الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الوفد / سيدى الرئيس: إتــَّقِ الله يحفظـُكَ ويحفظنا!

سيدى الرئيس: إتــَّقِ الله يحفظـُكَ ويحفظنا!

27-06-2012

تعتعة الوفد

سيدى الرئيس: إتــَّقِ الله يحفظـُكَ ويحفظنا!

سيدى الرئيس: حين أقول لسيادتكم اتق الله أرجو أن تتذكر الآية الكريمة “ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ “وأيضا أن ترجو معى أن نستوعب أنا وأنت أننا حين نتقى ما بين أيدينا وما خلفنا إنما نرجو من ربنا الرحمة”…. اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ” داعيا أكثر ألا نكون مثل هذا الذى : ..َإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ …”

سيدى: منذ أكثر من ستة أشهر كتبت هنا بتاريخ 21-12-2011 مقالا بعنوان: “دليل الحاكم المسلم: لحكم شعب مؤمن”، وحين عدت إليه الآن وجدته يحتاج إلى تحديث طفيف، وإيجاز ضروروى، لكنه أنسب أن يوجه لفرد بذاته امتحنه الله بحمل أمانة الناس (وليس فقط مصر) لبضع سنين، فى هذه الظروف العصيبة التى يمر بها العالم.

وقبل أن أبدأ فى إعادة ما كتبت مع التحديث وبعض الحذف بسبب المساحة، أرجو منكم –سيادة الرئيس- أن تفكر فى سؤالين جعلتهما مقدمة،، ربما تشحذ انتباهكم، وسط غيامة الأفراح التى أتمنى أن تتم أصدق وأعمق حين تفوز مصر والناس بحق الحياة الكريمة، لكى لا تفرحوا بما آتاكم، إلا أن يكون طريقا إلى الناس، كل الناس، سبيلا إليه سبحانه وتعالى.

أكتفى بأن أرجو من سيادتكم الإجابة عن سؤالين اثنين –حرصا على وقتك- تجيب عنهما بينك وبين نفسك، أو دعـْنى أطمع أن تكون بينك وبين ربك، بعد صلاة عشاء هذه الليلة:

أولا: سيادتكم الآن – غالبا- تعتبر لجنة الانتخابات صادقة وأمينة ومجتهدة وشريفة، وربما تدعو لأعضائها الكرام بالجزاء الأوفى، فما ذا كان سيكون رأيك فيها لو أنك لم تفز!!؟؟ وأنا أستبعد طبعا أن تكون من الذين قال فيهم ربنا ” وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ

ثانيا: هذه الجموع التى جمعتـَها فى ميدان التحرير وغيره، قبل إعلان النتيجة، لتحتفل بفوزك إن فزت، وكأننا حررنا فلسطين، وهزمنا إسرائيل، وقهرنا التبعية وحررنا اقتصادنا، وبدأنا طريق إبداع حضارتنا التى ستنقذ العالم، هل تتذكر بم أمرتَ هذه الجموع، أنت أو رجالك، أن تتصرف لو أنك – لا قدّر الله – لم تفز؟؟

(برجاء توجيه الإجابات لربنا مباشرة، وأنا أثق فيك تماما)

ثم إليك المقال (الدليل) القديم الجديد – بعد التحديث- ليصبح: “وصايا عشرا” وتعقيبا:

1- إن الأمانة التى تصدينّا لحملها –نحن البشر– دون السماوات والأرض والجبال لا تقتصر عليك –سيدى الرئيس- لأنك مسلم، بل هى لأى إنسان، فهى أمانة أنك بشر أكرمك الله بالوعى والإرادة، وقد اشفق سبحانه أن يعرضها عليك ابتداءً، لكنك تصديتَ لها، فحذرك ربنا، كإنسان، أن تكون جهولا بتبعاتها، أو أن تظلم نفسك إن أنت عجزت عن حملها، فما بالك وقد أصبحتْ مسئوليتك أن تحكمنا، فتضاعف الحمل بعددنا وعدد كل الناس؟!

2- إنه ليس لك فضل شخصىّ –سيدى-أن تكون مسلما، وإنما الفضل لله سبحانه وتعالى الذى أتاحت لك مشيئته أن تولد من أبوين مسلمين، فإذا خطر لك أنك متميز، فإن عليك مسئولية أكبر، فما بالك وأنت أصبحت تحمل هذه الأمانة الأثقل: “الحكم” !!؟

3- من حقك، سيدى…. أن تعتبر أن دينك هو أفضل الأديان وأصحها، ولأنى مسلم مثلك، فأنا وجدت فى دينى ما يبرر ذلك، لكن فى نفس الوقت، أعتقد وأذكّرك، ونفسى، أن كل من ولد من أبوين غير مسلمين، وله دين،… يعتبر دينه أفضل الأديان، وبقدر ما تنظر إليه من فوق، أو تشفق عليه وتدعو له بالهداية ناهيك عن احتمال أن تظلمه، فهو يخطر على باله تجاهك، مثلما يخطر على بالك تماما، فاحكم على نفسك وعليه بالعدل، وإلا…. كنت من المطففين، الذين إذا قيّموا دينهم يستوفون، وإذا حكموا على غيرهم يُخسرون، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون؟

5- تذكر أنك لو قضيت عمرك كله لتقنع ألفا واحدا من كل البشر من غير دينك (خمس مليارات ونصف ليسوا مسلمين = 5.430.000000 نسمة) بالدخول إلى دينك حبا فيهم ورحمة بهم، فلن تنجح إلا مع أقل القليل، ربما لمحدودية عمرك، فلضيق الوقت!!، فى حين أنك لو أحسنت حمل أمانة ما أمر به دينك لصالح مقاومة ما يجرى فى العالم ضدك وضدهم من شرور وظلم لكان أنفع للجميع، وأكرم لديننا حلاًّ لكل الناس المستضعفين فى الأرض

6- لعله قد وصلك سيدى رفضى لما اضطر إليه غيرنا (ممن يسمون العلمانيين، أو المدنيين أو التنويريين…الخ) من تهميش الدين، أو استعماله من الظاهر بعض الوقت، أو استعماله مثل المسكنات العابرة، أو إخفائه بشطبه من بطاقة الهوية وكأنه إثمٌ يحيك فى الصدر ونخشى أن يطلع عليه الناس، أقول لعل رفضى لموقفهم هذا، مع كل احترامى له وفهمى كيف اضطروا إليه، قد وصلك وأنا أكرر تعرية الشعار السطحى أن “الدين لله والوطن للجميع” وأنبه ساخرا أن الحياة ليست “تورتة” نقتسمها مع الله، وقد أعلنت موقفى مرارا من منطلق ما وصلنى من دينى وكدْحى وهو: “إن الدين لله، والوطن لله، والجميع لله”، ولهذا تطبيقات سياسية عملية، أعتقد أنها قادرة على أن تنقذ المسلمين وغير المسلمين من هذا الاختزال والاستقطاب الذى لا يليق بكائن تصدى لحمل أمانة سعيه إليه تعالى من كل صوب ودين.

7- تذكر –سيدى- أن الشفافية المستوردة، والتى يفخرون بها ويحاولون تصديرها لنا هى أبسط أنواع الشفافية، وبعضها مضروب، لأنها سهلة التزييف بالأرقام الملتبسة والإعلام المغرض، أما الشفافية الإيمانية فهى أشمل وأعمق لأنها تعمل طول الوقت، ليل نهار، من أول تعريف الإحسان، “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”، حتى “وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى”.

8- عليك سيدى أن تنظم وقتك، حتى تستطيع أن تتابع ما يجرى فى العالم هذه الأيام، وقد أصبح ذلك أسهل من ذى قبل بفضل إنجازات صندوق الدنيا الجديد (النتّ وأخواته)، وسوف يصلك – خصوصا بعد أن أصبحت مسئولا عنا وعنهم- أنها محنة واحدة يعانى منها الأفقر والأضعف عبر العالم، ولن يسامحنا الله، إلا برحمته الواسعة، أن نعتذر بأننا كنا مستضعفين فى الأرض (الكروية)، وقد تكون الهجرة الجديدة التى يدعوننا سبحانه –نحن المستضعفين- إليها الآن هى أن نهجر كل هذه القيم الفاسدة مهما شاع تقديسها إلى قيم جديدة قادرة، ربما نجدها فى إسلامنا لو أحسنا قراءته لصالح كل الناس، فهيـَّا..!

9- تذكـّر -سيدى- أن الديمقراطية التى أتت بك رُبّانا لسفينتنا، هى آلية شديدة التفاهة، ضعيفة القدرة، وأنها لا تقيس إلا الرأى الظاهر، ولا تكشف إلا عن قشرة تَوَجُّه عامة الناس، فهى عاجزة عن قياس الوعى الجمعى الأعمق، أو قياس الحس البقائى اللازم لاستمرار الحياة إلى أفضل، كما أنها عاجزة عن أن تـُـعرى مسيرة التدهور الأخبت التى يقودها الأغنى والأشرس على هذه الأرض، وهى المسيرة التى تهدد نوعنا بالانقراض، ومع ذلك فلا تزال هذه الديمقراطية هى أفضل الأسوأحاليا، وللضرورة أحكام!!

10- تذكر سيدى أن هذا المستوى من الاختيار بهذه الديمقراطية الضرورية مرحليا، لا يعلن إلا مدى تماثل الناخب مع من انتخبه، فى أمور بعضها ظاهر، وأغلبها باطن، فهذه الديمقراطية –هكذا- لا تستطيع أن تكتشف اتفاقهما (الناخب والمُنتَخَب) على خطأ فادح، أو تماثلهما فى التعجيل بخرابٍ قادم، أو تشابههما فى تمادى ظلم متفق عليه، أو فى زيادة اغتراب مدمِّر، أو تجميد فكر متفتح، لا قدّر الله، لعلك تدرك بذلك سيدى أن كل هذه الأصوات ليست شهادة على أنك على صواب، وإنما هى دليل أنك أقرب شبها لمن جاؤوا بك فى هذا المكان، وعليك، كما عليهم، كما هو أيضا علينا، أن نتذكر دائما أنه “بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ”.

وبعد

فإنك لن ….تجلس على كرسيك هذا – مرة ثانية – بنفس أصوات هؤلاء الناخبين الحاليين، بل بأصوات ناخبين جدد، لهم وعى جديد، وموقف جديد، يقاس المرة القادمة بأدائك وليس بوعودك، كما أنك لن تدخل الجنة بأصوات الناخبين، وإنما بحساب رب العالمين ورحمته، “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه”، كما أنه لن ينفعك عند الله أن تعتذر عما فعلت وما ستفعل بأنك إنما تطبق حرفيا ما جاء فى مصدر مكتوب فى كتب قديمة، أو لأنك اتبعت فتوى قادمة من أهل الكهف، لان كاتبى هذه الكتب سوف يتبرأون من تبعيتك لهم يوم القيامة، وبنص كلام ربنا لن تتاح لك كرة أن تتبرأ منهم كما تبرأوا منك، ثم لا تنس سيدى الكريم حال “الأعراب” الذين أعلنوا الإسلام، ولمّا يدخل الإيمان فى قلوبهم، وبالتالى فكلى أمل أن تجتهد معنا أن يكون الإسلام، بما فى ذلك حكمك، طريقا ليدخل الإيمان فى قلوبنا وقلوب كل البشر، ليكونوا “بشرا” “معا” “إليه”.

وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *