الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (234) من الكراسة الأولى(1)

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (234) من الكراسة الأولى(1)

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس: 21-4-2016

السنة التاسعة

 العدد:  3156 

mahfouz 2

ص 234 من الكراسة الأولى

بسم الله 21-4-2016الرحمن الرحيم

نجيب محفوظ

أم كلثوم نجيب محفوظ

فاطمة نجيب محفوظ

ـــــــــــــــــــــــ

اغــالب فيك الشوق والشـوق

أغلب.  طـــوى الجزيـرة حتى

 جاءنى خبر. صحب الناس قبلنا

ذا الزمانـا وَعَناهُمْ مِن شَأنِـهِ

ما عَنانا  ثم وَتَوَلَّوا بِغُصَّةٍ كُلُّهُم منهُ

وَإِن سَرَّ بَعضُهُمْ أَحيانا.

قفا نبك من ذكرى حبيب  ومنزل

ألا‏ ‏ليت‏ ‏الشباب‏ ‏يعود‏ ‏يوما‏ ‏فاخبره‏

‏بما‏ ‏فعل المشيب. بانت سعادُ

 فقلبي اليومَ متبولُ مُتَيَّمٌ (??)

              نجيب محفوظ

                3/10

    القراءة:

هذا هو شيخنا يعود يتحفنا بما يخجلنا وقد هجرنا لغتنا ولم نعد نحمل أمانتها بقدر ما تستحق وهى أصل الأصل، ذكرت مرارا كيف أننى أعاملها كحضارة استقلت عن ما آل إليه أهلها، وقد كررت مرارا أن شيخنا ليس من الذين يتباهون بالاستشهاد ببيت شعر من هنا أو من هناك، وكلما صادفت بيت شعر فى تداعياته للتدريب تساءلت متى حفظه؟ ولماذا حفظه؟ وكيف استقر فى وعيه (ولا أقول ذاكرته) طول هذه السنين ليطفو لنا هكذا عفوا فى تدريباته؟

اليوم، وفجأة، وبعد أن التقط ٌ أنفاسى وهو يسمح لى بالتوقف عن اللهاث وراء تداعياته حين يعلم أن ورائى ما ورائى، اليوم يعود لنا بهذا الديوان الجديد من شعر العرب الجميل، وإذا استبعدنا ما سبق وروده فى صفحات سابقة فإن ما يتبقى هو كله من شعر المتنبى إلا ما جاء فى نهاية الصفحة وهو. “بانت سعاد فقلبى اليوم مبتول متيم  أثرها لم يفد مكبول (1)

وهو مطلع قصيدة كعب بن زهير بن أبى سلمى وقد قال هذه القصيدة فى سياق استرضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد أن أسلم بعد فتح مكة، وكان قبل إسلامه فد هجأ الرسول وهو يقدح أخاه الذى بعثه للمدينة ليستطلع خبر الرسول فإذا به يُسْلم ولا يعود، فهجاه وهجا الإسلام ورسوله، فأهدر الرسول دمه، ثم بعد فتح مكة أسلم كعب مع من أسلم من جموع القبائل فقال هذه القصيدة.

مطلع القصيدة – وأغلبها – غزل صرف ليس له علاقة بكل هذه القصة ولا بالقصد الأساسى الذى قيلت من أجله، ولا بما حدث قبل ذلك، وكانت هذه هى عادة أكثر الشعراء العرب فى ذلك الحين، وبرغم أننى أحببت الغزل الوارد فى هذه القصيدة وفى وصف سعاد (وناقتها) إلا أنها ارتبطت عندى بقصائد المتنبى التى يبدأ فيها بالغزل فى الممدوح وليس فى الحبيبة، تلك القصائد تبدأ بالغزل ليس فى محبوبته  سعاد أو هند بل الغزل الصريح فى الحاكم أو الوالى الذى كتب فيه القصيدة، سواء كان هذا الحاكم عزيزا عليه قريبا إليه مثل سيف الدولة، أو كان متناقض العواطف تجاهه مثل كافور (كما سيرد ذكر ذلك أيضا حين نرجع إلى المتنبى كما ورد فى هذه الصفحة).

ظل زهير يصف سعاد هذه التى بانت فى 37 بيتا من 57 (عدد أبيات القصيدة كلها) مع أن القصيدة فى الاعتذار لرسول الله واستعطافه، وقد حاولت أن افهم مغزى هذا التقليد فلم أستطع، لكننى أعترف أننى طـَرِبْتُ لأبيات الغزل فى سعاد وناقتها أكثر مما وصلنى اعتذار زهير للرسول (صلى الله عليه وسلم) فهل يا ترى كان وصفه لسعاد  الذى أشجانى نوعا من المقاومة وكأنه اضطر لمدح الرسول بناء عن توصية أخيه اتقاء لما يمكن أن يصيبه من انتقام؟

المهم ما دامت التداعيات هى التداعيات فسوف أسمح لنفسى أن أثبت بعض ما أعجبنى فى هذه القصيدة:

مثلا: وصف الجمال العربى مثل: هَيفـاءُ  مُقبِلَـةً عَجـزاءُ مُـدبِـرَةً… لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنهـا وَلا  طـولُ(2)

ثم قوله فى ما لا يشبه المديح لكنه كذلك: (3) وَما تَمَسكُ بالعهد الَّـذي زَعَمَـت… إِلّا كَمـا تُمسِـكُ المـاءَ الغَرابيـلُ(4)

فيذكرنى هذا بالمثل المصرى الشعبى الجميل: “يا مآمنة للرجال  يا مآمنه للمية فى الغربال”

ثم أتساءل هل يا ترى  إخلاف الوعد كان يعتبر مزية تستحق المديح عند النساء فى ذلك العهد، وأن المثل المصرى جاء ينبهنا بعد قرون إلى العكس؟

وحين وصلت إلى مديح رسول الله فى الجزء الثانى من القصيدة، لم يصلنى بصراحة فى البداية المديح، ولا الاعتذار بقدر ما وصلنى الخوف أو حتى النفاق (لست متأكدا).

أُنبِئـتُ أَنَّ رَسـولَ اللَـهِ أَوعَدَنـي…وَالعَفُوُ عِندَ رَسـولِ اللَـهِ  مَأمـولُ

………

لا تَأَخُذَنّـي بِأَقـوالِ الوُشـاةِ وَلَـم…أُذِنب وَلَو كَثُـرَت عَنّـي الأَقاويـلُ

حتى وصل إلى مديح صرف قائلا:

إِنَّ الرَسولَ لَسَيـفٌ يُستَضـاءُ بِـهِ…. مُهَنَّدٌ مِـن سُيـوفِ اللَـهِ  مَسلـولُ

قبلت هذا البيت أكثر مما قبله وأحسست فيه بالصدق، ثم إنى انتبهت إلى بيت آخر كنت أحسبه لأبى العلاء المعرى وهو الذى يقول فيه :

كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَـت  سَلامَتُـهُ…يَوماً عَلـى آلَـةٍ حَدبـاءَ مَحمـولُ

وهكذا يواصل شيخى تصحيحى وتوجيهى .

وبعد

 أرجو أن تسمحوا لى أن أؤجل تداعياتى بما ما جاء فى هذه الصفحة من شعر المتنبى إلى الخميس القادم.

[1] – هذه الكلمات : الثلاث ليست فى نفس صفحة تداعيات شيخنا حيث كانت الكلمة الأخيرة بعدمتيم غير مقروءة.

[2]  – هيفاء: ضامرة البطن دقيقة الخصر. عجزاء: كبيرة العجيزة (المؤخرة)

[3]  – كنت أحسب أن البيت القائل كل ابن

[4] وجاء (ولا تمسك بالعهد الذي زعمت) الغرابيل: جمع غربال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *