الرئيسية / حوارات وأحاديث / د.يحيى الرخاوى: سلسلة حوارات بعنوان “مصر رايحة على فين” عن حاضر مصر ومستقبلها

د.يحيى الرخاوى: سلسلة حوارات بعنوان “مصر رايحة على فين” عن حاضر مصر ومستقبلها

حوار نشر فى جريدة الأسبوع (الأسبوعية)

19-12-2011

 

سلسلة حوارات بعنوان “مصر رايحة على فين”

عن حاضر مصر ومستقبلها

أسئلة الحوار:

س1- لماذا بدأت الروح التى نشأت مع ثورة يناير بين أبناء الشعب فى الاختفاء لتحل بدلاً منها روح الانقسام والخلاف حول كل القضايا؟

د. يحيى:

– أظن أنه قد آن الأوان، وقد اقتربت السنة الأولى على الانتهاء أن تختلف الأسئلة، أنا أعتقد أن ما حدث لم تنشأ معه روح من خارجه، هو كشف عن ما كان موجودا فعلا، حتى روح الانتقام والخلاف كانت موجودة منذ فترة مبكرة جدا مع الأحداث، أنا أعتقد أن التاريخ حين يُكتب بهدوء سوف يميز فى هذه الشهور العشرة عدة مراحل سوف تنفى هذا التصور الاستقطابى بين “براءة الثوار فى مقابل حقد المنتقمين”، أو “بين أحلام الشباب فى مقابل وغدنة المنتهزين”.

 الأيام الأولى (حوالى أسبوعين وبضعة أيام) امتلأت بالدهشة من احتمال مفاجأة تحقيق يوتوبيا مستحيلة، وهى مفاجأة مواجهة الحلم يتجسد على أرض الواقع، ثم ابتدأت الأمور تتطور: ليس بالضرورة بشكل سلبى، وإنما ابتدأنا نتعرف على بقية ما هو نحن مما كان مغمورا تحت قهر خارجى، ورعب داخلى، تعرّى كل ما كان خافيا معاً، وهذه هى طبيعة الإفاقة مع دهشة الإبداع ومفاجأة الانتقال إلى شوك الواقع ومسئولية القفزة ومخاطرها، المصيبة أن الانتقام وحساب الماضى البعيد (30/60 سنة) ثم مضاعفات الماضى القريب من موقعة الجمل إلى شارع محمد محمود هى التى احتلت معظم مساحات الصدارة والوقت بعد ذلك، وقد آن الأوان جدا لإعادة النظر بشكل أكثر موضوعية وعمقا.

س2- تحليل للوضع الراهن الذى تعيشه مصر؟

د. يحيى:

أى وضع راهن؟ الوضع فى شارع قصر العينى؟ أم حارة السكر والليمون؟ أم فى ميدان التحرير؟ أم فى المدارس الخالية من المدرسين والتلاميذ جميعا عبر القطر المصرى؟ أم الوضع الراهن فى العقول الآخذة إجازة من التفكير واحترام العقل، أم تحليل اللعاب السائل على كعكة السلطة ناسيين أنه لم تعد هناك كعكة تقريبا، وبرغم كل ذلك فأنا أرى أن الوضع الراهن هو وضع طبيعى فى هذه المرحلة، وأنه يمكن أن يسفر عن نقلة طيبة جدا فى تاريخ هذا الشعب العظيم، فتكون ثورة،ثم تتخلق دولة، فتتمادى حضارة.

المتاح الآن هو تفسير الجارى بشكل هادف، أعنى نتجاوز الوقوف عند التقليب فى الماضى على حساب بناء “الآن”، ويبدأ هذا بالانتقال إلى التفسير بمحاولة فهم معنى الأحداث بدلا من التوقف عند فحص أسبابها، الأسباب هى ماض لا يمكن تصحيحه الآن، أما فهم معنى الأحداث والهدف منها، فهو حاضر يمكن تطويعه لأهدافنا القادرة على تصحيح الماضى بدلا من التركيز على البكاء عليه، ورثاء ضحاياه ، شريطة أن يأخذ كل ذى حق حقه

س3- تقييم أداء كل من:

(أ)- المجلس العسكرى منذ توليه السلطة وحتى الآن؟

د. يحيى:

ج أ –  المجلس العسكرى قام بالواجب، ثم وسعت عليه حين تجاوز قدراته وحدوده معا، فأنا حتى الآن لم أفهم لا حكاية الـ50 % عمال وفلاحين ولا الإصرار على استمرار الانتخاب الفردى مهما ضؤلت نسبته إلى الثلث، ولم أقبل أبدا التعلل بالدستور تبريرا لذلك فنحن ما زلنا فى فترة الشرعية الثورية ومن حق المجلس أن يعلن الأسلوب الصالح العادل فورا، كما أننى فزعت من ألعاب الإدارة التحتية من وراء ستار، كما رفضت تذبذب المواقف بشكل متكرر مما جعل صورة المجلس أقل من حقيقته ومن آملنا فيه.

(ب) الأخوان؟

د. يحيى:

– لابد أن نفرق بين الإخوان تاريخا، والإخوان تكتيكا سياسيا، والاخوان ثأرا مشروعا، والإخوان قولا، ثم ما ننتظر لنراه مما يمكن أن نسميه “الإخوان فعلاً وسلطة”، الذى لا أشك فيه هو أن  هؤلاء الإخوان يمثلون أغلبية من انتخب من الشعب، وهى أغلبية حقيقية، ولا يقلل من قيمتها أى ارتفاع فى نسبة من تخلى عن استعمال حقه الانتخابى، وأيضا لا تبطلها بعض التجاوزات الحقيقية المدّعاة التى يزعم خصومهم أنها سبب نجاحهم، علينا أن نمارس شجاعة قبول الأمر الواقع، ونعترف بأنهم ممثلون حقيقيون لشعبنا العظيم، لكن مجرد تمثيلهم فى هذه المرحلة لا يعنى أننا سوف نظل كذلك طول الوقت أو طول العمر، كما أنه لا يعنى أنهم الأقدر أو الأصلح أو الأنجح، إن كل ما يعنيه هو أن ثمة فرصة لنرى أنفسنا فيهم فإن أساؤوا وعجزنا عن تصحيحهم أو عن تغييرهم فنحن  – الشعب – لا نستأهل إلا أن يمثلونا المرة تلو المرة، هذا هو ثمن الديمقراطية التى لا أنتمى إليها ولا أقدرها إلا كمرحلة مشروطة حتى نجد نظاما أفضل، أنا أحلم بنظام يقيس الوعى الجمعى وليس مجرد الرأى السطحى” وهو نظام لم يستطع الإنسان أن يبتدعه بعد.

 (ت) التيار السلفى

د. يحيى:

– هذا تيار يعلن حجم عجزنا عن مواصلة الإبداع، وعن كدح الإيمان، كما يعلن كَمْ رضينا بتبعية عقول تجمدت، لا أعنى تبعية السلف الصالح، وإنما تبعيه أى فكر أو شعارات أو مبادئ لم تنبع من واقعنا الآن بفضل الله، أفكار مجّمدة ليست لصالح مسيرة المسلمين ولا لصالح البشر، الإسلام الحقيقى هو لصالح البشر  فى الدنيا والآخرة، وعلينا نحن المسلمين أن ندفع ما علينا من ديْن كاملا لمن لم ينعم الله عليه بنعمة الإسلام ونحن نتحمل حمل الأمانة – الإسلام لكل البشرية دون إلزام أن يدخلوا الإسلام إلا لمن شاء – وليتذكر أى مسلم حقيقى أنه لم يبذل جهدا فرديا يجازى عليه ليولد مسلما، فليبذل جهدا حقيقيا ليحافظ على نعمة الإسلام ويحسن حمد الله عليها، فيثبت أنه يستحقها، مثلما يفعل أى صاحب دين يتباهى به ويرى فيه مثل ذلك.

(ث) التيارات الليبرالية (الوفد – الكتلة – اليسار ….إلخ)

د. يحيى:

– لا يصح أن نجمع كل هؤلاء فى سلة واحدة حتى التجمعات التى جمعت فرقا متفتقة أو مختلفة هى مؤقتة وسطحية.

أغلب التيارات الليبرالية أو التى تسمى كذلك لا تعرف حقيقة ما يعنيه “الوعى الجمعى” لأغلب الشعب، بنفس القدر الذى تردد به تسميع معنى الليبرالية من الكتب، أو تتباهى بأفكار مماثلة فى لقاءات الندوات أو دردشة المقاهى، أو مقالات المجلات الثقافية أو أحاديث التوك شو.

– أما الكتلة ففيها من الشوفينية المصرية والتعصب الناحية الأخرى ما أدى إلى رحجان كفة التيار الإسلامى وليس العكس كما حسب منظموها.

– نأتى لليسار فأعلن أن أغلب اليسار المصرى لم يتجدد بالقدر الكافى، فهو مثلا لا يتابع المعارك بين المالية الكانيبالية (آكلة لحوم البشر) الإبادية الاستعمارية الجديدة، وبين الرأسمالية الوطنية فى كل الدنيا حتى فى أمريكا وأوربا، وبالتالى  فكلمة عندنا اليسار بهتت وتراجعت حين توقفت عند ارتباطها بالشيوعية التقليدية المجمدة، فعجزت عن مجاراة موجات وإبداعات اليسار الجديد.

– نأتى للوفد وأنا لم أكن وفديا أبدا، مع أننى اكتب فى صحيفته باستمرار، وقد نبهت فيها مرارا أنه لا أحد يستمر بفضل تاريخه مهما كان مجيدا، ولا بفضل نقائه مهما كان أبيضا، وإنما هو يبقى وينمو بقدر استيعابه لتغير الزمن واحتوائه للأفكار الجديدة، وحضوره واعيا فاعلا فى معارك استقلال الاقتصاد، وإبداع الأفكار، وقفزات التطور، بمعنى التجديد فى التربية والتعليم والحفاظ على حركة الوعى الفردى والجمعى…الخ.

 (و) الحكومات المتعاقبة؟

د. يحيى:

– ألعن ما اكتسبناه من هذه الخبرة الجارية، وآلية الأحداث المتتابعة، هو ابتداع أساليب للتغيير يمكن أن تُجهض أى تغيير حتى يعجز كل من يتولى المسئولية عن عمل أى شىء باق، فكل شىء مؤقت هو مؤقت، ولا أحد يمكن أن ينجز وهو لا يعرف من أين يأتى أمر الاستغناء عنه بمجرد تعينيه ولا متى؟ هل يأتى من ميدان التحرير أم من المجلس العسكرى أم من العباسية أم من مجلس الشعب القادم أم من ماسبيرو أم من قنا أم من الفيوم؟ هذا موقف يشل حركة أى مخلص كفء مهما بلغت درجة إخلاصه أو كفاءته.

(د) النخبة السياسية؟

د. يحيى:

– لم أفهم ماذا تعنيين بالنخبة السياسية، أظن أننا فى سنة “كى جى تو” سياسة، من أين تأتى هذه النخبة بالله عليك، النخبة السياسية ليسوا هم ضيوف التوك شو، ولا مثيرى شبان التحرير أو زواره، ولإنتاج ما يسمى نخبة سياسية نحن تحتاج ممارسة حرة لسنوات طويلة فعلا.

س4- تفسير حالة الانقسام بين فئات الشعب ممثلة فى فريقى العباسية والتحرير؟

د. يحيى:

– من حيث المبدأ هذا أمر طيب، هذا ليس انقساما، وقد حضرت مثله فى باريس سنة 1969 بعد ثورة الشباب الفرنسى هناك فى مايو سنة 1968 وذات يوم أو ليلة خرج ديجول علينا فى التليفزيون يعلن قراراً ما لا أذكره، وبمجرد انتهاء خطابه جاءت اخبار أعلنت أن تجمعات جماهيريه تتزايد فى الحى اللاتينى (ملتقى الشباب والفن واليسار والعدميين معا) وإذا بديجول يخرج ثانية فى التليفزيون ويدعو مؤيديه للتوجه إلى الشانزليزيه (الموقع المختار لليمين) وراحت طائرات الهليوكوبتر تنتقل بين هذا التجمع وذاك وتصور أعداد الناس وتزايدهم حتى اقتنع كل الناس عبر كل فرنسا بنتيجة هذا الاستفتاء التليفزيونى الفورى، طبعا القياس حرفيا غير وراد، ففرنسا 1968 غير مصر سنة 2011 لكن إذا افترضنا لا توجد عوامل خارجية – لا فى التحرير ولا فى العباسية مثلا – وراء هذا أو ذاك فهى حركة صحية من حيث المبدأ.

س5- كيف ترى العلاقة بين المجلسى العسكرى والإخوان؟

د. يحيى:

– حتى بعد مضى حوالى سنة، لا تزال هذه العلاقة غامضة، وغالبا سرية، والمصيبة لو أن عاملا خارجيا هو الذى يربط بينهما، وقد تبين الأيام القادمة طبيعة هذا العامل وأغراضه، أو قد نظل نضرب أخماسا فى أسداس مددا أطول، لكن الممارسة والاستقلال الاقتصادى الحقيقى هو الذى سوف يكشف بعض ذلك، لا المعتقدات أو التصريحات، ولا الصلاة جماعة، ولا الأحضان والقبلات. الواقع الآن يحتاج استمرار إعادة الحسابات أكثر من التمادى فى الشك والتوجس، أليس الجيش والشعب “إيد واحدة” وها هم الإخوان يمثلون الشعب بأمارة الانتخابات فكيف نستبعد أن يكون هناك اتفاق أو تعاون أو حتى مؤامرة!!

س6- حالة الصراع بين القوى السياسية وعدم اتفاقها وتأثير ذلك على الشعب؟

د. يحيى:

– اتفاق على ماذا؟ الاتفاق الأساسى المطلوب هو حول الآليات التى تحقق مصلحة مصر فمصلحة البشر عبر العالم مرورا بمصلحة العرب، أما الاختلافات فى الطرق المؤدية إلى ذلك فهى ضرورية وحتمية، فقط علينا أن نوفر الفرص المتكافئة، وأن نقيس أداء كل فريق بموضوعية مشاريعه، وحجم إنجازاته فى مجالات الأمن والاقتصاد والتعليم فإلإبداع.

س7- تحليل نتائج الانتخابات؟

د. يحيى:

– نتائج الانتخاب الحالى هى أقرب ما تكون إلى الواقع، وكل محاولات التشكيك، حتى لو ثبتت بعض التجاوزات لن تغير الواقع، فالبداية لابد  أن تكون من الواقع، مهما تململ البعض أو غضب منها، هذا هو الطريق الوحيد لبناء دولة ترعى شعبا يحاسبها ويغير مسارها إلى واقع أفضل فأفضل وهكذا.

س8- مشكلات الأقباط وتخوفهم وتأثير ذلك بنجاح التيارات الإسلامية فى الانتخابات؟

د. يحيى:

– لابد أن يقبل إخواننا الأقباط الواقع كما هو، خاصة إذا وصل للمسلم حكومة وشعبا، أنه عليه دين لهم مادام يتصور أنه ينعم بنعمة لم تتح لهم، المسألة ليست تفضلا فوقيا وإنما هى حمل أمانة الحياة حمدًا وفعلا بالحرص على العدل المطلق بين أصحاب كل الأديان فى كل المواقع طول الوقت، هذه هى البداية والنهاية، أما هذه الأسلاموفوبيا فهى مستوردة من بلاد تدعى الحرية وتمارس أبشع أشكال التمييز من أول الكونجرس حتى القوانين المكافئة للطوارئ مرورا بدكتاتورية الإعلام، وقد أخطأ الأقباط حين استدرجوا إلى الاستقطاب (بين مسلم – مسيحى مهما أخفوا ذلك)، فأفادوا السلفيين أكثر من الإخوان فى جمع الأصوات، استبعاد الأديان أو إخفائها نعاميا بحذف خانة البطاقة هو ضحك سطحى على الذقون، الذى لابد أن يستبعد هو وصاية رجل الدين ايا كان موقعه على مصالح الناس، كل الناس، ومهما كانت حجته، فهو الذى وضع هذه الحجة، ثم فرضها علينا مسلمين وأقباطا.

س9- هل حدتثت فجوة وانفصال بين الشعب والنخبة السياسية ولماذا؟

د. يحيى:

– قلت رأيى حالا فى أنه لا توجد عندنا حتى الآن ما يسمى النخبة السياسية، وإن كان يوجد ما يسمى المشتغلون بالسياسة، وهؤلاء غير المرتزقة من السياسة، أغلب من يسمون النخبة، لا يعرفون حجم أو معنى الوعى الجمعى لأغلب الشعب المصرى، فالفجوة موجودة وليست جديدة حتى نتكلم عن انفصال حدث مؤخرا.

س10- هل تتوقع حدوث صدام بين الأخوان والمجلس العسكرى؟

د. يحيى:

– لا أظن أنه سيوجد صدام بمعنى المواجهة العينية، فبمجرد عودة الجيش إلى ثكانته سينفرد الإخوان بالشعب، وسوف تتكشف استراتيجيتهم بعد انتهاء دور التكتيك وسوف يتحفز الشعب لحقوقه وحريته التى أرجو أن يحسن الإخوان احترامها حتى لا يضطر الشعب أن يلجأ للجيش أو ما يشبه الجيش، وإلا فهى الحرب الأهلية التى لا تناسب مصر ولا هى من طبع أهلها أصلا.

س11- تفسيركم لقوة التيارات الإسلامية فى الشارع (حزب النور – والإخوان)

د. يحيى:

– أنا لا أفرق إلا مرحليا بين هذا وذاك، كما أرى أن قوة هذه القيادات نجحت نتيجة شيوع العجز عن الإبداع، ونتيجة الرعب من التفكير، أعنى تسليم مفاتيح عقول أغلب الناس لسلطة لم يعينها الله تعالى وصية على العقول والفطرة التى خلقها، أما الإسلام نفسه، والإيمان الكدح إلى وجه الله، فهما بعيدان كل البعد عن كل هذه الألاعيب.

س12- تفسير حالة التخوف التى تنتاب البعض من فئات الشعب ومن التيارات السياسية لفوز الإسلاميين؟

د. يحيى:

– الجهل بالإسلام، والبعد عن الله، وغباء أعداء التيار الإسلامى يجر عامة الناس إلى معارك وهمية تغذيها الجذور البدائية، وليس الإبداع الإيمانى.

س 13- طريقة تعامل الإخوان مع باقى التيارات ومع المجلس العسكرى خاصة بعد النتائج التى حققوها فى الانتخابات؟

د. يحيى:

– سوف يتوقف ذلك على الأداء الفعلى الذى لا يقاس بقوة العقيدة ولا بزيادة عدد المصلين فى المساجد وإنما لابد أن يقاس كما قلت حالا بقدرتهم على تحقيق الأمن، واستقلال الاقتصاد ونشر التعليم الحقيقى ورعاية الإبداع وإرساء قيم إنسانية حضارية، ما نزلت الأديان إلا لتحقيقها ورعايتها، الدين ليس حلية أخلاقية، ولا هو تسكين بعض الوقت، الدين دفع حضارى للرقى بكل البشر طول الوقت.

س14- ما تفسيركم للحالة التى يعيشها الشعب المصرى أثناء الانتخابات؟

د. يحيى:

– هى حالة من الفرحة والأمل، والترقب، والانتظار، والدعاء، هذا بالنسبة لعامة الناس، أما بالنسبة لبعض المرشحين (أو أغلبهم) فهى حالة من التلمظ، والحسرة، والشماتة، والخبث، والاستعداد للانقضاض، والإدعاء.

س15- دور المجلس الاستشارى الرئاسى وتوقيت تشكيله وتأثيره؟

د. يحيى:

– حتى الآن يبدو لى أنه ديكور جيد ، لكن الكفاءات التى انضمت إليه نحن فى اشد الحاجات إلى آرائها، لكن مازالت اختصاصاته غامضة حتى على الأعضاء فيه، وكأن كل ما يملكه العضو حتى الآن هو “حق الانسحاب منه” كما حدث مؤخرا بعد تجاوزات شارع قصر العينى أمام مجلس الوزراء، ومع ذلك فلا  مانع من أن نستمع إليه، ونحترمه، ونشكر الذين قبلوا المشاركة فيه وننظر بجدية فى توصياته، أما ماذا سيفعل الحكام بتلك التوصيات فهذا ما لا أعرفه فى موقفهم مما يأتى من خارجهم.

س16- خطورة اللعب على الوتر الدينى فى الانتخابات من جانب التيارات الإسلامية والكنيسة؟

د. يحيى:

– سبق الرد عليه

س17- هل يعمل المجلس العسكرى على إحداث فرقة وانقسام بين القوى السياسية؟ وهل عمل على تغيير  موقف الشعب من الثورة والثوار؟

د. يحيى:

– لا أظن، لقد أخطأ المجلس العسكرى كثيرا، لكن الأرجح عندى، لو أمكن استبعاد أيه أيد خفية خارجية، أن الأخطاء جاءت نتيجة لتقمص أعضائه الفترات العسكرية السابقة، وهى حكم عبد الناصر العسكرى صراحة، ثم فترة الديمقراطية ذات المخالب والأنياب وهى فترة حكم السادات، ثم فترة الخبث القهرى العسكرى الأعمى وهى فترة مبارك.

س18- لماذا يقل تعاطف الشعب الآن مع الثوار واعتصاماتهم وحتى مع شهداء محمد محمود الذين لم يحظوا باهتمام وتعاطف كشهداء الثورة الأوائل؟

د. يحيى:

–  بعد مرور حوالى سنة أصبح من الصعب تحديد من يعتصم، ومن يهتف، ومن يبنى، ومن يتألم، وأسهل من كل ذلك تحديد من يستفيد ومن يستولى على الثمار المتساقطة، ومن يهدم، ومن يخرب لهذا لم يعد لكلمة “الثوار” معنى متفق عليه إلا فى ألفاظ الاعلام، وتلويحات السلطة، وآمال، وآلام الأمهات الثكلى، وأنين المعاقيين، ثم إن تعاطف كل الناس حتى من رجال السلطة مع أهل أى شاب أو طفل يموت، أو مع إنسان يجرح أو يصاب هو أمر إنسانى طبيعى، أما استعمال هذا التعاطف بشكل مبالغ فيه لمجرد الإثارة والتمادى فى التصادم، وبالتالى التعرض لمزيد من التضحيات بما فى ذلك الاستشهاد بلا مبرر واضح، فهذا ما ينبغى أن نتعلم كيف نتحمل مسئوليته أكثر فأكثر، وقد شارك الإعلام الوطنى والعربى والاجنبى فى تقديم جرعات عملاقة من الإثارة، واستدرار الشفقة، وتهييج مشاعر للانتقام والثأر، بشكل مباشر وغير مباشر، حتى كاد الإعلام الغبى أو المغرض يحل محل القانون والمحاكمات العادلة فعلا.

وقد جاءت الأحداث الأخيرة أمام مجلس الوزراء تؤكد هذا اللاتجانس فيمن يجتمعون معا لهدف معلن، فى حين تلوح فى الأفق أهداف أخفى وأخبث، أو على الأقل تتحرك الجموع  بلا هدف محدد يمكن تحقيقه أو التفاوض عليه، ثم تأتى الأوامر من أكثر من مصدر، ثم يتخلى كل مصدر عن ما صرح به، ويهدر دم الضحايا من الجانبين، وتضيع الحقيقة

س19- رؤيتكم لمستقبل مصر فى ضوء الوضع الراهن؟

د. يحيى:

– بعد كل ذلك يظل إصرارى على التفاؤل قائم، لأنه مبرر حياتى وشرف وجودى، الوضع الراهن فى تقديرى هو وضع طبيعى بالنسبة للنقلة الرائعة العنيفة من نظام راسخ منذ ستين عاما مع اختلاف تجلياته إلى نظام لم يتكون بعد، هلامى المعالم، شرذمىّ الشكل، لابد أن نتحمل كل ذلك معا، لأن مستقبل مصر هو نحن وما نعمل، وليس ما نقول ونهتف، علينا أن نعمل طول الوقت كلنا معا وفرادى، لا توجد ثورة بلا ضحايا، ولا يوجد تقدم بلا ثمن، ولا يوجد إبداع بلا مخاطرة.

س20- رأيكم فى مرشحى الرئاسة وأيهم الأنسب لإدارة مصر (البرادعى – عمرو موسى – العوا – أبو الفتوح – حمدين صباحى – حازم أبو إسماعيل)

د. يحيى:

– ولا واحد من هؤلاء،

 أقصد يعنى أى واحد من هؤلاء،

الإجابة على هذا السؤال تتوقف على الدستور الجديد وهل ستكون الرئاسة برلمانية أو رئاسية سرَّا وعلانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *