الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الوفد / اللهم اجعله خيرا!

اللهم اجعله خيرا!

نشرت فى الوفد

07-09-2011

اللهم اجعله خيرا!

كتبت قصة قصيرة ونشرت منذ أكثر من أربع سنوات، وانتهت هكذا:

………

قالت أخته: صحيح، لكن ما ذنب أمى؟

 قال أخوها: ذنبها أنها أنجبتنا فى هذا العصر.

قالت البنت: بل إن لها الفضل كل الفضل، لأننا نحن الذين سنغير هذا العصر”.

****

وحين أعدت قراءة القصة الآن تأكدت من يقينى أن الأمل كان كامنا فاعلا برغم كل شىء، وأن وعى الشباب كان يتشكل طول الوقت من كل شىء،

 ثم جاءَنىِ الجزء الثانى بعد أن عدت إلى كتابة القصة السياسية فاكتملت هذه القصة كما سيأتى

ولكن دعونا نبدأ بقراءة  الجزء الأول: نشر بالدستور (الحقيقى) بتاريخ 16 مايو 2007

بعنوان: ذنبها أنها أنجبتنا فى هذا العصر!!

(1)

… حديقة النادى خالية من العجائز الذين اعتادوا أن يجلسوا تحت الشمس لعل الدفء يقوم بالواجب فى مواجهة آلام المفاصل، السيدة السوداء تنزل الحمام عارية تماما، لم ينظر لها أحد السفراء الأجانب شذرا، لكن الملحق الثقافى للسفارة الروسية أشاح بوجهه بعيدا فى حياء عذراء لم تُختبر.

… كيف يتحول الماء الرائق الدافئ هكذا ببطء متسحب إلى هذا السائل اللزج الغامض؟  طينٌ هذا أم أسفلت سائح؟ كيف يحدث ذلك فى حمام السباحة الخاص بالسلك الدبلوماسى الأجنبى فى المعادى؟. يزداد العوم صعوبة كلما ازداد الطين كثافة، والمسافة تتسع بينه وبين السيدة العارية التى تسير بخطى بطيئة فى الجزء الذى ليس لها فيه طول. تـُرى هل تنتمى إلى “محور الشر” أم إلى “محور القتل”، ثم أيهما أسهل؟ الموت اختناقا تحت الأنقاض أم غرقا؟

 يتغير المنظر دون تمهيد:

الجبل يقترب من البحر ويتمادى طولا كأنه يتخلق لتوه حتى تتفجر قمته فى بركان عملاق يتصاعد منه دخان أزرق تتقافز فى وسطه أجنّة ديناصورات متنوعة ذوات ألوان فاقعة، فيؤذن دبليو بوش من على مئذنة “برج العوْلمة الجديد” المصنوع من نفايات البلاستيك الذرى، والمقام حديثا مكان دير سانت كاترين الذى أزالوه لأنه أنشئ  دون ترخيص، يؤذن السيد دبليو: أن الجنة تحت أقدام القنابل الذكية” وأنه: “”حى على الإبادة، حى على البلادة”!، فترد جوقة من العجائز والأطفال: يا حبيبتى يا مصر، يااااا مصر. فيصيح الشاب:”برىء، والله العظيم برىء”، ثم يبدأ فى العدو وهو يستغيث: إلحقونى، إلحقوووونى!

(2)

هزته أمه بشدة تكاد تصل إلى الضرب: “مالك؟ فيه ماذا؟”. راح يتلفت وهو يتصبب عرقا: الحمد لله، شكرا يا أمى أنكِ أيقظتِـنى، قالت له: لكنك لم تكن نائما، كنتَ جالسا وصوتك وصل لآخر الشارع، فيمّ كنت؟ قال: حلمت أننى تمثال من صخر أملس لا من لحم ودم، وكلما هممت أن أتمطى، تشقق الصخر وسال طمىٌ من داخلى مختوم بختم “توشكا المحطة”، ثم وجدت نفسى محشورا فى مظاهرة دون سروال وهى تهتف بحياة صدقى باشا، وسقوط دستور 23، فتقدم منى رئيس الوزراء الحالى، ومعه مفتى الديار الذى راح يعلن فى مكبر مزعج أنه “يجوز ذبح الناس فى القلعة علانية ودون محاكمة” بمجرد التأكد من صور الفيديو التى صُوِّرَت فى المظاهرة المضادة التى هتفت ضد صدقى باشا ودستوره. المصيبة أننى وجدت صورتى واضحة فى المظاهرة الثانية، فرعبت، مع أننى لم أشترك فى أية مظاهرة لا الأولى ولا الثانية، فقط كنت محشوراغصبا عنى فى الأولى، فذهبتُ بسرعة إلى خادم المسجد بجوارنا أسأله عن مدى مشروعية إقامة الحد هكذا دون محاكمة، فأجاب إن مثل هذه الصور  فى هذا الوقت بالذات تثبت أن الخائن الفاجر المشترك فى هذه المظاهرات يستحق حد الحرابة،  لأنه لم يصلّ الظهر حاضرا فى عيد العمال.

 قالت الأم: بالله عليك، هل هذا حلم حقيقى أم أنك “تفبركه”؟ قال: كيف عرفتِ يا أمى؟؟ أنا فعلا أفبركه، إيش حال لو عرفت الحلم الأصلى؟ ، قالت: ولماذا لم تحكه لى بدلا من الفبركة؟ قال: من فرط الخوف، قالت: الخوف ممن؟ قال: من مباحث أمن الدولة، قالت أمه: لكن الحلم الذى حكيته هو الذى يثير مباحث أمن الدولة، قال: لقد أعادوا ترتيب أولويات جرائم الإرهاب بعد الاستفتاء الأخير. قالت الأم: إسمع لما أقول لك، غط نفسك جيدا قبل النوم، قال: لكن هذا ضد الشفافية، قالت: ضد ماذا؟! ماذا تقول؟ قال: يا أمى أنا أمزح، أنا لم أحلم أصلا، قالت: ومن الذى كان يصيح: إلحقونى، قال: أنتِ يا أمى التى تخيلت!

 (3)

قالت له أخته: حرام عليك يا شيخ، ألن تكف عن العبث بأعصاب أمنا الطيبة هكذا؟ ألا يكفى ما تتحمله من أبى؟ قال أخوها: أنا أشفق عليها فعلا، لكن بصراحة، أنا لم أتمالك نفسى، قالت له: وهل حلمت بصحيح بما أفزعها حتى خافت عليك هكذا؟ قال: لست متأكدا، لكن الذى أنا واثق منه هو أن المسألة أصبحت لا تطاق. قالت: أية مسألة؟ أمى تقول أنك كنت تصيح بأعلى صوتك “إلحقونى، إلحقونى”، من الذى كان يطاردك؟ قال: قلت لك أنا لم أحلم ولا يحزنون، ثم إن الإجابة عن سؤلك هذا، لا تحتاج إلى تفسير أحلام، إن واقعنا أصعب من أرعب الأحلام. أنتِ خير من تعلمين من الذى يطاردُنا، حتى يطردَنا.

 قالت أخته: صحيح، لكن ما ذنب أمى؟

 قال: ذنبها أنها أنجبتنا فى هذا العصر.

قالت البنت: بل إن لها الفضل كل الفضل، لأننا نحن الذين سنغير هذا العصر.

(القصة: انتهيت: ومن لا يصدق يرجع للأصل)

الجزء الثانى: 2/9/2011

قالت البنت لأخيها: لماذا لم نعد نحلم؟

قال أخوها: لأننا حققنا الحلم خلاص.

قالت: أى حلم؟

قال: ألم ننجز ما لم نكن نجرؤ حتى أن نحلم به؟

قالت: ربما

قال: ربما يعنى ماذا؟ هل عندك شك؟

قالت: كأنهم أيقظونا من وسط الحلم مثلما فعلت بك أمى تلك الليلة؟

قال: هل مازلت تذكرين؟ لكننى لم أكن أحلم

قالت : لم أعد أستطيع أن أميز بين الحلم والعلم، أنا خائفة

قال: طول عمرك جبانة، ماذا يخيفك الآن بعد أن أصبحوا هم الذين يخافون منا؟

قالت: لا يا شيخ!! ما الذى يخيفهم منا؟

قال: يخافون أن نحلم من جديد، فنثور من جديد

قالت: نحن بطلّنا نحلم، وأمى هى التى تحلم الآن

قال: أمى؟! غير معقول! تحلم بماذا؟

قالت: إسمع لما أقول لك الحلم الذى حكته لى

قال: أمى؟ تحلم؟

قالت: حلمتْ أنها رأت فى المنام سيدنا النبى عليه الصلاة والسلام،

قال: يا بختها، ثم ماذا؟

قالت أخته: أنا ليس لى دعوة، أمى هى التى حكت قالت: إنه طبطب عليها، وقال لها لا تخافى، إن الله معكم

قال أخوها: عليه الصلاة والسلام! لكن هل هى ما زالت تخاف علينا مثل زمان؟

قالت: ليس علينا، إنها تكمل الحلم وتقول أنهم هجموا عليها بعد أن انصرف سيدنا النبى، واتهموها بأنها سرقت أسطوانة البوتاجاز من حضرة المأمور

قال: مأمور من؟ وأسطوانة ماذا؟ ما هذا؟

قالت: أنا مالى ، هى التى قالت، وقد سألتها وما علاقة المأمور بأسطوانات البوتاجاز، فقالت لى إن المأمور هو الذى يوصل الغاز إلى إسرائيل بنفسه، لأن جنوده ماتوا على الحدود

قال: أنت تخرفين والمصحف، أى غاز؟ ومن هم الذين ماتوا؟ وأية حدود؟

قالت: حدود بنى غازى

قال: تقصدين بنى غازى؟ أم غزة؟

قالت: وهل هى تفرق؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *