الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأربعاء الحر: بِعيد بداية البرلمان المصرى

الأربعاء الحر: بِعيد بداية البرلمان المصرى

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 20-4-2016

السنة التاسعة

 العدد:  3155 

 

الأربعاء الحر:

بِعيد بداية البرلمان المصرى (1)

نود من سيادتكم تحليلا نفسيا لبعض المشاهد الهامة التي تعكس السلوك النفسي لأعضاء البرلمان:

د. يحيى:

      مقدمة ضرورية:

ابتداء كما  تعودت أن أبين أننى لا أمارس التحليل النفسى، إنما الطب النفسى وبالتالى لا أقوم بالتحليل النفسى، لِمَا أشاهد، علما بأن هذا لا يندرج حتى تحت التحليل النفسى، أنا مواطن مشارك تعلمت من مهنتى أن أتخذ موقفا هو مجرد احتمال فرض وليس حكما فوقيا، وعلى ذلك فسوف أجيب بهذه الصفة فقط “مواطن مشارك”، يخاف على بلده لا أكثر.

 (1) – أحد النواب: افتعل أزمة داخل البرلمان بالإصرار على عدم حلف اليمين الدستوري، ثم مشاجرته مع العديد من النواب، ثم رضوخه وأداء اليمين في النهاية.

د. يحيى:

      أولاً: الامتناع عن أى فعل يُطلب من أى شخص هو حق له، اللهم إلا إذا كان ذلك ملزما له قانونا، وبالتالى فالذى يمتنع عن حلف اليمين فى حين يشترط القانون عليه حلف اليمين لابد من أن يحرم من عضويته فورا، أما اذا كان يجوز له ذلك قانونا فالمسألة تنتقل إلى العرف والتقاليد وما يقصده بهذا.

ثانيا: الشجار أيضا هو حدة فى الحوار وعلامة على الغضب، وقد يعنى اهتزاز منطق المتشاجر وعجزه عن الدفاع عن رأيه بالحجة والمنطق السليم.

ثالثا: الرضوخ فى النهاية قد يكون عودة إلى الحق واعترافا بالخطأ، وقد يكون تراجع مهزوم مهين.

(2) –   “رئيس مجلس النواب”، بدا في حالة توتر واضحة جدا، لدرجة أن عصبيته ظهرت إثر تعنيفه لعدد من نواب البرلمان بصوت مرتفع، كما ردد كلمة “لو سمحت” 29 مرة في 30 دقيقة، وحدثت مشادة بينه وبين أحد النواب بعد دقائق من انتخابه

د. يحيى:

      مهمة رئيس مجلس النواب مهمة صعبة، وهى أصعب من مهمة القاضى فى المحكمة وأصعب من مهمة أستاذ الجامعة فى المحاضرة، فالتوتر متوقع ومقبول، لأن الخبرة جديدة عليه، لأن الجمهور الذى يقوده وهو مسئول عن انضابطه هو جمهور يمثل (المفروض يعنى) صفوة سياسية مختارة، ونحن فى مرحلة إعادة تشكيل طرق التجمع والتعرف وإرساء قواعد جديدة للحوار السياسى، وكل هذا يحتاج إلى وقت طويل حتى تترسخ القواعد.

أما المشادة بين رئيس المجلس وأحد الأعضاء فهى من حق الاثنين  أذا احتد النقاش، وحكاية قوله 29 مرة من 30 مرة “لو سمحت” هو تأدب من رئيس المجلس وليس عيبا.

(3) – “الصور السلفي” المتكررة للنواب داخل البرلمان، والحديث المتكرر في الموبايل، وعدم التزامهم بأماكنهم معظم الوقت، لدرجة المحايلة الشديدة من مذيع الجلسة ورئيس المجلس للنواب بالالتزام والجلوس في أماكنهم.

د. يحيى:

      الصور السلفى علامة جديدة فى مجتمعنا سواء فى الحياة العادية فما بالك بها فى جماعة سبق أن ذكرت حالا بعض ملامحها، التصور السلفى عموما – وهذا رأيى –  راح يسهم فى تقوية قدر أكبر ما من النرجسية، وقد نشأت كلمة نرجسية من حكاية الإله نرجس الذى راح يشرب من مجرى ماء رائق، وكان جميل الصورة فأعجبيته صورته فى الماء، فظل ينظر إليها وهو يركز على الماء حتى مات، أو غرق لا اذكر،

وأنا لا أريد التعميم لكننى خائف على ثقافتنا أن تلوث بمزيد من التركيز على الذات على حساب الآخرين.

أما التزاحم للظهور فى كاميرات الأعلام فهذا شئ وارد عامة لكنه عيب شديد فى هذا المجتمع المفروض أنه ناضج وعليه أن يهتم بمصالح البلاد ويرعاها وليس بظهور صورته أو تسجيل صوته.

(4) – الانفعال الزائد في حديث بعض النواب أثناء “حلف اليمين”، أو الحديث مع رئيس المجلس، وكذلك استخدام اليدين بطريقة حادة أثناء الحديث، والتصفيق المتكرر، والذي بدأ عقب حلف اليمين عدد من النواب في أول جلسة، لولا تدخل رئيس الجلسة لمنعه، وكذلك عقب حديث أي من النواب أو رئيس المجلس أو تعقيبه.

د. يحيى:

      هذه المظاهر كلها لم نعتدها بهذه الصورة فعلا، لكن علينا أن نتلقاها بصبر حتى لو افتقدنا احترامنا لها أو موافقتنا عليها، أما التصفيق فهذا يكون أحيانا مقياسا لاستحسان مقطع ما من الحوار أو جانبا من الصورة أو للترحيب من فريق بأحد من يمثله، وكل هذه أمور طبييعة ما لم تتمادَ لدرجة تعوق تبادل الآراء وضياع وقت الجلسة التى ينبغى أن تخصص لدراسة مصالح الدولة وتبادل الآراء والاقتراحات بشأنها.

أما تدخل رئيس الجلسة لمنع ذلك ، أو ضبط جرعته فهو حق له وواجب عليه فى نفس الوقت وإلا انقلبت المسألة إلى ماتش كورة أو ترحيب  بمطرب له كاريزما.

(5) – كما نرجو  من سيادتكم، تحليلكم لما شاهدتموه أو رأيتموه من ملاحظات أخرى أثناء متباعة الجلسات، وعدد من النصائح النفسية للنواب حتى يصححوا من سلوكياتهم في الجلسات القادمة.

د. يحيى:

      حين سئلت فى إحدى مقابلات التليفزيون عن رأيى فى مجلس النواب القادم أثناء الانتخابات، وبعد إعلان النتيجة وقبل انعقاد المجلس، قلت أن أخشى ما أخشاه هو أن ينتهى كل هذا الجهد، وكل هذه الأموال التى صرفت من الدولة لتنظيم الانتخابات والتى صرفت من النواب أنفسهم فى حملات الدعاية، أخشى أن ينتهى كل ذلك إلى مجرد ” توك شو” قومى أسوة بهذا الفيضان من هذا النوع من البرامج فى كل القنوات دون استثناء التى تتزايد سلبياتها باضطراد أكثر من إسهامات إيجابياتها، وإذا كنا نفّوت “للتوك شو” التليفزيونى فلا يصح أن نفّوت لهذا “التوك شو القومى” لا قدّر الله،

والآن، وبعد هذه العينة من العرض التى أدعو الله ألا تكون هى القاعدة فى الجلسات القادمة حتى لو مُنعت إذاعتها، أقول الآن وبعد مشاهدتى لأجزاء من الجلسات الأولى هذه أخشى أن تتحقق مخاوفى، وأدعو الله ألا يصدق ظنى.

 

[1]- صحيفة الوطن حديث أجراه مع الأستاذ الدكتور يحيى الرخاوى الأستاذ محمد شنح والأستاذ محمود عباس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *