت: عملنا ماذا،

قال: عملنا الثورة

قالت: اسمح لى، هيا نعملها

قال: نعمل ماذا؟

قالت: الله يخيبك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *