الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الوفد / كل عام وأنت “عادى”

كل عام وأنت “عادى”

نشرت فى الوفد

31-8-2011

كل عام وأنت “عادى”

-1-

قال الشاب لأخته: أغلقى هذا “الهباب”

قالت: يا سلام !!  دع أنت الحجرة إن لم يكن يعجبك

قال: .. إنهم يمضغون الكلام ويعيدون مص مصاصة الآراء، وكل واحد منهم يفتى، وكأنه فتح عكا

قالت: بينى وبينك، هم خير من يمثلنا، لقد سمعت أبى وأمى يتناقشان ولم أفهم حرفا مما يقولان

قال: وهل أنت يعنى التى تقولين كلاما له معنى؟

قالت: على الأقل أحاول أن أفكـر

قال: هذا ما هو ما تتوهمينه، أنت تدورين حول نفسك، تماما مثل هؤلاء الذين يملأون الشاشات ليل نهار، حقهم يسمونها “ثورة التوك شو”

قالت: إياك أن تقلل من قدر الثورة، دعنا نفرح

قال: أنا شبعت فرحا، وحين توقفت عن الفرح ملأنى الخوف من زحمة التفكير، فقررت أن أواصل الفرح وأتوقف عن التفكير.

قالت: تتوقف عن ماذا؟ وهل أنت كنت تفكر أصلا؟ أنت تنزل وتروح وتجىء وخلاص

قال: على قدر حالى، على الأقل أحسن من هؤلاء الذين تشاهدينهم ليل نهار، مالذى يقولونه بالله عليك؟

قالت: عادى

-2-

………..

قالت المرأة لزوجها: …وأنت بالصحة والسلامة

قال الرجل: عادى

قالت: عادى ماذا؟ ألم تقل لى كل سنة وأنت طيبة؟

قال: لم يحدث

قالت: نعم؟! نعم! هل أنا أهلوس

قال: عادى

قالت: ماذا هو هذا العادى؟

قال: الذى تقولين عليه

قالت: الهلوسة أمر عادى؟ يا رجل حرام عليك، لم يعد أى شىء عاديا، الأمور كلها تغيرت

قال: الحمد لله على سلامتها

قالت: على سلامة من؟

قال: على سلامة “الأمور”، مادامت قد تغيرت

قالت: المفروض أن كل شىء أصبح “غير عادى”، ألم تقم ثورة؟ أم أنك ليس عندك فكرة؟

قال: ماذا تقولين، أنا أكثر المنتمين إلى الثورة، ألم أصحبكم إلى ميدان التحرير أنت والأولاد من بدرى بدرى؟

قالت: والله أنا لست متأكدة من موقفك، أنا استغربت، بصراحة داخلنى شك أنك تتفرج، أو ربما كنت تتقى الاتهام بالسلبية، وكلام من هذا

قال: بصراحة أنت التى تجاوزت حدودك، حاسبى فى كلامك ونحن فى العيد، كل سنة وانت طيبة

قالت: أخيرا؟ !! طيب : وأنا  طيبة كيف، والبلد ليست بلدنا؟

قال: بل بلدنا ونصف

قالت: لقد استولوا على خيرها وتركوها لنا على الحديدة

قال: أين هى

قالت: هى ماذا؟

قال: الحديدة؟

قالت: أنا لا أمزح، هل هذا عيد بالله عليك؟

قال: الذى فى قدرتى عملتُه

قالت: يا فرحتى

قال: يعنى أسرق؟؟

قالت: عادى، ما دامت هذه هى الطريقة لنعيش ونعيّد

قال: لم يعد هناك شى يمكن سرقته

قالت: خيبتك بليغة حتى فى السرقة

قال: علّمينى ربنا يخليك

قالت:عيد هذا؟ أم غم أزلى؟

قال: غم أزلى

-3-

قالت البنت لأخيها: هل سمعت أبى وأمى

قال أخوها: نعم

قالت: هل فهمتَ شيئا؟

قال: فهمت أننا فى مصر

قالت: مصر يعنى ماذا؟

قال: يا نهارك اسود، هل أصابتك العدوى؟ مصر هى الخير كله

قالت: أنت الذى تخرّف

قال: طبعا، ثورتنا سوف تنتهى إلى خير، غصبا عنك

قالت: غصبا عنى أنا؟ أنا فخورة بما فعلنا، وقد حذا حذونا الجميع، وها نحن قد حررنا ليبيا ،هذه ثالث بلد تتحرر، وعقبال اليمن وسوريا

قال: هل أنت التى حررت ليبيا بالسلامة؟

قالت: نعم طبعا، أنا، أنا أمثل الثوار، ونحن ندعم بعضنا بعضا .

قال: على عينى ورأسى، لكن والنبى خلوا بالكم من  القناصة، والقراصنة إعملى معروفا

قالت: تعنى من؟

قال: خذى عند : الناتو يستعد ليقبض الثمن، ولعابه يسيل على حقول البترول، والجماعات المخيفة تلوح لنا إما بصكوك الغفران، أو التهلكة .

قالت: لكل شىء ثمنه، وبرغم كل ذلك فالانتصارات تتوالى.

قال: عقبال فلسطين

قالت: لا لا، فلسطين شىء آخر

قال: يعنى ماذا؟

قالت: فلسطين تحكمها عصابتان، ويحتلها أجنبي، وحين تستقل ويحكمها ديكتاتور سوف تتحرر

قال: الله الله !! خريطة طريق أسلك، لعل هذا يكون أسرع لاستعادة الحرية والأرض معا

قالت: يبدو أن استعادة الأرض أسهل من استعادة الحرية؟

قال: يعنى ماذا؟

قالت: إيش عرفنى،!؟

-4-

قال الشاب لصاحبه: أختى

قال صاحبه: مالها؟

قال: قارفانى فى عيشتى

قال صاحبه: ماذا تفعل؟

قال: تسألنى فيما ليس لى فيه، وتضطرنى أن أفكر

قال صاحبه: تضطرك أنْ ماذا؟

قال: أن أفكر

قال صاحبه: وهل أنت لا تفكر؟

قال: لم أجد له فائدة؟

قال صاحبه: ما هذا الذى ليس له فائدة

قال: التفكير

قال صاحبه: حلال عليك، لكننى أحبها

قال: تحب من ؟

قال صاحبه: أحب مصر

قال: آه ! ظننت ….

قال صاحبه: ظنك فى محله، أنا أحب مصر وأحب أختك وهى تحبنى، وقد اتفقنا أن نعمر سيناء معا

قال: هكذا خبط لصق؟

قال صاحبه: بعد أن نتزوج طبعا، هل تأتى معنا ؟

قال: والله فكرة، على شرط أن تبعد عنى أختى فلا تضطرنى أن أفكر

قال صاحبه: عادى

-5-

قال الرجل لزوجته: هل أخبرتك؟ لقد قابلت صاحبى زميل الدراسة الذى كنت تغارين منه،

قالت: ياه !! بعد هذا العمر؟

قال: لست أعرف ما الذى ذكّره بى، قال إننى وحشته فجأة

قالت: وكيف حاله

قال: زفت

قالت: لماذا؟، لماذا زفت؟

قال: كفر بالله

قالت: كفر بمن؟

قلت: قلت لك “بالله”!! أستغفر الله الغظيم

قالت: لماذا؟ يا عينى عليه

قال: لجأ إليه بعد جمعة 29 يوليو، أصابته صرْعة لا يذكر تفاصيلها، خرج منها ناسيا هائما على وجهه وكان ما كان

قالت: ماذا كان؟

قال: مخه ضرب، وراح يردد أنه اكتشف لماذا خلقنا الله

قالـت: وهل هذا كفر؟

قال: يقول إنه وجد أن الله خلقنا ليملأ بنا فراغ الدنيا،

قالت: وماذا فى هذا؟

قال: قال كلاما كثيرا بعد ذلك يشرح فيه فكرته، أخاف أن أعيد نَصّ كلامه، استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم

قالت: إياك أن تقابله ثانية

قال: أنا لا أخاف من هذا الكلام الفارغ ، أنا دينى متين كما تعلمين

قالت: أنا لا أعلم شيئا، إبعد عنه وخلاص

قال: لقد أقنعته

قالت: أقنعته بماذا؟

قال: بأنه مجنون

قالت: وأنت؟

قال: سيد العاقلين

قالت: تسلم لى!

قال: تسخرين ثانية؟

قالت: طبعا تسلم لى، إن لم تسلم لى تسلم لمن؟

قال: لمصر

قالت: اسم الله، تماما مثل بنتنا المهفوفة التى سوف تذهب مع خطيبها لتعمير سيناء

قال: والله فكرة

قالت: فكرة ماذا، هل جننت مثل صاحبك؟

قال: عادى

قالت: الله يخرب بيتك، ما حكاية عادى هذه

قال: إيش عرفنى

قالت: كل سنة وانت طيب

قال: خيرها فى غيرها

قالت: ما هذا؟ من هى؟

قال الرجل :”هى” غيرها ، يعنى التى ليست “هى”

-6-

قالت  البنت لأخيها :

 كان عندك حق أن تترك الحجرة، يبدو أن التوك شو هذا مرض معد فعلا

قال أخوها : عادى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *