الرئيسية / مقالات صحفية / مجلة العربى الكويتى / رؤية مواطن فى: انفجار جهاز الأمن، وما بعده…!!!

رؤية مواطن فى: انفجار جهاز الأمن، وما بعده…!!!

نشرت فى مجلة العربى الكويتى

عدد فبراير 1985

رؤية مواطن فى:

انفجار جهاز الأمن، وما بعده…!!!

استهلال:

أولا: قبل المتن

لماذا هذا؟

– لأنى لم أستطع أن أوصل كلمتى بغير هذا الطريق.

ولمن؟

للمسئول المتألم ألمى…،

وللمواطن المشارك رؤيتى، أو المحاور رأيي ولشخصى حتى لا أنسى، أو أيأس، أو أتواكل.

وكيف كان ذلك؟

كتبت انفعالى الفج مساء 26/2/1986، وأعدت كتابته معاناه قلقة فى الليلة التالية، ثم حاولت أن أرسله لصحيفة معارضة فلم تنشر إلا أقله مما لا يفيد، ثم أرسلته لصحيفة قومية فلم تنشره أصلا، فقلت أركنه مع ما يحجبونه عنهم، وهدأت غير نادم، فلا القارئ ينقصه كلمات، ولا المسئول ينقصه المفتون والخبراء.

ثم ماذا؟

لكن أبدا، للأمر جانب شخصى، إذ أنى لم أنم ولم أرت، فقلت أكتبه “مستقلا” وأودعه خزانة تاريخى الضيقة، حتى لا ألوم نفسى أنى رضيت كتمانه خوفا أو تراخيا، وهكذا رحت أطرحه فى دائرتى الضيقة أمام من يهمه الأمر، إبراء للذمة، حتى أنام وأرتاح،

ففعلت.

ونمت،

لكنى لم أرتح.

***

ثانيا: المتن والهوامش

الدلالات والمحاذير… والمعادلة الخطرة

لا يوجد مواطن عاش هذه الأيام، ثم لم ينتبه، إلا أن كان فى غيبوبة خبيثة، الموت أشرف منها.

وعندى – كمواطن – أن الانتباه يعنى المسئولية، والمسئولية تعنى المشاركة، وكل هذا يتضمن تغييرا فوريا فى الموقف الشخصى، واسهاما ايجابيا فى الموقف العام، أما الجزء الأول فأنا آمل فيه، والله يحاسبنى عليه، أما الجزء الثانى، فهأنذا أعلنه، والله يغفر لى أخطائى فالألم شديد، وللاخطاء ما يبررها، والخوف أن ننسى إذا تبا طانا تحت وهم التعقل والمراجعة.

وسوف أعرض “رؤية مواطن” كما عشتها لعل أحدا يستفيد منها، وسأعتبر حديثى هذا روؤس مواضيع، لأنها كثيرة، والأمر لا يحتمل الإنشاء والتفسير.

الجزء الأول: الدلالات، والمحاذير العاجلة:

أما الدلالات فتنقسم إلى:

أولا: دلالات من انفجار جهاز الأمن:

(1) أن هيبة الدولة قد أهتزت.

(2) أن كبتاً خفيا قد تراكم.

(3) أن منطقا سطحيا يتعامل مع نبض البشر.

(4) أن نظام التجنيد – عامة، وخاصة – يحتاج تعديلا إنسانيا ثوريا طويل المدى[1].

ثانيا: دلالات من موقف الشعب (رغم ظروفه) مع القوات المسلحة (رغم خطورة الخطوة):

(1)  أن الشعب عامة أكثر يقظة ومسئولية (رغم اختفاء حضور الأحزاب فى الشارع السياسى من قبل ومن بعد، وخاصة الحزب الوطنى).

(2)   أن الشعب يريد أن يعطى فرصة أكبر، أملا فى حوار حقيقى، وأن منه الأبن البار والإبن الضال على حد سواء.

(3)  أن الشعب يعرف – ويريد أن يحافظ على – مكاسبه من الاستقرار والديمقراطية [2].

(4)  أن الناس تنتظر تغييرا فعليا، وتأمل فيه قريبا.

ثالثا: دلالات من “حضور” جهاز الدولة “تنفيديا”، و “إعلاميا” وفورا وبحجم موضوعى جيد:

(1) أن ثمة نظاما حضاريا ما زال يقود.

(2)  أن ثمة أملا فى التعلم من الاخطاء.

(3)  أن المواصلات بين الدولة وبين الناس لم تنقطع تماما.

(4)  أن الأزمة – عامة – أشد حدة من محاولة استغلالها، لضرب فئة أو قهر شعب.

أما عن المحاذير: فمنها العاجلة الفورية مثل:

(1)  أن نكتفى بالبحث عن السبب المباشر دون فحص الأرضية الخطرة.

(2) أن ننسى، فنستمر دون هزة جذرية فى كل موقع، كل موقع.

(3) أن يظل تعيين الوزراء بالأقدمية، والترقى، والتخصص الدقيق!! – وليس بالانتماء السياسى والموقف الثورى والابداع من واقع تقمص الجماهير.

أما عن المحاذير الآجلة، فهذه تتطلب دراسة المعادلة الخطرة، واليكموها:

الجزء الثانى: المعادلة الخطرة:

بعد أن هزتنى الأحداث، ورحت أراجع حقيقة القوى، ومصدر الشرارة، وطبيعة الغاز الرخو الذى كان يملأ الفراغ فاشتعل، كان هذا ما رأيته هكذا ماثلا أمامى فى تكيف متلاحق:

  • ثمة قوى ظاهرة على السطح بأقل درجة من الفاعلية.
  • وقوى فعلية محركة بأخطر وسائل الظلام.
  • وقوى كامنة فارغة ملأها الغاز المجهول القابل للاشتعال.
  • وقوى انتاجية مهدرة أو عاجزة رغم أنها ليست ميتة ومازالت واعدة.
  • وتفصيل ذلك (فى تصورى مع الخطأ المحتمل):

أولا: القوى الظاهرة:

(1) الدولة: وهى مجموعة بيروقراطية، تسير غالبا بالقصور الذاتى[3]، مقطوع مواصلاتها مع الناس إلا من خلال السكرتارية، ومديرى المكاتب، وموظفى الاعلام (بما فى ذلك الصحف الرسمية).

(2) الأحزاب: وهى مشروعات حسنة النية على أفضل الفروض ما ظهر من معالمها حتى الآن هو “نموذج مصغر (ماكيت)” قرأت فيه ما لا يطمئن[4] على الوجه التالى:

(أ‌)  الوطنى: أصحاب مصالح، “جاهزون”، بلا جذور.

(ب‌) الوفد: أصحاب ثأر، تاريخيون، بلا شباب.

(ت‌) التجمع: أصحاب عقيدة، مثاليون، بلا إبداع.

(ث‌) الأحرار: كان صحيفة، واستقلت (ثم تأجير من الباطن!!).

(ج‌) العمل: أصحاب حماس، بلا معالم، (إلا طبية رئيسه)

(ح‌) الأمة: يصلح صورة كاريكاتيرية لأى مما سبق.

(3)  الصحافة:

القومية: اجتهادات شخصية لرؤساء التحرير (وأحيانا سرادق للحزب الحاكم).

الحزبية[5]: صفارات انذار، ثم قصائد عمودية فى الفخر والهجاء.

***

ثانيا: القوى الفعلية (التحتية):

وهى القوى التى لها الحضور الحقيقى، والفاعلية المؤثرة: المادية التحريكية[6]، وهى تستعمل القوى الظاهرية حسب تناسبها مع مقاسها كمرحلة، لتخلعها متى لزم الأمر، وتشمل هذه القوى:

(1) المؤسسة العسكرية: وهى القوة التى بدأت بالصدفة فى 23 يوليو، ثم استمرت بالقصور الذاتى رغم احتواء الشعب للثورة، ثم أخذت أشكالا متعددة: الناصرى والساداتى، وشكلها الآن أخفى، وهو حاضر طول الوقت، وزادته الأحداث الأخيرة حضورا، وأن كأن ليس على قمة السلطة الظاهرة.

(2) المؤسسة السلفية الدينية: وهى القوة المثالية اليائسة من نفسها، والباحثة عن حلول مغلقة،  والقادرة على تحريك المشاعر، بعيدا عن اختبار السلطة، حتى لا تكشف نفسها – وتتناسب فاعليها طرديا مع فراغ الساحة وقهر الابداع – وهى تمارس صفقات مؤقتة مع بعض الأحزاب،ولكن فاعليتها الحقيقية منظمة ومتزايدة.

(3) المؤسسة السلفية الماركسية: وهى قوة مثالية يائسة أيضا من قدرة هذا الشعب بهذا التاريخ على الابداع، رغم الزعم بغير ذلك، وهى جاهزة، ومنظمة، ومتربصة أيضا، وصفقاتها ليست مع كل الأحزاب، وأن لم يكن ثمة حزب واحد قادر على استيعابها، وهى أعجز عن تحريك الغريزة الدينية المثالية، فتحرك الغريزة المساواتية التى تشبه العدل ظاهريا.

[ملحوظة: لم أذكر القوة الثروتية النفعية[7] لأنها قوة انتهازية، مقتنصة، عائمة، لزجة، عابرة (وليست تحتية)].

ويبدو أن الاختيار الحقيقى للبدائل المطروحة هو بين هذه المؤسسات التحتية، لا الظاهرة، وأحسب أن الناس ما زالوال – من واقع الحال – يفضلون الاختيار الأول، ربما لأنه معروف ويحاول أن يغير جلده باجتهاد ظاهر، بل أنى أظن أنه يفعل أكثر من تغيير جلده لو ضمن أن تكون المعركة ظاهرة فعلا. الخطى بطيئة، لكن الاجتهاد واعد، رغم احتمال التصادم واهتزاز الأمان، وحوادث الطريق، فالانقضاض جائز دائما من أسفل.

ثالثا: القوى الكامنة:

وهى الغالبية العظمى، وهى فى حالة خليط عجيب، من: الانتظار، والتخلى، والفرجة، والابتسام، والسخرية، والشماتة، والشفقة والخوف، وكل ذلك يجعلها كتلة من الفراغ، يملؤها غاز سرى غير محدد المعالم فهى:

(1) يمكن أن تنفجر فى أى وقت وأى اتجاه.

(2) يمكن أن تساق بعض الوقت (قد يطول!!) فى أى اتجاه أيضا (تحت تأثير أى من القوى الفعلية السابقة).

رابعا: القوى الانتاجية

وهذه هى عصب الأمة، وصانعة الحضارة (لا السياسة: رغم أن السياسة جزء من الحضارة بالسلب أو بالايجا)- وهى الأرضية التى تتحرك فوقها سائر القوى وهى تعتمد أساسا على القوة البشرية: من حيث العدد الفاعل (وليس العدد الخامل)[8]. والقوة البشرية – عندنا – مهدرة بدرجة منذرة، وذلك من خلال: (كأمثلة)

(1) السفر للرزق.

(2) السفر للهجرة.

(3) “أسرة المستقبل”[9] (!!).

(4) الفيديو والتليفزيون [10].

(5) علاقات الانتاج [11].

(6) اغتراب التعليم [12].

وناتج حضور هذه القوة البشرية على أرض الانتاج فى وطننا هذا يظهر أساسا فى أحد الصور التالية:

(1)  الزراعة: وهى بطيئة وعاجزة: من خلال (كأمثلة):

(1)الاتجار فى الأرض دون زراعتها [13].

(2)  الزراعات التقليدية بالطرق التقليدية [14].

(3)  اهدار المياه

(4)  الحلول الجزئية (غير الثورية)

(5)  حدود الملكية [15].

(6)  عدم التفرغ [16].

(2) الصناعة: وهى محدودة ومتراجعة: من خلال (كأمثلة):

(1) عدم التخصص فيما يوافق الزراعة والطباع.

(2) التنافس الاستيرادى.

(3) عدم التخطيط التصديرى (قبل الانشاء).

(4) الطموحات الثقيلة فى مرحلة مبكرة.

(3) الانتاج الفكرى[17]: وهو دائرى وساكن ومغترب: من خلال (كأمثلة).

 (1) النقل الحرفى من نظم قديمة أو نظم غريبة.

(2) فرط الاهتمام بالحصول على الشهادات المفرغة من محتواها.

(3) الاستسلام للتفكير الجاهز: (السلفى المتوقف، أو المستورد المغلق).

(4) خدعة البحث العلمى.

(5) الاختباء فى الألقاب العلمية المتصاعدة، وخداع الجوائز الرسمية.

(6) فرط التخصص، مع العمل فى غير التخصص.

(7) تسييس الفن، واستعماله كأداة لغيره.

(8) القهر الفكرى من المؤسسات الدينية والحكومية والتقدمية على حد سواء.

(9) اهمال علاقة الجسد بالانتاج الفكرى [18] (لا أعنى الرياضة).

(10) انفصال الانتاج الفكرى عن الواقع الزراعى والصناعى (لا أعنى بالانتاج الفكرى الأفكار المجردة، وإنما اسهام العقل فى تغيير نوعية الوجود واستخدام أدواته).

ثم إلى المعادلة الخطرة:

وقد ظهرت لى معالم هذه المعادلة بوضوح وسط سحب الدخان وآثار الدمار فى صورة خطوات تفاعل مسلسل كالتالى:

(1)قوى سياسية ظاهرة عاجزة + قوى الغالبية كامنة متنحية = فراغ.

(2)قوى انتاجية ضعيفة وبطيئة + قوى سرية فاعلة ومنتهزة = يأس.

(3)فراغ + يأس= غاز التفجر الرخو (القابل للاشتعال).

(4)غاز التفجر+ شرارة [بالصدفة (اشاعة) أو بفعل فاعل (القوى التحتية)]= انفجار.

وبعد..

فأنا لا أقدم المسألة كلغز حاذق يحفز إلى رياضة عقلية، ولكنها مسئولية مواطن، رأى رؤية، فوقف “انتباه”.

أما ماذا بعد الانتباه، فهذا أمر يطول شرحه، وقد اجتهد فيه، وقد لا أستطيع، ولكن لا أقل من أن ابدأ بنفسى ولا أكتم الشهادة خوفا أو تواكلا.

اللهم فاشهد

اللهم فاشهد

(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)

وصدق الله العظيم.

****

ثالثا: حاشية على المتن

21/3/1986

– تركت الانفعال الأول، والمعاناة اللاحقة، مثبتين فى المتن دون تغيير.

–  ألحقت الهوامش صفحة بصفحة.

–  ثم تلاحقت القرارات والتعليقات بما لا يطمئن، بل بما يؤكد أن ثمة أخطارا أخطر لا يريد أحد أن ينتبه إليها.

فلزمت هذه الحاشية، أعرض فيها ثلاثة أمثلة دالة:

المثال الأول: تعيين الوزير الجديد:

قال “هيكل” ما قاله فى مقاليه الأولين، وخلاصة ما وصلنى أنه:

(1) ما “هكذا” تساس الأمور.

(2) وأنه من تورط فميا هو أكبر من حجمه، فعليه أن يستعين بالذين هم.. (!!!).

وعلى الرغم من أنه قال ما قال بكل الذكاء والشطارة (والمناورة ولى الحقائق)، فإنه قاله “بتقدير عميق، واحترام” (!!!) – فهو قد أثار الشك (الموجود) حول القدرة (الحالية) على صناعة القرار، فإن صح ذلك فعلينا أن نمعن النظر فى قضية “كيفية الاختيار”، لأنه يترتب على كل اختيار، اصدار قرار، ويزيد هذا الأمر أهمية حين نتبين أن نظام الحكم عندنا يبدو وكأن كل وزارة فيه هى دولة مستقلة ذات سيادة.

وفى تصورى – من موقع التخمين والاستنتاج – أن اختيار المسئول الكبير[19] يتم على أحد الأسس التالية، (كأمثلة).

(1)  الاختيار بالمعرفة الشخصية أو التزكية الثللية (العنعنة) مثلا:

(أ‌) عن فلان عن فلان أن فلانا “كويس” وأمين.

[والأمانة شرط أساسى، ولكنه ليس كافيا، فالأمانة لا تعنى دائما الكفاءة.. مثلا].

(ب‌) عن فلان عن فلان أن فلانا أكاديمى وعالم.

[والعلم الاكاديمى، وفرط التخصص، لا علاقة لهما بالعمل السياسى وادارة الدولة وحوار الجماهير].

(جـ) عن فلان عن فلان أن اشاعة تقول أن فلانا اشتراكى معتدل.

[واستعمال اللقب الاشتراكى، والتاريخ الاشتراكى ليس هو السبيل إلى الاشتراكية، ولا إلى عكسها الشجاع].

(2) الاختيار بالصدفة (أمثلة)

(أ‌)  يتصادف أن ينجز فلان عملا محدودا بنجاح باهر، فيعين بالتالى فى عمل غير محدود… بما لا يتناسب مع امكانياته [ذلك لأن الانجاز الصغير لا يضمن نجاح الانجاز الكبير، فلكل  قدراته، وحجمه، واختلافاته النوعية].

(ب‌)  يتصادف أن فلانا ينشر مقالا حماسيا، أو مؤيدا، أو واعدا، فيعين لأنه منتم (للحزب أو النظام) أو متحمس، أو يعرف الحكاية.

[والقول هنا غير الفعل، فالكتابة على أحسن الفروض هى رؤية الواقع وربما طرح البديل، لكن الفعل هو اختبار الواقع وتحمل المسئولية]

(3)  الاختيار بالأقدمية: فالملاحظ أن نائب الرئيس (فى أى موقع) يصبح رئيسا (ما لم يلحقه سهم الموت أو سن المعاش أو حكم القضاء قبل ذلك).

[علما بأن الرجل الثانى الناجح، قد لا يصلح أبدا رجلا أول، والعكس صحيح].

المثال الثانى: قرار (121)

–  هل هذا وقته؟ ولماذا؟

–  قيل: لتسهيل التجارة، وتحسين “أخلاق” التجار [حتى لا يزورون الفواتير!!]، وكذلك لجلب العملة.

–  لكن التجارة (راجع المتن) ليست نشاط انتاجيا أصلا. وما لم تستطع الدولة والتعاونيات أن تنقذنا من الوسطاء، فالانتاج مثقوب مثقوب.

–   والعجب العجاب أن نتمادى – بعد كل ما حدث – فى التأكيد على أننا لابد أن نأكل من أيدى التجار والسماسرة، لا من عرق الزراع والمنتجين.

المثال الثالث: نشر الهمز واللمز حول مباحث أمن الدولة

[مقال إبراهيم سعده – أخبار اليوم 16/3/1986] يبدو هذا النشر لأول وهلة تأكيد للديمقراطية ومظهرا للشجاعة، وهذا صحيح جزئيا، ولكن:

(1) هل هذا وقته، ونحن أحوج ما تكون إلى استعادة هيبة الدولة

(2) هل نحن تنقضنا “الشجاعة الفردية” أم “الخطة العامة”

و “المشروع القومى” و “الحلول المبدعة الشاملة”… الخ؟

(3) أليست الصحف القومية، هى مؤسسات حكومية فى نهاية النهاية، قد تسمح بنشر “رأى آخر” فى صفحة الرأى الآخر، ولكنها هى بتكوينها وتاريخها لها شأن أول (لا “آخر”).

لذلك فالحذر واجب من “لشجاعة الفجائية” أو “الحماس المنقض” الذى يظهر الحكومة وكأنها تتخلى عن مؤسسات – ثم بعد ذلك: التراجع المحسوب (- فلماذا كان ما كان من الأول؟)

وبعد..

فبما أن رفاهية اليأس، ونذالة الفرجة ليستا مما يشرف بهما من يحرص على وجوده وسط ناسه فاعلا مشاركا، فالواجب الأول هو طرح بدائل للمناقشة، ومؤشرات للقياس، أكثر من البحث عن الأسباب التبريرية، وتوجيه اللوم والشماته، فإن ما نحن فيه ليس بسبب شخص بذاته، أو صلح منفرد، أو الانتقال من “منطقة الحلم إلى منطقة الكابوس” أو الانفتاح العشوائى (وأن كان كل ذلك يؤثر بشكل أو بآخر) ولكن ما نحن فيه فى تقديرى – هو أمر طبيعى لابد وأن يصاحب الانتقال الصعب من الدكتاتورية العسكرية إلى الانسانية المبدعة الذى أحد وجوهها وأسبابها ما يسمى بالديمقراطية، وألقى أهم مقومات استمرارها ما يسمى بالانتاج بأنواع (راجع المتن).

لذلك لزم على كل من ينتقد أن يطرح البديل، ويضع المؤشرات وهذا هو موضوع الدعوة إلى الحوار.

***

[1] – يدخل نظام التجنيد كل بيت، كما يدخل قلب كل شاب، وما لم ينقلب التجنيد الاجبارى إلى رسالة انتاجية واعية موجهة، ويشمل الجميع بما فى ذلك الاناث، ويصبح موجها للتعمير والتحضير بقدر ما هو موجه للدفاع كل ذلك مقابل جزاء مادى كريم، ومصاحب باحترام إنسانى وعدل مطلق، ما لم يحدث ذلك.. فالسوس سوف ينخر فى الخفاء ثم…

(وقد كتبت للمسئولين منذ سنوات باقتراحات محددة

[2] – كتبت هذا الكلام مساء 26/2/85 قبل أن تنبرى وسائل الاعلام فتنفخ فى هذه المسألة وترجع الفضل للحكومة التى أعطت الشعب ديمقراطيته، ورغم صدق بعض هذا الزعم، إلا أن المسألة قد تؤتى عكس ثمارها من كثرة النفخ والتصفيق. فلابد من ضبط الجرعة..

[3] – هذا لا ينفى انجازاتها، ولكنه لا يضمن استمرارها، أو “حضورها” وفرق بين حكومة تحكم شعبا وبين “ادارة” تدير “عملا” أو بنكا.

[4] –  أعتقد أن هذه الفقرة كانت من أسباب عدم النشر، لأن أى حزب غير مستعد أن ينشر ما يجرح به نفسه حتى لو كان الجرح من مواطن ساذج قليل المعلومات السياسية مثلى – وانى أعترف أنى عند المراجعة رجحت أنى أعجز من كل هذه الأحزاب، وأنه لاينبغى أن أفخر هكذا باستقلالى – وأن أى إنسان يبذل لهذا البلد من خلال قناة شرعية وبصبر مثابر، وبتضحية بالوقت والجهد، لابد أن ينال تقديرى لأنى لا أعلم سببا نفعيا للانتماء للاحزاب الأخرى غير حزب الحكومة، وأعتذر عن قلة المعلومات، لكنى لم أغير النص الفج الأصلى أحقاقا للحق، لأنى رغم هذه المراجعة ما زلت أعتقد بصحة انطباعى الأول.

[5] – صحيفة الحزب الحاكم يمكن أن تدرج مع القومية مع أنى لا أقرأها  فعذرا.

[6] – كنت قد كتبت (السلاحية والبشرية فى المسودة) ثم عدلت ذلك، ثم سألت نفسى الآن، أليست القوة المادية هى القرش والسلام والاثنان مرتبطان؟ ووجدت أن هذا لا يكفى، لأنى أعنى البشر الذين يحركون القرش والسلاح.

[7] – ليست هى هى “الرأسمالية” البعيدة النظر – ويبدو أنى استهنت – ربما بغير وجه حق – بأصحاب المصالح الثروتية المؤقتة (الانفتاحيون/ رجال الأعمال) أولا: لأنى أتصور أنها قوى بغير جذور، وشطارة القوى الوطنية هى أن تستغل أنانية صاحب القرش وعماه لدفع عجلة الانتاج فى ظروفنا المتخلفة الصعبة، ثم نلتقى، لكنى رحت الآن أراجع هذه المقولة وخاصة وأنا أقرأ فى الكتابات الأحدث عن الاقتصاد والتبعية، ولكنى أيضا أرقب تعديلات النظام الجزائرى والصينى، ولا أتمادى فيما لا أعرف جيدا.

[8] –  وأعنى بالعدد الفاعل كم الوعى/ الوجدان: النشط والمتحرك والمغير، كما أعنى بالعدد الخامل ما يمكن أن يشمله دفتر المواليد أو السجل المدنى، ولكن “الخامل” ضرورى لأنه هو ما يخرج منه “الفاعل”.

[9] – نبهنى بعض من قرأ مسودة هذا المقال إلى غموض موقفى تجاه نشاط “أسرة المستقبل” وأنا أشك فى تعقيمنا أو – عذرا – خصائنا بتخطيط مستورد، وأرى أن أرضنا الزراعية تستوعبنا إذا أصبحنا منتجين جميعا، وهذا جائز بغير وصاية اشتراكية، ولا سخره رأسمالية – هذا هو حدسى كمواطن وقد أستطيع ترجمته يوما، من يدرى؟

[10] -إذا كانت القوة البشرية هى “الوقت والوعى” وليس العدد وكم البلاهة، فهذه الأجهزة بكل ساعات الارسال واغتراب المادة وفرط الخطابة تزيد من فاقد الوقت والوعى بما يهدد.

[11] – أعنى بعلاقات الانتاج تلك العلاقات التى تفصل العامل عن ناتج عمله – ليس بمعنى الاغتراب عن العائد المادى فحسب، وإنما بمعنى عدم “حضور” صاحب العمل عاطفيا وأخلاقيا وسط حركة تشغيله، واختفاء العلاقات الأقدم، وعدم الارتباط بهدف ربانى، أو حضارى، أو اجتماعى يجمع: (أ) العامل (ب) وصاحب العمل (بما فى ذلك الحكومة) (جـ) والناتج: فى وحدة عضوية فاعلة.

ثمة نموذج ايجابى فى اليابان.

ونموذج فى بعض عزب وأعمال الناس الطيبين المؤمنين زمان.

والله أعلم.

[12] – فاقد الوعى والوقت فى التعليم أكبر من كل تصور، بما فى ذلك التعليم الجامعى والشهادات الأعلى الماجستير والدكتوراه) بل وبالذات فى هذه المراحل الأعلى – انظر بعد (اهدار الانتاج الفكرى).

[13] – ينبغى أن يصدر قانون يمنع بيه الأهالى للأرض البور والصحراوية إلا للحكومة مهما كانت الأسباب شريطة أن تقوم الحكومة بمسئولياتها.

[14] – خائف أنا من موجة “الصوب” ومع ذلك، فلعل وعسى.

[15] – إذا كان تحديد الملكية قد أدى وظيفته الاجتماعية حتى الآن وهذا صحيح، فإن اطلاق الملكية يستكمل هذه الوظيفة ولن يناقضها إذا وهبنا شجاعة الابداع فى الاقدام رغم ظاهر التراجع، فالتصعيد الواعى لا يتمسك بأكلشيهات مفرغة ولا يخاف من ردة مستحيلة.

[16] – قد يلزم تطبيق جديد لشرح فكرة “الأرض لمن يزرعها” بالمعنى الأعمق والأكثر انتاجية حتى يعيش فى الأرض المنتج ليستلهم نبضها.

[17] – كل فكر لا يعمق الوعى، ولا يصب فى حركة البشر نحو العدل والابداع هو فكر استهلاكى مهما لبس من أسماء، وأنا لا أعنى الشائع من فكرة العلم فى خدمة المجتمع، أو اشكالية الفن للفن، أم الفن للمجتمع، فهذه كلها قشور، فالفكر أما فكر مغامر يقول الجديد، فهو للناس رغم أنف الجميع، وأما فكر مكرر يصف الجارى ويسكن الوعى، فهو استهلاكى مهما صفق للعمال أو دافع عن الفقراء أو وعد بالجنة المغتربة.

[18] – لا أستطيع أن أشرح هذه العلاقة فى هذه العجالة، وعموما فهى فكرة ترفض انفصال الكلمة عن العمل الفعلى، وتتصور أن الفكر الجديد لابد أن يمر بالجسد حالة الابداع، وكذلك تتصور أن العمل الجسدى، وخاصة فى الزراعة هو تفكير متجدد، يصب فى مجرى حضارى حيوى نحن – جميعا – أحوج إليه وقد تتاح لنا عودة لتفصيل مباشر متجدد.

[19] – اختيار الوزير الجديد كان اختبارا لهذه القضية، ومهما قيل عن حزمه أو لسانه، أو جزمه أو اقتحامه، وأنه “لولاه لما نال الحزب الوطنى ما نال فى أسيوط” فإن حدس الناس أسف على رحيل الوزير المستقيل أكثر مما رحب بقدوم الوزير الجديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *