الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (30) Biorhythmic Psychiatry حركية “التناصّ”: آلية الإبداع النقدى فى العلاج (1)

الطبنفسى الإيقاعحيوى (30) Biorhythmic Psychiatry حركية “التناصّ”: آلية الإبداع النقدى فى العلاج (1)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 9-4-2016

السنة التاسعة

 العدد:  3144 

 الطبنفسى الإيقاعحيوى (30)

Biorhythmic Psychiatry

حركية “التناصّ”: آلية الإبداع النقدى فى العلاج (1)

مقدمة:9-4-2016_1

كانت نشرة الإثنين الماضى بعنوان “نقد النص البشرى إبداع خالص”، وكانت قاصرة تقريبا على اقتطاف بعض ما سبق وروده فى نشرات سابقة  عن هذا المصطلح فى محاولة توصيل ماذا أعنى تحديدا به، وقد رأيت أن أجمع أهم ما  أكدت عليه هذه المقتطفات بالإضافة إلى ما شعرت أنه آن الأوان لأقوم بتحديده إيجازا مع إضافة ما يلزم شرحه للزملاء النفسيين الذين ليس لهم علاقة كافية بمصطلحات النقد الأدبى.

وفيما يلى بعض ذلك:

(1) إن النقد هو إبداع كامل: هو إعادة تشكيل النص

(2) إن وصف “النص البشرى” لا يقتصر على المريض باعتباره النص “المعنى بالنقد” وإنما يمتد إلى المعالج باعتباره “نصًّا حاضرا” “مشاركا”: يسرى عليه ما يسرى على المريض كنص.

(3) إن حركية الإبداع النقدى لهذين النصين هى حركية وعى مشتمل (يشمل معظم إن لم يكن كل مستويات الوعى) فى وحدة واحدية تتخلق نابضة فيما يسمى “الوعى البينشخصى”.

(4) أن هذه الحركية بهذا المفهوم ومن هذا المنطلق تتسع فى العلاج الجمعى ثم فى علاج الوسط Milieu Therapy إلى تخليق الوعى الجمعى، فالجماعى.

(5) إن إعادة التشكيل لكل من النصَّين يتم تلقائيا ليس أساسا من خلال الحوار اللفظى أو الاقناع العقلى أو التغيير السلوكى، وإنما أكثر وأعمق من خلال حركية المشاركة بين كل مستويات الوعى مع كل مستويات الوعى.

(6) إن امتداد هذه المستويات من منظومات الوعى “البينية” و”الجمعية” و”الجماعية” إلى مستويات الوعى “الطبيعية” و”المحيطية” و”الممتدة” و”الغيبية”: هو حاصِلٌ ومستمر ونابض برغم عدم رصده بشكل مباشر، أو تفعيله فى إجراءات سلوكية، أو صياغته فى مصطلحات لفظية (إلا تقريبا ورمزا وتجاوزا مما قد يفسد أو يخلط أو يشوه حقيقته).

(7) إن علاقة الوعى الشخصى (والبينشخصى) بمستويات الوعى الممتدة باستمرار هى علاقة “إيقاعحيوية” “إبداعية” “منتظمة” “متمادية” “نابضة بلا نهاية محددة”.

(8) إن  برامج التطور البقائية بما فى ذلك برنامج الدخول والخروج (بين مستويات الوعى وبعضها) وبرامج  التخليق الجدلى الحركى لاحتواء التناقض، وبرامج دعم الوعى لبعضها البعض، كل هذه البرامج تواصل نشاطها الإيقاعحيوى طول الوقت بفضل الله.

(9) إن كل ذلك يجرى تحت، ومع، مستوى الوعى الظاهر ولا يحتاج إلى قرار إرادى وإن كان يحتاج إلى “سلامةُ موقف” و”سماحٍ مبدع”، و”نظامٍ محكم”، و”استمرارٍ منتظم”.

(10) إن هذه المواصفات والعمليات (قبل وبعد المحتوى اللفظى والفكرى التنظيرى) تجرى – كمثال –  فى العلاج الجمعى وفى علاج الوسط أكثر منها فى العلاج الفردى والتقليدى.

(11) إن نفس الخطوات والعمليات وما بعدها من تبادل حركية الوعى الحيوى بين الأفراد إلى تخليق الوعى الجمعى إلى التكامل مع مجموعات الوعى الأخرى إلى الوعى الكونى إلى الوعى المطلق إلى وجه خالق كل ذلك، أقول إن كل هذه الخطوات والعمليات تمثل برامج التطور التلقائية عند كل الأحياء، من المجهول إلى الكائن البشرى، إليه.

(12) إن الذى ينجح من هذه الأحياء أن يواصل الاستيعاب (التلقائى البيولوجى الحيوى) لحركية وقواعد تخليق وإعادة تخليق هذه المستويات متآلفة معاً “يبقى” ويستمر (لا ينقرض)

(13) إن الإنسان الذى أكرمه خالقه بخاصيةٍ فوقية، وتكريمٍ خاص، استطاع بعقله ولغته وتخطيطه ألا يكتفى بإطلاق وعيه يختبر قدرته على استيعاب البرامج تلقائيا، إذْ لاحت له فرصة أن يكون مساهما فى اختيار طريقه وحمل أمانة ما تميز به، أنقذ بفضل خالقه من الانحدار إلى أسفل سافين

 (14) إن من نجح من البشر وعمل الصالحات وصبر، استحق أن يُنقذ وراح يمارس تزكية نفسه وهو يحتوى فجورها وتقواها معا ليبدع بهما  مسئولية حمل الأمانة واستمرار التطور.

(15) إن من فشل فى ذلك أصبح مسئولا عن ما لحق فطرته من تشُّوه واغتراب، بما فى ذلك الجنون والمرض.

(16) من هذا المنطلق يصبح ما يسمى العلاج: هو أن تقوم النصوص البشرية الأقدر على حمل الأمانة بحفز تنشيط الوعى البينشخصى فالجمعى فالجماعى، مدعومة بكل ما توصل إليه العلم والمعرفة، خاصة بعد أن أعلنت الحقيقة العلمية مؤخرا وهى التى تقول:  “أن المخ يعيد بناء نفسه باستمرار”، نابضا بإيقاعحيوى، يتحدد توجهه بفرص النبض معا لاستعادة الفطرة وتصحيح الانحراف.

(17) إنه لكى يعيد المخ بناء نفسه باستمرار فلابد من إتاحة الفرصة له لإعادة التنظيم بما فى ذلك إعادة التشكيل بكل التواصل الحيوى وحركية الوعى البشرى المبدع القادر “معا” على “التناص” الإيجابى البناء.

(18) إن تواصل نص أدبى مع نص آخر سابق يسمى التناصّ، وهو تعبير نابع من دراسات النقد الأدبى خاصة، إلا أننى اكتشفت كما ذكرت فى نشرة الإثنين الماضى أنه أقرب ما يكون – فى حالة التكامل مع النصوص البشرية  إلى ما هو وعى بينشخصى ثم وعى جمعىّ .

(19) مع اعترافى بصعوبة تقديم ما أريد للزملاء المعالجين النفسيين بمصطلحات منظومة خارج اهتمامهم لم أجد بديلا قد يعيننى على شرح ما يجرى فى العلاج الجمعى  خاصة إلى تقديم ما هو تناصُّ بين النصوص الأدبية أملا أن يكون مفتاحا لشرح ما هو “تناص” بين النصوص البشرية، وعلاقة ذلك بما نحوى من تاريخ الحياة، فتاريخ الأنواع، فتاريخ الأفراد: إلى ما يتعلق بما هو الطبنفسى الإيقاعحيوى/التطورى.

(20) إن تناص النصوص البشرية فى العلاج بكل مستوياته هو تناص بين نصوص حالية “هنا والآن” وهذا هو أكثر تمثيلا لحركية الوعى البينشخصى والوعى الجمعى فى استعادة إبداعية الفطرة “ربى كما خلقتنا”، أما التناص فى الإبداع الأدبى والشعرى فإن النقد يتناول تناص الأحدث مع الأقدم عادة (أنظر بعد).

9-4-2016_2

وبعد

الله سبحانه هو بديع كل النصوص وعلى رأسها النصوص البشرية، ونحن لا نفعل إلا أن نتناصّ حيا لحى حتى نسمح لأمخاخنا أن تعيد بناء نفسها كما خلقها خالقها لننجح فى الامتحان (حمل الأمانة).

من هنا خطر لى أن أغامر وأبدأ بمقارنة أبعاد ومواصفات التناص الأدبى بالتناص البشرى فى العلاج انطلاقا من النقد الأدبى معترفا بصعوبة تقبل زملائى النفسيين هذه اللغة المستعارة.

دعونى أحاول بدء من باكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *