الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (76) Biorhythmic Psychiatry عن (عصاب) القلق..!! Anxiety Neurosis مقدمة عن العصاب فى مقابل الذهان (3 من 3)

الطبنفسى الإيقاعحيوى (76) Biorhythmic Psychiatry عن (عصاب) القلق..!! Anxiety Neurosis مقدمة عن العصاب فى مقابل الذهان (3 من 3)

نشرة “الإنسان والتطور”

الإثنين : 25-7-2016

السنة التاسعة

العدد: 3251

الطبنفسى الإيقاعحيوى (76)

Biorhythmic Psychiatry

عن عصاب  القلق !! Anxiety Neurosis

مقدمة عن العصاب فى مقابل الذهان (3 من 3)

مقدمة

المفروض أن أنتقل اليوم إلى “العصاب الأم”، وهو القلق الذى نشرت رأيى المبدئى فيه كما ظهر بالإنجليزية(1) منذ أكثر من ثلث قرن فى نشرة الأسبوع الماضي، لكننى وجدت أن أختم هذا الاسبوع بجدول تجميعىّ عن التفرقة بين العصاب والذهان، مع التذكرة بأن اضطرابات الشخصية هى نوع مزمن من نفس الدفاعات التى توجد عند الشخص العادى، لكنها تتضخم لفترة ما عند العصابى فى حالة الإصابة بأحد أنواعه، لكنها تنغرس وتثبت فى تركيب الشخصية أكثر مما تظهر فى صورة أعراض متميزة لها تعريف واسم خاص، فتصبح وصفا لسمات اضطرابات الشخصية أكثر منها عرضا فى مرض عارض (2) أما تسمية عصاب  القلق باسم “العصاب الأم“، فهى  بناء على الفرض القائل: “إن كل العصاب هو إما قلق او دفاع ضد القلق”.

أضيف اليوم أنه من منظور الطب النفسى الإيقاعحيوى تبدو قراءة الذهان (فهم غائيته وموقع دفاعاته تطوريا ونمائيا) أكثر جاهزية من قراءة مغزى ومعنى أنواع العصاب بدءا بالقلق، وهذا يرجع إلى أن الذهانى إذْ يتعرى، أو يتفكك، أو يتفجر، أو ينسحب، إنما يفعل ذلك بشكل واضح وكاشف ومنكشف، وهو لا يبلغنا بمرضه – عادة – رسالة احتجاجه على بعض أو كل تاريخه بوجه خاص جدا، ولكنه عادة ما يبلغنا رسالة أكثر عمومية عن انحراف المسيرة الحيوية عن قوانين وبرامج النمو القادرة على حفظ النوع كله، وهذا ما يؤكد عليه الطبنفسى التطورى بشكل أكثر من الطبنفسى الإيقاعحيوى (لمن يفضل ان يفصل بينهما)

وقبل عرض جدول المقارنة الجامع خطر لى أنه قد يكون ممن المفيد إعادة عرض الشكل البيانى الذى نشر أمس، لما به من توضيح قد يغنينا عن تكرار الكثير مما لا تحتمله الجدولة

25-7-2016

                وفيما يلى جدول التجميع المقارن الذى وعدت به:

العصاب الذهان
‏(1) ‏اضطراب‏ ‏بسيط‏ ‏إلي‏ ‏متوسط (1) ‏اضطراب‏ ‏جسيم‏ ‏وخطير، اللهم إلا فى بدايات البدايات إذا أحسنا رصدها لتحويل مسارها إلى السبيل النمائى الإبداعى إن أمكن.
‏(2) ‏ثمة‏ ‏صعوبة‏ ‏في‏ ‏الاستمرار، لكنه متواصل بكفاءة أقل، ومعاناة أكثر‏ ‏ ‏‏(2) ‏ثمة‏ ‏صعوبة‏ ‏في‏ ‏الاستمرار‏ (كما كنت!) ‏وقد تصل الصعوبة إلى درجة الاستحالة فالتوقف التام، أو الالتفاف للخلف.
(3) ثمة صعوبة  ومعاناة فى التواصل (مع الآخر) (3)‏ ثمة انسحاب من التواصل مع الآخر  أو تعطيل لقنوات التواصل، أو تشويه لنوعية التواصل حتى الاستغناءعنه كليَّة أحيانا.
‏(4) ‏عادة‏ ‏ما‏ ‏يرتبط‏ ‏بصراع‏ ‏داخلي‏ ‏ما‏ بين نزعتين أو رغبتين او عاطفتين (وأحيانا مستويين للوعى) (4) عادة‏ ‏ما‏ ‏يرتبط‏ ‏بتنشيط وجود ‏ ‏بدائي‏ ‏نكوصي، وحوار نفسمراضى (سيكوباثولوجي)لا يشترط أن يكون صراعا، بل الأرجح أن يكون تنافسا، وأحيانا تناوبا.
‏(5) ‏الإعاقة‏ عادة ‏طفيفة‏ ‏إلى‏ ‏متوسطة‏.، وهى تظهر فى مجال التكيف أكثر، (ولكنها قد تكون جسيمة ومتزايدة فى بعض العصاب المزمن، حتى لو لم يتحول إلى أضطراب شخصية. ‏(5) ‏ ‏ ‏الإعاقة‏ الحياتية للأداء اليومى-‏عادة‏- ‏جسيمة، حتى الشلل والاعتمادية الرضيعية المطلقة أحيانا
‏(6) ‏اختبار‏ ‏الواقع‏ ‏يظل‏ ‏قائما‏ ‏حيث‏ ‏يظل‏ ‏الانسحاب‏ ‏منه‏ ‏جزئيا، ‏وتضعف‏ ‏نسبة‏ ‏تشويهه، ‏كما‏ ‏لا‏ ‏يسمح‏ ‏ذلك‏ ‏بتكوين‏ ‏الضلالات‏ ‏والهلاوس‏.‏ ‏(6) ‏تختل‏ ‏وظيفة‏ ‘‏اختبار‏ ‏الواقع‏’ ‏ويكون‏ ‏الانسحاب‏ ‏هائلا‏ ‏كما‏ ‏تتكون‏ ‏الضلالات‏ ‏والهلاوس‏ ‏بشكل‏ – ‏يزيد‏ ‏من‏ ‏تشويه‏ ‏الواقع‏ الخارجى،  ‏أو‏ ‏يحل‏ ‏محل أغلبه، ونادرا جميعه.‏
‏(7) ‏تظل‏ ‏الشخصية‏ – ‏ككل‏ – ‏متماسكة‏ ‏ويظل‏ ‏الوعي‏ ‏السائد‏ ‏واحدا‏ (‏الاحتفاظ‏ ‘‏بالواحدية‏’). ‏(7) ‏تتدهور‏ ‏الشخصية‏ – ‏ككل‏ – خاصة ‏بعد‏ ‏الفصم‏ ‏أو‏ ‏التفكك‏ ‏إلي‏ ‏ذوات‏ ‏متعددة‏ متباعدة ‏معا، ‏ثم‏ ‏قد‏ ‏يتمادي‏ ‏التفكك‏ ‏إلي‏ ‏التفسخ‏ ‏فالتناثر‏(‏الافتقار‏ ‏إلي ‏’‏الواحدية‏’).‏
‏(8) ‏تستعمل‏ ‏الحيل‏ ‏النفسية‏ (‏الدفاعات‏) ‏بنفس‏ ‏الطريقة‏ ‏التي‏ ‏يستعملها‏ ‏الشخص‏ ‏العادي، ‏مع‏ ‏زيادة‏ ‏”كـَمـِّية”، ‏وبعض‏ ‏إعادة‏ ‏التوزيع، ‏تكون‏ ‏التيجة غير‏ ‏تكيفية‏ ‏بما‏ ‏يـُظهر‏ ‏المرض‏ بالشكل المناسب لتسميته فى سلسلة تشخيص العصابات المختلفة. ‏(8) ‏تنهار‏ ‏الحيل‏ ‏النفسية، ‏وخاصة‏ ‏الكبت، ‏في‏ ‏بعض‏ ‏الذهانات، ‏كما‏ ‏يعاد‏ ‏توزيعها‏ ‏بشكل عشوائى مضطرب، أو بشكل غائى دفاعى مفرط فى الشذوذ والإعاقة ، ‏ وتكون النتيجة هى ‏ فرط‏ ‏المغالاة‏ ‏في‏ ‏بعضها‏، ‏وانهيار‏ ‏أخرى‏ ‏تماما، ويتوقف نوع الذهان الدفاعى ضد الفصام – إذا نجح- على توزيع وقوة وتناسب هذه الميكانزمات مع بعضها، أو غياب أغلبها
‏(9) ‏لا‏ ‏يظهر‏ ‏تنشيط‏ ‏المستوي‏ ‏البدائي‏ ‏للدماغ ‏ (‏للوجود‏) ‏إلا‏ ‏بشكل‏ ‏غير‏ ‏مباشر‏ (‏إن‏ ‏ظهر‏ ‏أصلا‏).‏ (9) ‏قد‏ ‏تظهر‏ ‏علامات‏ ‏تنشيط‏ ‏المستويات‏ ‏البدائية‏ ‏للدماغ‏ (‏والوجود‏) ‏بشكل‏ ‏مباشر تقريبا، وهذا مرتبط بما جاء من سهولة قراءة الذهان تطوريا أكثر.‏
‏(10) ‏يظل‏ ‏المستوى التواصلى‏ ‏الظاهر‏ ‏للوعي‏ ‏هو‏ ‏قائد‏ ‏التنظيم‏ ‏الدماغي، ‏مع‏ ‏أن‏ ‏قيادته‏ ‏قد‏ ‏تتأثر‏ ‏بجذب‏ ‏ومقاومة‏ ‏داخلية‏ ‏من‏ ‏مستويات‏ (‏تنظيمات‏) ‏أخري‏ ‏لكنه‏ ‏يظل‏ ‏متحكما‏ ‏فيها، ‏فيستمر‏ ‏التماسك‏ بصفة عامة، وقد تتناوب المستويات الأدوار، ولكن بدون حضور ظاهر مباشر. ‏(10) ‏ ‏تنتقل‏ ‏القيادة – عادة – ‏إلي‏ ‏مستوى‏ ‏آخر‏ ‏من‏ ‏الوعي‏ ‏بديلا‏ ‏عن‏ ‏الوعى الأحدث أو الوعى الواقعى التواصلى،  ‏وقد‏ ‏يتشارك‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏مستوى لدرجة التشوش، ‏وقد‏ ‏تتبادل‏ ‏المستويات‏ ‏كما يظهر فى الذهانات الدورية والنزوية .
‏(11) ‏تظل‏ ‏حدود‏ ‏الذات‏ ‏متماسكة، ‏وقد‏ ‏تتصلب‏ ‏وأحيانا تطرأ عليها درجة من الشفافية المؤقتة أو المتماوجة (3) ‏(11) ‏تختل‏ ‏حدود‏ ‏الذات‏ ‏فتصبح‏ ‏أكثر‏ ‏نفاذية‏ ‏أو‏ ‏ذات‏ ‏ثقوب، ‏أو‏ ‏رخوة، ‏أو‏ ‏حتي‏ ‏تبدو‏ ‏كأنها‏ ‏أختفت‏.‏
‏(12) ‏تظل‏ ‏البصيرة‏ (‏العادية‏) ‏سليمة‏ ‏بغض‏ ‏النظر عن عجز‏ ‏فاعليتها للتغيير، وأيضا يغلب عليها العقلنة نتيجة للمشاركة فى‏ ‏الاغتراب‏ ‏العادى. ‏(12) ‏تختل‏ ‏البصيرة‏ ‏عادة، ‏لكن قد يبدأ الفصام بالذات بنوع ‏من‏ ‏”الدراية‏ ‏المخترقة”‏ ‏التي‏ ‏تتميز‏ ‏بتعرية‏ ‏مفرطة، ‏لكنها‏ ‏لا‏ ‏تساهم‏ ‏في‏ ‏التكيف‏ ‏بل‏ ‏تفسده‏، اللهم إلا إذا أُحْسِنَ توجيهها بعلاج مكثف أو جماعى نشط، أو علاج الوسط المناسب.
‏(13) ‏ ‏يقول‏ ‏العصابي‏ بمرضه (غائيا) عادة: (من منظور الطبنفسى الإيقاعى)‏”‏إن‏ ‏الحياة‏ ‏صعبة‏، ‏والتكيف‏ ‏مرهق‏ ‏لكننى ‏مستمر‏، ‏وأنا‏ ‏أدفع‏ ‏الثمن‏ ‏من‏ ‏المعاناة‏ ‏أو‏ ‏الوشم أو الفشل‏” ، وما دمت عجزت عن استيعاب نبض النمو ، فأنا أطلب المساعدة لتوقف مريح، لو لم أتمكن من مواصلة المسيرة. ‏(13) ‏ ‏يقول‏ ‏الذهاني بمرضه (غائيا) عادة:حياتى‏ –  هكذا- ‏مستحيلة معكم وأنتم هكذا، الاستمرار  ‏مستحيل والانسحاب المعلن هزيمة متعجلة‏، ‏إنى ‏أتوقف‏ ‏أو‏ ‏أنسحب‏ ‏أو‏ ‏أرتد‏ ‏علانية‏ ‏إلى ‏نوع‏ ‏قديم‏ ‏من‏ ‏الحياة‏ ‏والعلاقات‏، ‏للخلف‏ ‏د ُرْ‏، ‏وليتوقف‏ ‏النمو‏، ‏وليكن‏ ‏ما‏ ‏يكون، حتى لو اضطررت أن أتفكك فلا “أكون” إلا فى عالمى ‏من‏ ‏التخيل‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ ‏الواقع‏.‏ 

وبعد

أكرر اعتذارى لبعض التكرار ونبدأ الأسبوع القادم فى تناول تفاصيل العصاب الأم: “عصاب القلق”.

[1]-   Y.T. Rakhawy:” Anxiety: Structural Orientation Relation of Conceptualization ‏to Therapy”

Egyptian J. of Psychiatry, 1981 4: 6-14

[2] – ومرة أخرى أستسمحكم فى تأجيل الحديث عن اضطراب الشخصية الآن.

[3] – أنظر “شفافية حدود الذات” وهو مصطلح استحدثته وشرحت دوره تفصيلا، كما بينت والفرق بينه وبين ما يسمى “فقد حدود الذات” أنظر (نشرة 27-12-2015).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *