الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الأهرام / … منْ ينتخب منْ !! ؟؟

… منْ ينتخب منْ !! ؟؟

نشرت فى الاهرام

11-7-2005

… منْ ينتخب منْ !! ؟؟

فى نفس عدد الأهرام  الذى نشر فيه مقالى السابق”(الاثنين 27/6/2005) وجدت مقالا للدكتور محمد السيد السعيد بعنوان “ماذا يعنى موت وإحياء السياسة”. فرحت، وتصورت أن لذلك علاقة مباشرة بمقالى.  فرحت أكثر لأن ما وصلنى من بعض القراء – كالعادة- هو أن مقالى بدا لهم غامضا بدرجة أكثر مما اعتادوه (أعمل ماذا؟). إن اقتران كلمة “موت” بكلمة “إحياء” فى وصف ما هو سياسة قد يشرح بعض ما قصدت إليه من مصطلح الابداع عامة، والإبداع السياسى تحديدا. ما الإبداع إلا موت فإحياء، بل إنه أحيانا  يكون نوعا من الإجهاز على كيان يحتضر ليخرج من رحمه- قبل أن يلفظ أنفاسه – جنينا قادرا على مواصلة المسيرة. لكننى حين قرأت المقال وجدته غير ذلك، برغم أنه مقال رائع بحق، فهمت منه كيف أن موت السياسة يتحقق حين “… تحل الإدارة محل السياسة أو الرؤى وتنتقل وظيفة الحكم …. الى الجهاز البيروقراطي للدولة الذي يحجب التعددية أو يهمشها””. أما إحياء السياسة فهو يتم بـ “… استنباط طرق ذكية وسلمية للتنافس والحوار والتعلم المتبادل بين هذه الرؤى كما تطرحها الحياة فى الواقع‏.‏ وأكثر هذه الطرق ذكاء في تاريخ التجربة السياسية للبشرية هو الديمقراطية” ” ثم يعود فيضيف : “…”‏.‏.‏فوحدها الديمقراطية تعترف بالتعدد وتنظمه بقانون يضمن التعبير السلمي عن الرأى والتنافس المنظم والنزيه على تولي وظائف السلطة العامة أو الدولة”..إلخ.  ما صلنى من هذا الغزل بكلمة  “وحدها” (شىء أشبه بـ “إنت وبس اللى حبيبى”) غير ما وصلنى من تعبير: “أكثر هذه الطرق ذكاء فى تاريخ التجربة الإنسانية ” !! من هنا لزمت المناقشة”:

كلما قرأت مثل هذا الكلام الرائع، أو ما يكتبه سلامة أحمد سلامة ، أو صلاح الدين حافظ، أو ما يؤكده  شيخى نجيب محفوظ (وهو يقرص أذنى) ، كلما عشت أيا من ذلك: خجلت من “قلة ديمقراطيتى”، وكأنها قلة أدب !!!. وفى محاولة أن أتأدب أمام تلك الجميلة المقدسة  أعود لخلاصة تنبيه الدكتور السعيد إلى أنها ليست إلا : “أكثر الطرق ذكاء “حتى تاريخه”، تمنيت لو أنه أضاف “…ولحين إشعار آخر”.

هذا الإشعار الآخر لن يكون إلا من ناتج  ما أدعو إليه مما أسميته  “الإبداع السياسى”.

ربما نضطر أن نستعمل الديمقراطية الجاهزة حالا بعيوبها بكل عيوبها ، باعتبار أن هذا هو الموجود  فى السوق، ومن لا يعجبه فليس أمامه إلا أن يشترى من بوتيك صدام حسين أو سوبر ماركت بوش إن استطاع أن يحمى نفسه من الغش التجارى الذى تقوم به شركات الدواء والسلاح والبترول وغيرها. لكن علينا أكثر أن نتجاوز الفرحة بمجرد الذهاب إلى صناديق الانتخاب وعد الأصوات (حتى لو تم ذلك بمنتهى الأمانة)،

 نحن – عبر العالم – نحتاج أن نبحث عن آليات أخرى تقرينا من الديمقراطية المباشرة المتعددة المستويات بديلا عن ديمقراطية الإنابة المشبوهة ( وقد أصبح هذا ممكنا ا باستعمال آليات التواصل والمعلوماتية الأحدث)،

 نحن نحتاج أن نتعرف على حقيقة “من” فى داخلنا ينتخب “من” ممن يتنافسون فى خداعنا: إن المتابع لانتخابات العراق مثلا لابد وأن يتساءل إن كان المرشحين هما الإمام على بن أبى طالب أمام معاوية بن أبى سفيان (رضى الله عنهما) أم أنهما : إبراهيم الجعفرى أمام عدنان الباجه جى. وقس على ذلك فى لبنان و إيرلندا والولايات المتحدة ..والجزائر،  وهم يتكلمون عن أصوات الكاثوليك والبروتستانت واليهود والبربر …إلخ!!

هذا التجاوز لن يتم  إلا  بإبداع سياسى من واقع الممارسة (الديمقراطية!!) الفعلية الناقدة المسئولة “

والدعوة عامة (برجاء عدم اصطحاب المصطلحات المقدسة، والأيديولوجيات المغلقة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *