الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الأهرام / هل عندنا حقا ما نضيفه؟؟

هل عندنا حقا ما نضيفه؟؟

نشرت فى الأهرام

23-1-2006

هل عندنا حقا ما نضيفه؟؟

فى الأهرام بتاريخ 1/6/1999 نشرتُ مقالا بعنوان: هم يحتاجوننا بقدر ما نحتاجهم، قلت فيه “إن‏ ‏ثمة‏ ‏أسئلة‏ ‏أساسية‏ ‏تحتاج‏ ‏منا‏ ‏وقفة، فموقف، فمسئولية. ومن ذلك: هل‏ ‏حقا‏ ‏نحن‏ ‏غيرهم؟‏ (‏هنا‏ ‏والآن‏)‏، وهل‏ ‏من‏ ‏الضرورى ‏أن‏ ‏نكون‏ ‏غيرهم‏؟‏ (‏لماذا؟‏, ‏وكيف؟‏)‏، وهل‏ ‏نستطيع‏ ‏أن‏ ‏نكون‏ ‏غيرهم‏ ‏لو‏ ‏أردنا‏ (‏أيضا‏: ‏لماذا‏ ‏وكيف‏‏؟‏)‏ ..إلخ . بمناسبة ما نحن فيه الآن من آلام وآمال وأحلام ومصائب، عاودتنى نفس الأسئلة وأنا أفحص باحترام وحذر ماذا يمكن أن يكون وراء شعار “الإسلام هو الحل” من عمق، أو كيف يمكن أن يستعمل من الظاهر تسطيحا واستسهالا، لتكن البداية بقبول هذا الاحتمال فرضا عاملا يحتاج إيضاحا:  حل ماذا لو سمحتم؟ فليسأل كل واحد منا، ومنهم، نفسه، وهو جالس على كرسيه يتأمل، أو بين يدى ربه يتهجد: حل ماذا بالضبط؟ حل تفشى الفساد؟ أم ركود الاقتصاد؟ أم اغتراب المثقفين؟ أم تدهور الأخلاق؟ أم ضعف الإنتاج؟ أم قهر الإبداع؟ أم عدم الانتماء؟ أم الكسل القومى؟ أم الغش الجماعى؟ أم إعصارات فيضان المعلومات؟ أم إشكالة الحرية؟ أم نوعية الوجود؟ أعرف الردود الجاهزة تقول: حل كل هذا، ودمتم، لكن الأسئلة تتمادى: هل هو حل محلى لمصر؟ أم للعرب والمسلمين؟ على اختلاف الثقافات العامة والفرعية؟ أم لسائر البشر؟ هل هو أن يدخل العالم كله الإسلام؟ نحن  نفرح ونهلل كلما دخل عٍالم أو مفكر أو مطرب إلى ديننا، وكأنه بذلك أثبت أنه الحق الأوحد؟ هل هذا هو الحل؟ .

أدعو كل من قال ذلك دون استنثاء أن يتدبر بنفسه ما يقول، ما دام دخول كل البشر الإسلام قد يستغرق  وقتا أطول من عمر الأرض. خاصة ونحن نصر أن نقتل من يخرج من ديننا إلى غيره.  إن الحق سبحانه سوف يسألنا فردا فردا عن حمل أمانة كل ما نقول وما يصل إلى وعينا ولو بالصدفة، سواء كان نصا إلهيا أو معلومة قد تفيد الناس !! كل واحد منا يقرأ كتابه، وكفى بنفسه عليه حسيبا،  فليحضر إجابته عما يعنى بالحل، وماذا يضيف إلى حياة الناس لتنقية فطرة البشر وتعمير الأرض؟ الصين تحاول أن تقدم حلا اقتصاديا لها ثم لكل العالم، والولايات المتحدة تدعى ذلك – كذبا – فى كل مجال، وأمريكا الجنوبية ترقص وهى تمارس أدبا جميلا جديدا، ومبدعو الغرب يحاولون إبداعا رائعا ضد السائد حتى عندهم، فماذا عندنا مختلفا من جديد يضاف؟ إذا لم يكن عندنا إلا المحاكاة واستيراد الأفكار والمناهج، ثم وضع لافتات إسلامية على مصطلحات العلم والسياسة والاجتماع والأدب، فلنكن أمناء، ولنسم الأشياء باسمائها الأصلية، وخلاص.

لو سمحتم: إذا أردتم اختبار مقولة أن “الإسلام هو الحل”،  فالدعوة عامة لمواجهة إشكالات عالمية بلا حصر تحتاج حلا آخر، مثلا : ألعاب الديمقراطية الملتبسة والزائفة، وتحكم شركات السلاح والدواء فى السياسة، والغمر الإعلامى والمعلوماتى العشوائيين، وجمود المنهج العلمى التقليدى، وتراجع مغامرات الإبداع، وصراع عدوان اللغة ..إلخ. كل ذلك يحتاج إلى اختراقات إبداعية جديدة، من منطلقات جديدة، فإذا كان عمق الإسلام – مثلا: من خلال رؤى من أهملناهم وكفّـرناهم من متصوفينا العظام– تقدم حلولا إبداعية جديدة وعملية وقابلة للاختبار، فلنكشف عنها إبداعا، وليس تفسيرا بفتوى جاهزة، إبداعا يصب فى البشر كافة، فيصدقونا ويحترموننا مع الشكر.

الله ما زال يلهم البشر ما يبدعونه، ونحن نقول إننا أقرب إليه؟

نريد حلا يقدم عمقا نوعيا جديدا للوجود البشرى، ينقذه من ورطة الاستهلاك، والتكدس الكمى، والاغتراب الشكلى، والاختزال اللّذى، والكذب الموثـَّق. هذه مشاكل حقيقية فردية، وجماعية، تقبل كل إسهام جديد، جديد فعلا، أين هو؟

أعرف أنه موجود، لأن الحق تعالى موجود، فلنحبث عنه مسلمين، وغير مسلمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *